زيارة السيناتور ميتشل إلى دمشق في رحلة البحث عن السلام الضائع
الجمل: تحدثت التقارير الإخبارية الصادرة مساء الأمس وصباح اليوم عن قيام السيناتور جورج ميتشل مبعوث السلام الأمريكي الخاص للشرق الأوسط بزيارة للعاصمة السورية دمشق يوم غدٍ الخميس 16 أيلول (سبتمبر) 2010: ما هي حقيقة جولات السيناتور ميتشل التي تزايدت وتائرها في الآونة الأخيرة؟ وما مدى مصداقية جدول أعمال المبعوث ميتشل إزاء تحقيق السلام في المنطقة وعلى وجه الخصوص بالنسبة لسوريا والفلسطينيين؟
* توصيف التقارير الجارية: ماذا تقول المعلومات؟
نشرت صحيفة ها آرتس الإسرائيلية الصادرة صباح اليوم الأربعاء 15 أيلول (سبتمبر) 2010 تقريراً من إعداد الصحفي الإسرائيلي عافي إيساخاروف حمل عنوان «زيارة مبعوث السلام الأمريكي الوشيكة إلى سوريا تثير تكهنات حول تطورات سلام محتملة». وأشار تقرير الصحفي الإسرائيلي إيساخاروف إلى النقاط الآتية:
• سوف يصل مبعوث السلام الأمريكي الخاص للشرق الأوسط السيناتور جورج ميتشل إلى دمشق يوم غد الخميس.
• زيارة السيناتور ميتشل إلى سوريا سوف تتضمن النقاط الآتية:
- إطلاع دمشق على التطورات الجارية في ملف المفاوضات الفلسطينية-الإسرائيلية.
- مناقشة دمشق حول الكيفية التي يمكن أن تسهم بها في المحادثات المباشرة الجارية حاليا.
- مناقشة دمشق حول إمكانية استئناف المحادثات السورية-الإسرائيلية غير المباشرة.
• الإشارة إلى ما أورته صحيفة الجريدة الكويتية والذي أشارت فيه إلى الآتي:
- تعبير نتنياهو عن ثقته بإمكانية التوصل إلى اتفاقية سلام مع سوريا.
- تعبير نتنياهو القائل بإمكانية إعادة الجولان إلى سوريا، ولكن بموجب اتفاق يمكن أن يمتد تطبيقه على مدى فترة مداها من 10 إلى 15 عام.
• توقعات باحتمالات حدوث تطورات في المحادثات السورية-الإسرائيلية.
• وجود العديد من كبار المسئولين في المؤسسة العسكرية الإسرائيلية القائلين بأن السلام مع سوريا مهم وممكن.
هذا، وما هو مثير للانتباه في تقرير صحيفة ها آرتس الإسرائيلية أنه جاء قبل الموعد المحدد لزيارة السيناتور ميتشل بيوم واحد، علماً بأن الصحف الإسرائيلية قد درجت على تسريب المعلومات المتعلقة بتحركات رموز ومبعوثي الإدارة الأمريكية قبل بضعة أيام وربما أسابيع قبل حدوثها.
* الدبلوماسية الوقائية الأمريكية في الشرق الأوسط:
بحسب التسريبات التي أوردتها الصحف الإسرائيلية، فإن زيارة مبعوث السلام الأمريكي الخاص للشرق الأوسط جورج ميتشل يمكن النظر إليها وفق العديد من الخطوط والاعتبارات المتعلقة بطبيعة الدبلوماسية الوقائية الأمريكية، وخصوصية علاقات خط واشنطن-تل أبيب، وفي هذا الخصوص نشير إلى التساؤلات الآتية:
• لماذا تزامنت زيارة السيناتور ميتشل مع انعقاد جولة المفاوضات الإسرائيلية-الفلسطينية المباشرة المنعقدة في القدس؟
• من المفترض أن يكون جدول أعمال السيناتور ميتشل مشغولاً بمجريات جولات المفاوضات الفلسطينية-الإسرائيلية المباشرة، فلماذا زيارة سوريا في هذا الوقت؟
• ما هي الرسالة التي يرغب السيناتور ميتشل في بثها للفلسطينيين الموجودين على طاولة المفاوضات؟
• لماذا تزامنت زيارة السيناتور ميتشل مع تسريبات صحيفة الجريدة الكويتية؟
• ما هي صحيفة الجريدة الكويتية، لجهة علاقتها بالتسريبات الأمريكية والإسرائيلية؟ وهل يا تُرى أصبحت صحيفة الجريدة الكويتية أكثر اطلاعاً على ملفات علاقات خط واشنطن-تل أبيب؟ وهل أصبحت الصحافة الكويتية نافذةً للتسريبات المسكوت عنها في صحف تل أبيب؟
برغم أنه يمكن طرح العديد من التساؤلات المثيرة للاهتمام، فإن التحرك الحالي للسيناتور ميتشل يحمل بين ثناياه أكثر من دلالة إضافةً إلى العديد من التفسيرات والتي منها على سبيل المثال لا الحصر:
- إن زيارة ميتشل تهدف فعلاً إلى تعزيز جهود السلام المتعلقة بتفعيل المحادثات غير المباشرة بين سورية وإسرائيل.
- إن زيارة ميتشل تهدف إلى ردع الوفد الفلسطيني المفاوض، عن طريق التلويح بأن الوفد الفلسطيني إذا لم يسعَ لتقديم التنازلات للإسرائيليين، فإن إسرائيل سوف تسعى لاعتماد مسار السلام مع سوريا بدلاً عن الفلسطينيين.
- إن زيارة ميتشل تهدف إلى التلويح لدمشق باحتمالات تفعيل المحادثات غير المباشرة، مقابل أن تقدم دمشق لواشنطن المساعدات في دفع جولة المفاوضات المباشرة الفلسطينية-الإسرائيلية الجارية حالياً
- إن زيارة ميتشل تهدف إلى إطلاق رسالة تحمل المزيد من الإشارات لتركيا، مفادها أن واشنطن قد قررت السعي من أجل تفعيل المحادثات غير المباشرة السورية-الإسرائيلية، وبالتالي، فعلى أنقرا أن تضع في اعتبارها أن تعزيز علاقات أنقرا مع واشنطن وتل أبيب هما السبيل الوحيد لعودة أنقرا كلاعب في عمليات الوساطة الشرق أوسطية.
هذا، وتقول المعلومات، بأن جان كلود كوسيران المبعوث الفرنسي الخاص للشرق الأوسط قد كان في المنطقة قبل بضعة أيام، وبأنه وبرغم تأكيد رغبة باريس على ضرورة العمل من أجل تحقيق السلام، فإن باريس تلقي بالمزيد من اللوم على السياسات الإسرائيلية.
وعموماً، فقد شهدت منطقة الشرق الأوسط على مدى نصف القرن الماضي المزيد من تحركات كبار المسؤولين الدبلوماسيين الأمريكيين بما أدى إلى جعل المنطقة تمثل واحدة من أهم "مختبرات" الدبلوماسية الوقائية الأمريكية، وعلى وجه الخصوص فيما يتعلق بالمناورات والتحركات الساعية إلى تضليل خصوم إسرائيل في المنطقة. وحالياً، أصبح الجميع في المنطقة أكثر إحباطاً لجهة عدم مصداقية جهود الدبلوماسية الأمريكية الشرق أوسطية، خاصةً وأن الصورة التي خلفتها تحركات المبعوثين الخاصين السابقين مثل دينيس روس وغيره لم تترك مجالاً للتفاؤل.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد