السينما ثقافة غائبة عن مفكرة الشباب السوريين
يقضي عمر الطالب في كلية الآداب، قسم اللغة الإنكليزية في جامعة دمشق معظم أوقات فراغه وهو يتابع الأفلام. ويعتبره أقرانه بمثابة «المرجع السينمائي» لهم، فهم يستفسرون منه دائماً عن آخر الأفلام وأخبار النجوم، ويطلبون مشورته في ما يستحق أن يشاهد من منتجات الفن السابع وما لا يستحق.
وعلى رغم معرفة عمر بأسماء عشرات إن لم يكن مئات الأفلام الأميركية والأوروبية وأحياناً أسماء مخرجيها وتواريخ إنتاجها إلا أنه لم يستطع أن يذكر اسم فيلم سوري واحد شاهده في السنوات العشر الأخيرة متسائلاً عن وجود نتاج سوري أصلاً!
ولم يكن زملاء عمر في الجامعة أفضل حالاً منه إذ عجز رشوان وأحمد ولانا عن تسمية فيلم سوري شاهدوه أخيراً والفيلم الوحيد الذي استطاعوا الإشارة إليه كان «رسائل شفهية» للمخرج عبداللطيف عبدالحميد.
وكان «رسائل شفهية» شكل حالة استثنائية في السينما السورية خلال الأعوام الثلاثين الأخيرة! حيث عرض جماهيرياً وحقق إيرادات كبيرة وعرض غير مرة على الشاشات السورية وتنتشر العديد من مقاطعه الطريفة على أجهزة الخليوي. إلا أن عمر ورشوان وأحمد ولانا لا يعرفون أن عبدالحميد أخرج بعد هذا الفيلم مجموعة أفلام أخرى من بينها «قمران وزيتونة» و «نسيم الروح» و «أيام الضجر» و «خارج التغطية».
وهذه الأفلام وغيرها من إنتاجات المؤسسة العامة للسينما في سورية لمخرجين آخرين نالت عدداً من الجوائز في مهرجانات السينما محلياً وخارجياً، لكن عدم عرضها للجمهور العريض وحصرها في بعض المهرجانات أو العروض الخاصة يحول دون تواصل الشباب السوريين مع نتاج بلادهم السينمائي.
ويرجع الناقد السينمائي أسامة غنم هذه الظاهرة إلى ثلاثة أسباب أولها ضعف الإنتاج السينمائي السوري الذي يصفه غنم بـ «المتواضع كماً وليس نوعاً بالضرورة»، وثانيها انخفاض عدد الصالات السينمائية وبالتالي انخفاض مستوى ارتياد السينما إذ يشير غنم إلى أن مدينة دمشق فقيرة جداً بالصالات مقارنة بعدد سكانها.
والواقع أن ارتياد دور السينما ليس ثقافة راسخة بين الدمشقيين خصوصاً بين الأجيال الشابة التي تحتاج لدور حديثة فيها مواصفات لا تتوافر في الصالات الموجودة حالياً.
وثالث الأسباب برأي غنم هو «قلة الاهتمام الفعلي بإنشاء نواد سينمائية حقيقية تنشط الثقافة السينمائية بشكل عام والثقافة السينمائية السورية بشكل خاص». وفيما لا تزال السينما السورية تعاني من غيابها عن المشهد الثقافي العام والشبابي خصوصاً، استطاعت الدراما التلفزيونية السورية أن تخلق لنفسها جمهوراً عريضاً وفي مقدمته الشباب.
ملاذ الزعبي
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد