قانون قيصر: هل يشكل تحدياً جديداً لسورية؟
الكاتب: إيغور ماتفيف Igor Matveev : ترجمة لينا جبور
بدأت الولايات المتحدة بتطبيق قانون قيصر –لحماية المدنيين في سورية– في 17 حزيران/يونيو، بعد مدة سماح ستة أشهر مُنحت للإدارة حتى تتمكن من إعداد عقوبات ثانوية ضد مواطنين أجانب لتعاونهم مع دمشق في مجالات النفط والغاز والطيران والدفاع والبناء. تضمنت قائمة العقوبات الأصلية 39 فرداً وكياناً قانونياً سورياً، من بينهم الرئيس بشار الأسد وزوجته وشقيقه وشقيقته. ومن المفارقات، مع ذلك، أن هذه الإجراءات التقييدية الجديدة لا تخلق صعوبات فحسب، ولكنها تشكّل أيضاً متطلبات مسبقة لتعبئة الموارد الداخلية لسورية وتوسيع الوجود الاقتصادي لروسيا في البلاد.
فيروس كورونا والصراعات في الشرق الأوسط
جائحة كوفيد -19
لا تبدو سورية للوهلة الأولى بقعة ساخنة لفيروس كورونا. يبلغ عدد سكان البلاد أكثر من 16.4 مليون نسمة، ومع ذلك، قامت وزارة الصحة بالإبلاغ عن 496 حالة فقط، و25 حالة وفاة و144 حالة شفاء حتى 17 تموز/يوليو. أبلغت المنظمات الإنسانية غير الربحية عن أول حالة إصابة بـ كوفيد-19 في مدينة إدلب المتمردة في 9 تموز/ يوليو. تمت الإشارة سابقاً إلى أنه يمكن أن تكون حالات كوفيد-19 أكبر من حيث العدد بسبب عدم وجود تدابير الحجر الصحي. حددت الإدارة الذاتية الكردية حالتين أُخريين في شمال شرق سورية في 28 نيسان/أبريل.
اعتقد الخبراء السوريون في البداية أن تهميش البلاد في الاقتصاد العالمي سيجعلها أقل عرضة للوباء. أنشأت السلطات مقراً حكومياً ونشرت مجموعة قياسية من الإجراءات لمكافحة العدوى: تم إغلاق الحدود، وتعليق السفر الجوي، واضطر الوافدون إلى البلاد من الخارج لدخول الحجر الصحي، وتم فرض حظر تجول، وتقييد السفر بين المحافظات، وأُعلن حظر الفعاليات وإغلاق المدارس والجامعات والأسواق والمطاعم. تمت إعادة تحديد موعد انتخابات مجلس الشعب في 19 تموز/يوليو 2020. أطلقت وزارة العمل "الحملة الوطنية للاستجابة للطوارئ الاجتماعية" من أجل دعم السكان والشركات. بينما وافقت وزارة السياحة على خطة دعم السياحة. ألغت الحكومة ودائع الاستيراد بنسبة 40% وسمحت للمؤسسات الخاصة باستيراد الدقيق. تم توزيع السكر والأرز والشاي والوقود بأسعار مدعومة في إطار برنامج "البطاقة الذكية". وفي أواخر أيار/مايو، اتّبعت الحكومة حذو دول أخرى في جميع أنحاء العالم، وبدأت في تخفيف الإجراءات الوقائية: تم إلغاء حظر التجول واستأنفت الوكالات الحكومية عملياتها العادية.
ومع ذلك، تجدر الإشارة إلى أنه وفقاً للمعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية، فإن الحرب في سورية تعني أن البلاد غير مستعدة للتعامل مع الوباء. لم يقدم عدم توافق الآراء بين الجهات الفاعلة الأجنبية المساعدة بخصوص كيفية تقديم المساعدة لسورية –بلغ إجمالي الاحتياجات الإضافية للبلاد 385 مليون دولار أمريكي، وفقاً للمتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك في 7 أيار/مايو. كان على دمشق أن تكتفي بشحنات المانحين من الصين والهند وروسيا. قضت العقوبات على الميزة التنافسية للمنتجات المحلية بسبب ارتفاع أسعار الطاقة ووقود الديزل والغاز ونقص المواد الخام والعمالة الماهرة، الأمر الذي وقع في أيدي الاحتكارات التجارية.
