موسكو ــ واشنطن... على حافة «الحرب الساخنة»

08-04-2017

موسكو ــ واشنطن... على حافة «الحرب الساخنة»

سلسلة مواقف متدرّجة أطلقتها روسيا، إزاء هجمات الـ«توماهوك» الأميركية على مطار الشعيرات، بين تصريحات مبدئية رافضة لـ«العدوان على دولة ذات سيادة»، وبين اتهامات للأميركيين بممارسة «التضليل» في خان شيخون لتبرير فعلها في سوريا، وتغطية مجازرها في الموصل، وصولاً إلى إجراءات عملية، لاحت أولى بوادرها، حين قررت تعليق اتفاقية السلامة الجوية التي تم توقيعها مع الولايات المتحدة في عام 2015، ودعوة مجلس الأمن الدولي إلى الانعقاد للبحث في التطوّرات.

ويبدو أن حيلة «الإنذار المبكر» بشأن الهجوم الصاروخي التي لجأت إليها الولايات المتحدة، لتجنب ما لا تحمد عقباه مع روسيا من جهة، ولترك الباب موارباً أمام مبادرات سياسية من جهة ثانية، لم تكن كافية لمنع رد فعل روسي على الضربة العسكرية، والتي اعتبرها مجلس الأمن القومي الروسي «مخالفة للقانون الدولي».
أول المواقف الروسية جاء من الرئيس فلاديمير بوتين، حيث نقل عنه المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف تأكيده أن «الهجوم الأميركي على أهداف في سوريا عدوان سيضرّ بالعلاقات الروسية ــ الأميركية والحرب المشتركة على الإرهاب»، مشدداً على أن ما جرى يمثّل «عدواناً ضد دولة ذات سيادة» ويعد «انتهاكاً للقانون الدولي بحجج واهية».
وبحسب المتحدث الرئاسي، فقد اعتبر بوتين أن الضربات تأتي بمثابة «محاولة لتشتيت الأنظار عن سقوط ضحايا في العراق»، معتبراً في الوقت ذاته أن «التجاهل التام لحقائق استخدام الأسلحة الكيميائية من قبل الإرهابيين سيزيد الأمور سوءاً في وضعٍ متأزم أصلاً».
وبعد دقائق، كانت وزارة الخارجية تعلن تعليق العمل بالمذكرة الروسية ــ الأميركية حول ضمان سلامة التحليق في سماء سوريا، داعيةً مجلس الأمن الدولي إلى عقد اجتماع طارئ لبحث الضربة الأميركية.
ورأت وزارة الخارجية أن «بإمكان أي خبير أن يلاحظ بوضوح أن القرار بتوجيه الضربات اتخذ في واشنطن قبل الأحداث في إدلب، التي تم استغلالها كذريعة لإظهار القوة».
وذكّرت بأن وجود العسكريين الأميركيين، وعسكريي بعض الدول الأخرى في سوريا، من دون موافقة الحكومة السورية، أو خارج إطار قرار دولي، يمثل «خرقاً سافراً وفظاً وعديم الأساس للقانون الدولي»، لا بل ذهبت إلى حد اعتبار أنه «إذ كان قد جرى في السابق تبرير هذا الوجود بمهمة محاربة الإرهاب، فإنّ ما حصل اليوم (أمس) هو عدوان سافر ضد سوريا ذات السيادة».
على خط موازٍ، أطلق وزير الخارجية سيرغي لافروف سلسلة تحذيرات بشأن الآثار السلبية للهجمات الصاروخية على عمليتي آستانا وجنيف، عبر تحويل المسار السياسي الى سيناريو عسكري، معرباً في الوقت ذاته عن أمله بألا تؤدي الضربة إلى نقطة «اللاعودة» في التعاون بين روسيا والولايات المتحدة حول سوريا.
أما على المستوى السياسي، فكان لافتاً حديث وزارة الدفاع عن ضربة صاروخية أميركية ذات «فعالية قتالية متدنية». المتحدث باسم الوزارة الروسية، اللواء إيغور كوناشينكوف، أكد خلال مؤتمر صحافي، أن 23 صاروخاً من أصل 53، وصلت إلى قاعدة الشعيرات، أما بقية الصواريخ فسقطت في مكان مجهول، مشيراً إلى أن حصيلة الضربة كانت تدمير مستودع، وفصل دراسي، ومطعم، وست طائرات من طراز «ميغ 23».
وعرض المتحدث العسكري صوراً التقطتها طائرة من دون طيّار تظهر أن مدرج المطار والطرقات الجانبية ومواقف الطائرات ومستودعاتها الواقية لم تتضرر، لافتاً إلى أن الصواريخ لم تصب أهدافها على ما يبدو، بدقة، إذ سقطت على أبعاد تتراوح بين 100 و150 متراً عن مهبط الطائرات.
وفيما عكست التصريحات والإجراءات العسكرية تشدداً صارماً بشكل نسبي، في عدم غض الطرف على ما جرى، تشي الأجواء الموسكوفية بأن المقاربة الروسية لما بعد هجوم الشعيرات ستأخذ في الحسبان عاملين أساسيين: الأول، وقف العدوان الأميركي على الأراضي السورية، من خلال مواقف رادعة؛ والثاني، إبقاء المجال مفتوحاً امام تسوية سياسية، قبل اللقاء الأول المرتقب بين بوتين وترامب.
ويبدو أن روسيا تنطلق، في ذلك، من جملة سيناريوات تفسيرية للتحوّل السريع في مقاربة ترامب للملف السوري، بعد سيل الإشارات الإيجابية التي صدرت عن المسؤولين في الإدارة الأميركية خلال الأسبوع الماضي.
كذلك، تأخذ روسيا في الحسبان أن ما جرى أمس، ربما يعود في الأساس إلى صراعات داخل الإدارة الأميركية نفسها، سواء كان قرار القصف قد جاء نتيجة ضغوط من جانب النخبة العسكرية والمؤسسة الحاكمة في الولايات المتحدة على دونالد ترامب، أو أن الأمر حركة التفاف ترامبية على الخصوم الداخليين، في ظل تصاعد الانتقادات المتزايدة لسياسة التقارب التي روّج لها مع الجانب الروسي.
ومن المؤكد أيضاً أن روسيا تضع في الاعتبار سيناريوات أكثر تطرّفاً لتفسير الضربة، التي عززت التكهنات بشأن معركة مطارات تنوي الولايات المتحدة فتحها، بنسخة جديدة، بعد الإنزال الشهير في مطار الطبقة، وبدء التحضيرات لبدء العمليات العسكرية على الجبهة الشرقية، سواء في الرقة أو دير الزور.
ومهما تكن الفرضيات المطروحة على بساط البحث، فإن معظم التحليلات الروسية ذهبت في اتجاه واجد، وهو أن دونالد ترامب كشف عن وجهه الحقيقي، سواء في العلاقات مع روسيا، أو في مقاربة الملف السوري.
في هذا السياق، عنونت صحيفة «إزفستيا» في تغطيتها الرئيسية للهجمات الأميركية على موقعها الإلكتروني: «ترامب يرسل التوماهوك لإسعاد الإرهابيين».
وسجلت الصحيفة الروسية الواسعة الانتشار جملة ملاحظات؛ أبرزها «ما تردد من معلومات عن هجوم نفذه الإرهابيون قرب القاعدة الجوية، تزامناً مع الضربة الأميركة»، وتساءلت في هذا الإطار «في أي ميدان يلعب الأميركيون؟ هل يلعبون في ميدان الإرهابيين؟»، مشيرة إلى أن ما حصل يظهر أن «هناك دعماً أميركياً واضحاً للمجموعات الإرهابية، من خلال تقليص القدرة الجوية» للجهات التي تحاربها.
بدوره، كتب المحلل ماكسيم يوسين في صحيفة «كومرسانت»، أن «السياسة الخارجية لترامب بدأت اليوم»، بعدما اقتصرت حتى الأمس القريب على «العبارات والبيانات الملتبسة بجملها».
وأضاف: «طالما أن هذا الرجل باق في البيت الأبيض، فإن السياسة الأميركية ستبقى غامضة وغريبة، وستشهد استدارات إلى 180 درجة في غضون ساعات»، مشيراً إلى أنه «في ظل وجود هذا الرئيس بالذات، ينبغي على العالم أن يبقى متنبهاً قدر الإمكان، لأن احتمالية حرب عظمى، بما في ذلك حرب نووية، ستبقى قائمة، أكثر مما كانت عليه في عهد باراك أوباما».
ورأى أن روسيا قد تشعر قريباً بالندم على «زجاجات الشامبانيا» التي فتحها النواب الروس، احتفاءً بهزيمة هيلاري كلينتون، التي «من المؤكد أنها لم تكن لتصدر أمراً بشن ضربات صاروخية قبل أن تنتظر نتائج التحقيقات (في أحداث كتلك التي جرت في خان شيخون)، وقبل مشاورة أطراف أخرى، بمن فيهم فلاديمير بوتين».
وفي سياق آخر، خصصت «إزفستيا» جزءاً من تغطيتها للإجابة عن سؤال طرحه كثيرون أمس، حول أسباب عدم تصدّي أنظمة الدفاع الجوي الروسية المنتشرة في سوريا لصواريخ «توماهوك».
ولهذا الغرض، استطلعت آراء عدد من الخبراء العسكريين، من بينهم فلاديسلاف شوريغين، الذي أوضح أن أنظمة الدفاع الجوي المنتشرة في سوريا مخصصة لتغطية العمليات العسكرية الروسية دون سواها، لافتاً إلى أن ثمة قراراً سياسياً بعدم السماح باستخدام هذه المنظومات ضد جهات أخرى، بما في ذلك إسرائيل وتركيا، لأن من شأن ذلك أن يؤدي إلى مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة.
أما سيرغي سوداكوف، من الأكاديمية الروسية للعلوم العسكرية، فأشار إلى أن عملاً من هذا القبيل «قد يجر الطرفين إلى حرب نووية، لأننا سنكون، في هذه الحالة، أمام اشتباك بين قوتين نوويتين، على أرض ثالثة».
ويرى أن ترامب ينقل المواجهة اليوم إلى مرحلة تسمى «الحرب الساخنة»، مؤكداً أنه لولا التزام القيادة العسكرية الروسية بسياسة صارمة لضبط النفس، لكانت الأوامر قد صدرت لإسقاط صواريخ «توماهوك»، ما يعني، من الناحية العملية، إشعال فتيل حرب.

