شباب سورية: كيف يفكرون وبماذا يحلمون
ضاعت الحياة وضاع المستقبل، عليهم تعلق الآمال وتبنى الدراسات والتنبؤات وتوضع الخطط السياسية والاقتصادية لتنفذ بهمة الشباب وحماسه وإبداعاته فتشكل رافداً حقيقياً وداعماً لكل تطوير وازدهار في الوطن هكذا هو الشباب.
اهتمامات عديدة وطموحات تجاوزت الهدف الشخصي والهم اليومي لتمتزج بقضايا المجتمع وهمومه، بدءاً من التحصيل الدراسي العالي وإصلاح الواقع الاقتصادي والاجتماعي والاستمرار في محاربة الفساد وأساليب الرشوة بالإضافة الى إيجاد فرصة عمل.... تلك كانت أهم القضايا التي تشغل تفكير واهتمامات الشباب من خلال استطلاع مع عدد من الشباب وطلبة الجامعة.
الشاب طارق النعسان من كلية الشريعة السنة الرابعة قال:
كل مشاريعنا وخططنا المستقبلية تتعلق بالتخرج والحصول على شهادة الدراسات العليا في مجال الاقتصاد الاسلامي، هذا ما أتمناه وأهتم كثيراً بإصلاح الواقع الاجتماعي والاقتصادي والقضاء على الظواهر السلبية لاسيما ظاهرة الفساد والرشوة التي نراها لدى بعض الموظفين في الدوائر الحكومية وعرقلتهم وتأخيرهم للمعاملات اذا لم يدفع لهم المعلوم.
وهذا ما حصل معي عندما حصلت على موافقة من الشؤون الفنية في محافظة حلب لتزفيت طريق بجانب منزلنا فلم يرض الموظف المسؤول عن وضع الأوراق قيد التنفيذ ويقدمها للمتعهد إلا بعد دفع رشوة وقال طارق: ليس الحل بتغيير الموظف بل بتطبيق القوانين الصارمة والعقوبات الشديدة ليكون عبرة لمن يعتبر، والحكومة ليست عاجزة عن ذلك بل قادرة على اجتثاث الفساد والفاسدين من الجذور والقضاء عليهم ولا أنسى مشهد الإعدام لأربعة مجرمين في حلب بتهمة سرقة واغتصاب و.... فكانوا حقاً عبرة لمن شاهدهم.
أما الشاب حسن الحسن طالب معهد متوسط فقال:
تصادفنا الكثير من العقبات في تحقيق طموحاتنا وقد تكون خارجة عن إرادتنا بحكم الظروف وما يحيط بنا لكن الصورة الحقيقية والخيبة عندما نلمسها في واقعنا من موظف تسول له نفسه التلاعب بعقول الناس البسطاء وابتزازهم وابتداع حجة أو مبرر لاسلوبهم الدنيء.
وقال حسن: بالأمس ذهبت للحصول على ورقة لاحكم عليه، واذ بموظف يعمل على الكمبيوتر يقول لي: يوجد تشابه أسماء، ومع ذلك ممكن أن أيسرها لكن تكلفك 650 ل.س وتابع حسن حديثه قائلاً:
أدرك تماماً أن ذلك طريقة للحصول على المال بدليل أنه قبل مبلغ 250 ل.س وهذا ما توفر معي.
الشاب الريفي الجامعي أحمد هارون يحاول النهوض بقريته الصغيرة بتقديمه حلولاً وأفكاراً لإقامة مشاريع صغيرة ويحث رجال الأعمال فيها لتوظيف أموالهم وإقامة جمعية خيرية وقال أحمد:
في قريتنا أموال جيدة يملكها رجال أعمال لكن لم يفكروا في تحسين مستوى البلدة وتطويرها بتشغيل أموالهم في مشاريع صغيرة تساهم في تخفيض نسبة العاطلين عن العمل والمحتاجين بل كانت من نصيب المدينة ومعالمها، وحالياً طرحنا فكرة إنشاء جمعية خيرية مع وجهاء البلدة والميسورين لتقديم معونات للفقراء وتساعدهم في حل الكثير من الضائقات المادية وأشار أحمد الى المساهمة والعمل أيضاً للقضاء على التجاوزات والمخالفات القانونية التي تمارس يومياً من قبل المتنفذين في المفاصل الادارية والبلديات كتراخيص البناء التي لا تزال تتم بالواسطة ودفع البراطيل.
محمد نايف متخرج في الجامعة ـ قسم علم الاجتماع منذ سنتين ولم يستطع إكمال دراسة الماجستير في جامعة حلب بسبب رسوبه للمرة الثانية في امتحان اللغة الانكليزية، لذلك سافر الى بيروت للتسجيل ودفع أقساط الجامعة وبلغت 230 ألف ل.س وقال محمد:
أصبح النجاح في اللغة الانكليزية شرطاً أساسياً لمتابعة التحصيل العالي لأي طالب جامعي بعد أن كان الشرط سابقاً معدل التخرج وهذا يعتبر شرطاً تعجيزياً لا أكثر ويتساءل محمد: أليست بلدي أحق بذلك المبلغ المدفوع سواء في التعليم النظامي أو المفتوح بدلاً من دفعه في بلد آخر، ناهيك عن تكاليف وأعباء السفر والإقامة فليس من حل أمامي إلا العمل الى جانب دراستي، وعملت في منشرة خشب في بيروت لأسدد أقساط الجامعة بعد فشلي في الحصول على عمل هنا بتقديمي طلباً للتدريس في محافظة الحسكة كوني ابن المنطقة والجميع يدرك مدى حاجة تلك المحافظة لمدرسين، فجاء تكليفي بتدريس مادة الرياضيات والعلوم للصف التاسع، علماً أنه توجد شواغر ضمن مجال اختصاصي لكن أصحاب الواسطة كانوا أولى بالتعيين....