لقد قضى الوباء على جهود الحكومة لمنح جهود إعادة الإعمار "كجائزة" للمستثمرين، إذ تمت إعادة جدولة جميع المعارض، بما في ذلك معرض دمشق الدولي الثاني والستين لعام 2021 (رغم تحذيرات واشنطن، شاركت 38 دولة في المعرض الحادي والستين، بما في ذلك وفود تجارية من الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان). تسبب فيروس كورونا في شلّ حركة التجارة مع العراق عبر معبر البوكمال – القائم الحدودي الذي تم فتحه في 30 أيلول/ سبتمبر2019، والذي علّق عليه الطرفان آمالاً كبيرة.
أدى انخفاض مستويات المعيشة إلى تصاعد الاحتجاجات: ففي كانون الثاني/يناير وحزيران/يونيو 2020، نظّم السكان في محافظة السويداء الجنوبية الهادئة نسبياً وقفات احتجاجية لتحسين مستوى المعيشة.. ولنزع فتيل التوترات الاجتماعية، تمت إقالة الرئيس رئيس الوزراء عماد خميس الذي كان في منصبه منذ عام 2016.
الأزمة اللبنانية
كان لأزمة الجار اللبناني، والتي ازدادت وتيرتها على وجه الخصوص في المدة الزمنية الواقعة بين تشرين الأول/أكتوبر – وتشرين الثاني/نوفمبر 2019 ونيسان أبريل 2020، التأثير الأكبر على الوضع الاقتصادي في سورية أكثر من الوباء. وصلت الودائع السورية في أوائل عام 2020 في البنوك اللبنانية إلى نحو 40-50 مليار دولار –ما يعادل ربع إجمالي الودائع في البنوك اللبنانية. أدى تشديد الرقابة على عمليات السحب النقدي والمعاملات المصرفية إلى صعوبة تحويل الأصول خارج البنوك وتقليص فعالية صندوق التدخل لدعم الليرة السورية الذي أنشأته الحكومة السورية. كما تراجعت التحويلات المالية من المغتربين في الخارج، ما أثّر على عائدات الدولة من العملات الأجنبية، وتضييق قاعدة الاستثمار المحلي. وما يزال إجمالي الثروة الصافية لسورية (21.1 مليار دولار أمريكي اعتباراً من حزيران/يونيو 2019، وفقاً لـ Credit Swiss)، أقل بعدة مرات من ثروة لبنان (232.2 مليار دولار أمريكي)، ناهيك عن ثروة المملكة العربية السعودية (1.56 تريليون دولار أمريكي، ما يجعلها أغنى دولة في العالم العربي).
وجّه قانون قيصر على الفور ضربة للتعاون المصرفي بين دمشق وبيروت، إذ توقفت مجموعة CSC Group اللبنانية عن خدمة أجهزة الصراف الآلي السورية. في 23 حزيران/يونيو، تحدث وزير الخارجية السوري وليد المعلم عن تنسيق الجهود لمنع العقوبات الأمريكية الثانوية، لكنه لم يتلقّ رداً واضحاً من لبنان.
انخفاض قيمة العملة السورية
أدى ارتفاع الطلب على الدولار الأمريكي على خلفية انخفاض قيمة الليرة اللبنانية (ظل سعر الصرف لمدة طويلة عند نحو 1500 ليرة لبنانية للدولار، ولكنه انخفض الآن إلى 2200 ليرة لبنانية للدولار) إلى تسريع انخفاض قيمة العملة السورية. بحلول منتصف كانون الثان/يناير2020، كانت الليرة السورية قد انخفضت إلى ما دون الرقم القياسي البالغ 1000 ليرة للدولار الواحد، في حين كان سعر الصرف قبل الحرب 47 ليرة للدولار. كما تأثر الوضع سلباً بسبب تداول الليرات التركية في إدلب والمناطق الشمالية التي تسيطر عليها رسمياً "الحكومة الانتقالية" للمعارضة التي تم تشكيلها بدعم من أنقرة.
أصدر الرئيس بشار الأسد في محاولة للسيطرة على الوضع في 18 كانون الثاني/يناير، التعميم 2/2020 الذي يفرض أشد العقوبات على التعاملات غير القانونية بالعملات الأجنبية. وحددت الحكومة في شباط/فبراير قيمة الصادرات بمبلغ 100 ألف دولار، ويجب التصريح عن أي مبلغ يزيد عن 5000 دولار أمريكي. تم تقييد صادرات العملات من قبل المواطنين السوريين بحد أقصى 10 آلاف دولار. اتخذت الحكومة خطوة غير مسبوقة بالسماح لشركة خاصة بإدخال عملة إلكترونية (ليرة) في التداول اعتباراً من 1 كانون الثاني/يناير 2020، والتي كان من المقرر ربطها بحسابات محلية محددة بالليرة السورية، ولكن يمكن استخدامها في الخارج كعملة واحدة بديلة عن الدولار لتمويل الواردات. كانت الفكرة من ذلك تحفيز الطلب على الليرة السورية لأن مستخدمي مثل هذه المعاملات سيشتروها من أجل استبدالها بالليرات.
تقسيم الأراضي السورية
ما يزال نحو 40 % من البلاد، بما في ذلك إدلب والشمال ومنطقة عبر الفرات، خارج سيطرة دمشق. أصاب المحامون في موقع المجلة السورية للقانون (Syrian Law Journal) تماماً عندما أشاروا إلى أن قانون قيصر يهدف في المقام الأول إلى عزل المناطق التي تسيطر عليها الحكومة، وهو ما سيؤدي حتماً إلى نمو تجارة "الظل".قانون قيصر عامل تفاقم
بينما تصر وزارة الخارجية الأمريكية على أن العقوبات الثانوية لا تطال المجال الإنساني، إلا أن تأثيرها كبير على السوريين العاديين، لأنها تؤدي إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية في البلاد. وهنا يمكن اقتباس ما قاله نائب وزير خارجية الاتحاد الروسي سيرغي فيرشينين في مؤتمر بروكسل الرابع حول دعم مستقبل سورية والمنطقة في 30 حزيران/يونيو 2020، إن قانون قيصر يتجاهل دعوة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى تعليق القيود في مواجهة وباء فيروس كورونا العالمي.
يهدف قانون قيصر بشكل واضح، إلى جانب تأثيره المدمّر على الوضع داخل سورية، إلى تخويف أولئك الذين قد يرغبون في الاستثمار في جهود إعادة إعمار البلاد. وهذا ينطبق بشكل أساس على حلفاء واشنطن العرب، رغم الإشارات الإيجابية المرسلة إلى دمشق، مثل المحادثة الهاتفية بين ولي عهد إمارة أبو ظبي محمد بن زايد آل نهيان وبشار الأسد، عندما ناقش الطرفان تقديم مساعدات إلى دمشق.
قانون قيصر والوجود الاقتصادي الروسي في سورية
لا يمكن أن يعود على موسكو بالخير
رغم العقبات الواضحة التي يضعها قانون قيصر أمام الشركات الروسية، هناك عدد من الأمثلة حيث يكون العكس صحيحاً من حيث ميل سورية أكثر فأكثر نحو روسيا اقتصادياً. تتمتع الأعمال الروسية بخبرة في تقاسم الأدوار مع إيران، اللاعب الاقتصادي الرائد في سورية. فمثلاً، نشرت وسائل الإعلام العالمية اتفاقية التطوير المشترك لحقول الفوسفات في تدمر، والتي تم تحريرها من "داعش" من قبل القوات الموالية لإيران.
ستؤجل العقوبات الجديدة على الأرجح مشاركة الصين في جهود إعادة الإعمار، إذ كانت الصين بالفعل حذرة إلى حد ما، واقتصرت مشاركتها على المساعدات الإنسانية على نطاق متواضع إلى حد ما وفقاً للمعايير الصينية (تم توقيع اتفاقية في 4 آذار/مارس مع بكين لتأمين منحة بقيمة 14مليون دولار). قوضت الأزمة الداخلية في لبنان إمكانية قيامه بدور الوسيط، فهو غير خاضع للعقوبات، وأصبح استثمار الصين في ميناء طرابلس من أجل تحويله إلى "مركز" للدخول إلى سورية موضوع خلاف.
تتزايد بشكل موضوعي إمكانات أبخازيا وشبه جزيرة القرم، اللتين تضررتا بالفعل من جراء العقوبات، للعمل كوسطاء. ومَثَلُ ذلك الاتفاق المبرم بين مجلس وزراء جمهورية القرم ووزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية للجمهورية العربية السورية بشأن التجارة والتعاون الاقتصادي كجزء من خطط إنشاء بيت تجاري مشترك لتصدير الحبوب والمنتجات الصناعية إلى سورية، بحيث يتعين دفع قيمة البضائع بالروبل، ويمكن أن تقتصر اتفاقية التعاون بين حكومة جمهورية أبخازيا والحكومة السورية في مجال تعزيز التجارة والتعاون الاقتصادي على مادة محددة.
قد يدفع قانون قيصر مشغلي قطاع تكنولوجيا المعلومات السوريين إلى اختيار نظرائهم الروس أو تقنيات فريدة بدلاً من البرامج الأمريكية التي استخدموها سابقاً، وبذلك تجاوز العقوبات، أو ربما التعاون مع الهند بدلاً منها. كان إطلاق مركز اعتماد التوقيع الإلكتروني في أيلول/سبتمبر 2019بمساعدة RusinformExport LLC أول دليل على ما يمكن أن يؤول إليه الوضع.
الاستراتيجيات الاقتصادية الروسية في سورية
هناك نهجان ناشئان في ما يتعلق بمشاركة روسيا في جهود إعادة الإعمار في سورية بعد الحرب. يستلزم المفهوم "الواسع" إشراك الشركات الكبيرة والمتوسطة الحجم بدعم مالي وإداري حكومي وتحت رعاية اللجنة الروسية السورية الدائمة للتعاون التجاري والاقتصادي والعلمي والتقني (التي عقدت اجتماعها الثاني عشر في موسكو من 23-25 كانون الأول/ديسمبر 2019). تعطي الهيئة الأولوية لقطاع الطاقة والنقل وتكنولوجيا المعلومات.
تنطوي الاستراتيجية "الضيقة" على وضع "الملف السوري" في نطاق دائرة ضيقة جداً من رواد الأعمال الذين لديهم خبرة في العمل في سورية في زمن السلم والحرب، مثل شركة Stroytransgaz JSC (STG) التي أنشأها جينادي تيمشينكو، والتي ساعدت في بناء اثنين من مصانع معالجة الغاز ويركز الآن على ضمان عمل دورة إنتاج الفوسفات كاملة ومعالجته وتصديره. نتيجة لذلك، قامت STG بتوقيع عقد ايجار ميناء طرطوس السوري لمدة 49 عاماً.
يبدو أن موسكو بالنظر إلى ظهور قانون قيصر، ستختار الخيار "الضيق" لتجنب فرض عقوبات ثانوية على الشركات الروسية التي يعمل الكثير منها في أوروبا ومع الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي. يبدو أن شركات مثل STG معتادة على العمل بموجب العقوبات والتعامل مع القضايا الأمنية. ولديها "هامش ضمان مالي" للاستثمار وللشركاء المحليين الأثرياء. يمكنها المساعدة في تعويض الأموال التي أنفقت على العملية العسكرية في سورية عن طريق الاستثمار في الثروات المعدنية بشروط حصرية.
الدور المستقبلي لروسيا في ترميم العلاقات الاقتصادية
يبدو أن موسكو مستعدة للعمل كوسيط في تنفيذ المشاريع في جميع أنحاء سورية باستخدام الحوار على مستوى القمة مع تركيا، والصلات في دوائر الأعمال الكردية، ووجود الشرطة العسكرية الروسية في مناطق شمال سورية وأجزاء أخرى من البلاد. تجدر الإشارة إلى أن رجب طيب أردوغان اقترح أن تدير تركيا وروسيا والولايات المتحدة بشكل مشترك حقول النفط في محافظة دير الزور، والتي يُعتقد أنها ستفيد جميع أطراف "النزاع"، بما في ذلك الدولة السورية والمعارضة "الحكومة الانتقالية " و"قوات سوريا الديمقراطية".
استجابات دمشق المحتملة على قانون قيصر
العلاقات المعقدة مع إيران وروسيا
لا يخفى على أحد أن على دمشق المناورة بين موسكو وطهران، لأنهما يسعيان وراء مصالح مختلفة. تعتمد إيران على الميليشيات التي تعمل بالوكالة وهي تعزز نفوذها "خارج الدولة السورية" كجزء من مشروع "الهلال الشيعي" المناهض لـ "إسرائيل". تضع هذه الإجراءات السوريين أمام العقوبات الأمريكية وتجعلهم هدفاً للضربات الإسرائيلية. كما أنها تسمح لطهران بالمطالبة بدور خاص لها في جهود إعادة الإعمار، الأمر الذي يدفع، مرة أخرى، إلى انتقام أشد قسوة من جانب الولايات المتحدة. تهتم روسيا على العكس من ذلك، بتعزيز المؤسسات الرسمية للدولة السورية التي ستراقب عن طريق طرد الفواعل دون الحكومية، المشاريع التجارية، خاصة تلك المتعلقة بالثروات المعدنية.
