الأبعاد غير المعلنة في بيان مجلس الأمن ضد سوريا
الجمل: تواترت مساء الأمس وصباح اليوم مشاهد عمليات بث وإعادة بث بيان مجلس الأمن الدولي الأخير حول سورية، هذا وقد اكتسب بيان المجلس المزيد من الاهتمام بواسطة كل الأطراف الإقليمية والدولية والمحلية السورية المعنية بتطورات الحدث السوري: فما هي طبيعة البيان الدولي، وكيف تشكل الإجماع الذي أفضى للتوافق حول بنوده. وما هي أبعاد هذا البيان المعلنة وغير المعلنة؟
* نص البيان الدولي: المعالم والخطوط الرئيسية
بعد مداولات امتدت حوالي ثلاثة أيام، توصل مجلس الأمن الدولي إلى مقاربة ملف الحدث السوري عن طريق إصدار بيان قرأه السفير الهندي الذي يتولى الدراسة الدورية للمجلس، وأشار من خلاله إلى النقاط الآتية:
• التعبير عن أسف المجلس العميق لسقوط المئات من الضحايا في سورية.
• إدانة الإنتهاكات الواسعة النطاق لحقوق الإنسان، والتي تمت ضد المدنيين السوريين.
• المطالبة بإنهاء العنف بشكل فوري وحث كل الأطراف على التعامل بالمزيد من ضبط النفس.
• مطالبة أطراف الصراع بالامتناع عن الأعمال الانتقامية، بما في ذلك الامتناع عن تنفيذ الاعتداءات ضد مؤسسات الدولة.
• التأكيد الحازم على سلامة وسيادة ووحدة كامل التراب السوري.
• مطالبة السلطات السورية باحترام التزاماتها إزاء حقوق الإنسان ومحاسبة المسؤولين عن ممارسة العنف.
• السماح والتعاون مع العاملين في المجال الإنساني لجهة القيام بواجباتهم، إضافة إلى التعاون مع مكتب المفوضية السامية العليا لحقوق الإنسان.
• مطالبة السلطات السورية بإنفاذ التزاماتها لجهة القيام بإجراء الإصلاحات.
• التأكيد على أن الحل الوحيد للأزمة يتم عبر عملية سياسية سورية تتصدى لمعالجة هموم المواطنين المشروعة لجهة ممارسة حرية التعبير والتجمع.
• مطالبة الأمين العام للأمم المتحدة بتقديم تقييم للموقف يتم رفعه خلال فترة سبعة أيام.
أفادت التقارير والمعلومات بأن اجتماع المجلس الأخير الذي أجاز صدور هذا البيان قد بدأ في تمام الساعة 3 والدقيقة 9 واستمر حتى الساعة 3 والدقيقة14 ثم بعد ذلك قام رئيس المجلس- السفير الهندي هاردبيب سينج بوري بقراءة البيان، وماكان لافتا للنظر تمثل في قبام المندوب اللبناني السفيرة كارولين زيادة بإعلان نأي لبنان عن أي مسؤولية إزاء هذا البيان, وذلك بسبب خصوصية علاقات لبنان بسوريا إضافة إلى إدراك لبنان بأن محتوى هذا البيان لا يصلح لمعالجة التوترات السورية الداخلية الجارية حالياً.
* الأبعاد غير المعلنة في بيان مجلس الأمن الدولي:
تنطوي عملية التحليل السياسي- في شكلها البسيط – على تقنية القيام بتفكيك المركب وتركيب المفكك، وتأسيساً على ذلك يمكن ملاحظة عدد من النقاط الرئيسية ذات الأهمية المفتاحية في قراءة الأبعاد غير المعلنة في بيان رئيس مجلس الامن الدولي المتعلق بملف الحدث السوري، وفي هذا الخصوص نشير إلى الآتي:
• الحدث الموازي: قيام الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بإصدار المزيد من التصريحات الصحفية التي أعقبت صدور البيان مباشرة، التي ركز من خلالها على توجيه الانتقاد المرتفع الشدة ضد السلطات السورية، ونلاحظ هنا الآتي:
ـ إن تصريحات بان كي مون لا تنسجم مع روح البيان، والذي تحدث مطالباً أطراف الصراع بالعمل على انهاء العنف والانتهاكات، ولم يركز على طرف واحد دون غيره، وإن كان قد تحامل بقدر أكبر على السلطات السورية.
ـ تضمن البيان تكليفاً شخصياً للأمين العام بان كي مون بتقديم تقرير خلال سبعة أيام لجهة تقييم الموقف. ولما كان بان كي مون متحيزاً في تصريحاته، ولما كان فترة سبعة أيام قصيرة فإن المتوقع من بان كي مون القيام به خلال السبعة أيام القادمة لن يكون سوى تقديم تقرير متحيز يتضمن المزيد من التأكيدات على الإفادات التي أدلى بها مساء الأمس.
