ردود الأفعال الإقليمية والدولية على زيارة المعلم لبغداد

الجمل:   تباينت ردود الأفعال الإقليمية والدولية  للزيارة التي قام بها السيد وليد المعلم وزير الخارجية السوري في العراق، وكانت ردود الأفعال هذه تتمحور على خلفية الوضع العراقي الراهن المتزايد التعقيد، بفعل تورط القوى الأجنبية بقيادة أمريكا، وتزايد الخلافات الداخلية وأعمال العنف، إضافة إلى توتر الأوضاع الإقليمية في الدول المجاورة للعراق، خاصة إيران، ومنطقة شرق المتوسط التي تتكون من مثلث سوريا- لبنان- وفلسطين.
• تقرير واني ماديسون: نشر موقع التقرير تعليقاً حول زيارة الوزير السوري، تضمن الملاحظات الآتية:
- اهتمام الإدارة الأمريكية بالزيارة، وبذل القوات الأمريكية الموجودة في العراق جهوداً كبيرة في المطار والمنطقة الخضراء من أجل توفير الحماية اللازمة. إضافة إلى متابعة كل وسائل الإعلام الأمريكية المقروءة والمسموعة لحدث الزيارة.
- مطالبة الوزير السوري للحكومة العراقية بإلغاء برنامج استئصال البعث، الذي سبق وأعده المحافظون الجدد، وعمل بريمر الحاكم العسكري الأمريكي السابق للعراق من أجل تنفيذه.
- مطالبة سوريا لأمريكا بضرورة الضغط على إسرائيل من أجل استرداد الجولان.
• صحيفة نيويورك تايمز: نشرت تقريراً اخبارياً ركّز على النقاط الآتية:
- عودة العلاقات الدبلوماسية بين العراق وسوريان بعد فترة انقطاع لأكثر من 20 عاماً.
- التوجهات الجديدة في السياسة الخارجية الأمريكية الرامية إلى مراجعة وإعادة تقويم الدور الأمريكي في العراق، سوف تفتح مجالاً أمام سوريا وإيران وتركيا للدخول في الساحة العراقية.
- مطالبة نوري المالكي لسوريا بضرورة العمل من أجل منع المسلحين العرب السنة من الدخول والتسلل إلى الأراضي العراقية.
- الإشارة إلى المقابلة التي تمت بين وزير الخارجية السورية وليد المعلم وجيمس بيكر، رئيس مجموعة دراسة العراق، خلال أيلول الماضي في أحد فنادق مدينة نيويورك.
- رغبة الإدارة الأمريكية التفاهم مع طهران حول الملف العراقي، برغم خلافهما حول البرنامج النووي الإيراني.
• صحيفة لوس انجلوس تايمز: ونشرت تقريراً تضمن النقاط الآتية:
- رغبة الزعماء العراقيين في إجراء لقاء قمة ثلاثي يضم: العراق، سوريا، وإيران.
- عبور النازحين العراقيين إلى سوريا، وعبور المسلحين السنة من سوريا إلى العراق.
- سوريا وإيران أهم الفاعلين في الساحة العراقية الحالية.
كذلك فقد برزت بعض ردود الأفعال المتشائمة وكان من أبرزها:
* مؤسسة الرائد للدراسات والبحوث: قال اليهودي ديفيد أهارون مدير مركز دراسات الشرق الأوسط، التابع للمؤسسة، بأن إيران وسوريا سوف تطلبان من الإدارة الأمريكية ثمناً غالياً مقابل تعاونهما.
* مجلس العلاقات الخارجية: قال فالي ناسزر، عضو المجلس بأن هناك لعبة إقليمية في المنطقة، وبالتالي فإن سوريا وإيران سوف لن تقفا بمعزل.
* إن المحادثات سوف تعزز من نفوذ أمريكا في المنطقة، خاصة وأن سوريا كانت ومازالت مصنعة من قبل واشنطن من بين دول محور الشر الراعية للإرهاب، وذلك على حد تعبير سولومون مور عضو هيئة تحرير صحيفة لوس أنجلوس تايمز.
* صحيفة هيوستن كرونيكال، نشرت تقريراً عنوانه (الولايات المتحدة قلقة من دور إيران وسوريا في العراق، وذلك بسبب الجدل الدائر داخل الإدارة الأمريكية حول حجم القوات الأمريكية المطلوب في العراق.
* صحيفة هاآرتس الإسرائيلية، قامت بنشر التقرير الاخباري الذي أصدرته وكالة الأشوسيتيد بريس، والذي لمح للشكوك الأمريكية حول الدول الإيراني- السوري في القضاء على العنف العراقي.
تقييم عام:
على خلفية اختلاف وجهات النظرحول مدى فاعلية دول الجوار الإقليمي في القضاء على العنف العراقي، يبرز السؤال الهام: ما الذي تريده أمريكا من سوريا وإيران في العراق؟ وهل يتوقف مصير ومستقبل الوجود الأمريكي في العراق على سوريا وإيران..؟
برغم الخلاف الدائر حالياً في واشنطن، حول استمرار الوجود الأمريكي في العراق، والأغلبية المعارضة لحرب العراق، وما أدت إليه من فوز الديمقراطيين المعارضين للحرب والمطالبين بعودة القوات الأمريكية، فإن إدارة الرئيس بوشن مازالت تعمل في اتجاه تنفيذ المخطط الذي يتيح لأمريكا استمرارية احتلالها للعراق.
• الرئيس بوش: صرح قائلاً صباح اليوم بأنه لم يقرر بعد في موضوع حجم القوات الأمريكية الموجودة في العراق.
• البنتاغون: يحاول توحيد الخيارات ضمن خيار واحد، بحيث يتحايل على الوقائع الميدانية، واستخدام ازدواجية المصطلحات العسكرية، بحيث يفسر البنتاغون تخفيض القوة، باعتباره في تقليل اللجوء لاستخدام القوة بواسطة القوات الأمريكية داخل العراق، وبالتالي تقوم وزارة الدفاع الأمريكية برفع توصية تتعلق برفع عدد القوات الأمريكية في العراق.
• لجنة بيكر: وبرغم التفاؤلات الكبيرة التي تضمنتها تصريحات وتحليلات المعنيين بشؤون الشرق الأوسط، إلا أنها سوف لن تتجاوز حدود تصفية بعض الخلافات الثانوية مع جماعة المحافظين الجدد داخل الإدارة الأمريكية، ولن تصدر توصية بالانسحاب الفوري من العراق، وكل ما هو مناط بهذه اللجنة هو  إنقاذ سمعة الحزب الجمهوري وتحقيق التسوية الداخلية الأمريكية بين جماعة المحافظين التقليديين وجماعة المحافظين الجدد، ولما كانت المصالح الاقتصادية هي السبب الرئيس لقيام أمريكا بغزو واحتلال العراق، فإن لوبيات المجمع النفطي- الصناعي- العسكري، إضافة إلى جماعات اللوبي الإسرائيلي سوف يكون لها دور كبير في توجيه عمل ل جنة بيكر، بحيث تتم عملية (حياكة وتطريز أجندتها وتوصياتها) على النحو الذي يخدم مصالح هذه اللوبيات من جهة، ويلتف على الرأي العام الأمريكي من الجهة الأخرى، وقدم الصحفي الأمريكي الشهير جاستن رايموندو، ورئيس تحرير صحيفة انتي دار الأمريكية الشهيرة، المناهضة لحرب العراق وإسرائيل قائلاً: يجب على معسكر السلام في أمريكا عدم الاكتفاء بهزيمة الجمهوريين وفوز الديمقراطيين، بل لابد من القيام بتصعيد حملة السلام أكثر فأكثر، لأن التجارب أكدت دائماً أن الديمقراطيين قد يكونوا أكثر سوءاً من الجمهوريين عندما تكون بيدهم مقاليد السلطة.
الطريقة التي تحاول بها الإدارة الأمريكية طلب معاونة دول الجوار الإقليمي، تتضمن دلالة وحيدة الاتجاه، وذلك لأن السؤال الذي تطرحه الإدارة الأمريكية لهذه الأطراف هو: ما هي المساعدة التي يمكن أن تقدموها لنا من أجل تحقيق الاستقرار والأمن في العراق.
ومن ثم، فإن القراءة الفاحصة بين سطور هذا السؤال تقول: إن الإدارة الأمريكية وحلفاءها يصورون نفسهم كأنما قد قاموا ببذل أقصى ما في وسعهم من أجل السلام، هذا من جانب.. أما القراءة من جانب آخر، فإن هذا السؤال يتضمن تلميحاً بأن السياسة الأمريكية تجاه العراق سوف تستمر.. وبأن أمريكا ترحب بكل من يقدم لها المساعدة الداعمة لتوجهاتها.
كذلك، تجدر الملاحظة والانتباه إلى أمر آخر، فقد ظل حلفاء أمريكا في المنطقة مثل السعودية والأردن ومصر والكويت يقدمون للإدارة الأمريكية الكثير من الخدمات والمساعدات.. والآن، لماذا سوريا وإيران؟.
وأخيراً نقول: لقد فعل وزير الخارجية السوري وليد المعلم حسناً، عندما طالب الإدارة الأمريكية بتحديد جدول زمني للانسحاب من العراق.

الجمل: قسم الدراسات والترجمة