تأثير التطورات النووية الكورية على الملفات الشرق أوسطية

21-04-2010

تأثير التطورات النووية الكورية على الملفات الشرق أوسطية

الجمل: تقول التسريبات والمعلومات الواردة اليوم بأن كوريا الشمالية سوف تفاجئ العالم بتجربة التفجير النووي الثالثة والتي من المتوقع أن يتم تنفيذها إما في شهر أيار (مايو) أو حزيران (يونيو) القادمان: فما هي طبيعة برامج التسلح غير التقليدية الكورية, وما هو تأثير التطورات النووية الكورية على الملفات النووية الشرق أوسطية التي ظلت إسرائيل ومن وراءها واشنطن تسعى لتوظيفها في بناء حملة الذرائع ضد خصومها في الشرق الأوسط وعلى وجه الخصوص سوريا وإيران؟

المنشآت النووية الكورية الشمالية
تقول المعلومات والتسريبات التي سبق أن أوردتها المصادر الأميركية بأن كورياالقدرات الصاروخية الكورية الشمالية الشمالية تمتلك حوالي 28 منشأة نووية ثم بعد ذلك جاءت المفاجأة على لسان التخمينات الكورية الجنوبية التي أكدت بأن كوريا الشمالية تمتلك برنامجا نوويا قوامه حوالي مئة منشأة نووية, وعلى أية حال فما هو واضح أن مجمع بيونغ يانغ النووي يمثل القلب الحيوي لبرامج إنتاج أسلحة البلوتونيوم النووية الكورية الشمالية, ويضم هذا المجمع مفاعلا يعمل بطاقة 5 ميغا واط بدأ إنشاءه في العام 1980 وأيضا يضم منشآت للوقود ومعالجة البلوتونيوم حيث يتم استخلاص المواد النووية عالية النقاء التي تستخدم في صنع الرؤوس النووية الحربية, وأشارت المصادر بأن الموقع يقع على بعد 100 كم شمال العاصمة الكورية الشمالية بيونغ يانغ ويضم أيضا مفاعلا يعمل بطاقة 50 ميغا واط, ولكن سبق أن تم إيقاف العمل في هذا المفاعل بموجب اتفاق في عام 1994 بين الولايات المتحدة الأميركية وكوريا الشمالية, ولكن برغم الاتفاق أو بالأحرى (الصفقة) الأميركية-الكورية الشمالية لجهة إيقاف العمل في هذا المفاعل, فإن مساعي واشنطن المتشددة لجهة ابتزاز كوريا الشمالية قد دفعت بيونغ يانغ إلى العمل بحزم من أجل إكمال هذا المفاعل والذي أكدت المعلومات الحالية بأنه قد اكتمل بالفعل.
يقول بعض الخبراء بأن كوريا الشمالية أصبحت قادرة على إنتاج قنبلة نووية واحدة سنويا, هذا بحسب التقديرات الأميركية القائمة على المعلومات المتاحة, وبالتالي هناك احتمالات بأن تكون قدرات كوريا الشمالية أكبر من ذلك.

القدرات النووية الكورية الشمالية: الإمكانيات الماثلة والمحتملة
أشارت تقديرات بعض الخبراء الاستراتيجيين الأميركيين عشية قيام بيونغ يانغ بتجربتها النووية التفجيرية في 25 أيار (مايو) 2009م الماضي, إلى أن كوريا الشمالية قد نجحت بإنتاج ما يقدر على الأقل بحوالي 50 كغ من البلوتونيوم, وهي كمية تكفي لإنتاج حوالي 9 رؤوس حربية نووية, ولاحقا بعد ذلك أشارت المعلومات إلى أن كوريا الشمالية قد نجحت في استخلاص المزيد من المواد الانشطارية, وذلك بما معناه أن كمية البلوتونيوم الموجودة حاليا لدى كوريا الشمالية أكبر من الخمسين كيلوغراما, بما يعني بالضرورة أن بيونغ يانغ تملك من المواد الانشطارية بما يكفي لصناعة 11 رأسا نوويا حربيا.

التجارب التفجيرية النووية الكورية الشمالية: المعطيات والدلالة
تشير معطيات التسلسل الزمني الخاص بالبرنامج النووي الكوري الشمالي إلى الآتي:
- التجربة التفجيرية النووية الأولى: نفذتها بيونغ يانغ في شهر تشرين الأول 2006, وتقول المعلومات بأن الخبراء النوويين قد رأوا أن هذه التجربة تمثل نقطة ضعف تتمثل في المستوى المنخفض لقوتها التجريبية واعتبر هؤلاء الخبراء أن نقطة الضعف هذه هي مؤشر إلى أن القنبلة النووية الكورية الشمالية الأولى تعاني من ضعف في التصميم أو من عدم وجود القدر الكافي من البلوتونيوم في داخلها وفقا للمعايير المعروفة والمعمول بها في صنع القنابل النووية.
- التجربة التفجيرية النووية الثانية: قامت بيونغ يانغ بتنفيذها في 25 أيار (مايو) 2009, وتقول المعلومالقدرات النووية الكورية الشماليةات بأن مراكز الرصد الاهتزازي السيزمي في اليابان وكوريا الجنوبية قد رصدت الحركة الاهتزازية التي أحدثتها التجربة التفجيرية النووية الكورية الشمالية بما بلغ شدته 4,7 ريختر على سطح الأرض وأكدت الدراسات العلمية التي قام بها الخبراء بأن مركز هذه الهزة يقع على بعد 70 كم شمال غرب مدينة كيمشايك و375 كم شمال شرق العاصمة بيونغ يانع, وكان ذلك يفيد بمعناه أن بيونغ يانج قد أجرت تجربتها التفجيرية الثانية على بضعة كيلومترات من المكان الذي أجرت فيه تجربتها الأولى السابقة, وإضافة لذلك تجدر الإشارة إلى أن نفس هذه المعلومات قد تم تأكيدها بواسطة خبراء الدفاع الروس وخبراء الدفاع الصينيين.
التجربة التفجيرية النووية الكورية الشمالية الثالثة الجديدة سوف تحمل المزيد من الإشارات التي تفيد لجهة أن كوريا الشمالية قد أصبحت قوة نووية عالمية على غرار الأمر الواقع، إضافة لذلك تجدر الإشارة إلى أن كوريا الشمالية ظلت تقوم بالتزامن مع تطوير برنامجها النووي بعملية تطوير موازية لبرامجها الصاروخية وقد نجحت كوريا الشمالية بصنع المزيد من أنواع الصواريخ البالستية والتي بالضرورة تعمل كأنظمة الحمل والنقل للرؤوس الحربية النووية غير التقليدية.


سيناريوهات ما بعد تجربة بيونغ يانغ التفجيرية الثالثة المتوقعة؟
أدت التجربة النووية الأولى إلى تزايد الضغوط والشجب الأميركي والإسرائيلي ثم بعد ذلك تم التوافق والتفاهم بين أميركا والصين وروسيا واليابان لجهة حل أزمة البرنامج النووي الكوري الشمالي عن طريق الوسائل الدبلوماسية وبالفعل تم تكوين ما اصطلح على تسميته بالمحادثات السداسية والتي تضم الأطراف الدولية الستة المعنية بإدارة أزمة ملف البرنامج النووي الكوري الشمالي, وبعد جهود مضنية تم التوصل إلى اتفاق يقضي بأن توقف كوريا الشمالية برنامجها النووي وتقوم بتفكيك منشآت تخصيب اليورانيوم مقابل أن تحصل على الوقود النووي والمعونات والمساعدات الغذائية من الخارج وعلى وجه الخصوص من واشنطن, ولكن برغم وضوح الاتفاق فقد سعت واشنطن إلى ابتزاز كوريا الشمالية والضغط عليها لجهة الإدلاء بإفادات وبيانات كاذبة تقول بأن كوريا الشمالية قد زودت إيران وسوريا ببعض المواد النووية, وهو أمر كانت جماعة المحافظين الجدد تخطط أيام إدارة بوش الجمهورية السابقة إلى استخدامه ضمن أسانيد حملة بناء الذرائع الأميركية-الإسرائيلية التي كانت تستهدف سوريا وإيران, ولكن لم تنجح الضغوط الأميركية ومن ثم لجأت أميركا إلى محاولة فرض المزيد من الضغوط على كوريا الشمالية من خلال عدم الإيفاء بالتزاماتها التي أقرتها في الاتفاق الذي توصلت إليه اللجنة السداسية وهنا وبالمقابل فقد ردت بيونغ يانغ بقوة عن طريق إجراء تجربة التفجير النووي الكورية الشمالية الثانية والتي حدثت في يوم 25 أيار (مايو) 2009م, وقد أدت هذه التجربة إلى إرباك دبلوماسية إدارة بوش ولم يستطع الرئيس الأميركي الجمهوري السابق بوش القيام بأي شيء لأنه عمليا كان يقضي آخر أيام ولايته في البيت الأبيض الأميركي. والآن وعلى خلفية تجاهل إدارة أوباما الديمقراطية لجهة الإيفاء بتنفيذ اتفاق اللجنة السداسية وأيضا على خلفية التحرشات الدبلوماسية الأميركية لكوريا الشمالية وأيضا التحرشات العسكرية الأميركية التي تقوم بها قطع البحرية الأميركية والكورية الجنوبية واليابانية على امتداد المناطق البحرية المطلة على كوريا الشمالية فقد جاءت تجربة التفجير النووي الكورية الشمالية بما يؤكد أن بيونغ يانغ قد أصبحت تملك أسنانا نووية كاملة النمو وأن خبراء وكالة الطاقة الذرية العالمية وخبراء حظر انتشار الأسلحة النووية وخبراء شؤون ضبط التسلح العالمي لن يستطيعوا خلع أسنان بيونغ يانغ النووية, وأن على البيت الأبيض الأميركي أن يحمل محمل الجد تصريحات الزعيم الكوري الشمالي السابقة, والتي قال فيها وبكل وضوح بأنه إذا قامت أميركا بشن أي عدوان عسكري ضد كوريا الشمالية فإنه سوف يلتزم بإزالة ولايات أميركية كاملة من خارطة العالم بما في ذلك نيويورك وكاليفورنيا.

 

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...