"عودة الغربان": جدول أعمال سفيري واشنطن وباريس بدمشق
الجمل: سعى خصوم سوريا الدوليين لجهة القيام باستغلال فعاليات الحدث الاحتجاجي السياسي السوري، في أغراض تصعيد الضغوط ضد دمشق، وذلك عن طريق استخدام أسلوب سحب السفراء من العاصمة السورية دمشق، وفي هذا الخصوص وبعد غيبة امتدت لحوالي ستة أسابيع، سعى خصوم سوريا، وبالذات الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا لجهة إعادة السفراء إلى دمشق: كيف نقرأ حدث عودة السفراء. وهل باتجاه المساعدة في التهدئة. أم المساعدة في التصعيد؟ وهل أدركت واشنطن وباريس ولندن أن مخطط سحب السفراء لم يحقق أغراضه، وبالتالي سعت إلى إعادة السفراء ضمن إجراءات العمل من اتجاه إنفاذ مخطط جديد في سلسلة المخططات التي أصبحت دمشق تدرك بأنها مخططات غربية بلا نهاية؟
* التطورات الجديدة في المسرح الدبلوماسي: توصيف المعلومات الجارية
تقول المعلومات بأن الـ72 ساعة الماضية قد شهدت تطورات هامة في فعاليات ملفات الدبلوماسية الغربية المتعلقة بالحدث الاحتجاجي السياسي السوري، وفي هذا الخصوص نشير إلى الآتي:
• قيام وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلنتون بعقد لقاء في العاصمة السويسرية جنيف مع رموز جماعات المعارضة السورية الخارجية، وتحديداً الناشطين في العواصم الأوروبية الغربية، إضافة إلى تركيا والأردن ولبنان، وتقول المعلومات بأن الوزيرة الأمريكية قد طالبت المعارضين بضرورة حل خلافاتهم أو غض النظر عنها، والقبول بالانخراط ضمن سياق تنظيمي معارض واحد.
• قيام السفير الأمريكي السابق في لبنان جيفري فيلتمان، والذي سيتولى منصب مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأدنى، بالشروع في تأسيس قاعدة للعمليات في العاصمة اللبنانية بيروت، وذلك بعد أن نجح في عقد التفاهمات ووضع التنسيقات اللازمة لذلك، مع الإسرائيليين، وتحديداً مع قيادة الجيش الإسرائيلي، وكبار المسؤولين الحكوميين الإسرائيليين، وذلك وصولاً إلى تحقيق الخطوة الأساسية التي ينظر إليها الأمريكيين باعتبارها الأكثر أهمية، وهي: أن تتم عملية التنسيق الأمريكي ـ الإسرائيلي بشكل مسبق قبل القيام بأي خطوة إزاء فعاليات الحدث الاحتجاجي السياسي السوري.
• قيام نائب الرئيس الأمريكي السيناتور جو بايدن بزيارة عاجلة شملت العراق وتركيا، إضافة إلى اليونان، وتقول المعلومات والتقارير بأن فعاليات زيارة بايدن قد ركزت لجهة الضغط على بغداد لكي تصبح أكثر ارتباطاً بمحور الرياض ـ أنقرا، والضغط على أنقرا لكي تصبح أكثر عداء ضد دمشق وطهران.
هذا، وتقول التسريبات بأن هذه التحركات الدبلوماسية، قد تزامنت مع تحركات سرية أخرى غير معلنة تضمنت: قيام مجموعة من عناصر المخابرات الأمريكية والغربية بالانطلاق عبر الحدود الأردنية إلى داخل الأراضي السورية، والقيام بجولات ميدانية في مناطق درعا ـ دير الزور ـ حمص ـ حماة ـ إدلب ـ البوكمال، وذلك من أجل التعرف على طبيعة الخلافات الجارية في أوساط المعارضة، وصولاً إلى تحديد إجابة على السؤال القائل: هل الخلافات بين رموز المعارضة تستند إلى خلافات ميدانية داخلية.. أم لا!؟
* جدول أعمال دبلوماسية خصوم دمشق الجديد: لماذا عودة السفراء؟
لم تسعى الأوساط والدوائر الدبلوماسية الأمريكية والأوروبية الغربية لجهة إطلاق التصريجات الرسمية التي توضح أسباب عودة السفير الأمريكي والسفير الفرنسي إلى العاصمة السورية دمشق، وفقط اكتفت الفعاليات الإعلامية الغربية لجهة التطرق لذلك على أساس اعتبارات الحدث الدبلوماسي العادي، وذلك على خلفية أن السفير الأمريكي والسفير الفرنسي قد سبق وغادرا العاصمة السورية دمشق إلى عواصم بلدانهم الأم، وذلك فقط من أجل مجرد إجراء المشاورات مع دوائر صنع القرار السياسي والدبلوماسي حول تطورات الأحداث والوقائع الجارية في سوريا.
وبرغم ذلك، فقد أشارت التسريبات إلى النقاط الآتية:
• أدركت دوائر صنع القرار السياسي ـ الأمني ـ الدبلوماسي الأمريكي والأوروبي الغربي وأيضاً الإسرائيلي، بأن الفعاليات الاحتجاجية السورية الجارية حالياً، لا تملك قوة الزخم الكافية لإنجاز عملية انهيار دمشق، على غرار ما حدث في تونس وفي القاهرة.
• إن تقديم الدعم التدخلي الغربي للفعاليات الاحتجاجية السياسية السورية، على غرار ما حدث في ليبيا، لم يعد ممكناً، وذلك لعدة أسباب، أبرزها: الموقف الدولي غير المواتي بسبب الاعتراض الروسي ـ الصيني، والموقف الداخلي غير المواتي، وذلك بسبب معارضة السوريين لأي تدخل خارجي، إضافة إلى ضعف المعارضة السورية نفسها، ففي الوقت الذي نجحت فيه المعارضة الليبية في الاستيلاء على منطقة بنغازي (أي 25% من مساحة ليبيا) بقدراتها الذاتية، فإن المعارضة السورية لم تنجح حتى الآن في الاستيلاء على مجرد "ضيعة" صغيرة.
وتأسيساً على ذلك، وبحسب التسريبات التي أوردتها بعض المصادر الأوروبية الغربية والأمريكية، فإن عودة السفير الأمريكي والسفير الفرنسي إلى العاصمة السورية دمشق، تهدف إلى الآتي:
• التواجد الدبلوماسي الأمريكي ـ الفرنسي الميداني، وتفادي حدوث أي انقطاع خلال الفترة القادمة.
• السعي للمزيد من تقديم الدعم للفعاليات الاحتجاجية، بما يمنع انتهاء أو توقف هذه الفعاليات.
• السعي لفتح قنوات الحوار والتفاهم الخلفية مع السلطات الحاكمة في دمشق.
وفي هذا الخصوص، أشارت التسريبات إلى أن أطراف مثلث واشنطن ـ باريس ـ لندن، وتحديداً الزعماء أوباما، ساركوزي، ديفيد كاميرون، قد وحدوا موقفهم إزاء ضرورة العمل بالوسائل الدبلوماسية لجهة القيام باحتواء تطورات الحدث الاحتجاجي السياسي السوري، وتأكيداً لذلك أشارت مصادر أخرى إلى أن وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلنتون، قد ألمحت مطالبة المعارضة السورية بضرورة تناسي الخلافات وتوحيد صفوفها. وذلك تمهيداً لجهة القيام بمساندة المبادرة الأمريكية ـ الغربية التي من المتوقع أن يتم إطلاقها قريباً من أجل احتواء فعاليات الحدث الاحتجاجي السياسي السوري، هذا وبرغم عدم وضوح المعلومات حول طبيعة ومكونات محتوى المبادرة الأمريكية ـ الغربية المتوقعة، فإن عودة السفير الأمريكي والسفير الفرنسي إلى دمشق، تجد تفسيرها في تعليل ذلك، باعتبار أن المهمة الجديدة التي سوف ينخرطان في فعالياتها هي التفعيل الميداني لهذه المبادرة.
وعموماً، إذا كانت الفعاليات الإعلامية والدبلوماسية الأمريكية والأوروبية الغربية والخليجية والإسرائيلية تتحدث هذه الأيام قائلة بأن سوريا أصبحت على وشك الدخول في نفق الحرب الأهلية، وبأن تصاعد الصراع في سوريا سوف لن يؤدي سوى إلى إشعال حرب كبرى في المنطقة، وما شابه ذلك، فما الذي يا ترى سوف تقوله المبادرة.
الجمل ـ قسم الدراسات والترجمة
التعليقات
مهما تامر المتامرون لن يسقط
إضافة تعليق جديد