حرب إسرائيل – حماس وإشكالية فقدان الاتجاه

13-01-2009

حرب إسرائيل – حماس وإشكالية فقدان الاتجاه

الجمل: دخلت العملية العسكرية الإسرائيلية يومها السابع عشر وحتى الآن لا يبدو أن هناك حلا وشيكاً يلوح في الأفق إضافة إلى أن التعقيدات في المسرح العسكري أصبحت تنذر بالمزيد من المشاهد الدراماتيكية، والتعقيدات على المسرح الدبلوماسي أصبحت تنذر أيضاً بالمزيد من القرارات الفارغة وجعجعة طواحين الهواء.
* مسار الصراع: حرب إسرائيل – حماس وإشكالية فقدان الاتجاه:
على غرار القول السائد بأن النار الكبيرة تأتي من مستصغر الشر فإن مواجهة الجيش الإسرائيلي وحركة حماس تزايدت تداعياتها وأصبحت تنذر باحتمالات تحولها إلى حرب كبيرة مرتفعة الشدة.
تشير معطيات خبرة النزاعات والحروب بأن الصفقات دائماً  هي المخرج الذي لا بد منه عندما لا تكون هناك جدوى من استمرار القتال سواء بالنسبة لأحد الأطراف أو بالنسبة للطرفين فهل يمكن القول بأن أحد الأطراف قد أصبح "ساخناً" بالقدر الكافي الذي يتيح للطرف الآخر القيام بعملية تطويعه؟ وبكلمات أخرى، هل أضعفت الضغوط العسكرية حركة حماس بما أدى إلى جعلها في حالة جاهزية للقبول بشروط الهدنة الإسرائيلية؟ أم أن الضغوط الدبلوماسية والسياسية أضعفت إسرائيل بما جعلها في حالة جاهزية واستعداد للقبول بشروط حماس المتعلقة بالهدنة؟
يطالب الإسرائيليون بإيقاف التهريب القادم إلى غزة عبر الحدود المصرية، وبإيقاف الصواريخ نهائياً، وبقيد زمني يتراوح بين عشرة وخمسة عشر عاماً، أما حماس فتطالب بوقف العدوان وإنهاء الحصار والهدنة لفترة قصيرة، وعلى هذه الخلفية، هل يستطيع الوسطاء إجراء المساومة بين حماس وإسرائيل؟ بكلمات أخرى إذا وضعنا منظور حماس في جانب ومنظور إسرائيل في جانب آخر، فهل من الممكن العثور على نقطة وسط تتيح الموازنة بين مصالح الطرفين وتكون مقبولة بحيث يخرج كل طرف وهو مرفوع الرأس؟
• نتيجة رابح – خاسر: تتضمن انتصار حماس وهزيمة القوات الإسرائيلية وهي نتيجة يصعب التكهن بها في ظل الوضع العسكري الميداني القائم حالياً، فحماس يمكن أن تلحق بالجيش الإسرائيلي خسائر كبيرة أما تحقيق الحسم العسكري الكامل فهو أمر يتجاوز قدرة حماس وغيرها من الفصائل الفلسطينية المسلحة.
• نتيجة خاسر – رابح: تتضمن انتصار القوات الإسرائيلية وهزيمة حماس وهي نتيجة يصعب التكهن بها في ظل الوضع القائم حالياً، فالجيش الإسرائيلي لن يستطيع القضاء على حركة حماس عن طريق الحسم العسكري وذلك بسبب أن حركة حماس تستند على المذهبية أكثر منه إلى العتاد وهذا معناه أن عامل تأييد السكان المحليين –الشرط الموضوعي لنجاح حرب المقاومة- قد جعل من حركة حماس تياراً اجتماعياً من المستحيل استئصاله في ظل الوجود الإسرائيلي.
• نتيجة خاسر – خاسر: تتضمن استمرار المواجهة العسكرية المفتوحة بما يؤدي إلى تزايد الخسائر المدمرة على الجانبين مع ملاحظة أنه أيضا استمرت المواجهة بهذه الوتيرة فإن القوات الإسرائيلية ستجد نفسها مضطرة إلى خوض المواجهة في الضفة الغربية وهي المواجهة التي ستتضمن حسابات أخرى في معادلة الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي.
• نتيجة رابح – رابح: تتضمن قبول كل من حماس وإسرائيل بالحد الأدنى الممكن من المكاسب وهو أمر يتطلب معايرة مطالب الطرفين بحيث يقدم كل طرف بعض التنازلات للطرف الآخر وحالياً ترفض حماس تقديم أي تنازلات وترفض إسرائيل تقديم التنازلات أيضاً.
عند معايرة المعطيات الجارية نلاحظ من جانب أن الصراع العسكري الجاري حالياً في غزة يمضي باتجاه سيناريو خاسر – خاسر ولكنه على المدى الطويل يتميز بقابلية التحول إلى سيناريو رابح – خاسر لجهة خسارة إسرائيل ولكن بشرط اشتعال جبهة الضفة الغربية ومن الجانب الآخر نلاحظ أن الصراع الدبلوماسي الجاري حالياً في المسرحين الإقليمي والدولي يحاول المضي قدماً باتجاه سيناريو رابح – رابح وعلى خلفية المساندة الأمريكية والأوروبية لإسرائيل التي تمثل عامل القوة الدبلوماسي الإسرائيلي في مواجهة الانقسام والتفكك ووجود الطابور الخامس الذي يمثل عامل الضعف الدبلوماسي العربي فإن من الصعب الوصول إلى سيناريو رابح – رابح إلا إذا ألهمت المعطيات العسكرية الميدانية الدامية الجانب العربي المزيد من القوة والشجاعة بما يؤدي إلى صعود الدبلوماسية العربية في المسرحين الإقليمي والدولي.
* هل من صفة سرية قيد التنفيذ؟
التحركات الدبلوماسية العربية المعلنة المكثفة إقليمياً ودولياً سبقتها تحركات عربية – إسرائيلية – أمريكية غير معلنة مكثفة وبكلمات أخرى فإن التفاهم الذي تم إنجازه على خط القاهرة – تل أبيب – واشنطن – رام الله خلال الفترة التي سبقت انتهاء هدنة حماس – إسرائيل هو تفاهم سيظل يمارس تأثيره على الحراك الدبلوماسي العربي، وبكلمات أخرى، من الصعب على الدبلوماسية العربية أن تتوصل إلى موقف موحد طالما أن بعض الأطراف العربية قد سبق وأن وحدت موقفها وأصبحت تشكل تكتلاً داخل التكتل العربي الرئيسي.
• انتقد وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط السيد حسن نصر الله زعيم حزب الله.
• ما زالت أجهزة الإعلام المصرية الرسمية تشن حملاتها ضد حركتي حماس وحزب الله.
• كتب المحلل السياسي المصري مجدي خليل مقالاً في أورشليم بوست الإسرائيلية تميز بالنزعة الليكودية مما أثار إعجاب الإسرائيليين وكل من يقرأ المقال يظن أن كاتبه بنيامين نتينياهو أو رئيس الأركان الإسرائيلي الجنرال أشكينازي وليس مصرياً.
• كتب الصحفي المصري كرم جابر رئيس تحرير مجلة روز اليوسف المرتبطة بنظام مبارك تحليلاً نشرته أورشليم بوست تتطابق كل مفرداته وعباراته مع تصريحات مارك ريجيف المتحدث باسم مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي أولمرت.
• كثفت سلطات الأمن المصرية حملاتها ضد المؤيدين للمقاومة الفلسطينية.
• أصبح الرئيس الفلسطيني محمود عباس أكثر انتقاداً لحركة حماس والمقاومة الفلسطينية.
• تصدت قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية لمظاهرات واحتجاجات الفلسطينيين من سكان الضفة الغربية.
• استطاعت واشنطن أن تفرغ قرار مجلس الأمن الدولي الخاص بوقف إطلاق النار من أي محتوى  يتضمن الإلزامية.
على خلفية هذه المعطيات فقد برزت اليوم بعض المؤشرات الجديدة التي من أبزرها:
• رئيس الوزراء الإسرائيلي أولمرت يسعى للدفع باتجاه إحراز التقدم في محادثات القاهرة قبل أن تدخل العملية العسكرية مرحلتها الثالثة.
• وزيرة الخارجية الإسرائيلية ليفني صرحت قائلة أن العملية العسكرية الجارية ستكون نتائجها في مصلحة الفلسطينيين.
• وزير الدفاع الإسرائيلي باراك قال بأن سيناريو العملية العسكرية ستمضي بشكل متوازن مع سيناريو العملية الدبلوماسية.
الجمع بين هذه التصريحات والتحركات يفيد لجهة أن إسرائيل ما تزال تعتمد على مثلث القاهرة – رام الله – واشنطن لجهة القيام بالتحركات في المسرح الدبلوماسي، من أجل إكمال ما تبقى من جدول أعمال العملية العسكرية الإسرائيلية.
القراءة في محتوى ومضمون التصريحات والتحركات الإسرائيلية يشير إلى الآتي:
• سعى أولمرت إلى تهديد الأطراف العربية – الفلسطينية لجهة ضرورة الموافقة على الشروط الإسرائيلية كإطار وحيد لاستباق دخول العملية العسكرية مرحلتها الثالثة. ستسعى ليفني كعادتها إلى إغراء الفلسطينيين بأن عليهم القبول بسلطة محمود عباس إذا كانوا يريد تحقيق مصالحهم.
• سعى باراك إلى إبراز عضلات إسرائيل لجهة أنها ستستمر في استخدام قوتها العسكرية وقوتها الدبلوماسية جنباً إلى جنب بما يجعل من الهجوم الإسرائيلي يتم بشكل مزدوج "عسكري - دبلوماسي".
معالم الصفقة التي تسعى إليها إسرائيل واضحة وهي "المقاومة الفلسطينية" نوعياً وكمياً ضمن عملية عسكرية – دبلوماسية خاطفة خلال ما تبقى من أيام إدارة بوش وذلك قبل صعود الإدارة الأمريكية الديمقراطية الجديدة وما أغرى الإسرائيليين أكثر فأكثر على خوض هذه المغامرة هو وجود الطابور الخامس العرب المستعد للقيام بدور دبلوماسية الوكالة في المنطقة.

 

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...