مكانة ودور حزب الله في السياسة المحلية والدولية

09-01-2008

مكانة ودور حزب الله في السياسة المحلية والدولية

الجمل: أسهمت التطورات السياسية الكلية الخاصة بمنطقة الشرق الأوسط، والتطورات السياسية الجزئية الخاصة بالساحة اللبنانية، بدور كبير في صعود مكانة ودور حزب الله اللبناني، بحيث لم يعد حزباً لبنانياً محلياً، أو قوة سياسية محلية محدودة التأثير كحركة القوات اللبنانية وغيرها، وإنما بات قوة تتميز بتأثيراتها الإقليمية العابرة للحدود.
* حزب الله اللبناني وفقاً لحسابات الـ"دور" والـ"مكانة":
تقول معادلة ميزان القوى بأن الذي يملك مكانة أكبر يستطيع القيام بدور أكبر، ومن يملك الـ"دور" الأكبر يحصل على مكانة أكبر، والعكس بالعكس بالنسبة لحالة الدور الأصغر والمكانة الأصغر. وتأسيساً على هذه القاعدة نشير إلى النقاط الآتية:
• استطاع حزب الله اللبناني القيام بدور أكبر في عمليات مقاومة الوجود الأمريكي والإسرائيلي لذلك حصل على مكانة أكبر.
• استطاع حزب الله اللبناني تعزيز مكانة مركزه السياسي داخل وخارج لبنان عن طريق الالتزام بالثوابت المشروعة في التعامل مع البيئة السياسية اللبنانية والبيئة السياسية الإقليمية الشرق أوسطية، لذلك أضفى على نفسه المصداقية، على النحو الذي جعله يلعب بدور أكبر.
* معطيات معادلة الاستهدافات:
الوزن المتزايد لحزب الله في معادلة ميزان القوى الكلي الشرق أوسطي والجزئي اللبناني جعلت من حزب الله يدخل ضمن دائرة استهدافات:
• القوى السياسية اللبنانية الضعيفة التي تريد المحافظة على مزايا السيطرة على لبنان.
• القوى السياسية الدولية (أمريكا) والإقليمية (إسرائيل) التي تريد استغلال وتوظيف لبنان كمحطة ونقطة انطلاق لاستهدافاتها ضد سوريا وغيرها.
وتأسيساً على ذلك، فإن المطلوب لتحقيق ذلك هو القضاء على حزب الله اللبناني، ولكي تتم عملية القضاء فإنه لا بد بالضرورة القضاء على قوة الحب، على النحو الذي يؤدي مباشرة إلى القضاء على مكانة الحزب ودوره المحلي والإقليمي.
• إضعاف القوة العسكرية عن طريق نزع سلاح حزب الله.
• إضعاف القوة السياسية عن طريق إقصاء الحزب عن العملية السياسية.
• إضعاف القوة الإقليمية عن طريق الضغط على حلفاء الحزب في المنطقة وإرغامهم على التخلي عنه.
• إضعاف القوة الاقتصادية عن طريق تشديد الحصار وتجفيف منابع ومصادر الدعم المالي للحزب.
• إضعاف القوة الرمزية عن طريق استخدام الأساليب الإعلامية والمعلوماتية التي تضر بسمعة الحزب وتشوه صورته.
• إضعاف البنيات التحتية عن طريق استهداف زعماءه والقضاء على منشآته.
برغم أن التجارب قد أكدت بأن الحصول على رأس حزب الله اللبناني ليس سهلاً، إلا أن المخطط ما زال مستمراً، فقد فشلت الوسائل الحربية والعسكرية في تحقيق هدف القضاء على حزب الله اللبناني في حرب صيف العام 2006م، ولكن لما كانت الحرب هي استمرار للسياسة بوسائل أخرى وكانت السياسة هي استمرار للحرب بوسائل أخرى أيضاً، فقد تم اللجوء إلى الوسائل السياسية للاستمرار والمضي قدماً في إكمال هدف القضاء على حزب الله اللبناني الذي لم يتم إنجازه في صيف العام 2006م بالوسائل العسكرية.
* ماذا يحمل عام 2008م: الـ"فرص" والـ"مخاطر":
يتقاطع ضمن الساحة اللبنانية عدد كبير من المثلثات أبرزها:
• مثلث التعاون: دمشق – طهران – قوى 8 آذار.
• مثلث نظرية المؤامرة: تل أبيب – واشنطن – قوى 14 آذار.
دمشق – طهران تدعمان قوى 8 آذار التي يتزعمها حزب الله اللبناني، وتل أبيب – واشنطن تدعمان قوى 14 آذار التي يتزعمها مثلث جعجع، الحريري، جنبلاط. وداخل الساحة اللبنانية يحتدم صراع قوى 14 آذار – قوى 8 آذار، حول جملة من القضايا، والتي تدخل جميعها ضمن منظور القضاء على حزب الله اللبناني أولاً، واستهداف لبنان نفسه ثانياً، ثم بعد ذلك استخدام لبنان كنقطة انطلاق لاستهداف المنطقة وتحديداً سوريا.
وتأسيساً على ذلك، يمكن صياغة الخطوط العريضة لسيناريوهات عام 2008م الحالي وفقاً لحسابات "الفرص" و"المخاطر" المتشددة إلى حسابات "عوامل القوة" و"عوامل الضعف" على النحو الآتي:
• عوامل القوة:
* بالنسبة لقوى 8 آذار:يتمثل في السند الشعبي الكبير داخل وخارج لبنان والتأييد الإقليمي عن طريق سوريا وإيران، إضافة إلى القوة العسكرية الضاربة لحزب الله وحركة أمل مقارنة بالفصائل اللبنانية المسلحة.
* بالنسبة لقوى 14 آذار: وتتمثل في سلطة إصدار القرار التنفيذي الذي تسيطر عليه حكومة السنيورة إضافة إلى التأييد الإسرائيلي والأمريكي والأوروبي ومساندة حكومات معسكر المعتدلين العرب.
• عوامل الضعف:
* بالنسبة لقوى 8 آذار: تتمثل في وجود القوات الدولية في جنوب لبنان ووجود حكومة السنيورة التي تضع العراقيل أمامها إضافة إلى الضغوط الإسرائيلية والأمريكية والأوروبية والضغوط المتزايدة على سوريا وإيران لقطع الدعم عنها.
* بالنسبة لقوى 14 آذار: تتمثل في ضعف الشعبية والخوف المتزايد من إجراء الانتخابات النيابية المبكرة لحل الأزمة، وتصاعد معارضة الشارع اللبناني، إضافة إلى احتمالات التعرض لحالة الانكشاف السياسي إذا تخلت القوى الخارجية عنها.
وعلى خلفية عوامل الضعف والقوة يمكن رسم خارطة طريق عام 2008م على أساس اعتبارات حسابات "الفرص" و"المخاطر" على النحو الآتي:
• عقد أي صفقة حول لبنان تكون دمشق طرفاً فيها سوف يؤدي بقوى 14 آذار إلى مواجهة مخاطر فقدان الوزن والمكانة في الساحة السياسية اللبنانية من جهة ومن الجهة الأخرى سوف يعزز "فرص" قوى 8 آذار في كسب المزيد من التأييد والوزن والمكانة. لذلك سعى قوى 14 آذار إلى إفشال أي صفقة تكون دمشق طرفاً فيها، ولم يكن أمراً مستغرباً تخلي ساركوزي فجأة وخلال يومين فقط وبلا مقدمات عن الاتفاق الذي عقدته باريس مع دمشق حول أزمة الرئاسة اللبنانية.
• عقد أي صفقة مع لبنان لا تكون دمشق طرفاً فيها سوف يؤدي فقط إلى "مخاطر" تصعيد الأزمة اللبنانية. وذلك لأن المعارضة الشعبية الداعمة لقوى 8 آذار سوف تزداد على النحو الذي يمكن أن يؤدي إلى مخاطر التصعيد والمواجهة في الساحة اللبنانية، بشكل يترتب عليه أحد طريقين أمام قوى 14 آذار:
• خيار التصعيد باستغلال قوى 14 آذار "فرصة" تدخل القوى الأجنبية، ومواجهة "مخاطر" الانعزال عن الشارع اللبناني، وهو خيار سوف يؤدي إلى "مخاطر" عدم الاستقرار بشكل يدفع القوى الأجنبية إلى التحلي عن دعمها لقوى 14 آذار طالما أنها لا تتمتع بالدعم الشعبي.
• خيار التصعيد باستغلال "فرصة" استخدام قوة الدولة الأمنية والعسكرية من أجل القضاء على معارضة قوى 8 آذار، وهو خيار سوف يؤدي إلى دفع قوى 14 آذار إلى مواجهة "مخاطر" تفكك وانفراط عقد أجهزة الدولة اللبنانية، القائمة على الصيغة التعاقدية التي تفرض مبدأ حياد قوات الجيش والأمن والشرطة في الخلافات والصراعات السياسية الداخلية، إضافة إلى احتمالات "مخاطر" انقسام هذه الأجهزة على أساس الخطوط الطائفية على النحو الذي يمكن أن يحول الساحة السياسية اللبنانية إلى ساحة صومالية أخرى، بما يترتب عليه "مخاطر" انهيار الدولة.
ترتبط خيارات حزب الله اللبناني بخيارات "السقف الوطني" اللبناني، إضافة إلى أن قيادة الحزب لم تقم بتوجيهه ليسبح ضد تيار حركة ثوابت التاريخ والجغرافيا، فسوريا، باعتراف زعماء قوى 14 آذار أنفسهم، لا يمكن إلا أن تكون الكيان الجيو – سياسي الفائق الأهمية والذي يمثل شريان الحياة في لبنان، ولن يستطيع لبنان مهما مددت له أمريكا وإسرائيل من شرايين الحياة والدعم الاستمرار في الحياة لأن هناك فرقاً كبيراً بين الاعتماد على التنفس الطبيعي عبر سوريا والاعتماد على التنفس الصناعي الذي لم يجلب للبنان سوى الموساد الإسرائيلي واغتيالاته ووكالة المخابرات المركزية الأمريكية وعملياتها السرية في لبنان.

 


الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...