بيت العنكبوت الكندي-الأمريكي الجديد

14-09-2010

بيت العنكبوت الكندي-الأمريكي الجديد

الجمل:  تحدثت التقارير والتحليلات كثيراً عن السياسة الخارجية الأمريكية وشبكة خيوطها العنكبوتية التي تغلغلت في سائر أنحاء العالم، ولكن ما لم تتطرق إليه هذه التقارير والتحليلات بالقدر الكافي هو ملف العلاقات الأمريكية-الكندية، والتي بحسب المعلومات الجارية، أصبحت باتجاه التحول نحو واحدة من أكبر بؤر الشر في النظام العالمي الجديد: ما هي خلفيات العلاقات الأمريكية-الكندية؟ وما الذي يجري حالياً على خط واشنطن-أوتاوا؟ وما هي تداعيات ذلك على سائر أنحاء العالم وعلى وجه الخصوص منطقة الشرق الأوسط؟
* علاقات خط واشنطن-أوتاوا: ماذا تقول المعلومات؟
تجري حالياً العديد من الوقائع الجديدة على خطوط العلاقات الأمريكية-الكندية، وفي هذا الخصوص تقول المعلومات الجارية بأن التطورات الجديدة تتمثل في الآتي:
• تعميق الفهم والعمل المشترك في كل الاتفاقيات الثنائية الكندية-الأمريكية: وفي هذا الخصوص نشير إلى أن الولايات المتحدة ترتبط مع كندا بالعديد من الاتفاقيات والمعاهدات التي ركزت على معالجة قضايا الجوار الإقليمي الكندي-الأمريكي، خصوصا القضايا والمسائل العابرة لخط الحدود الأمريكية-الكندية، وكما هو واضح، فإن تعميق الفهم والعمل المشترك هو عملية تنطوي على نقل التعاون الكندي-الأمريكي المشترك باتجاه سائر أنحاء العالم.خارطة كندا السياسية
• بناء العلاقات الخاصة الأمريكية-الكندية على أساس الشراكة الإستراتيجية: ويعتبر هذا الجانب هو الأكثر خطورة لجهة تداعياته على كندا وعلى بقية دول العالم، وعلى سبيل المثال لا الحصر، ترتبط كندا باتفاقية شراكة مع دول الاتحاد الأوروبي، وأيضاً باتفاقيات مع بعض دول الشرق الأوسط، الأمر الذي يفيد لجهة أن كندا سوف تنخرط في إدارة علاقاتاتها الثنائية الأوروبية والشرق أوسطية تبعاً لثوابت الشراكة الإستراتيجية الأمريكية-الكندية. وبالتالي، فإن إسرائيل سوف تجد الفرصة من أجل ممارسة حضورها القوي في السياسة الخارجية الكندية عبر نافذة الشراكة الإستراتيجية الأمريكية-الكندية.
تقول آخر التطورات الجارية بأن وزيرة الأمن الداخلي الأمريكية جانيتا نابوليتانو باشرت العديد من التفاهمات المشتركة مع نظيرها الكندي فيكل نويوس وزير شؤون السلامة العامة الكندي، وذلك بما يتجاوز الفهم المشترك لتهديدات الأمن الداخلي الأمريكي والأمن الداخلي الكندي، بما يصل إلى فهم مشترك ينظر إلى هذه التهديدات باعتبارها تهديدات ثانوية مصدرها التهديدات الأولية النابعة من خارج قارة أمريكا الشمالية وتحديداً من منطقة الشرق الأوسط وشبه القارة الهندية والخليج العربي وأفريقيا.
* الشراكة الأمريكية-الكندية: السياق الدولي الجديد
بناء الشراكة الأمريكية-الكندية ضمن النموذج الجديد الجاري وفقاً لتفاهمات الوزيرة الأمريكية نابوليتانو-الوزير الكندي فيك نوبوس سوف تترتب عليه جملة من التداعيات الخطيرة، وعلى وجه الخصوص بالنسبة لمستقبل السياسة الخارجية الكندية والعلاقات الكندية مع بلدان الاتحاد الأوروبي وبلدان الشرق الأوسط وبلدان منطقة شبه القارة الهندية، وفي هذا الخصوص نشير إلى الآتي:
- التداعيات في منطقة الشرق الأوسط: سوف تؤدي الشراكة الأمريكية-الكندية إلى إحداث تغيير محوري-نوعي في طبيعة ومكونات قضايا السياسة الخارجية الكندية إزاء سوريا ولبنان وفلسطين ومنطقة الخليج العربي وربما تركيا، وحالياً توجد المزيد من المؤشرات الدالة على ذلك والتي يمكن ملاحظتها بوضوح من خلال أداء السياسة الخارجية الكندية إزاء إيران والعراق.
- التداعيات في منطقة شبه القارة الهندية: الأداء السلوكي السياسي الخارجي الكندي لجهة خيار الحرب لجانب أمريكا في المسرح الأفغاني هو أداء يفيد لجهة انسجام علاقات التعاون والصراع في منطقة شبه القارة الهندية، فالصراع الأفغاني-الأمريكي جاء معه نموذج الصراع الأفغاني-الكندي والتعاون الأمريكي-الهندي جاء معه نموذج التعاون الكندي-الهندي، أما تمهيد أمريكا لجعل المسرح الباكستاني ساحة محتملة للتدخل الأمريكي الأوسع فقد جاء معه نموذج الترتيبات الكندية لجهة جعل المسرح الباكستاني ساحة محتملة لتدخل القوات الكندية.
- التداعيات في منطقة الاتحاد الأوروبي: سوف تؤدي الشراكة الأمريكية-الكندية إلى بناء ثنائية أنجلو ساكسونية جديدة في خطوط علاقات عبر الأطلنطي. وبكلمات أخرى، فإن كل الملفات التي ظلت واشنطن تمارس فيها الضغوط على بلدان الاتحاد الأوروبي والمفوضية الأوروبية، سوف تكون هذه الضغوط الأمريكية مصحوبةً خلال الفترة المقبلة بضغوط إضافية كندية إزاء نفس الملفات، وعلى سبيل المثال لا الحصر، فإن الضغوط الأمريكية على بلدان الاتحاد الأوروبي بشأن ملفات الشرق الأوسط سوف تستصحب معها خلال الفترة القادمة ضغوطا كندية موازية، الأمر الذي سوف يجعل بلدان الاتحاد الأوروبي والمفوضية الأوروبية تواجهان بشكل متزامن ما يمكن أن نطلق عليه تسمية ماكينة ضغوط عبر الأطلنطي المزدوجة الأمريكية-الكندية.
هذا، وتجدر الإشارة إلى أن التحولات المحورية-النوعية الجديدة في توجهات السياسة الخارجية الكندية، سوف لن تنحصر فقط في نطاق الشرق الأوسط والاتحاد الأوروبي وشبه القارة الهندية وحسب وإنما سوف تؤثر على:
• التفاعلات السياسية داخل مسارات المجتمع الدولي وعلى وجه الخصوص الأمم المتحدة إضافة إلى التفاعلات داخل منظمة التجارة العالمية والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومجوعة الثمانية. وبالتأكيد سوف تتأثر دول العالم ومن بينها دول الشرق الأوسط بالتحيزات والاستقطابات الجديدة التي سوف تنشأ داخل منظمة التجارة العالمية و والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي.
• تفاعلات علاقات عبر الباسفيك، وعلى وجه الخصوص مع الصين، وفي هذا الجانب سوف تنخرط كندا كفاعل إقليمي-دولي رئيسي إلى جانب أمريكا وأستراليا واليابان وكوريا الجنوبية وذلك باتجاه تكثيف الضغوط التجارية والاقتصادية ضد الصين، بما يجعل الصين في مواجهة حالة من عدم القدرة على المضي قدماً في مواجهة توجهات واشنطن داخل مجلس الأمن الدولي ضد دول منطقة الشرق الأوسط.
إذاً، سوف تتغير توجهات السياسة الخارجية الكندية إزاء دول وبلدان منطقة الشرق الأوسط بما سوف يجعل من العلاقات الكندية-الإسرائيلية تكون على غرار نموذج العلاقات الخاصة الأمريكية-الإسرائيلية، فهل يا ترى سوف تسعى دول منطقة الشرق الأوسط، وعلى وجه الخصوص دول الجامعة العربية وإيران وتركيا إلى ترتيب المسرح الشرق أوسطي من أجل ردع تأثيرات العامل الكندي السلبية على المنطقة؟! وفي هذا الخصوص أيضاً يجب عدم الاستهانة بمكانة ووزن كندا المؤثر في النظام الدولي، وبالذات فيما يتعلق بالجانب الاقتصادي الكندي، والجانب المخابراتي-الأمني الكندي، إضافة إلى نوايا كندا الرامية إلى تجنيد المهاجرين الشرق أوسطيين، وتحويلهم إلى جيوش كندية عابرة للبحار، تعمل جنباً إلى جنب مع قوات المارينز الأمريكية السيئة السمعة في مسارح المنطقة.

 

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...