وسام متى- الأخبار 

الـ«توماهوك»: نجاحٌ أم فشل؟
تمّ إنتاج صاروخ «توماهوك» في أواخر حقبة الحرب الباردة، وشهد استخدامه الأوّل في حرب العراق عام 1991، ثمّ أصبح رمزاً مرافقاً لحروب أميركا وضرباتها: ضربت أميركا العراق بأكثر من 288 صاروخ توماهوك عام 1991، و400 صاروخ خلال «ثعلب الصحراء» عام 1998، وأكثر من 800 خلال غزو 2003، إضافة الى 218 صاروخاً تمّ استخدامها ضدّ يوغوسلافيا خلال حرب 1999.

وحين ردّت واشنطن على تفجير سفاراتها عام 1998 بهجماتٍ ضدّ أهدافٍ في أفغاستان والسودان، كانت الضربات على شكل 78 صاروخ «توماهوك» أُطلقت من سفنٍ وغواصات في المحيط الهندي.
أهميّة الصاروخ هي في بساطته ومداه، وإمكان استخدامه ضدّ عدد كبيرٍ من الأهداف المحتملة. «توماهوك» هو سلاحٌ صغير نسبياً، وزنه لا يزيد على 1300 كيلوغرام، منها حوالى 500 كيلوغرام للرأس الحربي، ولكنّ مداه يفوق 1500 كيلومتر (2500 لبعض النماذج). السبب هو أنّ «توماهوك» يشبه طائرةً من دون طيّار أكثر ممّا يشبه صاروخاً تقليدياً، يشغّل بالوقود الصلب ويتبع مساراً بالستياً. محرّك «توماهوك» يشبه محرّك الطائرة، أي إنّه يستخدم وقوداً سائلاً و«يتنشّق» الهواء من الجوّ لتحقيق عمليّة الاحتراق. هذا يسمح بفعالية أكبر وبمدىً بعيدٍ بالنسبة الى حجم الصاروخ، ولكنّه في المقابل ــ أيضاً كالطائرة ــ يطير بسرعةٍ منخفضة نسبياً، تقلّ عن سرعة الصوت.
في الوقت ذاته، فإنّ «توماهوك» هو صاروخ «جوّال»، بمعنى أنّه يتّخذ مساراً يمكن التحكّم فيه وتحديده سلفاً، بل وتغييره أثناء طيرانه وبرمجته بإحداثيات جديدة. وهو بالغ الدقّة بفضل التوجيه بالأقمار الصناعية. من الممكن تصميم مسار الصاروخ بحيث يتجنّب الدفاعات الجويّة للعدو، أو محطات الرادار، وهو يحلّق على ارتفاعٍ منخفض، يسمح له بالانسلال تحت مدى أغلب أنظمة الرصد والدفاع. بسبب هذه المميّزات، وحجمه الصغير، أصبح «توماهوك» يمثّل «اليد الطولى» لأميركا، وبخاصّة في ساحات العالم الثالث، فهو يسمح بضرب أي هدفٍ في العالم تقريباً، من دون مخاطرة، وفي وسع المدمّرة أو الغوّاصة الواحدة حمل العشرات من هذه الصواريخ.

الأخبار

ثلاثة أيام لثلاثة خيارات: ترامب أراد الخيار العسكري
وقعت الواقعة يوم الثلاثاء: «هجوم بالسلاح الكيميائي» ضد خان شيخون. من إدلب إلى أروقة الأمم المتحدة، دعت سريعاً مندوبة واشنطن نيكي هيلي إلى عقد اجتماع طارئ في مجلس الأمن. في الوقت ذاته، أعلن المتحدث باسم البيت الأبيض شون سبنسر أن «الأعمال الشائنة لنظام بشار الأسد، إنما هي عاقبة لضعف وتردّد الإدارة السابقة».

تصاعدت حدّة التصريحات يوم الأربعاء، بالتوازي مع تقديم الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا مشروع قرار في مجلس الأمن يدين «الهجوم الكيميائي» على خان شيخون. وخلال جلسة طارئة للمجلس، لمّحت هيلي إلى إمكانية التحرّك في سوريا خارج الإطار الأممي، بقولها إنه «عندما تفشل الأمم المتحدة، بشكل دائم، في واجبها بالتصرّف بشكل جماعي، فهناك أوقات في حياة الدول نكون فيها مضطرّين للتحرك من تلقاء أنفسنا».
يومها، أدان الرئيس دونالد ترامب «الهجوم البشع والمريع الذي وقع في سوريا»، معلناً أن سلوكه «تجاه الأسد تغيّر كثيراً».
أول من أمس، بدأت تلوح في الأفق معالم خطة لتوجيه ضربة عسكرية ضد سوريا، عكسها إعلان مسؤول أميركي أنّ «البنتاغون يبحث مع البيت الأبيض خيارات عسكرية محتملة، تتضمن شنّ ضربات لشلّ حركة الطيران السوري». وقد جاء هذا الإعلان في وقت صرّح فيه مسؤول آخر في البنتاغون بأن سفينتين حربيتين مزوّدتين بصواريخ «توماهوك»، تجوبان مياه شرق المتوسط.
في هذا الوقت، واصل ترامب الإدلاء بتصريحات تصبّ في هذا السياق. وفي الطائرة الرئاسية التي أقلته من واشنطن إلى فلوريدا، حيث التقى نظيره الصيني شي جين بينغ، قال إن «ما فعله الأسد رهيب»، معتبراً أنه لا بدّ من حصول «شيء ما».
البارز في ذلك اليوم كانت التصريحات الصادرة عن وزير الخارجية ريكس تيلرسون، الذي تحدّث هاتفياً مع نظيره الروسي سيرغي لافروف. تعقيباً على الاتصال، قال مسؤول في وزارة الخارجية: «طلبنا التحليل أو القراءة الروسية لما يعتقدون أنه حدث» في الهجوم، إلا أن تيلرسون أعقب ذلك بدعوة إلى رحيل الرئيس بشار الأسد. في وقت لاحق، أعلن البيت الأبيض أن ترامب لن يكشف عن قراراته أو خياراته قبل أن يتخذها. لكنّ هذه القرارات لم تنتظر طويلاً، حتى خرجت إلى العلن على شكل ضربة صاروخية على مطار الشعيرات.
بعد وقت قصير على العدوان، رأى ترامب أن «أميركا انتصرت للعدالة». وفي خطاب للأمّة من فلوريدا، قال: «من مصلحة الأمن القومي الحيوية للولايات المتحدة منع وردع انتشار واستخدام الأسلحة الكيميائية القاتلة»، ودعا «كل الدول المتحضرة إلى الانضمام إلينا في السعي إلى إنهاء المجزرة، وسفك الدماء في سوريا».
في موازاة ذلك، حرصت وزارة الدفاع على حصر الضربة ضمن نطاق الرد على «الهجوم الكيميائي» ، إذ إن المتحدث باسمها الكابتن جيف ديفيس لمّح إلى أن العملية ليست جزءاً من عملية أكبر، قائلاً إنها «رد يتناسب» مع هجوم خان شيخون.

المداولات العسكرية

في موازاة المداولات السياسية، كانت هناك أخرى عسكرية كشف عنها مستشار الأمن القومي هربرت ماكماستر، الذي أشار إلى أن ترامب ناقش مع أعضاء مجلس الأمن القومي ثلاثة خيارات، مضيفاً أنه «طلب منّا التوقف عند خيارين وتجريبهما». ويأتي ذلك في حين أفادت فيه وسائل إعلام بأن مسؤولين قدّموا لترامب خيارات تضمّنت عقوبات وضغوطاً دبلوماسية، وخطة عسكرية لضرب سوريا وضعت قبل توليه منصبه، ليبلغهم أن يركّزوا على الخطط العسكرية.
وفي هذا السياق، أفادت وكالة «رويترز» عن اجتماعات ترامب على مدى ثلاثة أيام مع مستشاريه العسكريين، من أهمهم وزير الدفاع جايمس ماتيس، ومستشار الأمن القومي إتش.أر. مكماستر، ورئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال جوزيف دانفورد. وفق الوكالة، بعد ساعات من الهجوم الكيميائي، قدّم مستشارو الاستخبارات العسكرية لترامب أدلّة على أن الرئيس السوري بشار الأسد مسؤول عن الهجوم. وقالوا إنهم يعلمون أي قاعدة جوية سوريّة استُخدمت لتنفيذ الهجوم الكيميائي، وإنهم تتبعوا الطائرة التي نفذت الهجوم، وهي من طراز «سوخوي ــ 22».
بحلول مساء الخميس، اجتمعت هيئة الأركان المشتركة في وزارة الدفاع لوضع اللمسات النهائية على خطة الضربات، في حين توجه ترامب إلى منتجعه مار الاغو في فلوريدا للاجتماع مع الرئيس الصيني. وخلال اجتماع آخر هناك، وقّع ترامب على الأمر بشنّ الهجمات الصاروخية، قبل أن يتوجّه لتناول العشاء مع الرئيس الصيني.

(الأخبار)

ضربة الشعيرات
بحسب التصريحات الأميركية، تمّ توجيه 59 صاروخ «توماهوك» من على مدمّرات أميركية في المتوسّط، لتضرب هدفها في وسط سوريا، لم يصل، بحسب التقارير والشهادات الروسيّة، إلا 23 صاروخاً منها إلى مطار الشعيرات. الأميركيّون، في المقابل، يدّعون أنّ كلّ الصواريخ ــ باستثناءٍ صاروخٍ واحد ــ قد أصابت أهدافها.

من شبه المستحيل التيقّن من الحقيقة في حالةٍ كهذه، ولكنّ الخبراء الذين عاينوا صور الضربة وحجم الأضرار يشكّكون في الرواية الأميركية.
من الصّعب إسقاط صاروخ «توماهوك» بأكثر وسائل الدفاع الجوي التقليدية، فهو يطير على ارتفاعٍ منخفض، ما يمنع أنظمة الصواريخ الرئيسية من التعامل معه. في المقابل، الـ«توماهوك» بطيءٌ نسبياً، ومن الممكن إسقاطه بسهولة لو تمّ رصده وكان ضمن مدى نظام دفاعٍ كفوء (في العراق، تمّ إسقاط «توماهوك»، في حالاتٍ، بواسطة الأسلحة الخفيفة). وبسبب تطوير هذه الصواريخ الجوّالة، طوّر الاتحاد السوفياتي، منذ الثمانينيات، أنظمة دفاعٍ جوي قصيرة المدى، أحد أهمّ مهمّاتها حراسة النقاط العسكرية الثمينة وطوابير الجيش من هذه الصواريخ. «تونغوسكا» ومن بعده «بانتسير» هي عربات دفاع جوّي تحمل، في الآن، صواريخ قصيرة المدى ورشاشات ثقيلة موجّهة بالرادار، تقدر على إسقاط صاروخٍ بطيءٍ بسهولة إنّ مرّ ضمن مداها. هذه الأنظمة تحمل أيضاً عدداً كبيراً من الصواريخ الصغيرة، (12 صاروخ لكلّ عربة «بانتسير») للتعامل مع رشقات كبيرة من «توماهوك» وأشباهه (فالتكتيك الأميركي في استخدام الصواريخ الجوّالة هو منهج «الإغراق»، حيث يتمّ إطلاق عددٍ كبيرٍ من الصواريخ في آن واحد، فتفوق قدرة المدافعين وذخيرتهم). بشكلٍ عام، تقوم العقيدة الروسية على أن تتمّ حماية بطاريات الدفاع الجوي (مثل اس ــ 400) بأنظمة قصيرة المدى من هذا النوع، وأن ترافق هذه العربات أيضاً القوّات حين تتحرّك، إضافة الى حماية النقاط الاستراتيجية والمهمّة. أمّا الوسيلة الثانية لإعاقة ذخائر مثل «توماهوك» فهي عبر التشويش عليها، وعزلها عن نظام التوجيه بالأقمار الصناعية، فيتيه الصاروخ أو تنخفض دقّته بشكلٍ كبير.
الفارق بين الادّعاءات الروسيّة والأميركية حول غارة الشعيرات كبير. تقول الشركة الصانعة إنّ صاروخ «توماهوك» لديه معدّل اعتمادية يقارب 85% (و90% للأجيال الأحدث)، ما يعني أنّه من الطبيعي أن لا تجد نسبة من الصواريخ أهدافها، أو أن تسقط أثناء مسارها (حتّى تلك التي تصل إلى الهدف لا تصيب دوماً: أحد الصّواريخ التي قالت أميركا، عام 1998، إنّها وجّهت ضدّ مركز المخابرات العراقية في بغداد سقط في حديقة فندق الرشيد). ولكنّ 23 صاروخاً من أصل 59 تعني نسبة فشلٍ تفوق 60 في المئة، وهي غير طبيعية ضمن أيّ ظروف. التفسير الوحيد للرقم الروسي هو أنّه إشارة إلى أنّ أنظمةً دفاعيّة، مثل الـ«بانتسير» (وهو موجودٌ في سوريا، لدى الجيش السوري ومع القوات الروسيّة)، قد تمّ تشغيلها، وقد أسقطت عدداً من هذه الصواريخ، فيما أكمل الباقي طريقه إلى الهدف. قد تكون الضربة الأميركية صُمّمت، أصلاً، لتكون محدودةً و«موضعيّة»، ولكنّ حجم الأضرار الصغير نسبياً (المدرج لم يتأذّ مثلاً، ولا أغلب حظائر الطائرات، ومن الممكن أن يعود المطار الى الخدمة خلال وقتٍ قصير) يدعم فرضيّة أن أكثر الصواريخ التي استهدفت المطار لم تنجح ــ لسببٍ أو لآخر ــ في الوصول إلى مقصدها.

