الإدراك التركي لتداعيات الحدث السوري
الجمل: كشفت تطورات أحداث ووقائع الحدث السوري الجارية عن وجود المزيد من التحركات الإقليمية والدولية الساعية لاحتواء التداعيات المتوقعة. وفي هذا الخصوص أكدت التقارير والتسريبات بأن أنقرا كانت من أبرز الناشطين في هذا الجانب: فما هي طبيعة التحركات التركية الأخيرة المتعلقة بالحدث السوري. وكيف يمكن قراءة هذه التحركات؟
* كواليس أنقرا: توصيف المعلومات الجارية
لاحظت الأوساط الدبلوماسية الإقليمية والدولية، عمليات التقارب الكبيرة التي تمت على خط علاقات أنقرا ـ واشنطن، بما أدى إلى ما يشبه انقلاب الصورة، والتي بدأت أكثر ميلاً لاستئناف روابط أنقرا ـ واشنطن مسيرتهما القديمة السابقة، وعلى خلفية التوترات التي جرت خلال الستين يوماً الماضية في الساحة السياسية السورية، فقد شهدت أنقرا الآتي:
• تحركات رياض الشقفة زعيم جناح حركة الإخوان المسلمين السوريين المتورط في تصعيد التوترات والاحتجاجات الأخيرة التي شهدتها بعض المساجد الموجودة في بعض المدن السورية.
• تحركات سياسية سورية معارضة جمعت بين بعض رموز المعارضة السورية وبعض كبار المسؤولين الأمريكيين والغربيين.
• انطلاق تصريحات رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، ضمن سياق مضموني أكثر تأكيداً على أن التصريحات وإن كانت تركية المصدر، فإنها كانت بمثابة امتداد لتصريحات أوباما الأمريكي ـ ساركوزي الفرنسي ـ ميركل الألمانية.
• تفاهمات تركية ـ سعودية لم يتم الكشف عن محتواها، ولكن كل التقديرات سعت لجهة التأكيد على أنها تعلقت بالحدث السوري والحدث الليبي.
هذا، ولاحقاً أشارت التقارير، وتحديداً الواردة مساء الأمس وصباح اليوم عن قيام مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية ليون بانيتا بزيارة تركيا، حيث قضى خمسة أيام كاملة تفاهم خلالها مع كبار المسؤولين الأتراك حول تطورات الأحداث الجارية والوقائع الشرق أوسطية الجارية، وعلى وجه الخصوص تلك المتعلقة بمجريات الحدث السوري وتداعياتها الماثلة والمؤجلة.
* الحدث السوري: جدول أعمال مدير المخابرات المركزية الأمريكية في أنقرا
نشرت صحيفة صباح التركية معلومات تقول بأن مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية ليون بانيتا قد وصل إلى العاصمة التركية أنقرا خلال الأسبوع الماضي، وذلك في زيارة سرية استمرت لمدة خمسة أيام ركزت على إعداد التخمين النهائي التركي ـ الأمريكي إزاء تطورات الحدث السوري، هذا، وأشارت الصحيفة إلى النقاط المتعلقة بجدول أعمال بانيتا على النحو الآتي:
• استعراض الخيارات المحتملة الحدوث في سوريا.
• استعراض الترتيبات اللازمة لمواجهة كل خيار.
هذا، وأشارت المعلومات التي أوردتها الصحيفة إلى أن مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية ليون بانيتا، قد قام على هامش زيارته بالأنشطة الآتية:
• عقد اللقاءات مع كبار المسؤولين في جهاز المخابرات التركية.
• عقد النقاشات حول ملف الحرب الليبية، وملف العلاقات التركية ـ الإسرائيلية وملف التعاون التركي ـ الأمريكي ضد أنشطة حزب العمال الكردستاني التركي.
وإضافة لذلك، أشارت التسريبات التي أوردتها صحيفة صباح التركية، إلى أن رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان قد أعد العدة لجهة القيام بإرسال مبعوث تركي خاص إلى العاصمة السورية دمشق بهدف إجراء المزيد من النقاش والتفاهم مع القيادة السورية.
* الإدراك التركي لتداعيات الحدث السوري
تقول التسريبات بأن أنقرا سعت منذ وقت مبكر لجهة القيام بحسابات معادلة الفرص والمخاطر المترتبة على تداعيات الحدث السوري، وتأثيراته المباشرة وغير المباشرة على مفاعيل الأوضاع والتوازنات الجيوسياسية التركية، وفي هذا الخصوص يمكن الإشارة إلى الآتي:
• أولاً: حسابات المخاطر: الاحتمالات المتوقعة تركياً، تضمنت الآتي:
ـ احتمالات تزايد فعاليات الحركات الكردية التركية الانفصالية، وعلى وجه الخصوص بواسطة حزب العمال الكردستاني.