لا يمكننا استبعاد إمكانية قيام روسيا بحماية مصالحها بشكل صارم إذا كان هناك نقص في المشاريع المربحة تجارياً، عن طريق منع دمشق من تصعيد "النزاع" والتعامل مع إيران بشكل أكثر من اللازم. لقد تحدثت وسائل إعلام غربية عن بعض الاتفاقات التي تمت وراء الكواليس بين سورية والإمارات والتي تنص على استمرار العملية العسكرية في إدلب مقابل "تعويض مالي" وخلافاً للترتيبات الروسية التركية. نشرت وسائل الإعلام الروسية في ظل هذه الخلفية، قصصاً عن استياء موسكو من الرئيس السوري في أيار/مايو الماضي.استخدام الثروات المعدنية للدفع مقابل المساعدات الروسية والإيرانية تلبيةً لضرورة تزويد حلفائه الرئيسين بإمكانية الوصول إلى ثرواته المعدنية، صادق مجلس الشعب السوري على ثلاث اتفاقيات لتطوير حقول النفط في كانون الأول/ديسمبر 2019، تماماً عندما كان دونالد ترامب يوقع قانون قيصر. تم إبرام هذه الاتفاقيات بين وزارة البترول والثروة المعدنية وشركة ميركوري المحدودة (وحدات والوحدة 19) وشركة فيلادا (الوحدة 23). نظراً لعدم معرفة الكثير عن هذه الشركات، فقد تم التكهن بأنها واجهة لرجل أعمال له علاقات مع الكرملين. فتح البرلمان السوري في محاولة للحفاظ على التوازن بين موسكو وطهران، مناقشات في أيار/مايو بخصوص منح الوحدة 12 بالقرب من البوكمال للإيرانيين كسداد جزئي للقروض التي حصلوا عليها من إيران في 2013-2019. تم التوقيع على اتفاقية عسكرية جديدة مع إيران في دمشق في 8 تموز/يوليو 2020. ووصفتها مستشارة الرئيس السوري بثينة شعبان بأنها الخطوة الأولى للتغلب على قانون قيصر.
حوار الحكومة السورية مع الأكراد
رغم حقيقة أن الحكومة السورية لا تعترف بالإدارة الذاتية لشمال وشرق سورية، فإنها لم تقطع اتصالاتها التجارية والاقتصادية مع الأكراد. وافقت الحكومة في شهر حزيران/يونيو على زيادة سعر شراء القمح من 225 ليرة سورية إلى 400 ليرة سورية للكيلوغرام، مقابل 315 ليرة سورية للكيلوغرام تدفعها السلطات المحلية، من أجل شراء الكميات القصوى من قمح الجزيرة (شمالاً) - محافظة الحسكة الشرقية) المعروفة باسم "مخازن الحبوب" السورية. وهذا يُظهر استعداد دمشق لاستعادة العلاقات الاقتصادية قبل التسوية السياسية للمشكلة الكردية.
موقف الاتحاد الأوروبي من قانون قيصر
سيعتمد الكثير على الموقف الذي ستتخذه أوروبا من قانون قيصر، وهذه مسألة معقدة. مددت بروكسل في أيار/مايو مرة أخرى عقوباتها على سورية لمدة عام آخر. تناقش أوروبا من ناحية أخرى، تعديل نهجها تجاه جهود إعادة الإعمار السورية. تشير الخبيرة الألمانية موريل أسيبرج إلى أن مكانة الاتحاد الأوروبي الموحدة قد تراجعت بسبب الاختلافات بين المملكة المتحدة وألمانيا وفرنسا من جهة، إذ يفضلون الحفاظ على النهج المتشدد، والنمسا والمجر وإيطاليا وبولندا من جهة أخرى، إذ إنهم مستعدون لتوسيع وجودهم الاقتصادي في "سورية الأسد". ويتضمن المقترح إمكانية المشاركة في جهود إعادة الإعمار في المناطق التي تسيطر عليها الدولة السورية، وتبعا لذلك رفع مستوى المعيشة تحت شعار "الاستقرار المستدام" مع عدم التطبيع الكامل للعلاقات مع دمشق.
وخلاصة القول، رغم أن قانون قيصر يمثل تحدياً لسورية وحلفائها، فإن هناك إمكانات حقيقية لتقويض تداعياته بواسطة تعبئة احتياطيات سورية الداخلية وتعزيز التعاون الاقتصادي مع روسيا.
الجمل بالتعاون مع مركز دمشق للدراسات
إضافة تعليق جديد