• عدم توازن المسؤوليات: تحدث البيان مطالباً السلطات السورية بإجراء الإصلاحات وإنفاذ جملة من المهام، ولما كانت دمشق قد بدأت بإجراء الإصلاحات بحيث وجهت الدعوة للحوار وقابلتها الأطراف المعارضة بالرفض. ولم تتوقف دمشق، بل أصدرت العديد من القرارات الإيجابية وأصدرت قانون الأحزاب وقانون الانتخابات وقانون الإعلام، فإن الأطراف المعارضة ما زالت أكثر امتناعاً وسعياً لجهة رفع سقف مطالبها. بحيث كلما تمت تلبية أحد المطالب الفرعية، كلما تصاعدت لهجة الأطراف المعارضة لجهة رفع المزيد من المطالب الجديدة وذات المنحى العمومي. وتأسيساً على ذلك، إذا كان البيان قد طالب السلطات السورية بالمضي قدماً في إنفاذ الإصلاحات وضبط النفس واحترام الحقوق، فإنه لم يطالب الأطراف المعارضة بأي التزامات تتعلق بضرورة الالتزام بالحوار والتفاهم المشترك والجلوس على طاولات الحل والتسوية العادلة.
سعت أطراف مثلث واشنطن ـ باريس ـ لندن، منذ بداية فعاليات الحدث السوري لجهة القيام بمحاولة تدويل فعاليات الحدث السوري، وإدراجه ضمن مسار ينسجم مع نفس المسار الذي نجحت هذه الأطراف في دفع الحدث الليبي ضمن سياقه، ولكن، وبفعل تأثير العديد من العوامل الإقليمية والدولية والسورية الداخلية، فقد فشلت جهود هذه الأطراف، وبالذات بواسطة مجلس الأمن الدولي.
الآن، جاءت عملية إصدار البيان الرئاسي الدولي، وهو كما تقول التقارير والتحليلات، بيان لا يمكن اعتباره يتميز بالقوة الإلزامية لجهة التزام مجلس الأمن الدولي بتحمل مسؤولياته. وبرغم ذلك، يمكن استنتاج الآتي:
• النتيجة الأولى: البيان هو عملية تمهيدية للمسرح الدبلوماسي الدولي لجهة المزيد من إصدار البيانات وربما القرارات الدولية التي تسعى لاستهداف دمشق.
• النتيجة الثانية: استخدام البيان، كغطاء لجهة وضع "بذرة الذريعة" التي تتيح لأطراف مثلث واشنطن ـ باريس ـ لندن السعي لجهة الضغط لاحقاً على موسكو وبكين، والبرازيل وجنوب أفريقيا والهند، تحت مبررات أن بيان المجلس قد كلف الأمين العام بإعداد تقرير لمتابعة التطورات الجارية، وخلال فترة السبعة أيام المحددة رفع الأمين العام تقريراً أكد فيه بأن شيئاً لم يحدث وبأن الاوضاع تزداد سوءاً.
إذاً، كل المطلوب الآن، هو الانتظار لفترة السبعة أيام القادمة، وبعدها سوف يرفع الأمين العام بان كي مون تقريره التقييمي ـ إن لم يكن قد فرغ الآن من إعداد مسودته وأصبح التقرير جاهزاً ـ والذي سوف يطالب فيه مجلس الأمن الدولي بإصدار قرار دولي، وبالتأكيد سوف يسعى بان كي مون لجهة ترسيم خطوط القرار الدولي المتوقع، بما يتطابق وينسجم مع خطوط مشروع القرار الدولي الذي سبق أن أعدته بريطانيا ـ فرنسا ـ ألمانيا ـ البرتغال ودعمته أمريكا ، ورفضته روسيا والصين. وكما يقول المثل الإنجليزي، مقروءاً باللهجة المصرية: كلها سبعة أيام.. وسوف نرى ما الذي سوف يحدث!؟
الجمل ـ قسم الدراسات والترجمة
التعليقات
كلام المحلل صحيح%
هلأ اللي عم يدينو ويتفلسفو
لا أوافق على قرائتك
بدأ العد التنازلي
معك الحق بما تقولهلازم نشحن
مع السيد باسم
الحسم
الله محيي الشباب السوري ,
هاد اللي ناقص
وقفات العز
نداء عاجل إلى السيد الرئيس على أمل أن لا يحجبه الطابور الخامس (ح
إضافة تعليق جديد