معرض ولقاء وأصدقاء في الذكرى الخامسة لرحيل عبد الرحمن منيف

16-12-2009

معرض ولقاء وأصدقاء في الذكرى الخامسة لرحيل عبد الرحمن منيف

«مروان، عبد الرحمن منيف، حكايات وغلاف» هذا هو عنوان الاحتفالية التي أقامتها غاليري «تجليات» في دمشق، بمناسبة الذكرى الخامسة لرحيل الروائي عبد الرحمن منيف، والتي ضمت باقة من الفعاليات. كان أولها افتتاح معرض مروان قصاب باشي، الذي اقتصر على لوحات رسمها الفنان السوري خصوصاً لتكون أغلفة لروايات الراحل منيف، تلك التي قال عنها منيف في كلمة استعيدت في كتاب ضم بعضاً من هذه الأعمال: «الأغلفة والتخطيطات جعلت لهذه الروايات أجنحة جديدة، لقد قال بصمت كيف يصبح الكتاب من النظرة الأولى، بمجرد أن تلامسه العين، صديقاً، مثل تحية الصباح، كابتسامة طفل». /عبد الرحمن منيف في لوحة لمروان قصاب باشي
فكرة المعرض جاءت، كما يقول مروان في تقديم الكتاب المرافق «من الصديقة سعاد منيف والسيدة ميساء الشهابي (صاحبة غاليري تجليات). تحمست للفكرة، وذلك لما يربطني بالراحل وعائلته من صداقة لها خصوصيتها، ولأن معرضاً كهذا يخرج عن نطاق الدارج المعروف». ويضيف مروان، الذي لم يرسم غلافاً إلا لمنيف، في وصفه لتلك الأعمال الخاصة «جاءت الرسوم من وحي روايات الصديق ومن الذاكرة المشتركة بيننا منذ العهود الأولى. رُسمت بالمائي وقلم الرصاص، أو القصبة والمداد على ورق بحجم ورق الكتابة، أكبر أو أصغر قليلاً، وهي تجتمع الآن في رواق في المزة الغربية، مكان الصديق الحاضر الغائب، مكان اللقاء والحوار، بمناسبة السنة الخامسة على رحيله».
لوحات المعرض، وعرض مؤلفات الروائي منيف جميعها، بالطبعات التي حملت رسوم مروان، كانت الإطار الذي ضم فعاليات أخرى، كاللقاء الحرّ الذي ضم مروان مع أصدقاء وفنانين تشكيليين شباب، واللقاء الأهم الذي جمع أصدقاء منيف ليتحدثوا عن ذكرياتهم وتجربتهم مع الكاتب. أحد المتحدثين كان الكاتب اللبناني فواز طرابلسي الذي تحدث عن بداية تعرفه إلى منيف مطلع الستينيات من القرن الماضي، حين كان عضواً في حزب البعث أثناء الدراسة في بريطانيا، وحين «كان عبد الرحمن أحد قلة تمثل اليسار في القيادة القومية للحزب»، وتذكّر طرابلس انطباعين عن لقاءات تلك الفترة «الأول، مبلغ دهشتي، أنا القادم من مانشستر التي لا تزال عابقة بدخان المصانع، أن أكتشف أن القائدين الرئيسيين لليسار هما من أصول بدوية: عبد الرحمن القادم من الجزيرة العربية، وفيصل حبيب خيزران، ابن شيخ القبيلة في البادية العراقية. أما الأمر الثاني فهو التعرف إلى ثقافة المقاهي في العاصمة السورية».
كما عرج طرابلسي على لقاءات أتت بعد ربع قرن في «المنفى الباريسيّ المشترك»، هناك «في منزل عبد الرحمن بالضاحية الباريسية، شاهدتُ لوحات مروان لأول مرة، قبل أن أقرأ الدراسة الملهمة التي أعدها عبد الرحمن عن صديقه الفنان العربي الكبير».
ثم تحدث الناقد الفلسطيني فيصل دراج عن «مهنة المنفى الشاقة»، و«جمالية المقاومة» و«مجابهة مكتبات الظلام المحروسة بالبنادق والكتابة الكاذبة بمكتبات التساؤل والمواجهة، ومواجهة الأدب التعويضي بالأدب التحريضي».
وكانت سونيا ميشار الأتاسي من بين المتحدثين عن اهتمام منيف بالفن الحديث الذي يعود إلى فترة الدراسة في عراق الخمسينيات، التي تميزت بقوة الحراك السياسي والثقافي، ثم تطرقت إلى لقائه بمروان، وكتابه الذي حمل عنوان «مروان قصاب باشي: رحلة الفن والحياة». لتحكي تالياً عن رسوم منيف نفسه التي عثر عليها مروان مصادفة في دفاتر منيف، تلك الرسوم التي ظهر منها حوالى الخمسين في كتاب «سيرة مدينة».
وبالعودة إلى مروان، فقد كان من بين أبرز ما قاله في لقائه مع الفنانين الشباب، رداً على سؤال عن احتضان الصالات للفنانين الشباب «إن ذلك يقطع خط المعاناة والتجربة بالنسبة للفنان الشاب، هكذا يحرم الفنان من طفولته، فالنهر لم يكمل طريق سيره الطبيعي، وهذا خطر». وأضاف: «هنالك أيضاً مشكلة تورط الفنان في السوق، وهذا لا تجده في سورية فحسب، بل في العالم كله. اليوم تجد في برلين من يأتي ويأخذ أعمالاً لفنانين من الطــلاب، لكنك على المدى الطويل لن تعثر عليــهم في المشهد الفني». أما نصيحته للفنان الشاب فكانت «أن يكون الفنان الشاب شكاكاً وعدو نفسه، هذه هي الضمانة الوحيدة».
اللافت في احتفالية «مروان، منيف»، التي أتاحت كل هذا الفيض من دفء الذكريات والحكايات في حياة علميْن، لكل منهما سيرته مع دمشق، أنها تأتي بمبادرة من صالة جديدة للفن التشكيلي، أليست هذه علامة أخرى على نهوض الصالات في سوريا، وتزعمها المشهد الثقافي برمته.

راشد عيسى

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...