الأخبار

اليمين المتطرّف ينتقد ترامب
ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» أنَّ أبرز المعارضين للضربة العسكرية التي شنّها الرئيس الأميركي دونالد ترامب على سوريا، أمس، هم داعمو حملته الانتخابية، المنضوون تحت جناح اليمين المتطرّف، الذين اتهموه بعدم الوفاء بوعوده بإبقاء الولايات المتحدة خارج صراع آخر في الشرق الأوسط.

وذكرت الصحيفة أنَّ الكتّاب البارزين وأصحاب المدوّنات، من اليمين المتطرّف، هاجموا ترامب، أمس، واتهموه بأنه ينقلب على ناخبيه، من خلال شنّه هجوماً كان قد قال عنه، على مدى سنوات، إنه «فكرة سيئة».
وأشارت «نيويورك تايمز» إلى أنَّ هؤلاء انتقدوا ترامب لأنه شنّ الضربة العسكرية من دون أن يلجأ إلى الحصول على موافقة الكونغرس، وهو ما كان قد ذكر في عام 2013 أنه «يشكّل خطأً كبيراً».
أما الانتقادات الأكثر حدّة، فقد جاءت من «قادة الحركة الصغيرة، ولكن النافذة ــ أي الحركة القومية البيضاء»، وفق الصحيفة.

(الأخبار)

غابارد: تصعيد قصير النظر قد يؤدي إلى حرب نووية
رأت النائبة الأميركية الديموقراطية، تولسي غابارد، أن الضربة الأميركية لسوريا هي «تصعيد قصير النظر»، سيقود إلى مزيد من القتلى المدنيين، والمزيد من اللاجئين، وسيقوّي تنظيم «القاعدة» والإرهابيين الآخرين، كذلك سيقود إلى «مواجهة مباشرة بين الولايات المتحدة وروسيا، قد تؤدي إلى حرب نووية».

وقالت النائبة عن منطقة هاواي الثانية، في بيان: «يُغضبني ويحزنني أن الرئيس (دونالد) ترامب عمل بنصيحة صقور الحرب وصعّد حربنا غير الشرعية لقلب الحكومة السورية». ورأت غابارد أن الإدارة تصرّفت «بنحو غير مسؤول»، ومن دون الاهتمام بالعواقب الوخيمة للهجوم الأميركي على سوريا، ومن دون انتظار جمع الأدلة من مسرح التسمم الكيميائي، مضيفةً في هذا الإطار، أنه «إذا كان الرئيس (بشار) الأسد بالفعل خلف هذا الهجوم الكيميائي الرهيب على المدنيين الأبرياء، فسأكون أول من يطالب بمحاكمته وإعدامه في محكمة دولية، لكننا بسبب هجومنا على سوريا، فإن التحقيق بالأمر قد لا يعود ممكناً، إذ إنه من دون دليل، سيكون أصعب بكثير إنجاز محاكمة ناجحة».

(الأخبار)

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...