سيناريو علاقات خط أنقرا- تل أبيب: انعطاف أم انقلاب؟
الجمل: تشهد الساحة السياسية التركية موجة غضب عارمة بسبب قيام القوات الخاصة الإسرائيلية بمهاجمة قافلة كسر الحصار على غزة وتنفيذ عملية اغتيال جماعي-انتقائي ضد الناشطين الأتراك المرافقين لقافلة السفن الست التي تحمل المساعدات الإنسانية في المياه الدولية: ما هو شكل الإدراك التركي الحالي إزاء إسرائيل، وما هي ردود الأفعال الشعبية والرسمية التركية المتوقعة ضد إسرائيل, وما هو تأثير ذلك على توجهات السياسة الخارجية والداخلية التركية, إضافة إلى موقف أنقرا إزاء مستقبل العلاقات التركية - الأميركية بعد الضغوط التي مارستها واشنطن لمنع مجلس الأمن الدولي من إصدار قرار يدين العدوان الإسرائيلي؟
رد الفعل التركي: التصعيدات المؤسسية الجديدة
أكدت المعلومات والتقارير, بأن رئيس الوزراء التركي رجب أردوغان قد قام لحظة تلقيه خبر مهاجمة القوات الإسرائيلية الخاصة لسفن القافلة, فورا بقطع زيارته الرسمية التي كان يقوم بها في تشيلي بأميركا الجنوبية, وعاد مباشرة إلى العاصمة التركية أنقرا. وتقول المعلومات والتقارير, بأن الساحة السياسية التركية قد شهدت التطورات الآتية:
• التطورات السياسية السلوكية- الوظيفية: تضمنت المظاهرات والمواكب الغاضبة والتي عكست موقف الرأي العام التركي المناهض لإسرائيل, إضافة إلى سيل المقالات والتقارير المنددة التي غمرت الوسائط الإعلامية التركية في بادرة غير مسبوقة في تاريخ العلاقات التركية-الإسرائيلية, وإضافة لذلك, فإن رموز حزب الشعب الجمهوري الحليف لإسرائيل, وأيضا رموز الحزب القومي التركي المتحفظين إزاء انفتاح العلاقات التركية-العربية, أدانوا جميعهم السلوك العدواني الإسرائيلي, وهي أيضا بادرة غير مسبوقة في تاريخ هذين الحزبين..
• التطورات السياسية المؤسسية-الهيكلية: تضمنت قيام الحكومة التركية ببذل الجهود لجهة دفع مجلس الأمن الدولي لإصدار قرار بإدانة العدوان الإسرائيلي, إضافة إلى استدعاء السفير الإسرائيلي في تركيا, وأيضا سحب السفير التركي في إسرائيل. هذا, إضافة إلى قيام الحكومة التركية بعقد المزيد من الاجتماعات الداخلية التي ركزت على تقييم الموقف, وتقول المعلومات والتقارير بأن رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان قد دعا إلى عقد مؤتمر أمن قومي تركي طارئ للنظر في تقييم الاعتداء الإسرائيلي ووضع الترتيبات الجديدة للأزمة.
تحليل تطورات وقائع ردود الفعل السياسية الشعبية والرسمية التركية ضد العدوان الإسرائيلي, يشير إلى أن احتواء هذه التطورات لن يكون سهلا, فالأساليب الفوقية لن تجدي نفعا, وذلك لأن مصدر هذه التطورات هو الضغط الشعبي القادم من الشارع السياسي التركي, وبالتالي فمن الصعب على الحكومة التركية القيام في الوقت الحالي بأي عملية تهدئة لتوتر العلاقات مع إسرائيل.
سيناريو علاقات خط أنقرا- تل أبيب: انعطاف أم انقلاب؟
تم عقد اجتماع أمني تركي أول أمس الثلاثاء 1 أيار (يونيو) 2010م, بمكتب رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان, وقد شارك في هذا الاجتماع لفيف من كبار المسئولين الأتراك المعنيين بشؤون الأمن والدفاع والسياسة الخارجية, وكان من بينهم: رئيس الوزراء أردوغان ونائباه: بولنت أرنيز وكاميل سيسيك – وزير الدفاع التركي غوسدي غونول – الجنرال أصلان غونير نائب رئيس الأركان – مساعد وزير الدولة إفكان علا – هاكان فيدان مسئول جهاز المخابرات التركية.
هذا, ولم تصدر أي قرارات رسمية معلنة حول هذا الاجتماع, ولكن التسريبات أكدت بأنه كان اجتماعا هدف إلى إجراء المشاورات والتفاهمات الأولية من أجل ترتيب المسرح لعقد اجتماع أمني تركي حاسم.
تقول المعلومات والتقارير والتسريبات, بأنه وعلى الفور بعد انتهاء الاجتماع الأمني الأول, تمت الدعوة لعقد اجتماع أمني تركي, وذلك من أجل البحث في النقاط الآتية:
• تقييم العدوان الإسرائيلي ضد قافلة المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة, وفشل الناشطين الأتراك المرافقين للقافلة, وهي في عرض البحر – أي في المياه الدولية الواقعة خارج نطاق السيادة الإسرائيلية.
• تقييم عدوان حزب العمال الكردستاني ضد القاعدة العسكرية البحرية التركية في منطقة اسكندرون, ومدى علاقته بالعدوان الإسرائيلي ضد القافلة.
• تقييم الموقف إزاء تطورات علاقات خط أنقرا-تل أبيب, على ضوء الاعتداء ضد سفن القافلة وقتل الناشطين الأتراك, إضافة إلى إفادات الناشطين الأتراك الذين عادوا إلى تركيا وأخطروا السلطات التركية بما تعرضوا إليه على يد الإسرائيليين من سوء معاملة وانتهاكات.
• تقييم الإجراءات التركية الرسمية الواجب اتخاذها ضد إسرائيل بما في ذلك الترتيبات: الاقتصادية – السياسية – الدبلوماسية والعسكرية.
أشارت التقارير والمعلومات إلى أن اجتماع اليوم سوف يضم: رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان – رئيس الأركان التركي الجنرال إيكلير باشبوغ – قائد القوات البرية – قائد القوى الجوية – قائد القوات البحرية – قائد قوات حرس السواحل – قائد قوات الجندرمة. إضافة إلى الوزراء الأعضاء في مجلس الأمن القومي: وزير الدفاع التركي – وزير الداخلية التركي – وزير الخارجية التركي. إضافة إلى بعض الوزراء الآخرين ذوي الحقائب الوزارية المعنية بشؤون الأمن القومي.
تشير التوقعات إلى أن التطورات الجارية على خط علاقات أنقرا-تل أبيب سوف تشهد سيناريو يتضمن انتقال التوترات من مرحلة الأوضاع الصراعية الجزئية إلى مرحلة الأوضاع الصراعية الكلية, وبكلمات أخرى, فإن المرحلة القادمة سوف تشهد المزيد من التوترات التركية-الإسرائيلية في أروقة المنظمات الإقليمية والدولية, بما في ذلك مجلس الأمن الدولي, والذي تسعى تركيا حاليا إلى دفعه باتجاه إصدار قرار دولي يطالب بإجراء التحقيق الدولي في الآتي:
• جريمة اعتراض ست سفن وهي في المياه الدولية, وإجبارها على الإبحار بقوة السلاح باتجاه دخول المياه الإقليمية الإسرائيلية إضافة إلى إجبارها على الرسو في ميناء أشدود الإسرائيلي وإجبار ركابها على النزول وتعرضهم للاحتجاز والتحقيق.
• جريمة الاقتحام العسكري لست سفن وهي في المياه الدولية, وقتل عدد من ركابها المدنيين العزل, والذين لا يحملون لا هم ولا السفن أي أسلحة أو وسائط عسكرية.
المضي قدما في هذا المسار سوف يؤدي إلى إدخال العلاقات التركية-الإسرائيلية في مرحلة انتقالية جديدة, تتضمن التحول من علاقات التعاون إلى نموذج علاقات الصراع, وهو تحول نوعي ينطوي على المزيد من التداعيات الهامة في توازنات المسرح الإقليمي الشرق أوسطي, وأيضا في توازنات المسرح الدولي, طالما أن تركيا ترتبط بعلاقات أمنية-عسكرية خاصة مع أميركا. وإسرائيل أيضا ترتبط بعلاقات أمنية-عسكرية خاصة مع أميركا, وتأسيسا على ذلك, تقول التسريبات, بأن تركيا سوف تطالب مسعود البرازاني بتحديد موقف واضح مقبول تركياً إزاء قيام حزب العمال الكردستاني بمهاجمة قاعدة اسكندرون العسكرية التركية وفي وقت متزامن مع العدوان الإسرائيلي ضد سفن القافلة والناشطين الأتراك, وبكلمات أخرى: هل ستسعى تركيا إلى التصعيد في شمال العراق مرة أخرى, بما سوف يؤدي إلى زعزعة استقرار الوجود الأميركي في العراق, بما معناه أن الرد التركي سوف يتضمن اتخاذ إجراءات متشددة انتقامية ضد إسرائيل, وفي نفس الوقت استخدام مسرح شمال العراق كساحة للقصاص من واشنطن بسبب اعتراضها على تمرير قرار مجلس الأمن الدولي بما ينسجم مع طموحات تركيا. وإضافة لذلك, فإن الموقف التركي المحتمل القادم داخل مجلس الأمن الدولي قد لا يكون في مصلحة مشروع العقوبات الأميركية ضد إيران, وتجدر الإشارة إلى أن تركيا لن تكون وحدها هذه المرة داخل مجلس الأمن, فالبرازيل هي أيضا عضو في مجلس الأمن...
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد