أبرز التساؤلات حول استقبال بوش للملك عبدلله ومحمود عباس
الجمل: نشرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية التقارير الإخبارية المتعلقة بزيارة ملك الأردن ورئيس السلطة الفلسطينية إلى العاصمة الأمريكية واشنطن. وقد تطرق التقرير الأول إلى لقاء "فطور عمل" تم يوم الأربعاء الماضي بين الملك عبد الله والرئيس جورج بوش، أما التقرير الثاني فتطرق إلى لقاء البيت الأبيض الذي جمع محمود عباس مع الرئيس بوش.
* التوصيف الأمريكي لدبلوماسية الملك عبد الله – الرئيس محمود عباس:
أشارت التسريبات الأمريكية إلى أن لقاء بوش – عبد الله كان مختصراً ولم يتجاوز فترة تناول وجبة الإفطار التي لم تستغرق سوى أقل من ساعة، وتقول المعلومات بأن الملك الأردني طلب من الرئيس بوش ضرورة أن تستند المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية على أسس ثابتة وجدول زمني محدد.
أكدت معلومات واشنطن بأن المحادثات الفلسطينية – الإسرائيلية الجارية حالياً قد وصلت إلى مرحلة الهشاشة إضافة إلى وجود محادثات أمريكية – فلسطينية تهدف إلى الدفع باتجاه تخفيف الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة، وفي الوقت نفسه تجري مفاوضات بين مصر وحركة حماس من أجل أن توقف الحركة إطلاق الصواريخ ضد إسرائيل.
أما بالنسبة للزعيم الفلسطيني محمود عباس فقد أشارت التسريبات بأنه التقى في العاصمة الأمريكية خلال يوم الأربعاء الملك عبد الله ووزيرة الخارجية كوندوليزا رايس، وفي يوم الخميس التقى بالرئيس جورج بوش في البيت الأبيض، وقد تطرق اللقاء إلى الآتي:
• عبر الرئيس بوش عن أمله في أن يتوصل الفلسطينيون والإسرائيليون إلى اتفاقية سلام قبل نهاية هذا العام.
• أكد الرئيس محمود عباس على أن مشكلة المستوطنات الإسرائيلية هي العقبة الرئيسية التي تعرقل مفاوضات السلام.
وعلى خلفية لقاء بوش – عبد الله، ولقاء بوش – عباس، برزت بعض الانتقادات الأمريكية التي تستنكر زيارة الرئيس بوش لإسرائيل بمناسبة الاحتفالات بالذكرى الستين لتأسيسها، ووصفت بعض المصادر أن فرحة الإسرائيليين بالذكرى الستين تأتي في نفس الوقت الذي يمثل الذكرى الستين لمعاناة الفلسطينيين من جراء إخراجهم من أراضيهم وبيوتهم. وكان اللافت للنظر انتقاد دنيس روس لزيارة بوش إلى إسرائيل لجهة أنها تضع الرئيس الأمريكي في خانة المتحيز لإسرائيل في الوقت الذي يقوم فيه برعاية عملية السلام والمفاوضات بين الطرفين بينما يتوجب عليه أن يظهر بمظهر الحياد. كذلك أشارت بعض التسريبات إلى ضرورة أن يقوم بوش بزيارة للطرفين تأكيداً على الحيادية.
ولكن ما كان مثيراً للاهتمام، التسريب الذي أوردته صحيفة نيويورك تايمز الذي يتضمن توقعاً عن لقاء سيتم بين الرئيس بوش والزعماء العرب في شرم الشيخ خلال زيارته القادمة للمنطقة.
* دبلوماسية ملك الأردن – رئيس السلطة الفلسطينية: أبرز التساؤلات؟
تتنوع أساليب الدبلوماسية بحسب تنوع الصراعات والأطراف ومواقف الأطراف إزاء الصراع وإزاء بعضها البعض، وأيضاً بحسب وزن كل طرف ودوره ومكانته على خارطة الصراع.
حتى الآن، ما هو واضح أن الرئيس بوش قد التقى ملك الأردن ورئيس السلطة الفلسطينية وفقاً لأسلوب "كل واحد لوحده" كما يقول المثل العامي المصري، علماً بأنهما:
• كانا موجودين في العاصمة الأمريكية في الوقت ذاته.
• تطرقت لقاءاتهما مع الرئيس الأمريكي إلى موضوع واحد.
فلماذاً إذاً أسلوب "كل واحد لوحده"؟؟!! وهل طلبت الإدارة الأمريكية ذلك أم أن ملك الأردن ورئيس السلطة الفلسطينية قد فضلا أن يتقابل كل منهما لوحده مع الرئيس الأمريكي؟
إذا كان مبدأ اللقاءات المنفردة قد تم بناءً على طلب الإدارة الأمريكية، فمعنى هذا أن أمريكا قد بدأت تنفيذ مخطط القضاء على الدبلوماسية العربية المتعددة الأطراف تمهيداً للقضاء على العمل العربي المشترك. أما إذا كان مبدأ اللقاءات المنفردة ذاك قد تم بناءً على رغبة الزعيمين العربيين، فمعنى ذلك أن قيمة التعاون الحقيقي بين الطرفين قد بدأت تواجه محنة التآكل والانجراف.
يقول النحاة العرب بأن "لو" هي حرف امتناع لوجود، ونقول "لو" كان ملك الأردن ورئيس السلطة الفلسطينية قد اجتمعا مع الرئيس الأمريكي بشكل موحد، لكان الأمل أكبر في أن يكون المظهر الدبلوماسي أقوى، والقيمة الحقيقية للاجتماع أقوى، وعلى الأقل ما كان الرئيس الأمريكي يكتفي بقصر وقت الاجتماع على استراحته المخصصة لتناول الإفطار الذي ما أن يتناوله حتى ينفض يديه ويعود لمكتبه.
* الملك عبد الله – الرئيس محمود عباس: من "دبلوماسية النكبة" إلى "نكبة الدبلوماسية":
تحولت الدبلوماسية العربية من صيغة الدبلوماسية المتعددة الأطراف التي تقوم على تعزيز وحدة العمل العربي الدبلوماسي المشترك إلى صيغة الدبلوماسية الثنائية مع الإدارة الأمريكية على طريقة "كل واحد لوحده"، وقد كان طبيعياً أن ينفرد جورج بوش بـ "عدم احترام" ضيوفه عندما خصص لأحدهما فترة تناول إفطاره وللثاني وقتاً قصيراً موجزاً وبخه فيه على ضرورة أن يتعاون مع الإسرائيليين للتوصل إلى اتفاق سلام قبل نهاية العام الحالي.
* الأبعاد غير المعلنة للقاء عبد الله – بوش وعباس – بوش:
يقول المحلل السياسي اليهودي الأمريكي ديفيد سينغر بأن كل من ملك الأردن ورئيس السلطة الفلسطينية قد سعى لإقناع بوش بضرورة الضغط على الإسرائيليين لتقديم بعض التنازلات، لكن بالمقابل فإن الزائرين لم يكونا قادرين على تقديم التنازلات التي يمكن أن تغري الرئيس بوش ليضغط على الإسرائيليين ليقدموا بدورهم بعض التنازلات. وأشار سينغر إلى أن الضيفين:
• لم يتخليا عن المطالبة بعودة ملايين العرب إلى إسرائيل.
• لم يتخليا عن عدم التنازل لإسرائيل عن بعض الأراضي في الضفة الغربية وقطاع غزة.
وأضاف سينغر أن الرئيس الأمريكي بعد أن قابل ضيفيه بالطريقة المذكورة، فإنه أوضح لهما "كلٌّ على حده" بأن موقفه يتمثل في:
• يجب أن يتخلى العرب عن حقوق العودة.
• يجب أن يتقبل العرب فكرة أن إسرائيل لن تتخلى لهم عن كامل أراضي الضفة والقطاع.
وأشار سينغر أن الطرفين إذا لم يقوما بتقديم تنازلات عن حق العودة إضاة إلى القيام بمنح إسرائيل بعض أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة فإن الرئيس بوش سيضطر إلى أن يقول وداعاً لمشروع "خارطة الطريق".
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد