مخاطر التدخل العسكري في سوريا
الجمل: نشر الموقع الالكتروني الخاص بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية الأمريكي مساء الأمس الثلاثاء 13 كانون الأول (ديسمبر) 2011م ورقة عمل حملت عنوان "الاضطراب في سوريا: تخمين مخاطر التدخل العسكري"، وقد أعد ورقة العمل الخبير آرام نيرقويزيان، تحت إشراف الخبير أنطوني كورديسمان الحائز على كرسي أورليه بوركه في الاستراتيجية: فما هو منظور الورقة للوضع السوري، وما هي معطيات تخمين المخاطر التدخلية التي تحدثت عنها الورقة؟
* توصيف الورقة: المعطيات الشكلية
جاءت ورقة مركز الدراسات الاستراتيجيةو حول سوريا في حوالي 35 صفحة، وسعت إلى التعامل تحليلياً مع أوضاع الملف السوري، ضمن ثلاثة مفاصل، هي:
• تخمين القدرات الدفاعية السورية: استعرض هذا المفصل القدرات الدفاعية الجوية ـ قدرات الحرب الالكترونية ـ قدرات القوة الجوية ـ القدرات الصاروخية ـ قدرات الدفاعات المضادة للسفن.
• أوراق التدخل الجامحة: استعرض هذا المفصل ما أسماه بالكروت والأوراق التدخلية الجامحة التي يصعب فهمها أو السيطرة عليها، ومن أبرزها: التأكيد على أن سوريا ليست ليبيا ـ الورقة السكانية ـ ورقة الجيش السوري ـ ورقة المنشقين تحت اسم الجيش الحر ـ ورقة مخاطر الاضطراب والحرب الأهلية ـ ورقة إيران ـ ورقة حزب الله ـ ورقة روسيا ـ ورقة رد الفعل السوري إزاء الضغوط والتدخل ـ ورقة التداعيات وتأثيراتها.
• تخمين التأثيرات على سياسة الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها: استعرضت التأثيرات التي يمكن أن تتعرض لها سياسة الولايات المتحدة وحلفاءها التدخلية إزاء سوريا.
هذا، وقد سعت الورقة التحليلية لجهة استخدام استعراض المعلومات، والتحليل المصحوب بالرسوم البيانية والإحصاءات.
* الملخص التنفيذي: النقاط الأساسية موضوع التحليل
وصفت الورقة استقرار سوريا ودوره في سياسات الأمن الإقليمي، بأنه أصبح منذ مطلع عام 2011م الحالي يتميز باللايقين، وأضافت الورقة بأن معاناة اضطرابات التسعة أشهر الماضية قد لعبت دوراً في ذلك. وفي هذا الخصوص أشارت الورقة إلى العوامل الداخلية، وذلك على النحو الآتي:
• انعدام التماسك السياسي في أوساط قوى المعارضة.
• انعدام وحدة الهدف في أوساط قوى المعارضة.
• تزايد الاضطرابات المسلحة في المناطق الريفية والقرى الصغيرة وأيضاً المدن الصغيرة.
• عدم اكتمال عملية الحسم الكامل للاضطرابات.
وإضافة لذلك، أشارت الورقة إلى العوامل الخارجية، وذلك على النحو الآتي:
• قيام الولايات المتحدة وبلدان الاتحاد الأوروبي بفرض المزيد من العقوبات من طرف واحد ضد دمشق.
• قيام أطراف مثلث واشنطن ـ باريس ـ لندن بالمزيد من محاولات تدويل ملف سوريا بواسطة مجلس الأمن الدولي.
• زيادة التصعيدات والمطالبات الساعية لاستهداف النظام في دمشق.
• انخراط تركيا في فعاليات استهداف دمشق.
• انخراط دول مجلس التعاون الخليجي الستة (السعودية ـ الكويت ـ قطر ـ البحرين ـ الإمارات ـ سلطنة عمان) في فعاليات استهداف دمشق.
• انخراط جامعة الدول العربية في فعاليات استهداف دمشق.
خلص الملخص التنفيذي إلى أن تطورات الأحداث والوقائع الخارجية والداخلية المتعلقة بالملف السوري، قد أدت إلى عملية اصطفاف داخلية وخارجية إقليمية ـ دولية تضمنت خارطتها الملامح الآتية:
• على المستوى الداخلي، تشكلت المعارضة الاحتجاجية في بعض الشرائح الاجتماعية ذات التوجهات الدينية السلفية، ووجدت دعم الدول العربية الخليجية السنية، إضافة إلى دعم تركيا و الولايات المتحدة الأمريكية ودول الاتحاد الأوروبي.
• على المستوى الخارجي ـ الإقليمي: تشكلت كتلة إقليمية معادية لدمشق، ضمت تركيا، ودول مجلس التعاون الخليجي الست إضافة إلى ليبيا وتونس والمغرب والأردن، والسلطة الفلسطينية.
• على المستوى الخارجي ـ الدولي: تشكلت كتلة دولية معادية لدمشق، ضمت الولايات المتحدة الأمريكية، وفرنسا وبريطانيا وكندا واستراليا.
هذا، ومقابلاً لهذه الاصطفافات، برزت اصطفافات على الجانب الآخر، تمثلت في الآتي:
• على المستوى الداخلي: تتمتع دمشق بمساندة كتل مجتمعية أكثر تماسكاً وأكبر حجماً من تلك التي للمعارضة، إضافة إلى التمتع بمساندة المؤسسة العسكرية، وكتلة القوام المؤسساتي المدني، إضافة إلى مساندة الكتل الحضرية السكانية الرئيسية المتمثلة في مدن دمشق العاصمة، حلب ثاني أكبر مدينة، إضافة إلى اللاذقية، طرطوس، الرقة والسويداء.
• على المستوى الخارجي ـ الإقليمي: تتمتع دمشق بمساندة حزب الله اللبناني، وبعض الأطراف التركية المعارضة لحكومة حزب العدالة والتنمية التركي.
• على المستوى الخارجي ـ الدولي: تتمتع دمشق بمساندة روسيا والصين و الهند والبرازيل والأرجنتين وفنزويلا، إضافة إلى بقية دول العالم المناهضة لواشنطن.
على أساس هذه الاصطفافات، أشارت الورقة إلى أن الاستقطاب والضغوط الجارية، أسفرت عن الآتي:
• ضمن مسار المعارضة السورية، تبلور تياران، أحدهما داعم للتدخل الأجنبي الخارجي العسكري ضد سوريا، والثاني رافض بشدة لهذا التدخل.
• ضمن مسار القوى الخارجية، تبلور تياران، أحدهما يرفض التدخل، والآخر يسعى إلى التدخل.
هذا، وضمن المسار الداعم للتدخل العسكري الأجنبي الخارجي ضد سوريا، لاحظت الورقة النقاط الآتية:
• سعت واشنطن ودول حلف الناتو (فرنسا ـ بريطانيا ـ تركيا، وغيرها) لجهة التدقيق الفاحص إزاء كيفية القيام بعمل عسكري ضد سوريا، وذلك على أساس بناء حملة الذرائع المطالبة بضرورة "إقامة ممر إنساني" و"منطقة عازلة لحماية المدنيين".
• قيام واشنطن ودول حلف الناتو بأي عمل عسكري ضد سوريا، سوف يتضمن تنفيذ المخططات العسكرية الآتية: تدمير قدرات الدفاع الجوي السورية ـ تدمير قدرات القوات الجوية السورية ـ تدمير قدرات الردع السورية وتحديداً القدرات الصاروخية ـ تأمين مرتفعات الجولان من أي احتمالات لقيام الجيش السوري بمحاولة السيطرة عليها ـ تدمير مخزونات الأسلحة والعتاد السورية ـ تدمير شبكات القيادة والسيطرة، بما يؤدي إلى إصابة دمشق بالعجز والشلل التام.
علقت الورقة على ذلك قائلة بأن إنفاذ مثل هذا المخطط، يشير من جهة إلى تعزيز وجهة النظر الأمريكية ـ الأوروبية الغربية التي تبرر ذلك على أساس اعتبارات أنه سوف يتيح تغيير موازين القوى في الشرق الأوسط لصالح الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاءها الأوروبيين (فرنسا وبريطانيا) إضافة إلى دعم حلفاء أمريكا الشرق أوسطيين (دول مجلس التعاون الخليجي والنظام الملكي الأردني، وتركيا). ولكن في نفس الوقت توجد وجهة نظر أخرى تقول بأنه حتى إذا تحققت هذه الأهداف، فإن الغرض الأساسي لن يتحقق، لأن الصدام سوف لن يكون بين دمشق والقوى الأجنبية المتدخلة، وإنما سوف يكون بين هذه القوى والقوى الداخلية الداعمة لدمشق، وللتدليل على ذلك، تشير وجهة النظر هذه إلى أن ما حدث في ليبيا سوف لن يحدث في سوريا.
سعت الورقة إلى توضيح الفرق بين سوريا وليبيا، وذلك على أساس المعطيات الآتية:
• ليبيا دولة ذات مساحة كبيرة ولكنها عبارة عن كتلة صحراوية مع شريط ساحلي ضيق بينما جغرافية سوريا تختلف بشكل واضح عن ذلك.
• تتميز ليبيا بوجود كتلة سكانية صغيرة الحجم تتركز في المدن الساحلية، بينما تتميز سوريا بكتل سكانية أكبر وتتوزع ضمن مختلف المناطق السورية.
• تتميز ليبيا بوجود ثقافة اجتماعية يغلب عليها الطابع الإسلامي السني البدوي الصرف، وفي سوريا، توجد العديد من المكونات المذهبية والطائفية إضافة إلى اتساع حجم المكونات الحضرية المدنية.
• سكان ليبيا يشكلون كتلة منعزلة عن سكان دول الجوار الليبي، وبالنسبة لسوريا يترابط السكان مع سكان دول الجوار الإقليمي.
وإضافة لذلك، أشارت الورقة إلى وجود خلافات نوعية بين الحدث الاحتجاجي الليبي، والحدث الاحتجاجي السوري، ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر، أشارت الورقة إلى أن المعارضة الليبية نجحت بالاعتماد على قدراتها الذاتية خلال الأسابيع الأولى من السيطرة على كامل منطقة بنغازي الشمالية الشرقية، وذلك ضمن مساحة تعادل حوالي 30% من إجمالي رقعة ليبيا، وحالياً، وبرغم مرور تسعة أشهر، فإن المعارضة السورية ما زالت عاجزة عن إنجاز السيطرة الكاملة على أي بقعة صغيرة من أراضي سوريا.
خلصت الورقة إلى أن تطورات ملف الحدث الاحتجاجي السوري، سوف تظل لفترة طويلة قادمة تتسم بـ(اللايقين)، وإضافة إلى ذلك، فإن ظهور هذا الحدث الاحتجاجي هو أمر يشكل بحد ذاته تحدياً حرجاً بالنسبة لإيران وحزب الله اللبناني وبقية خصوم أمريكا في المنطقة، وإضافة إلى ذلك طالبت الورقة الولايات المتحدة وحلفاءها بضرورة النظر باعتبار كبير واهتمام مكثف للحقيقة القائلة بأن التدخل العسكري في سوريا سوف تترتب عليه خسائر جسيمة، طالما أن سوريا ليست ليبيا، إضافة إلى أن الأمر سوف لن يتعلق فقط بدمشق وحدها، وإنما بالحلقات الخطرة المرتبطة بدمشق، ومنها على سبيل المثال لا الحصر حزب الله اللبناني!
الجمل ـ قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد