افتتاح قناة «التركية» الناطقة باللغة العربية
تحت شعار»سحر الشرق وروعته» و»عندما يتحقق التنوع»، عادت تركيا إلى المنطقة، هذه المرة من باب الإعلام الحافل بأطياف الفنون والأدب وعبق التاريخ، وذلك مع افتتاح فضائية «التركية» الناطقة باللغة العربية أول أمس الأحد.
وإذ غلب البعد الترفيهي، الغنائي والموسيقي، على معظم فقرات حفل الافتتاح، سواء في البرنامج الذي قدّم على الهواء من قصر الدولمة باهتشه أو عبر محطات البث المباشر من بيروت والقاهرة ودمشق، فإن رجب طيب اردوغان، رئيس الحكومة التركية الذي رعى الحفل وسمح للمرة الأولى بإقامته في مقره في اسطنبول علامة اهتمامه المباشرة بالحدث، أعاد التوازن بكلمته إلى البعد السياسي للعلاقات بين العرب والأتراك.
لم يكن العرب المدعوون، بعددهم المحدود، إلى حضور الحفل او اولئك الذين تابعوا الحفل في أرجاء العالم بحاجة لمن يلقي كلمة باسمهم في الحفل، فقد تكفل بذلك «الطيب العربي» اردوغان نفسه، الذي لم يكتف بمواصلة حملة الدفاع عن القضايا العربية وقضيتها المركزية أي القضية الفلسطينية و»قرة عينها» القدس وأختها غزة. كانت كلمته في حفل افتتاح الفضائية التركية الجديدة، حافلة بالعبارات حول هذه المسائل كما ردد بعضها باللغة العربية، واستهلها بتحية «السلام عليكم ورحمة الله وبركاته».
اختلط في كلمة اردوغان التاريخ بالسياسة والأدب والشعر بالفنون والطرب فكانت»مانيفستو» كاملا في حب العرب وثقافتهم. استحضر اردوغان في بيانه رموز الثقافة والفن العربي. فحضرت أم كلثوم «اذا كانت هي صوت العرب جميعا، فهي أيضا صوت الأتراك... وكما خاطب نزار توفيق قباني وفيروز وماجدة الرومي بيروت فأنا اخاطبكم اليوم». و»كما هو محمود درويش لنا ولكم هاهو نجيب فاضل لنا ولكم» مرددا بالعربية أبيات من قصيدة نزار قباني «يا ست الدنيا يا بيروت».وكما لو ان أردوغان تحول في لحظات إلى باحث لغوي، أعطى امثلة حول المشترك اللغوي بين اللغة العربية والتركية.
وبموازاة الفن كانت السياسة قدرا مشتركا: «نحن والعرب مثل الظفر واللحم. نحن مثل أصابع اليد الواحدة». كرر أردوغان ارتباط مصير اسطنبول بالقاهرة وبيروت ودمشق والقدس ومكة والمدينة وطرابلس الغرب وبغداد والخرطوم. وقال إن مصير اسطنبول ليس منفصلا عن مصير كل هذه المدن، مؤكداً ان حزن الاتراك هو حزن العرب نفسه، وفرحهم هو فرح العرب نفسه، مشدداً وبالعربية على أن «الجار قبل الدار» و»لا يشبع الرجل من دون الجار».
كان أردوغان متأكداً في كلمته من أن أحداً لن يستطيع زرع بذور الشقاق ولا النفاق بين الأخوة. أما التحذير الأكبر من أردوغان فكان أن تركيا لن تبقى من دون رد إذا ما استمرت غزة تحترق وتتلبد الغيوم فوق القدس.
«انها لحظة تاريخية» و»لساننا المشترك»، هكذا وصف اردوغان افتتاح فضائية «التركية» بشكل رسمي بعد مرحلة من البث التجريبي على أقمار «نايل سات» و»عرب سات» و»تورك سات».
وكما بدأ اردوغان بالعربية انتهى بالعربية قائلاً: «ألف مبروك عليكم قناة التركية، وفي أمان الله».
بدوره، قال رئيس هيئة الاذاعة والتلفزيون إبراهيم شاهين إنها القناة التركية الثالثة عشرة التابعة لـ «تي ري تي»، إلا أنها ستكون الأصعب وستكون امام امتحان كبير. مشيرا في لقاء جانبي الى ان الهيئة في صدد التحضير لإطلاق قناة جديدة باللغة الفارسية في وقت لاحق.
أما اكمل الدين احسان أوغلو الامين العام لمنظمة المؤتمر الاسلامي، فقد اعتبر في كلمته ان المحطة «جاءت في وقتها» وان الافتتاح في قصر دولما باهتشه بالذات رمز على العلاقات العربية التركية الجيدة.
وكانت كلمة موجزة مسجلة للأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى تمنى فيها النجاح للمحطة. بينما رأى نائب رئيس الحكومة وزير الدولة المسؤول عن الإعلام بولنت ارينتش ان العرب»متلهفون» لمشاهدة المحطة الجديدة وانه واثق من انها ستعرف نجاحا كبيرا.
- غابت أية كلمة عربية عن حفل الافتتاح، وحضر ولي عهد قطر تميم بن حمد آل ثاني الاحتفال، في وقت لم يتمكن معظم المدعويين من الرؤساء والملوك العرب من الحضور، وبينهم الرئيس السوري بشار الأسد والملكان السعودي والأردني لارتباطهم بمواعيد مقررة منذ زمن طويل.
بعد كلمات الافتتاح، تابع الحضور وفي مقدمهم اردوغان برنامج الحفل على امتداد اكثر من ساعة ونصف. فكانت وصلات من رقص الدراويش المولوية ومن أغان قدمها المطرب التركي المخضرم سلامي شاهين والمصرية الشابة غادة رجب التي غنت لفيروز وفريد الأطرش.
وبعد عرض للبرامج التي ستعرضها المحطة عن الثقافة والطبخ والتاريخ والاقتصاد، كانت رسائل مباشرة لمراسلي المحطة من القاهرة وبيروت ودمشق.
محمد نور الدين
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد