حزب الله في مواجهة إسرائيل

الجمل : مخطئ من ظن أن الأمن والهدوء قد عم  الشريط الحدودي بين لبنان وإسرائيل، بعد انسحاب القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان، فقد ظل هذا الشريط مسرحاً للاختراقات  الإسرائيلية  الاستخبارية ،إضافة إلى استمرار قيام الطيران العسكري الإسرائيلي باختراق الأجواء اللبنانية، كذلك ظلت كل مفاعيل الأزمة ، كما هي ، فقد ظلت إسرائيل  تحتفظ بكل محفزات الصراع والحرب في يدها ، ومن أبرز ما يؤكد ذلك:  احتفاظ الإسرائيليين  بالمعتقلين اللبنانيين في السجون الإسرائيلية ، استمرار احتلال مزارع شبعا ، ممارسة الضغوط السياسية والدبلوماسية ضد لبنان ، عرقلة العلاقات اللبنانية في البئية الدولية .. وغير ذلك كثير 
إزاء رفض إسرائيل إطلاق سراح المعتقلين اللبنانيين ، والانسحاب من مزارع شبعا، وإيقاف التمادي في اختراق طيرانها للأجواء اللبنانية ، قام حزب الله بممارسة  حقه في المقاومة ، ونفذت بعض عناصره ، عملية نوعية ، أسفرت عن اعتقال جنديين إسرائيليين ، وجرح وقتل عدد آخر .
كان هجوم حزب الله ، مباغتاً ، ومفاجئاً ، للقيادة الإسرائيلية ، والإدارة الأمريكية ، وحلفائهم في لبنان ضمن  تجمع تيار المستقبل ، والجماعات التي تفرعت عن "ثورة الأرز" وكانت أبرز التوقعات قبيل هجوم حزب الله النوعي  تشير إلى الآتي :
• على الجانب الإسرائيلي، ظلت إسرائيل منهمكة عسكرياً في مهاجمة قطاع غزة، وممارسة أعمال الانتقام  ضد الفلسطينيين ، من جراء اختطاف الجندي الإسرائيلي، إضافة إلى العمل من أجل تصفية حركة حماس ، وفي نفس الوقت العمل على إشعال حرب فلسطينية فلسطينية ، عن طريق تقديم السلاح لمجموعات  محمود عباس  ودعم تيار فتح ، كذلك التنسيق مع النظام  الملكي الأردني من أجل الضغط على حماس وبقية المقاومة الفلسطينية ، بشكل يدعم الجهود الإسرائيلية الرامية إلى القضاء على الفلسطينيين كذلك على المستوى السياسي المركزي تقوم القيادة السياسية الإسرائيلية بالترتيبات النهائية  لإعلان  حدود إسرائيل من طرف واحد ، بما يجعل من إقامة جدار العزل أمراً واقعاً ..
• كذلك تبذل القيادة الإسرائيلية  جهوداً كبيرة عن طريق ماكينات اللوبي الإسرائيلي المنتشرة في كافة أنحاء العالم ، وفي الولايات المتحدة ، من أجل  دفع  الإدارة الأمريكية إلى تصعيد وتشديد حملة العقوبات ضد سوريا ، وتوجيه ضربة لإيران ، وإصدار قانون محاسبة السعودية ، ودفع الكونغرس للمصادقة النهائية لقانون مكافحة الإرهاب الفلسطيني  الذي نجح  اللوبي الصهيوني في جعل  مجلس  النواب الأمريكي يصادق عليه بأغلبية ساحقة .
• على الجانب الأمريكي : وفقاً لمبدأ توزيع  الأدوار ظل تركيز الإدارة  الأمريكية في هذه الأيام منصباً على تصعيد الحملة ضد إيران ، والعمل من أجل إنشاء تحالف دولي يعطي بعض الشرعية  للقيام بمهاجمة إيران ، والذي قام البنتاجون بإعداد  كل مخططاته اللازمة ، كذلك فقد تصاعدت الأمور بقدر كبير في العراق، بحيث أصبحت تكاليف الاحتلال الأمريكي تشكل ضغوطاً كبيرة على الميزانية  الأمريكية، إضافة إلى تصاعد العمليات العسكرية ضد القوات الأمريكية في أفغانستان .
• على الجانب اللبناني: كان حصاد تيار المستقبل وجماعة 14  آذار يتمثل في جانبين، الأول: هو السيطرة على الحكومة اللبنانية، والثاني هو فشل الأدلة  التي تم تركيبها بواسطة  أمريكا وإسرائيل  من أجل إدانة سوريا في عملية  اغتيال  الحريري .. وبرغم الإحباط  الذي أحدثه هذا الفشل ، فقد استمرت محاولات  تيار المستقبل ـ الأرز ، من أجل  إحراز  تقدم أكبر في تنفيذ الأجندة  الأمريكية  (الإسرائيلية)  المتعلقة  بتنفيذ  قرار مجلس الدولي رقم 1559  وذلك على النحو الذي جعلها  تسعى الى تجريد سلاح حزب الله ، ونزع سلاح  المقاومة الفلسطينية ، وغض النظر عن أسلحة المليشيات اللبنانية  الأخرى  مثل الكتائب والقوات وغيرها ، والتي  يتم تسليحها  أمريكياً( إسرائيلياً) .. ورفع  معدلات  التوتر والعنف الرمزي ضد سوريا,
• القراءة الأمريكية ـ الإسرائيلية  لهذه المتغيرات  خلال الفترة القليلة  الماضية كانت تقول بأن حزب الله قد وضع في وضع المدافع، الذي يسعى للتهرب  من المساءلة  الوطنية اللبنانية وأن مسألة نزع سلاحه وتصفيته هي مسألة  وقت لا أكثر ... وذلك  بحسب المآل النهائي المتوقع أن يفضي إليه الحوار  والتفاهم الوطني اللبناني.
إزاء كل هذه الحسابات .. قام حزب الله  بعملية ميدانية  ليؤكد  بأنه ما يزال  قادراً على الإمساك بزمام المبادرة والسيطرة .. عندما نفذ عملية نوعية ونجاح  عناصره في اختراق  الحواجز  والسواتر  الشائكة  التي بنتها ووضعتها إسرائيل واشتبكوا مع القوات الإسرائيلية  ولم يكتف بذلك ، بل قام بردع الهجمات الإسرائيلية  بإطلاق الصواريخ  مصيباً  المدن  والمستوطنات  الإسرائيلية .. والتي ظلت لفترة طويلة  بمنأى عن دائرة الخطر.

الجمل ـ قسم الدراسات والترجمة