ـ احتمالات تزايد الاستقطابات السياسية التركية الداخلية، بما يؤدي إلى تزايد مفاعيل عمليات التعبئة السياسية السلبية الفاعلة بواسطة خصوم حزب العدالة والتنمية، وعلى وجه الخصوص: حزب الشعب الجمهوري، والحزب القومي التركي.
ـ احتمالات تزايد فعاليات الحركات الإسلامية الجهادية المتطرفة والتي ظلت تسعى إلى الضغط على حكومة حزب العدالة والتنمية الإسلامي باتجاه إجراء المزيد من التحولات الإسلامية في تركيا.
ـ احتمالات تزايد النزعات المتطرفة في أوساط الأغلبية الكردية المعتدلة الموجودة في مناطق جنوب شرق تركيا، بما يؤدي إلى حدوث تقاربها أكثر فأكثر مع حزب العمال الكردستاني.
ـ احتمالات أن تنتقل عدوى الاضطرابات إلى مناطق شمال العراق، وتحديداً إقليم كردستان العراقي، بما يؤدي إلى استهداف خطوط أنابيب نقل النفط العراقي العابرة للأراضي التركية.
ـ احتمالات أن تسعى إسرائيل وواشنطن إلى استغلال حالة الاضطرابات إذا انتقلت عدواها إلى إقليم كردستان العراقي، لجهة القيام بتقديم الدعم السري اللوجستي للحركات الكردية التركية الانفصالية، بما يؤدي بالضرورة إلى تقويض استقرار تركيا، وبالتالي إضعاف موقف حكومة حزب العدالة والتنمية.
• ثانياً: حسابات الفرص: الاحتمالات المتوقعة تركياً، تضمنت الآتي:
ـ التعاون مع أمريكا بما يؤدي إلى قطع الطريق أمام خصوم أنقرا الأتراك من قدرة الحصول على أي دعم أمريكي.
ـ التعاون مع الاتحاد الأوروبي بما يمنع خصوم أنقرا الأوروبيين من الانفراد بعملية صنع واتخاذ القرار في حلف الناتو بما يؤدي إلى الإضرار بمصالح تركيا الحيوية.
ـ إبراز دور تركيا كقائد إقليمي في منطقة الشرق الأوسط، بما يدرأ شبح ظهور القوى الإقليمية البديلة المحتملة الأخرى.
ـ تعزيز مكانة ووزن أنقرا الداخلي في أوساط الرأي العام التركي.
ـ إضعاف روابط خصوم حزب العدالة والتنمية الداخليين.
ـ تعزيز مصداقية السياسة الخارجية التركية، بما يتيح درء التوتر والخلافات العميقة عن روابط أنقرا مع حلفائها الغربيين والولايات المتحدة الأمريكية.
ـ تعزيز قدرة أنقرا باتجاه دفع الولايات المتحدة وبلدان الاتحاد الأوروبي من أجل اعتماد الحلول المعتدلة في خيارات التعامل مع الأزمات والتوترات الإقليمية.
ـ السعي لموازنة قوة الضغط الإسرائيلية على الولايات المتحدة وبلدان الاتحاد الأوروبي من خلال وجود قوة دبلوماسية تركية تضغط باتجاه الوسطية في مواجهة القوة الدبلوماسية الإسرائيلية الضاغطة باتجاه الحلول المتطرفة.
هذا، وتشير المعطيات الجارية إلى أن أنقرا قد سعت من خلال تحركاتها خلال الستين يوماً الماضية ليس لجهة التحلي عن حلفائها الشرق أوسطيين، وعلى وجه الخصوص دمشق وطهران، وإنما من أجل إدارة الأزمة، ضمن استراتيجية تتيح إبعاد شبح التصعيدات المتزايدة المخاطر، خاصة أن أنقرا كانت تفهم منذ الوهلة الأولى مدى الفرق الكبير بين مفاعيل إشعال شرارة الأزمة المصرية والأزمة التونسية، باعتبارها ناشئة بفعل ضغوط حقيقية، ومفاعيل إشعال شرارة الأزمة في سوريا باعتبارها ناشئة بفعل ضغوط خارجية وداخلية أذكتها الأيادي الخفية الأمريكية والإسرائيلية على خلفية توظيف الأجواء المتوترة هذه الأيام في العديد من مناطق الشرق الأوسط الأخرى.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
التعليقات
اردوغان على خطى جاك شيراك
GAME OVER
الى السيداردوغان لن تكون سلطاناعثمانياعلينا فزمن الاستعمارقد ولى
ادارة سياسة المصلحه
الآن...بعد بكير...
إضافة تعليق جديد