أنقرة تعلن عقوباتها على دمشق والعربي يتحرّك على جبهة الضغط الأوروبي

01-12-2011

أنقرة تعلن عقوباتها على دمشق والعربي يتحرّك على جبهة الضغط الأوروبي

تبنت منظمة التعاون الإسلامي، موقف جامعة الدول العربية من الأزمة السورية حيث دعت الحكومة السورية إلى «الاستجابة» لقرارات الجامعة، لكنها حرصت على تأكيد «الالتزام بسيادة ووحدة سوريا ورفضها التدخل العسكري أو الأجنبي لحل الأزمة»، داعية جميع الأطراف في سوريا إلى نبذ العنف، فيما أوصت لجنة شكلتها الجامعة العربية بمنع 17 شخصية سورية من دخول الدول العربية وتجميد أرصدتهم فيها.
ودعت منظمة التعاون الإسلامي، في بيان في ختام اجتماع طارئ في جدة برئاسة الأمين العام للمنظمة إكمال الدين إحسان اوغلي ومشاركة وزراء خارجية سوريا وليد المعلم وقطر الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني ومصر محمد عمرو كامل وتركيا احمد داود اوغلو وإيران علي اكبر صالحي وغياب وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل، دمشق إلى «الاستجابة لقرارات جامعة الدول العربية»، و«التوقف فورا عن استخدام القوة المفرطة ضد المدنيين من اجل تجنب البلاد خطر تدويل الأزمة، مع ما يرافق ذلك من عواقب وخيمة من شأنها أن تهدد الأمن والاستقرار في سوريا وبقية بلدان المنطقة».
وبرز موقف لافت لإيران، سواء عبر مشاركة صالحي في اجتماع جدة، وفي اللقاء المطول الذي قال اعلاميون انه عقده مع نظيره التركي احمد داود اوغلو على هامش المؤتمر، او من خلال قوله ردا على سؤال عما اذا كانت طهران طلبت من دمشق تسريع الاصلاحات، «ليس نحن فقط طلبنا ذلك، بل هم ايضا مصرون، لكن يجب ان يعطوهم وقتا، لقد اعلنوا عن انتخابات في شباط وتشكيل لجنة لاعادة النظر في الدستور، دعوهم يعيدوا النظر فيه لنرى ماذا سيحصل». وأضاف ان «الاجتماع ليس الفرصة الاخيرة لسوريا، فهل سوريا الوحيدة في المنطقة التي تشهد تطورات؟ هناك دول اخرى لماذا هذا الاستعجال بالنسبة لسوريا؟ ولماذا هي دائما تحت تركيز الاعلام»؟
وأكدت المنظمة الاسلامية «حرص الأمة الإسلامية شعوبا وحكومات على احترام حقوق الإنسان والحفاظ على أرواح وسلامة المدنيين السوريين جنبا إلى جنب مع صون أمن وسلامة سوريا ووحدة أراضيها». وشددت على «رفض
المنظمة لأي تدخل عسكري أو أجنبي لحل الأزمة، والالتزام بسيادة ووحدة سوريا».
وأعرب البيان عن «رغبة منظمة التعاون الإسلامي في التعاون والتنسيق مع الجامعة العربية من اجل حل هذه الأزمة وإنهاء الصراع الدموي في سوريا». وحث «الحكومة السورية على الوفاء بالتزاماتها من خلال القيام بعملية الإصلاح والاستجابة للتطلعات والمطالب المشروعة لأبناء الشعب السوري». ودعا «كافة الأطراف السورية المعنية إلى نبذ أساليب العنف واللجوء إلى الوسائل السلمية المتمثلة في الحوار والمفاوضات لتسوية الأزمة».
وتضم اللجنة التنفيذية، السعودية دولة المقر، والسنغال التي ترأس حاليا القمة الإسلامية، ومصر الرئيس المقبل للقمة، وماليزيا الرئيس السابق للقمة وكازاخستان وجيبوتي وطاجكستان إضافة إلى الأمانة العامة للمنظمة. وأكدت المنظمة توجيه الدعوة إلى الدول الأعضاء، وعددها 57، لحضور الاجتماع. والاجتماع مخصص للجنة التنفيذية في المنظمة الإسلامية، لكنه مفتوح العضوية على المستوى الوزاري لبحث الأوضاع في سوريا.
من جهته، قال اوغلي، في مؤتمر صحافي بعد اختتام الاجتماع، «تم تبني البيان بالإجماع، كما انه يعكس التوازن داخل المنظمة، كونه يؤكد الحرص على سوريا صونا من التدخل الأجنبي، كما يؤكد حرص الأمة الإسلامية على أرواح السوريين».
وأضاف إن المنظمة «تدعو سوريا إلى التجاوب إيجابيا مع المبادرة العربية وتوقيع بروتوكول (بعثة المراقبين) حقنا للدماء، وطلبنا تحرير السجناء السياسيين والإسراع في الحوار مع المعارضة والقوى السياسية والسماح للمنظمات الإنسانية بالدخول إلى سوريا للتأكد من تنفيذ جميع بنود البروتوكول ومراقبة احترام حقوق الإنسان. وتابع إن «الاجتماع طلب من الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي متابعة الوضع في سوريا، والتعاون مع الجامعة العربية بغرض الوصول إلى حل ممكن للمشكلة وللصراع الدموي في سوريا».
وشدد أوغلي على أن «المنظمة ترغب في حل المشكلة في سوريا في إطار سياقها الطبيعي، فسوريا دولة عضو في منظمة التعاون الإسلامي التي لا ترحب بتدويل المشكلة وتكرار أي سيناريوهات فاجعة قد تكون قد حدثت في أماكن أخرى من العالم الإسلامي».
وعما إذا كانت سوريا قد وافقت على البيان وما إذا كانت المنظمة ستتبنى العقوبات التي فرضتها الجامعة العربية إذا رفضت دمشق البيان، قال اوغلي إن «البيان عبر عن سقف مرتفع جدا كأول اجتماع للجنة التنفيذية للمنظمة»، مضيفا أن «سوريا كان لها ملاحظات على الوثيقة تم تسجيلها بكل أمانة». وأعرب عن أمله في أن «تتعاون الحكومة السورية مع منظمة التعاون الإسلامي، وأن تستكمل تعاونها مع جامعة الدول العربية لحل هذه المشكلة، لأنه إذا لم تحل هذه المشكلة داخل بيت العائلة الكبير أو البيت الأصغر فستذهب إلى أماكن أخرى».
وكان اوغلي أعلن قبل بدء الاجتماع أن «الأسرة الإسلامية تحاول التقاط الفرصة الأخيرة، ونجدد رفضنا تدويل الأزمة، كما نرفض التدخل الأجنبي، ونؤكد ضرورة احترام وحدة سوريا وسيادتها ونرحب بالجهود الدولية والعربية» التي تبذل للتوصل إلى حل.
ودعا اوغلي، الذي بحث مع الشيخ حمد المواضيع المدرجة على جدول أعمال الاجتماع، إلى «توصيات عملية تساهم في التوصل إلى حل توافقي للأزمة». وأضاف «كان هناك قرار بإرسال وفد رفيع (المستوى) من المنظمة إلى سوريا، لكن هذا لم يتم نظرا لانشغال السلطات السورية بمتابعة الموقف على مستوى جامعة الدول العربية».
وقد رأس الجلسة وزير خارجية كازاخستان يرزهان كاجي خانوف، الذي دعا إلى «مواصلة الجهود بغية احتواء الأزمة السورية وكذلك رفض التدخل العسكري في سوريا وضرورة احترام استقلال ووحدة الجمهورية السورية». وكرر «موقف مجلس وزراء خارجية الدول الإسلامية الرافض لتدويل الأزمة السورية»، وحث دمشق «على الالتزام بالمبادرات والبدء في تنفيذ الإصلاحات التي تطالب بها الدول العربية والإسلامية، باعتبار أن سوريا جزء لا يتجزأ من منظومة الدول الإسلامية».
وشدد عمرو، الوزير المصري، على «ضرورة الحل الفوري للأزمة السورية بما يحقق الطموحات المشروعة للشعب السوري»، مؤكدا أن «المدخل الوحيد لحل الأزمة والحيلولة دون تدويلها يتمثل في التوقيع الفوري على البروتوكول المقترح من جانب الجامعة العربية وتنفيذ المبادرة العربية». كما أكد «ضرورة الوقف الفوري للعنف وإطلاق سراح المعتقلين وبدء حوار وطني شامل بين كافة الأطراف». 

وأوصت اللجنة الفنية التنفيذية التي شكلها وزراء الخارجية العرب في إطار العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا بمنع 17 شخصية من دخول الدول العربية وتجميد أرصدتهم فيها.
وأبرز الأشخاص الذين شملتهم هذه العقوبات، هم وزيرا الدفاع والداخلية العماد داود عبد الله راجحة ومحمد إبراهيم الشعار ومدير الاستخبارات العسكرية عبد الفتاح قدسية ونائب رئيس الأركان للشؤون العسكرية اللواء آصف شوكت ورئيس جهاز الاستخبارات العسكرية اللواء رستم غزالي وشقيق الأسد اللواء ماهر حافظ الأسد ورامي مخلوف.
كما أوصت اللجنة، في اجتماع في مقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بالقاهرة برئاسة مساعد وزير الخارجية القطري سيف مقدم البوعينين، بوقف رحلات الطيران من سوريا وإليها اعتبارا من منتصف كانون الأول المقبل. كما أوصت باستثناء مجموعة من السلع من العقوبات تتمثل في الحبوب ومشتقاتها والأدوية والمستلزمات الطبية والغاز والكهرباء.
وتضم اللجنة عددا من الخبراء وكبار المسؤولين من مصر وسلطنة عمان والسعودية والسودان والمغرب. وسترفع توصياتها إلى اللجنة الوزارية العربية المعنية بالأزمة السورية التي ستجتمع في الدوحة السبت.
وفي أبو ظبي، قال وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، في مؤتمر صحافي، إن «الجامعة العربية اضطرت مرغمة أن تتخذ إجراءات بحق النظام السوري ونتمنى أن يقبلوا الحل» الذي اقترحته الدول العربية. وأضاف «ما نزال نأمل ان توافق دمشق على توقيع البروتوكول (الخاص ببعثة المراقبين) من دون شروط لكي تتجنب العقوبات». واعتبر أن «من الأفضل أن نعطي فرصة لدمشق لكي تقبل» مشيرا الى «الموقف الصعب الذي وضعت سوريا نفسها فيه ووضعت العرب فيه».
وقال رئيس مجلس الشورى (البرلمان) الإسلامي علي لاريجاني، في مؤتمر صحافي في طهران، إن «الإصلاحات في سوريا خطوة إيجابية»، مضيفا إن «الإصلاحات في دول المنطقة الأخرى التي أنظمتها ملكية هي خطوة ايجابية أيضا»، داعيا «الدول الإسلامية إلى عدم اتخاذ مواقف مناهضة لسوريا».
وحول مشاركة صالحي في اجتماع منظمة التعاون الإسلامي، قال لاريجاني «يجب أن نكون واقعيين، فدول المنطقة لا يمكنها إجراء تغييرات بسرعة وتتخذ شكلا جديدا». وأضاف إن «بعض الدول التي تقود الحملة ضد سوريا لا وجود للديموقراطية فيها، ويبدو أن مواقفها مفروضة عليها».
ورأى أن «تهريب الأسلحة من دول المنطقة إلى سوريا سيضر هذه الدول أيضا في المستقبل». وانتقد مواقف الدول الغربية المزدوجة تجاه سوريا، قائلا إن «منظمة التعاون الإسلامي بإمكانها من خلال نظرة منفتحة اتخاذ سياسة منطقية تجاه الأزمة في سوريا من اجل إرساء ديموقراطية مستديمة ومتينة في هذا البلد».
وكان داود اوغلو أعلن، في انقرة، أن تركيا فرضت عقوبات اقتصادية على سوريا، تشمل خصوصا تجميد المبادلات التجارية مع الحكومة السورية والتبادلات بين المصرفين المركزيين السوري والتركي. وأضاف إن تركيا ستعلق أيضا تعاونها الاستراتيجي مع دمشق وستوقف كل صادرات الأسلحة إليها، كما ستجمد كل القروض التركية لسوريا.
وأشادت واشنطن بحزمة العقوبات التي فرضتها تركيا على سوريا. وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي تومي فييتور إن «الإرادة السياسية المعلنة من قبل تركيا للرد على بشاعة انتهاكات الحقوق الأساسية للشعب السوري ستعزل نظام الأسد». وأضاف ان هذه العقوبات «ستوجه رسالة للأسد والمقربين منه ان أفعالهم غير مقبولة ولن يتم التسامح إزاءها». وتابع ان «الاجراءات المعلنة من قبل تركيا ستؤدي بالتأكيد الى زيادة الضغط على النظام السوري، وسنواصل دعوة الحكومات كافة الى الانضمام الى حركة ادانة النظام السوري والضغط عليه».
