حوار مع الشاعر والساحر حامل النار أسعد الجبوري
حِوار: علاء الدين قسول:
“أسعد الجبّوري” مخترع “بريد السماء الافتراضي” ومؤسس “أولمبياد اللغة المؤجّلة”.. اَلْمُرشّح لجائزة “نوبل للأدب”.. العراقيّ الذي ألِفَت الغاب لغته الذئبويّة المتفرّدة في صيدها للمعنى الشّاقوليّ فاتخذته حليفا لها كلّما زحفت نحوها قوالب الحصون.. وترسانة التّنميط وتكلّفات الأصباغ..
* أسعد الجبوري، هذا الاسم العراقّي المُحزّم بِأعواد منتقاة من الأبجديّة العربيّة، هَلا دللتني إلى موضِع أمّكَ الشجرة التي اشتُقَّت منها هذه الأعواد؟ أَي منبَتٍ وَسَقيٍ وَسَقَّاء؟
ـ في اللحظة التي خرجت بها من رحم التراب، سرعان ما وجدت نفسي على السجادة الحمراء للغة، ومذ ذلك الوقت وأنا أنمو كمجموعة من الجذور في الباطن العميق الذي يقدمني إلى الظاهر العلني في منبت غابات الوجود التي عادةً ما تسقي خصائصها بالمياه المراهقة سقياً وتجلياتٍ وكتابةً.
* تَقُولُ: “سُرعان ما وجدت نفسَي على السّجادة الحمراء للّغَة”، من يهيئ نَفسه للآخر أنت أم اللّغة؟ عندَ أيّ عتبة أصبحتَ قادرًا عَلى تَمْييزِ أُسلُوبِك؟
ـ بعد أن نضجت علاقاتي باللغة خاصة وعامةً، حاولتُ منع هيمنة أدواتها على نصوصي وذلك من خلال فكرة الطيران فوق تلك السجادة الحمراء التي وجدت عليها قدميّ باستعمال الأجنحة التي تليق بالشعر.
_ هكذا هيأت نفسي لأتقدم لغتي عند الآخر، كنت مثلما أنا الآن في صيرورة الأنا التي تستحدث للّغة خرائطها لتتبعني على تراب الشارع أو على خطوط الهواء، فاللغة التي لا تجد الأوكسجين بأنفاس الشاعر، تدفع به من الفضاءات إلى الهاوية، وهو أمرٌ محزن ومُذل للتأليف بشكل عام.
* هَل تسمح للقارئ بأن يفد عليك ضيفا أثناء انفرادك بالْكِتَابَة؟
ـ لا، لم أجد حاجة بذلك، الضرورة تقتضي بجعل القارئ في منطقة سكنية أخرى غير الكتابة التي تُحصّنها العُزلة وتمشي بدمها الوحوش وملكات الجمال والأشباح وبنات آوى والعواصف؛ الشعرُ ضيفُ الوجود، فيما القارئ حفّار قبور يحاول التفوق على النص وجعله ميّتاً للسيطرة على مخلوقاته.
– أنا ما زلتُ منفرداً وأوحداً بكتاباتي التي لا يتبعها سوى السحرة وحاملي جينات النار.
* هَل تَجد صعوبة فِي الانفِكَاك من مَخَالِبِ النّص الّذي تكتُبُه؟ إلى أيّ مدى يتحقّق رِضا “أسعد” عَلى نُصوصِه الشّعريّة؟ وكيف يخلّص نفسَه من هَوَسِ النّص اللّانِهائِيّ؟
ـ لا أظن أنني وجدتُ نفسي يوماً مضطراً للتخلص من أي مخلب للنص فيما كتبته، كنت على الدوام راعياً لخصوصيتي بالتفرد فيما تنتجه لي المخيّلة العظيمة؛ أنا صيّاد بارع في الجاز والمجاز والتوريات والبلاغة وكلّ ما يعزّز من نفوذي الشعري ضمن تجاربي الشعرية منذ كتابي ((أولمبياد اللغة المؤجلة)) وحتى منجزي الشعري الأخير ((ما بعد الكتاب)) الذي راهن على تأسيس تحوّلات جديدة وفتح طقوس أخرى لراحة النصوص في عالم الفنون والآداب.
_ لا وجود لنص نهائي، فحتى الشعراء الموتى يستطيعون الكتابة والنشر من تحت التراب عبر موكّلين لهم فوق الأرض.
“بَرِيد السّماء الافتراضي” حكاية أخرى هدّمت بِهَا/ فِيهَا تقاليد الحوار المعروف، إذ قمت باستَنطَاقْ الْمَوتَى وإعادة اعتبارات جديدة لهم، فَنَراك تزرع الألسن في الجَماجم لتستنطق السريّ والمسكوت عنه في أغوَارِ تَجَارِبِهِم الحياتية والأدبية، كَيفَ اِسَتقبَلَك الأموات بَعد هذه الرّحلة الغيبيّة؟ هل ثمّة سرّ يدفَعُك إلى نَبْشِ قُبُورِهِم؟ هِي رحلة الّتنقِيب عَن كَنزٍ مَا؟
* قد غادر أغلب شعراء العالم وشاعراته الحياة مثقلين بالأسى والجنون والذعر و”الشيزوفرينيا”، ورأيت الدخول إلى تلك المدافن العظمى والتسلل إلى ما بقي لهم من عظام تحت الأرض ومن أرواح سابحة في الفضاءات بهدف ضخ الأوكسجين ومعالجة الموت باللغة.
_ كانت فكرة الحوار مع هؤلاء فكرة ترتقي إلى منصة الجنون الكوني، ترفع الغطاء عن القبور وتعيد تكرير هذا الشاعر أو تلك الشاعرة بإعادتهم للحياة من جديد، فتلك صنعة تقوم على اجتراح معجزة تعيد تأليف مخلوقات الشعر النادرة؛ كلّ حوار من حوارات “بريد السماء الافتراضي” محطة ومشرحة وحانة وسرير ومستشفى وكتاب يغني حيوات الذين استعادهم البريد بطاقات بارعة، فكان خطاً شعرياً في الوجود يضاف إلى خط الاستواء، ومن هنا تحوّلت المقابر إلى متاحف، وتحوّلت جثث الشعراء والشاعرات إلى مجوهرات ناطقة.
* من هو الشّاعر الّذي التقيت بِهِ فِي “سمَاء الْبَريد” وأحسست أنّه الأقرب إِلَيك والأكثر شَبَهًا بِكَ؟ لِماذَا؟
ـ وجعلنا البريد طبقات في سموات مُشفّرة خاصة، تُبنى ذاتياً ثم تدمر نفسها كي لا يستوطن فيها الشعراء، ويصيبهم الخمول والكسلُ، فانعدام الإقامة جزء حيويّ من أعمال البريد، وقد نجحنا بانتشال الشعر من المدافن حينما جعلنا الشعراء والشاعرات مخلوقات تتمتع بحيوات لا تشبه الحياة القديمة على الأرض، ولا الوجود الحيوي فيما وراء الموت.
_ سماء البريد لغزٌ يجمع ما بين الفيزيقي والبيولوجي، وكلما فتحت باباً في مجرى ذلك العالم للحوار مع شاعرة أو مع شاعر، سرعان ما أختفي أنا مندمجاً مع صاحب الحوار في غَمامة دون أن أعرف شيئاً عن المكان.
_ كلّ الذين قابلتهم كانوا مقربين من ذهني ومن رائحة اللغة التي عادوا للكتابة بها في فضاءات البريد.
* هل ثَبَت هؤلاء الشعراء على قناعاتهم ومبادِئهم التي دافَعُوا عنها في حيَاتهِم أم أنّهُم غيّروها وبدَّلُوهَا؟
ـ لقد كرسّ أغلبهم نفسه لتحوّلات ما بعد الموت، كسراً للرتابة التي كانت تغطي وجودهم البائس والمريض بالكآبة الكونية؛ ومثلما حطمنا أقفالهم الصدئة سمحوا لنا بالتسلل إلى ظلام كهوف أنفسهم لمواجهة العقد والإفصاح عن المكنونات النائمة في تلك الأعماق السحيقة.
* لِمَاذَا نلمَح السَّخَط والنَّدَم مشتركان في أكثَر الْحِوَارَات؟
ـ إنّهما مادتان تفيدان الشعر في أثناء الكتابة عن الباطن والظاهر.
* هل ننظر إلى “البريد” باعتباره عمل أدبي يَحتكم إلى الْعَاطِفَة وتموّجات كاتِبه “أسعد” أم أنه توثيق تاريخي بحت؟
ـ البريد هو الفضاء التخيلي والأرض العاطفية والفانتازية الجديدة لحياة الشعر بعد الموت، وهو “أسعد الجبوري” بكلّ مخلوقاته وعوالمه ونصوصه ومجوهراته الشعرية، لقد أصبح هذا البريد بموسوعته التي بلغلت “الجزء السابع عشر” فناً أدبياً خارقاً واستثنائياً يُضاف إلى بقية صنوف الفنون والآداب في العالم.
* ما هوَ الشّعر؟
ـ الشعرُ هو الصُفَيحة المكوّنة لدم اللغة.
* شعرُك يتغذّى بِالتّفاعُل الآنيّ الْخَاطِف أم أنّه يؤجّل ذَلك إلى مَا بعد ترسّب طَبقَات الشّعور وَانغراس وتَد الْفِكر في هَذه الطّبقات؟ أيّ طقس لِلبَوح؟
ـ لست معنياً بذلك التفاعل ما بين الآني ونقيضه، أنا من مولدات الكهرباء حتى في الجزئيات التي لا ترى بالعين المجرّدة داخل آبار اللغة، وكما أعتقد فقد استطعت تأسيس تيار شعري عربي نادر واستثنائي، وأراهن على فشل كلّ من يُقلدّهُ عربياً وعالمياً.
يقول “كولريدج”: الخيال هو الّذي يمكّن النّفس الشّاعرَة من الاهتداء إلى الإيقاع المُوسيقي الذي تنتظم ضمنه العناصر الأسلوبيّة والتّركيبيّة للنّص الشّعريّ وتتوحّد به أفكار القصيدة ومشاعرها وصورها الفَنّيّة.
* في رأيك، هل يُصبح الإيقاع الموسيقي (داخلي/ خارجي) ومدى مطابقته للخيال معيَارًا أوّلا في التمييز بين الشّاعريّة الموهوبة والمتكلّفة؟
ـ أظنُ أن الخيال هو الأفيون اللازم لجسد القصيدة وليس لإيقاعها الموسيقي فقط، الشاعر “صامويل كولريدج” لم يأت بجديد، وكان هو وصديقه “وليليام ووردزوورث” يلزمهما الكثير من نار الخيال لوضع “الرومانتيكية” على الخط الأحمر لا على خط الطبيعة الصامت.
_ لقد ضحت الشعرية العربية بالخيال، بعد أن جرّدته من قوته لصالح السياسة والأيديولوجيات، فجعلت من المخيّلة علبة سردين محكمة الاغلاق.
* إذاً، أنت تتصوّرُ “الخيالَ” الملكَ الّذي يجلسُ على عرش الشعر، أمّا وزراؤه فالعاطفة واللغة والمعنى؟
ـ لا يمكن لملك أو إمبراطور أن يتحكم بالشعر وظلاله في الخيال “صانع الفانتازيا” والعواصف والغرام والمنافي والتجلّيات التي تستحدث مخلوقاتها من أجل النصوص.
_ الشّعر تشرّدٌ حركيّ مقاوم للعروش، هو الفضاءات السابحة في الذّوات وهو الجبال والوديان والبراري والصحارى ومواقع الأنجم ومدارات الكواكب، ليصنع المعاني التي تليق باللغة وبأرحام القصائد.
_ أفضل ما في الشعر، تمرّد الشاعر وتشرده بين غرف الحواس.
* كيف يطوّر الشّاعر شِعرَه؟ بالرجوع إلى الذاكرة الشعريّة والتزوّد من محطّاتِها أم بخيانة المورُوث ورفض أساليبه ونظريّاته التطوّريّة؟
ـ أحب الشعراء إليّ هم الشعراء القوارض ممن يلتهمون الآخرين قرضاً ويعيدون تكرير ضحاياهم السلفيّين بما يناسب لغة جامعة للعناصر الأربعة: الأرض لدفن قرابين الشعر الهزيلة، والماء لإغراق صحارى اللغة، والهواء لدفع النصوص الخربانة إلى الهاوية، والنار لإيقاظ شعلة الأولمبياد على السطور العمياء.
* هذا التمرّد/ التفرّد الذي ألمحه في إجاباتك، يوحي برجل سَكن الغاب وصاحب الحيتان في غوصها حتّى فقه لغة خاصّة، لماذا يصرّ “أسعد” على مغالبة أمواج الشعرية العربية والإبحار في فضاء المطلق خارج مداراتها؟
ـ أنا خرجت من رحم اللغة مسرعاَ، خفتُ أن أتطبع نفسياً بطبائعها الاستهلاكية، فلا أختلف مع مخلوقاتها من تلك المفردات المليونية، هكذا فعلت لأستفرد بذاتي من خلال المعارف بعيداً عن ظلال الآخرين ممن تعسّروا بالخروج من ذلك المكان، فعانَوْا من ضغط الطلقات حتى ازْرَوْرَقَتْ جثثهم، فمنهم من مات جنيناً دون هوية، ومنهم من لفظتهُ اللغةُ سلحفاةً بين السّطور ليتعلّم المشيَ كتابةً وقراءةً حتّى الغرق بين أصوات الحيتان وما تكتب على أسطح المياه .
_ كيف استطعتُ أن أنجو من آثار الآخرين؟ ذلك ما لم أفكر به، ولكنني انتصرت مُصِرًّا على ربط مصيري بمصير الكلمات السائلة كالنبيذ حين يقفز من الكأس ويختفي في أعماق المجهول.
_ الشعر بحاجة إلى نَسَاءات تقوم بتشريح كلّ عضو من جسده الزّئبقي.
* ألا ترى أنّه من النُّبل أن نُفتِّش عن النص الجميل طَلَبًا لاِفتعَال الدّهشَة وتحقِيقِ المُتعَة بعيدا عن الأيديولوجيا وَالتّصنيف النقديّ المتزمّت وَالمذهبيّة الأدبيّة؟ أن نقرأ النصّ فِي حُدُود “الشّعريّة”؟
ـ لم أنظر إلى الأيديولوجيا إلا بحيراتٍ سامّة لحيتان بأقنعة بلاستيكية وأصوات لإعلان الحداد مُجدّدٌا على “السيد آدم” المتلبس بجريمة التفاحة!!
– لذا فصناعة الدّهشة في الشعر تعادل الصناعات الإلهية بالديانات.
* ما موقفك من النّقد العربي اليوم؟ هل أصبح النقد العربيّ مقرونا بالجوائز فقط -يخيط على مقَاسِه- كما يُشاع؟ أم أنه جادّ في استكشَافِ خطوات الإبداع الْخَالِد؟
ـ لم يعد للنقد وجود إلا في كواليس مانحي الجوائز وكهوف دور النشر التي تخشى من الأخلاف التالفة، التي قد تكون في النصوص، الشعر ألغى هذا الدور البوليسي الأدبي وغادر المصطلحات الاستهلاكية الميتة، عندما حرّر اللغة من حفّاري القبور في المدافن النقدية؛ أنا غادرت أكواريوم الأسماء المتوفاة منذ زمن بعيد، خاصة بعد الاعتماد على كشوفاتي في تربة اللغة وتفاعلي مع الفلزات الجديدة لمعادن المخيّلة الجبارة.
* بخصوص حديثنا عن الجوائز، هل ثمة حظوظ في نيل “أسعد الجبوري” جائزة “نوبل للأداب” أخيرا بعد أن رٌشّحت إليها من قبلٌ؟
ـ لا أحد يعرف شيئاً عن أسرار تلك الجائزة التي سبق وأن رُشّحت إليها عام 2013، ولكن سيتم ترشيح موسوعة “بريد السماء الافتراضي” هذا العام ليكسر أنماط التّرشيح المرتبط بالشعر والرواية فقط.
_ ومثلما يعتقد أغلب الشعراء والكتّاب قيمة حوارات البريد، ربما نفتح نافذة له في جبهة “مؤسسة نوبل.”
* أَصَارَ لِزاما أن يتوجّه الأدبٌ إلى السّاحة الإلكترونيّة في هذا العصر الرقميّ؟ هل وجد الأدب الإلكتروني ضالّته؟ وكيف نقيّمه؟
ـ لا تقتصر الإلكترونيات على البرامج التي تتمتع بالطاقة التكنولوجية العصر الرقمي الذي أشرت إليه، وإنما يوجد في كل نص شعري عظيم جزء من الإلكترونيات الشهوانيّة الخاصة بالدفع والنهوض والتجلّي الذي يعادل ما تقوم به الإلكترونيات الأخرى، لذا لا أظن أن أحداً سيعثر على ضالته في الشعر، لأن الأخير لا يمنح نفسه كسَلَّةٍ من اللُحوم الطازجة التي تصلح للطبخ والأكل والفضلات.
أنا أرى الشعر كاشفا شيطانياً للبنى الإنسانية، وليس جسداً مكشوفاً يمكن اللعب بغرفه الغامضة.
* ما الرّسالة التي يبعثها “أسعد الجبوري” إلى الشعراء والأدباء عبر أنحاء العالم؟
ـ الهروب إلى ملاجئ النَّساءات.
* بعد أن أخذتنا في جولة في حدائق لغتك المعلّقة، نحاول الآن أن نُلَامِس أرضية الواقع الصّلبة، هل أصبحت الذاكرة ضرورة حتمية يقرأ المجتمع العربي على ضوئها حقيقته المخفيّة؟ كيف تقرأ الواقع العربي الاجتماعي والسّياسي الْيوم؟
ـ لا يحتاج الواقع العربي للقُرّاء،إنه تلك الجثة التي نالت منها المشارط في غرفة التشريح وسيقت للمقبرة.
ذاكرة الشعر هي غير ذاكرة الواقع بالتأكيد، ولغتي ليست حديقة أو من الفراديس، بقدر ما يهيمن عليها ظلام التاريخ وغربان الأحلام؛ أنا اخترعت لنفسي بكتريا ستقاوم الانقراض إلى أطول المسافات على هذه الأرض الدودة الآكلة لنفسها مع السّكان النائمين على سطوح المساكن المشيّدة بجماجم الموتى.
* “القضيّة الفلسطينيّة” جرح يتعمّق يوما بعد يوم منذ قرنٍ تقريبًا، بينما يدقّ الألم إبرته الحادّة فِينَا، هل أصبحت الإنسانية -اَلْيَوْمَ- تائهةً مشرّدةً بين أزقّة “غزّة” الضيّقة المدمّرة؟
ـ فلسطين زجاجة دمٍ كُسِرتْ وما نزال ننزفها حتى ظهور الرب على الأرض.
* مَا “الحُبُّ”؟
ـ الاحتكاكُ بالجمرة السّرّيّة وأن تقرأ الأجساد بعضها للبعض الآخر بطريقة لويس بريل لتمكين الرغبات المكفوفة من التفتح العيني وسيلان الشهوات أحرفًا على الأَسِرَّةِ وعلى الورق وفي موسيقى العطور.
* إذا، “اَلْحُبُّ” كائن حيّ يعيش بيننا.. نستطيع أن نتلمسَه متى سَعَيْنَا إليه؟ أم أنّه يتعالى على التمثّل والتجسّد والطّلب؟
ـ لا أعتقد بأنّ الحبّ كائن يعيش بيننا، إنما هو ظل لجسد مجهول الأوصاف والمواصفات والصفات، أحياناً هو فراشة وأحياناً سمكة قرش ومرة أخرى تجدهُ “سفينة نوح” أو “تايتينك”، الحب عاصفة شمسيّة وانقلاب حقيقيّ في غرف الجسد المليئة بالدُّمَى والثياب والشكولاطة والبؤس والنار وتلك الأصابع الأيروتيكية التي تدير مُسيّرات الأغاني في راديو القلب الأعمى .
جريدة الجمهورية والعالم
إضافة تعليق جديد