تحولات السياسة الصينية الخارجية تجاه الشرق الأوسط

15-09-2011

تحولات السياسة الصينية الخارجية تجاه الشرق الأوسط

Image
China

الجمل: اهتمت دوائر صنع واتخاذ القرار الصيني طوال الحقب الماضية باعتماد سياسة خارجية صينية تقوم على مذهبية عدم التدخل في الأزمات الإقليمية والدولية الواقعة خارج نطاق المجال الحيوي الجغرافي الصيني، وبرغم ذلك، فقد سعت الصين هذه المرة إلى اتخاذ المزيد من المواقف الجديدة غير المتوقعة، لجهة التعامل مع ملف الأزمة السورية والليبية إضافة إلى أزمة بلدان منطقة اليورو، وأزمة ملف مكافحة القرصنة في خليج عدن: فما هي خلفيات مواقف السياسة الخارجية الصينية الجديدة. وهل فعلاً سوف تشهد هذه السياسة تحولاً استراتيجياً، أم أن ما حدث هو مجرد تحولات تكتيكية؟

* السياسة الخارجية الصينية إزاء الشرق الأوسط: مثلث دمشق ـ طرابلس ـ طهران

لاحظ العديد من خبراء الشؤون الدولية والصينية، وجود العديد من التحولات والتغييرات الجديدة في توجهات السياسة الخارجية الصينية إزاء ملفات علاقات التعاون والصراع الإقليمي والدولي، وفي هذا الخصوص نشير إلى النقاط الآتية:
•    ظلت الصين تبدي آراءها المتحفظة داخل مجلس الأمن الدولي إزاء مشروعات القرارات الأمريكية والبريطانية والفرنسية التي تستهدف النيل من دول العالم، بما في ذلك حلفاء الصين، ولكن عندما يتم طرح الأمر للتصويت، فإن الصين تكتفي بالامتناع عن التصويت. دون استخدام حق الفيتو. أو حتى مجرد التلويح بذلك.
•    تعتبر الصين من بين الشركاء التجاريين الرئيسيين بالنسبة لإيران، فقد ظلت بكين تحصل بانتظام على إمدادات النفط والغاز الإيراني، وبالمقابل ظلت طهران تحصل بانتظام على حاجاتها من السلع والتكنولوجيا المتطورة الصينية بما في ذلك المواد النووية، وبرغم ذلك فقد تعاملت بكين بسلبية ولم تحرك ساكناً إزاء رفض مشروعات القرارات الدولية التي مررتها واشنطن وباريس ولندن داخل مجلس الأمن الدولي ضد طهران، بما أسفر عن فرض أربعة جولات من العقوبات الدولية المتعددة الأطراف ضد إيران.
تقول المعلومات والتقارير والتسريبات، بأن التطورات السياسية الشرق أوسطية الجارية قد دفعت بكين لجهة إدراك مدى خطورة انتهاج مواقف السياسية الخارجية السلبية في مواجهة مخططات واشنطن، وفي هذا الخصوص برزت المواقف الآتية:
•    أزمة الملف الليبي: سعت بكين في بداية الأمر إلى الامتناع  عن التصويت داخل مجلس الأمن الدولي إزاء مشروع  القرار الدولي الذي أكد على حظر إدخال السلاح إلى ليبيا مهما كان الطرف المتلقي إذا كان الثوار أو نظام الزعيم القذافي، وأيضاً القرار الدولي 1973، الذي أكد على إقامة منطقة حظر الطيران في ليبيا.
•    أزمة الملف السوري: سعت بكين إلى إعلان رفضها الواضح والصريح إزاء قيام مجلس الأمن الدولي بتمرير أي قرار يستهدف دمشق، وبرغم أن رفض بكين لم يصل إلى مستوى التهديد أو التلويح استخدام حق الفيتو، فإن الرفض الصيني الواضح شكل في حد ذاته علامة فارقة في مسيرة توجهات السياسة الخارجية الصينية الحالية.
هذا، وإضافة لذلك، فقد سعت بكين لجهة المطالبة بأن تسعى الأمم المتحدة لجهة القيام بدور فاعل ومباشر في إدارة العملية السياسية الليبية خلال مرحلة ما بعد نظام الزعيم القذافي، وحذرت من مغبة قيام أطراف مثلث واشنطن ـ لندن ـ باريس بالاستحواذ على ليبيا والانفراد بالسيطرة عليها، على النحو الذي يمكن أن يؤدي إلى كارثة ليبية على غرار الكارثة العراقية التي حدثت بفعل قيام قوات أمريكا وحلفاءها بعملية غزو واحتلال العراق.

* هل شكل ملف الحدث السوري نقطة الانقلاب في السياسة الخارجية الصينية؟

تابع الخبراء والمحللين السياسيين التطورات الجارية في مسيرة الأداء السلوكي السياسي الخارجي الصيني خلال الأشهر القليلة الماضية، وفي هذا الخصوص برزت النقاط الآتية:
•    امتنعت الصين عن التصويت داخل مجلس الأمن الدولي في مشروعات القرار الدولي 1970، والقرار الدولي 1973 اللذان استهدفا نظام الزعيم الليبي معمر القذافي.
•    جاء نائب الرئيس الأمريكي السيناتور جو بايدن للعاصمة الصينية بكين زائراً، وتطرق إلى العديد من ملفات العلاقات الثنائية الأمريكية ـ الصينية.
•    أعلنت الصين عن معارضتها ورفضها الصريح إزاء جهود مثلث واشنطن ـ باريس ـ لندن الساعية لتمرير مشروعات القرارات الدولية لجهة استهداف دمشق، واللافت للنظر هذه المرة أن الصين قد وقفت إلى جانب موسكو جنباً إلى جنب لجهة الامتناع من حيث المبدأ عن مناقشة مشروع قرار استهداف دمشق.
أكدت التحليلات والمعطيات، أن تسلسل تطور الموقف الدبلوماسي الصيني داخل مجلس الأمن الدولي لجهة الانتقال من دائرة الامتناع إلى دائرة الرفض الصريح، هو تسلسل يشير بوضوح إلى أن ملف الحدث السوري، قد شكل نقطة بارزة لجهة حدوث تحول جديد في أداء وتوجهات السياسة الخارجية الصينية، وفي هذا الخصوص نشير إلى المعطيات التي رصدها الخبراء والمحللين السياسيين باعتبارها شكلت عوامل السند ونقاط الارتكاز التي دفعت بكين لجهة القيام بعملية تغيير اتجاه سلوكها السياسي الخارجي، وعلى وجه الخصوص إزاء منطقة الشرق الأوسط:
•    امتنعت الصين عن التصويت في القرار الدولي 1970 والقرار الدولي 1973 اللذان استهدفا ليبيا. على أمل أن تحصل الصين على دعم واشنطن لتوجهات بكين الرامية إلى تهدئة الصراع الدائر بين دول جنوب شرق آسيا والصين حول الحدود البحرية في منطقة بحر الصين الجنوبي. ولكن بدلاً عن ذلك سعت واشنطن لجهة الضغط على دول جنوب شرق آسيا من أجل تصعيد صراعاتهم مع بكين.
•    امتنعت الصين عن معارضة مشروعات القرارات الدولية التي استهدفت العقوبات الدولية المتعددة الأطراف ضد إيران. على أمل أن تغض أطراف مثلث واشنطن ـ باريس ـ لندن النظر عن مشروعات بكين الساعية إلى جعل دولة بورما تقوم بدور نافذة الصين الجنوبية الغربية المطلة على المحيط الهندي، بما يتيح للصين تمديد خط أنابيب نقل النفط والغاز من الساحل البورمي إلى داخل الصين، ولكن بدلاً عن ذلك سعت واشنطن إلى ابتزاز بورما بما يجعلها أمام خيار بناء الشراكة مع الهند والتخلي عن الصين. أو مواجهة العقوبات الدولية التي يمكن أن تصل إلى مرحلة الحصار.الرئيس الصيني هو جين تاو
•    اهتمت الصين بجعل أرصدتها المالية مودعة ضمن البنوك والمؤسسات المصرفية الأمريكية، إضافة إلى القيام بتقديم بعض التنازلات المتعلقة بسعر صرف اليوان الصيني بما يساعد في تقليل اختلالات الميزان التجاري الصيني ـ الأمريكي، على أمل أن يتخلى الكونغرس الأمريكي عن مشروع قانون سعر صرف العملة الصينية، ولكن بدلاً عن ذلك، حصلت بكين على المزيد من التدخلات الأمريكية السافرة الجديدة، فقد جاءت الضغوط الأمريكية الأخيرة وهي تطالب الصين بضرورة تقليل حجم ميزانية الدفاع الصينية.
تشير توقعات المحللين السياسيين إلى أن بكين سوف تسعى خلال الفترة القادمة لجهة القيام بالمزيد من فعاليات الدبلوماسية الوقائية الرامية إلى احتواء مخاطر تمدد الطموحات الأمريكية السالبة التأثير على البيئة الدولية، وفي هذا الخصوص تقول التسريبات بأن بكين قد أصبحت على علم كامل بالمعطيات الآتية:
•    الضغط على أنغولا لجهة القيام بعدم تزويد الصين بالإمدادات النفطية.
•    تهديد الشركات الصينية باحتمالات مواجهة العقوبات بالحرمان من العمل في الأسواق الأمريكية وأسواق الاتحاد الأوروبي إذا لم توقف معاملاتها مع إيران.
•    استغلال فعاليات أزمة التصعيدات العدوانية الكورية الشمالية ـ الكورية الجنوبية كذريعة لجهة القيام بنشر المزيد من القطع البحرية والغواصات النووية الأمريكية في المناطق البحرية المطلة على الساحل الصيني المواجه للمحيط الباسفيكي.
وإضافة لذلك، فقد كشفت التسريبات قيام وكالة المخابرات المركزية الأمريكية والقوات الأمريكية الموجودة في أفغانستان، بتطبيق وإنفاذ برنامج سري تضمن القيام بتدريب الآلاف من عناصر الإيغور الصينيين، وتزويدهم بالعتاد والسلاح والمال، وذلك من أجل إشعال الحرب الأهلية في مقاطعة سينكيانج الصينية.

الجمل ـ قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...