شغب : نبيل صالح

18-04-2024

عن الحداثة العربية ومابعدها 

شكل ثالوث الحداثة (العقل والحرية والعلمانية) عقيدةَ المثقف العربي ومنهجه منذ منتصف القرن العشرين، حتى بات خائفاً عليها من كل قديم فكان يصمه بالرجعية، مثلما رأينا من مواقف القوميين والماركسيين والليبراليين تجاه عموم المحافظين، غير أنَّ شدة إيمانهم بدين الحداثة، دفعهم لتبنِّي المدارس الأدبية والفلسفية التفكيكية كالبنيوية والألسنية، بعد مرحلة السُّوريالية والعبثية، دون أن يستشرفوا الفوضى التي ستخلقها هذه المدارس التي قتلت خالق النص، وعَزَلته عن بيئته، ومهَّدت لفوضى ما بعد الحداثة.. فقد كانت مجتمعاتنا، التي تنتمي شرائحها إلى عصور ثقافية متعددة، مؤهلة للعبة الفوضى السياسية التي استخدمتها الإمبريالية الأمريكية تحت عنوان "الفوضى الخلاقة" لتقويض المجتمعات العربية والإسلامية، حيث توقفت الأنظمة العربية التحريرية عن مناهضة إسرائيل وانتكصت نحو الداخل، بينما دخلت طوائفها وقومياتها في صراع مع نفسها في حروب عبثية بلا أهداف واقعية،
31-03-2024

أهل الكفر والزَّندقة

قطع العلمانيُّون العرب والحكوماتُ شبهُ العلمانيَّة نصفَ الطريق باتِّجاه الإسلاميين، ولم يفعل الطرفُ المعنيُّ، وإنما استمرَّ عداؤهم للعلمانيين وللمجتهدين في الدين، الملحدين منهم والمؤمنين، غيرَ أنَّ الزَّمن ليس في صالح الإسلاميين، مع تقدُّم التكنولوجيا وتطوُّر الذكاء الإلكتروني، إذ لن يكون هناك في المستقبل أيُّ وسيط بين المتدين وربّه، وسيأخذ الذَّكاء الصُّنعي دور العقل الكُلِّي في إدارة العالم، وستنتفي الحاجةُ إلى وسيط روحي، قسّاً كان أم إماماً أو حاخاماً، وقد بدأت بعضُ الكنائس تستعين بالهولوغرام ليأخذ دورَ القِسِّ في الصلاة، ولن يلبث أن يحذو مسلمو الغرب حذوهم ..
30-03-2024

الحزب يفترس أولاده

سلفيو الحزب الأصوليون يهاجمون المهرطق مهدي دخل الله : هذا ماانتهت إليه حملة تجديد آلية عمل الحزب ونهضته !! كل المنافحين عن قدسية الحزب لم يهتموا بما وصل إليه حزبهم من تكلس في العقلية وفساد في الآلية، ولم يتطرقوا للحديث عن فشلهم الديمقراطي الذريع في تجربة الانتخابات الأخيرة، وبات الهجوم على المهدي غير المنتظر بمثابة إعلان انحياز أصحابه إلى كهنة الحزب السلفيين المتحالفين مع جماعة الأوقاف في حملتهم المقدسة لإسقاط الليبرالية العالمية وأتباعها من الكفار والمهرطقين!!
26-03-2024

ازدواجيَّة اللغة والمجتمع العربي

متى بدأ انفصال اللغة العربية الفصحى عن المجتمع، وكيف تشكلت طبقة النخبة السياسية والدينية والثقافية من داخل الفصحى، بينما بقي مجتمع العامية خارجها، حتى بات الوضعُ أشبهَ بالفصل الطبقي بين لغة الحكام والمحكومين، حيث دولةُ الفصحى تحكمها قوانين النَّحو والإملاء؛ بينما لغة الشعب تسرح وتمرح حرةً خارج حدود التَّدوين والصرف والنحو المقدس.. لماذا تجمَّدت الفصحى وأغلقت أبوابها عند زمن تدوين القرآن بينما بقيت العاميَّة سائلة ومتدفقة، متجددة وقادرة على استيعاب حياة الناس... كيف شكَّلت اللهجات العامية جزءاً من هُويَّة المواطنة في دول "سايكس بيكو" ولم تتمكن الفصحى من أن تكون لغة التواصل الموحَّدة بين الشُّعوب العربية ؟!
16-03-2024

قبل أن تنتهي المسرحية

عاريا جئت وعاريا تذهب، وفيما بين العريين تشكل بصمتك وتستحق اسمك أو لا... أجلس متأملا حياتي الماضية فأرى أنها أشبه بمسرحية تفاعلية يمكنك أن تشارك فيها بدور محدود ضمن الخط الذي شكله المخرج فتكون جزءا من الفرجة أو تبقى متفرجا وحيدا في مقعدك، فالزمن لعبة ونحن أدواته في تجديد مسرحيات الحياة التي تشكل تاريخنا البشري ..
07-03-2024

عقد نكاح

بالأمس التقيت أحد أصدقاء والدي، تسعيني ماجن وظريف ورقيق الإيمان –بعكس والدي- قلت: ما أحوالك يا أبا محمد؟ قال: طلقتني زوجتي الأخيرة فصرت أرملاً ومطلقاً وعجوزاً.. قلت: لم أسمع أنك تزوجت بعد المرحومة أم محمد! قال: منذ سنة التقيت بشحادة شابة في الأربعين، طلبت مني صدقة، فعرضت عليها الزواج فوافقت بعد إغراءات ووعود.. وبما أني مثل شجرة يابسة لا ينفع معي الزلوع الجبلي ولا الفياغرا الأمريكية فقد هجرتني بعد أشهر، ولما طلبتها إلى المحكمة ومثلت أمام القاضي، قلت له: يا سيدي لقد آويت هذه الحرمة وأطعمتها وألبستها ودللتها وأكرمتها.. ولما سألها القاضي عن مبرر طلبها الطلاق مني، أبرزت له عقد زواجنا وقالت له: انظر ياسيدي القاضي: هل هذا عقد نكاح أم عقد إطعام!؟ وهكذا طلقها القاضي ولم يرحم شيبتي وفقرها.
21-02-2024

الخوف من خبر كان

الأصدقاء وغير الأصدقاء الذين يقولون أنني أخوفهم و أخرب آمالهم الوردية بالتحذير من تداعيات مشروع قانون مناهضة التطبيع الأمريكي مع الدولة السورية ، أقول: أن عقوبات قيصر 2 سوف تشمل أي شركة إعمار تدخل سورية، وأي نظام يطبع معنا، وسوف تعرقل مساعدات الأمم المتحدة لسورية، وتمنع سفر أو التعامل مع أعضاء مجلس الشعب والمدراء والوزراء وأعضاء القيادة ووالرقابة والتفتيش وفروعهم العائلية، إضافة إلى كل الشعب السوري المنضوي تحت المظلة الرسمية. وسوف تشكل الولايات العدوانية الحاقدة حصارا تاريخيا أين منه حصار كوبا ،
18-02-2024

الحكايات القاتلة

تشكِّل الحكايات السلفية المتوارثة، مجمل هويات الجماعات والأفراد في بلداننا العربية، والمشكلة فيها أن ثقافة النقل الحفظية في المناهج المدرسية، ومواعظ رجال الدين الذين يملؤون المحطات والإذاعات، لا تحرض المتلقي على إعادة التفكير في هذه الحكايات وتخليصها من أبعادها الأسطورية وتلفيقاتها السياسية أو الدينية التي أُضيفت إليها عبر التاريخ؛ بل وقد تعاقبه بالحذف إن فعل. وبالتالي فإنها تعمل على إعادة إنتاج الأنساق الثقافية السلفية التي أفرزت لنا كلَّ هذه الطوائف والإثنيات المتنافرة في ما بينها حتى ليمكن القول إننا ما زلنا نعيش تحت سقيفة بني ساعدة وعلى أرض معركة ذي قار وعين جالوت
17-02-2024

استكمال طعنة القيصر الأمريكي في الجسد السوري

سوف يتأخر الإعمار في سورية إلى أمد غير معلوم، ولن يتمكن النازحون السوريون في دول الجوار من العودة، ولن تتمكن الأجيال الجديدة من السوريين من بناء أعشاشها وتكوين أسر جديدة، وسوف يستمر تدفق نازحي الداخل والخارج نحو الدول المشاركة في عقوبة الشعب السوري بجريرة معاقبة السلطة؛ فكل حركة سيئة أو جيدة سوف ترتد نحو مطلقها وهي ستصل مهما امتد الزمن كما تقول قوانين الفيزياء .. فقد شكل قانون قيصر (الذي حذرنا من تداعياته قبل صدوره وتم اتهامنا بالتهويل) شكل نصف طعنة في الجسد السوري، والآن يستكمل القانون كامل طعنته بموافقة مجلس النواب الأمريكي على مناهضة التطبيع مع سورية، حيث يمنع حكومات العالم ومؤسساته من التعامل معنا لنتحول إلى دولة وشعب يحصل على حياته تهريبا،
04-02-2024

هنا دمشق :

بالعودة إلى تاريخ الإذاعة السورية فإن إعادة جمع أرشيفها المهمل واستقراء محطاتها الزمنية ودورها في تشكيل بنية خطاب السوريين يعد أمرا فائق الأهمية لقراءة حركة التاريخ فوق الجغرافية السورية، ومعرفة مكامن القوة والضعف التي مرت بها البلاد والشعب السوري، كون ذلك يشكل جزءا من هوية المواطنة التي اشتغلت النخب الوطنية عليها منذ انتهاء الاحتلال العثماني سنة 1918 حتى عودته سنة 2016 فعدنا إلى البداية وصرنا بحاجة إلى لملمة أشلاء الوطن السوري وتجاوز الفراغات التي حالت بين حلم آباء الإستقلال وعملهم على أرض الواقع لتحقيقه خلال ثمانية عقود انتقلنا فيها من احتلال إلى احتلالات دون أن ندرك تضاريس الحياة التي مشينا فيها ونحن نظن تقدمنا إلى الأمام بينما في الواقع كنا نسير في دائرة أعادتنا إلى النقطة الأولى !؟