وقال مصدر دبلوماسي لدى الاتحاد الأوروبي إن وزراء خارجية الاتحاد سيجتمعون مع الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي في بروكسل اليوم، موضحا أن الاتحاد قرر فرض عقوبات جديدة لقطع مصادر تمويل النظام السوري في قطاعي المال والنفط. وإضافة إلى تجميد أرصدة 11 شركة سورية جديدة على الأقل، سيجمد الاتحاد الأوروبي أرصدة 12 شخصية إضافية وسيحرمها من الحصول على تأشيرات.
ورفض العربي، في مقابلة مع قناة «بي بي سي» البريطانية، «اعتبار العقوبات التي فرضتها الجامعة على سوريا بمثابة حرب اقتصادية». وقال «كان من الصعب على أعضاء الجامعة فرض هذه العقوبات على سوريا، حيث إنه لا يوجد من بين الأعضاء من يرغب في إيذاء الشعب السوري أو إحراج الحكومة السورية، إلا أن ذلك كان السبيل الوحيد للضغط على الحكومة لوقف العنف الدائر هناك».
وعما ستؤول إليه الأوضاع في حال فشل العقوبات في تحقيق المرجو منها، قال العربي «لا أحد يملك الإجابة عن هذا التساؤل»، مشيرا إلى أن «هذه العقوبات ليست مجرد عقوبات اقتصادية، وإنما هي تحمل في طياتها رسالة سياسية مهمة للحكومة السورية تطالبها بضرورة وقف العنف وعدم المضي في الطريق الذي تنتهجه».
وفي الأمم المتحدة، قالت مصادر دبلوماسية إن مجلس حقوق الإنسان سيعقد غدا جلسة خاصة حول الوضع في سوريا بناء على طلب الاتحاد الأوروبي. ويلحظ مشروع قرار أعده الاتحاد الأوروبي إدانة «الانتهاكات المنهجية الخطيرة لحقوق الإنسان» التي ترتكبها السلطات السورية، ويطلب إحالة تقرير لجنة التحقيق الدولية، التي اتهمت «النظام السوري بارتكاب جرائم ضد الإنسانية»، على الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي.
وذكرت وكالة (سانا) انه «استنكارا لقرارات جامعة الدول العربية بحق سوريا ورفضا للتدخلات الخارجية في شؤونها الداخلية وتأكيدا على الوحدة الوطنية ودعم مسيرة الإصلاحات الشاملة بقيادة الرئيس بشار الأسد خرجت حشود كبيرة من السوريين إلى الساحات في طرطوس وبانياس وحمص والحسكة مؤكدين دعمهم لاستقلالية القرار الوطني ورفضهم للمؤامرة الكبيرة التي تتعرض لها سوريا».
وأضافت «تم إخلاء سبيل 912 موقوفا ممن تورطوا في الأحداث الأخيرة التي تشهدها سوريا مؤخرا ولم تتلطخ أيديهم بدماء السوريين». يشار إلى انه تم إخلاء سبيل 1733 موقوفا خلال الشهر الماضي.
وأعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان، في بيان، «مقتل 14 مدنيا برصاص قوات الأمن، هم تسعة في محافظة ادلب وخمسة في حمص». وتحدث «عن مواجهات عنيفة اندلعت بين قوات الأمن ومنشقين عن الجيش في داعل قرب درعا حيث قتل سبعة من عناصر قوات الأمن».
ونقلت «سانا» عن مصدر في جمارك حمص قوله «اشتبكت دورية تابعة للجمارك مع مجموعة إرهابية مسلحة ما أدى لمقتل مسلح واعتقال آخر وضبط أسلحة معهما». وأضافت «داهمت الجهات المختصة في درعا أوكارا للمجموعات الإرهابية المسلحة في ريف المحافظة الشمالي وألقت القبض على عدد من عناصرها وضبطت كميات من الأسلحة وأجهزة اتصال كانت بحوزتهم».

 

المصدر: السفير+ وكالات

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...