أنس العمر يطمح في الحصول على شهادة الماجستير لكن القرارات الجامعية الجديدة الخاصة بالقبول حالت دون تحقيق هذا الحلم وقال أنس: في كل عام دراسي تصدر قرارات جديدة منها يتعلق بالنجاح في المواد التدريسية ومنها ما يتعلق بالتقدم الى الدراسات العليا، فمرة كان المعدل هو الشرط والآن اللغة الانكليزية، كما ألغيت الدرجة /49/ للنجاح في المادة والتي كانت تساعد الطالب في التخرج في الجامعة.
وأضاف أنس: من أكثر ما يواجه الشباب بعد التخرج هو الحصول على فرصة العمل لأن الواسطة لا تزال تلعب دورها في التعيين وليس الكفاءات، ففي محافظة ادلب مثلاً شواغر للتدريس حيث يتم تعيين الوكلاء وحملة الشهادة الثانوية بينما يبقى خريجو الجامعة بلا عمل. واذا سألنا عن السبب كان الجواب التقليدي لايوجد اعتماد للتعيين؟!.....
ہرأي الاختصاصية الاجتماعية الاستاذة مريم كنعان ـ المعيدة في كلية الآداب قسم علم الاجتماع كان لنا معها اللقاء التالي:
إن دور الشباب في أي مجتمع لا يستهان به لما يتمتع به من قوة وحيوية وبدونه لا يتقدم المجتمع ولا يتطور فهو ثروته الحقيقية.. من هنا جاء الاهتمام بهذه الشريحة لاسيما من صناع القرار في مجالات التنمية والتطوير لدمج الشباب في مشاريع التنمية والبناء لكن ما نلاحظه في واقعنا الحالي العكس، اذ يعاني معظم شبابنا من ضغوطات نفسية واجتماعية واقتصادية وهذا يقلص من دوره الفعال في المجتمع ويصاب بالاحباط ويعيش حالة الاغتراب النفسي والاجتماعي، ابتداء من دخوله الجامعة وما تتحكم به عمليات القيد والقبول واعتبارات أخرى برغبة الطالب. وأضافت الاختصاصية قولها: وفي حال رغب الطالب الجامعي إكمال الدراسات العليا والماجستير وضعت شروط بعيدة عن الموضوعية والمنطق للقبول فيها وحالياً اعتمدت اللغة الانكليزية كشرط أساسي ونحن لا ننكر أهميتها وهي لغة عالمية يحتاجها الطالب عند البحث في المراجع لكن ألا تكون حاجزاً بينه وبين طموحه، اذ يمكن اتباع دورات تقوية في فترة التحضير والدراسة، وهذا ما نتمناه من وزارة التعليم العالي، آخذة بعين الاعتبار لفتح المجال أمام جميع الطلبة للتحصيل العلمي.
وأشارت الاستاذة مريم في حديثها الى حالة الاغتراب التي يعيشها الشباب عند انطلاقه الى الحياة العملية، فيجد فوهة كبيرة بين المجال النظري وما درسه في الجامعة وبين المجال العملي، أما من لم يجد عملاً بعد التخرج وهم كثر فيعيش كذلك حالة الاغتراب والاستلاب ويعتبر توفير فرصة العمل لأي شاب جامعي من أبسط الحقوق التي يستطيع من خلالها على الأقل تأمين مستلزماته المعيشية ليبدأ في تكوين حياته ومستقبله وأمامه مسؤوليات كثيرة ـ السكن ـ الزواج ـ الأسرة.....
وذكرت الاختصاصية الاجتماعية ان الاحصائيات تشير الى أن نسبة الشباب تشكل أكثر من 70% وهذه النسبة في استطلاع لآراء الشباب تبين أن معظمهم يفكر بالهجرة بحثاً عن فرصة عمل أفضل، وهذا ما توفره بعض الدول العربية أو الأوروبية بما تقدمه من إغراءات مادية وعلمية وبحثية تلبي رغباتهم وطموحاتهم الابداعية فنجد منهم المخترع والخبير والبروفيسور....
وبلدنا أحق بشبابه والحفاظ عليه وذلك برفع كفاءاته وإعطائه فرصة للتعبير عن احتياجاته ورغباته وليس كبح جماح أحلامه، فالشباب له الحق في العمل وتوفير مجالات البحث والابداع وله الحق في السكن والزواج و.....
وحول الاخطاء والممارسات الاجتماعية المنتشرة في أوساط معينة قالت الاستاذة مريم: هذه سلوكيات فاسدة موجودة في أغلب المجتمعات يمارسها بعض الأفراد ضمن عملهم الوظيفي، مستغلين مواقعهم للحصول على المال بطرق غير مشروعة وحكومتنا مستمرة في فتح ملفات الفساد والكسب غير المشروع ومحاسبة الفاسدين والمقصرين، وهذه الظاهرة تثير لدى الشباب حالة من التمرد ورفض الواقع والسير عكس الاتجاه وهذا له مخاطر تنعكس على الشباب والمجتمع ككل.
زهور كمالي
المصدر: تشرين
إضافة تعليق جديد