ما حجم الأدوية الزراعية المهربة والمزورة التي تدخل السوق المحلية؟
أدوية مهربة ... تعتبر المبيدات الزراعية الشغل الشاغل للمزارع فإذا نجح باختيار الصنف المناسب منها غلّ محصوله و إلا فسيحصد الريح في نهاية الموسم
و هذا ما يعبر عنه المزارع محمد الشيخ أحد مزارعي البندورة في بلدة خيارة دنون حيث يقول :
أخبرني أحد بائعي الأدوية الزراعية المهربة بأن لديه صنفاً دوائياً يجعل الموسم مضاعفاً ,و صدقته و بعد أن استخدمته بأسابيع قليلة, بدأ يظهر لكل حبة بندورة صرة كبيرة من الأسفل و أحيانا اثنتين و لما عرضته للبيع لم يشتره أحد فضاع الموسم عليّ ولم أحصل حتى على رأس المال ,نحن المزارعين مغلوب على أمرنا، فإضافة لندرة الأمطار في السنوات الأخيرة و تبدلات الطقس الكبيرة و الظروف المناخية , نجد أن المبيدات الزراعية تفعل فينا فعلتها ويقول مزارع الحمضيات ياسين الأحمد من اللاذقية يؤسفني أن إنتاج الحمضيات الكبير الذي نتج عندي في الموسم الأخير ذهب مع الريح لأنه تم استيراد كميات كبيرة من مصر غطت السوق .
أما المزارع عبد الرحمن الأسمر من منطقة المزرعة فعبر عن ألمه لوجود مشاكل و أمراض زراعية دائمة و قلما يتم إيجاد الحلول المناسبة لها كما حصل هذا العام حيث يقول : توجد ذبابة بيضاء منتشرة في منطقتنا و كافة المناطق المحيطة بنا ولم نجد حلا لها حيث إن كل من زرع خضروات حصد ربع المحصول المنتظربينما المزارع عمر الحجي من درعا سأل عن ارتفاع أسعار الأسمدة وعن دور الدولة و صناديق الدعم واغلاق آبار الري الخاصةبالمزارعين
من جانب آخر يجد السيد دحام المفلح رئيس الوحدة الإرشادية الزراعية في بلدة القصر بريف دمشق أن المزارع معذور باختياره أدوية مهربة ،فالأجنبي يعطي نتائج ايجابية خاصة عندما يحضره شخص تثق به و جربه مزارعون ووجدوا أنه فعال.
السيد زياد الحسيني و هو صاحب صيدلية زراعية في دمشق رأى أن الأدوية الزراعية المحلية أثبتت مصداقية كبيرة في السنوات الخمس الأخيرة حيث ظهر إنتاج محلي غزير لأحد المعامل غطى احتياج السوق و فاض إلى الدول المجاورة و بأسعار ممتازة ويتابع قائلا : لم يعد معها المزارع و لا نحن مضطرين للاستعانة بالأجنبي أبدا لأنه أعطى نفس الفعالية وبنصف أو ربع الثمن إن لم يكن أقل كما هو الحال بمادة المثيونيل حيث توفرت محليا و بسعر 135 ل.س بينما كان سعرها ببقية الشركات 245 ل.س وتوجد مواد تهريب أسعارها مشجعة للمزارع كما يقول السيد زياد ويؤكد أن لها نفس الفعالية مثلا مادة أبامكتين عيار 1.8-250 غراماً المستورد النظامي سعره 1250 ل.س بينما يتوفر المنتج الصيني ب 125 ل.س فقط وهو بنفس فعالية المستورد النظامي إن لم يكن أفضل
أما المهندس الزراعي أيمن محاسن فتعجب أن الصين التي غزت العالم لا تعترف وزارة الزراعة و الإصلاح الزراعي على أدويتها و مبيداتها الزراعية مع أن أسعارها مناسبة جدا للمزارع و هي تفي بالغرض حيث لمسنا فعاليتها و لا أعتقد أن حجة وزارة الزراعة بعدم قبول المبيدات الصينية مقنعة حيث يعللون السبب بعدم وجود نظام تسجيل متقدم لديهم و يتابع محاسن قائلا : لقد سمح بالاستيراد من الدول الغربية المتطورة التي حسب خبرتي الدقيقة أشادت معاملها الرئيسية التي تصنّع مبيداتها في الصين وهي التي تقوم بدورها بالإنتاج لفروعهم الموزعة بألمانيا و ايطاليا و فرنسا و....
وهذا يدفعنا للتساؤل عن أسباب منع الاستيراد ليس من الصين فقط بل من الهند أيضا وهي بلد متطور و لديه الكثير من المبيدات الجيدة و هذا ما أثبتته التجربة , ويضيف م.محاسن : أعتقد أن المنع يدفع المزارع إلى أدوية التهريب لأنه من خلالها يكافح أمراض مزروعاته من جهة و لا يتكبد مبالغ طائلة عبر شراء أدوية نظامية في ظل عدم وجود الكثير من المبيدات المحلية، و ليس ذلك فقط بل إن مزارعي البطاطا يضطرون للذهاب إلى الدول المجاورة , من أجل شراء بذار بطاطا مجهولة المصدر و كثيرا ما سبب لهم ذلك المشاكل و الأمراض التي تنتقل من مناطق الاستيراد إلى بيئتهم من خلال البذار، و السبب أن الفلاح لا يستطيع الحصول على البذار بالطرق النظامية إلا إذا كان يملك أرضا باسمه و لديه بئر مرخص و أرضه مسجلة بالخطة و إلى ما هنالك من أساليب التعجيز
و استغرب م.أيمن هذه الإجراءات وتساءل لماذا لا تمنع الدولة هذه الإجراءات الصارمة و بالتالي تجتذب المزارع إليها بدلا من ( تطفيشه ) و هنا تكون الدولة قد احتوت المزارع و جعلته يأخذ بذوراً سليمة؟ .
هناك نظام في وزارة الزراعة يتضمن وضع ختم على كل عبوة يسمى ختم مراقبة استيراد المواد الزراعية و مع الختم يتم وضع طابع كثيرا ما لا يلتصق بشكل جيد على العبوة و يجعلنا نقع بمشكلة كبيرة مع الوزارة هذا ما يؤكده المهندس الزراعي حسان الحسيني و يقول : الأدوية أو المبيدات الزراعية قبل دخولها سورية تمر عبر أربع جهات فعند سحب العينة هناك مراقبة و عند التحليل و كذلك عند التخليص و من ثم تطابق المادة فلماذا الإمعان بالروتين حيث يجب وضع ختم و طابع من قبل لجنة التختيم ...
و تساءل م.حسان طالما أن على كل عبوة يوجد اسم بلد المنشأ و اسم التاجر المستورد و رقم الموافقة و إلى ما هنالك من المستلزمات القانونية النظامية، فوجود لصاقة لا يقدم و لا يؤخر من ناحية الحماية و ضمان الجودة
كما نطالب من جهة ثانية بأن يصبح تسجيل الأصناف التي يتم استيرادها من الأدوية الزراعية ورقيا و ليس حقليا
فالعلوم تتطور كل يوم بينما نحتاج إلى مدة زمنية تتراوح بين السنة و السنتين لنأخذ نتيجة نهائية هل نستورد الصنف أم لا فالأمر يحتاج من وزارة الزراعة إلى أن يزرعوا النوع النباتي المناسب للمبيد و ينتظروا حتى ينموا النبات ليرشوا عليه المبيد و لينتظروا ليروا هل هو فعال أم لا هذا كان عمليا بعض الشيء في وقت كان فيه صنف دوائي معين يبقى في السوق لعشر سنوات و لكننا وصلنا الآن لوقت كما هو الحال في العام الحالي تم تسجيلنا على عشر أنواع دوائية مخصصة فقط لصنف واحد من الخضروات هو البندورة و قس على ذلك ...
ولحل هذه المسألة المعقدة بنظر المهندس حسان يرى أن الأمر يحتاج إلى كسر الروتين عبر محاسبة التاجر المستورد على ما يقدمه من أوراق ثبوتية ذات مصداقية دولية و عند أي إخلال بتلك الشروط يكون المستورد جاهزا لأي إجراء قانوني بحقه
شاع عند البعض أن الهرمونات النباتية و التي هي إحدى الجوانب الهامة في معرض الحديث عن الأدوية الزراعية قد تسبب أمراضا للمستهلك ولكن هذا مناف للواقع كما يؤكد المهندس الحسيني إذ إن هذه المركبات الكيماوية هي من صميم تكوين النبات و هي موجودة داخل النبات منذ الأزل و ستبقى مع الإنسان ما دام هناك نبات و محاصيل زراعية , فهذه المركبات تعمل على تنظيم العمليات الحيوية في النبات و لكنها لا تؤثر على جسم الإنسان , و تضاف منظمات النبات الحيوية بتراكيز قليلة قد تصل إلى بضعة أجزاء من المليون لتحقيق هدف معين مثل تحسين إنبات البذور أو تجذير ساق نباتي (عقلة ساقية ) بهدف الإكثار أو تحسين عقد الثمار
تقوم بذلك مجموعة من الهرمونات النباتية أبرزها الجبريلينات و السيتوكينيات و الاثيلين و حامض الأبسايسيك
و لذلك يمكن الاستفادة من المبادئ التي تعمل بموجبها الهرمونات النباتية للتحكم بإنتاج المحاصيل الزراعية و تسويقها
ثمار الزيتون تظل صغيرة الحجم قريبة من حبة الحمص , و قد تبين أن عدم تكون البذرة هو نقص بإفراز مادة الجبر يلين اللازمة للنمو الطبيعي ويمكن معالجة ذلك برش الزيتون بحامض الجبر يلين
كما أكد الحسيني أن أصناف العنب عديمة البذور تظل صغيرة الحجم إلا إذا تم رشها بحامض الجبر يلين
أما الدكتور عدنان ابراهيم اختصاصي الغدد الصم و الهرمونات فله رأي مخالف اذ يقول : لا يمكن نكران التأثير السلبي للهرمونات النباتية سواء كان ذلك تأثيراً تراكمياً يؤدي مستقبلا لسمية مباشرة أو يؤدي لظهور طفرات جينية في خلايا جسم الإنسان و المطلوب الحذر في استخدامها و إخضاعها للرقابة و ربما الأجدى من ذلك الاستغناء عنها
ويضيف ابراهيم : و لا بد هنا عند تقرير السمية من عدمها حتى نكون منصفين الأخذ بعين الاعتبار معطيات تتعلق بمنشأ منظمات النمو و تواجدها الطبيعي في النبات و مدى ثبات مركبات هذه المنظمات و سرعة تفككها
و نسبة استعمال المادة الفعالة فيها وهنا يؤكد العلماء و الدارسون لهذه القضية أن جميع منظمات النمو التي توجد بدون معاملة في الأجزاء النباتية لا يعتبر ضارا أما بالنسبة للمركبات فنتبع الأثر المتبقي منها أثناء الاستهلاك و طوال الفترة التي تفصل بين المعاملة و الإنتاج وبرأيي أخيرا تعتبر الأسمدة الازوتية داخل البيوت البلاستيكية الزراعية أشد ضررا من الهرمونات النباتية لأنه داخل البيوت البلاستيكية يزداد امتصاص النبات للأسمدة
تساؤلات كثيرة نضعها أمام وزارة الزراعة وتحديدا أمام المديرية المعنية مباشرة بهذه المسألة في الوزارة وهي مديرية وقاية النبات حيث يوضح مدير وقاية النبات في وزارة الزراعة الدكتور عبد الحكيم محمد نائب رئيس لجنة تسجيل المبيدات بسورية , أن عدد المعامل التي تنتج المبيدات و الأدوية الزراعية هو 15 معملا تعطي 50 مستحضراً دوائياً يمكنها أن تسد 40 – 45 % من حاجة سورية
وأضاف قائلا: ينظم أمور تسجيل و استيراد المبيدات في وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي القرار رقم 18-ت تاريخ 6-3-2002 و القرار رقم 64-ت تاريخ 25-6-2003 و بناء على ذلك يتم الاستيراد من الشركات المنتجة للمادة الفعالة و تصنع المستحضر التجاري للمبيد , و أن تكون هذه الشركة قد سجلت مبيداتها بدولة متقدمة تخضع مستحضراتها للاختبارات السمية و الصحية و الزراعية و البيئية و البيولوجية و لديها رقابة على الإنتاج و التداول قبل الترخيص بالتسجيل , من هذا المنطلق فالصين مع أن لديها إنتاجاً للمواد الفعالة و المستحضرات لكنها لا تخضع إنتاجها لكامل الاختبارات المذكورة قبل الترخيص باستخدامه ولذلك لا نفضل الاستيراد منها و هذا ينطبق على الهند حفاظا منا على استيراد منتجات آمنة و إلا تسببنا بأمراض سرطانية و فقدان أجنة و .. ناهيك عن الآثار التراكمية الأخرى التي لا تظهر نتائجها سريعا لكنها موجودة
ويذكر د.عبد الحكيم مثالا على تطبيق ذلك حيث يقول: تم إيقاف المبيدات المسجلة من استراليا العام الفائت بسبب عدم استيفائها للشروط الناظمة من حيث الاختبارات التي تتم على هذه المبيدات قبل السماح بتسجيلها مما جعلنا نشك بأنها دولة متقدمة في مجال تسجيل المبيدات وتم مراسلة وزارة الزراعة الاسترالية لتزويدنا بالشروط الخاصة المتبعة لتسجيل المبيدات الزراعية لأكثر من مرة عبر وزارة الخارجية و كانت إجابتهم كل شيء على الانترنيت و بما أن الانترنيت لا يعتد به كوثيقة لتسجيل المبيدات وفق الأنظمة المعمول بها وردتنا الإجابة عبر سفارتنا و اتضح أن هناك 3 أنواع من تسجيل المبيدات باستراليا هي:
التسجيل العادي – التسجيل المدرج بقوائم – والمنتج المعفى من التسجيل و الجدير بالملاحظة أنه بعد إيقاف التعامل بنظام التسجيل الاسترالي قامت بعض الشركات الهندية التي لها تسجيلات في استراليا بإحضار بعض شهادات التسجيل لها من دول الاتحاد الأوربي و أمريكا بما يتوافق مع الأنظمة و القوانين المعمول بها في سورية و ذلك يدل بوضوح على وجود فرز لشركات هندية ذات سمعة و تسجيل و منتج متقدم معترف به دوليا و أخرى لا تمتلك تلك المزايا .
و أوضح د.عبد الحكيم أنه سيتم قريبا دمج القرارات الخاصة بالتشكيل و التصنيع و البيع و التداول للمبيدات بقرار موحد بعد أخذ رأي و ملاحظات كافة الجهات المعنية في وزارات الصناعة و البيئة و القطاع الخاص بما ينسجم و الأنظمة و القوانين المتبعة بمديرية الوقاية
أما عن موضوع ختم المبيدات فهو موضوع مهم و حساس كما يرى د.عبد الحكيم و يضيف: الغاية منه تمييز المبيدات المنتجة محليا أو المستوردة و المرخصة و المدخلة نظاميا عن المبيدات المهربة , حيث يتم تختيم عبوات المبيدات بعد تحليلها في المخابر المختصة و المعتمدة من قبل وزارتنا و من ثم يتم ختم عبوات دفعة الانتاج التي يتم تحليلها أصولا بعد وضع لصاقة نقابة المهندسين الزراعيين عليها حسب القرارات الناظمة .
أما عن سبب الموافقة على إنتاج الدول الأوربية مع أن معاملها موجودة في الصين فلا يرى المهندس جعفر الغصين رئيس قسم المبيدات بمديرية الوقاية تناقضا بذلك لأن الدول الأوربية تخضع إنتاجها للمعايير الدولية العالمية رغم أن معاملها موجودة بالصين لكن الإدارة أوربية و الرقابة عالمية و لكن رخص اليد العاملة في الصين أو الهند تجعلهم يشيدون معاملهم هناك و لهذا السبب فان بعض المستوردين يفضلون الاستيراد من الصين أو الهند فقط لأنها رخيصة جدا قياسا بالمستحضرات العالمية وليس لنوعيتها المميزة .
من جانب آخر يضع الغصين اللوم على الجهات المعنية بضبط الحدود في منع مرور المبيدات المهربة و المزورة , أضاف حاليا يوجد لجان من الضابطة العدلية لوزارة الزراعة تقوم بجولات على الصيدليات الزراعية لمراقبة وجود أي مبيدات مشكوك بأمرها .
موسى الشماس
المصدر: الثورة
إضافة تعليق جديد