إسرائيل ومخطط إعادة تصدير اليهود الشرقيين إلى العراق
الجمل: تم جلب اليهود إلى أرض العراق، وتحديداً المنطقة الواقعة بين نهري دجلة والفرات قبل أكثر من 2500 عام .وفي نهاية حقبة أربعينات القرن الماضي، وضمن ما عرف بـ"العراق الحديث" بلغ عدد اليهود حوالي 250 ألفاً وكان معظمهم يعمل في التجارة والصناعة والمصارف. وحالياً، بعد قيام القوات الأمريكية بغزو واحتلال العراق كان يوجد في العاصمة العراقية بغداد حوالي 35 يهودياً عراقياً.
* سلطات الاحتلال الأمريكي وملف "يهود العراق":
بعد سقوط بغداد واحتلال العراق لاحظت سلطات الاحتلال الأمريكي والقوات الأمريكية (التي كان من بين عناصرها الكثير من اليهود الأمريكيين إضافة إلى الجنرال غاردنر الذي كان حاكماً عسكرياً للعراق آنذاك وكان نفسه يهودياً) وجود مقبرة تقع جنوب العراق وعلى ضفة نهر الفرات وكان السكان المحليين العراقيين يطلقون على صاحب المقبرة اسم النبي "عزقائيل".
كذلك تزايد اهتمام سلطات الاحتلال الأمريكي في البحث عن التراث اليهودي العراقي، وبالفعل أعلنت سلطات الاحتلال الأمريكي عن اكتشاف خزانة كبيرة خاصة بالرئيس العراقي الراحل صدام حسين تتضمن وثائقاً ونصوصاً وكتباً مقدسة يهودية، وكانت هذه الخزانة -بحسب ما أورده موقع إن بي آر الإلكتروني الأمريكي- موجودة في أحد المنشآت السرية التابعة للمخابرات العراقية.
كذلك تجدر الإشارة إلى أن اليهود لم يكونوا موجودين في وسط وجنوب العراق فقط، بل وفي شمال العراق وجنوب شرق تركيا أيضاً حيث كان وما يزال يوجد عدد كبير من اليهود الأكراد، وتقول المعلومات بأن علاقات اليهود الأكراد ببقية المسلمين الأكراد قد توترت، وذلك بسبب شكوك الأكراد في ظاهرة "الولاء المزدوج" المتفشية بين اليهود الأكراد، وتقول المعلومات بأن الكثير من أصابع الاتهام قد أشارت إلى قيام اليهود الأكراد بلعب دور هام في نقل المعلومات الاستخبارية عن الأكراد إلى إسرائيل ومنها إلى تركيا التي لم تتردد في استخدام هذه المعلومات وعلى وجه الخصوص في عمليات الاقتحام العسكري والضربات العسكرية التي كانت القوات التركية تقوم بتوجيهها ضد الأكراد في شمال العراق خلال فترة حكم الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، هذا ومازال عدد كبير من الأكراد يؤكدون جازمين بأن اليهود الأكراد هم المسؤول الأول عن نجاح المخابرات التركية في القبض على عبد الله أوجلان زعيم حزب العمال الكردستاني التركي بسبب المعلومات التي كانت تصل إلى المخابرات التركية عن طريق الموساد الإسرائيلي وزعماء اليهود الأكراد.
* إسرائيل ومخطط توظيف "يهود العراق":
أتقن الإسرائيليون استخدام منظمات اللوبي الإسرائيلي –التي تتكون من اليهود وأصدقائهم- كوسيلة لاختراق البلدان الأخرى والتغلغل في هياكلها المؤسسية الرسمية. وخلال الفترة التي أعقبت حرب 5 حزيران 1967م انتقلت الجاليات اليهودية إلى الولايات المتحدة الأمريكية وبلدان غرب أوروبا ولم يعد لإسرائيل أي لوبيات في البلدان العربية.
والآن، وبعد قيام الإدارة الأمريكية باحتلال العراق تحاول إسرائيل تمرير مخطط إعادة تصدير اليهود إلى العراق وسوف يتيح تنفيذ هذا المخطط المزيد من المزايا لإسرائيل ومن أهمها التخلص من اليهود الشرقيين الموجودين في إسرائيل حيث أشارت الدراسات الخاصة بمستقبل إسرائيل والتي وصفها معهد الدراسات الإستراتيجية والسياسية المتطورة الأمريكي –وتحديداً بإشراف ريتشارد بيرل وديفيد فورمزر وبودوريتز وبالتنسيق مع بنيامين نتنياهو زعيم حزب الليكود الإسرائيلي-إلى ضرورة أن تصبح شخصية المواطن في دولة إسرائيل على غرار نموذج اليهودي الأمريكي، ولكي يحدث ذلك لابد من التخلص من تيار "الهستدروت" الذي يعتمد على دعم ومساندة اليهود الشرقيين أولاً ثم التخلص من اليهود الشرقيين عن طريق تهجيرهم إلى دول آسيا الوسطى (طاجيكستان وغيرها) ودول القفقاس كأذربيجان وأرمينيا وجورجيا وتركيا...
عموماً، كما تقول المعلومات فإن حوالي 50 ألف يهودي كردي يعيشون حالياً في إسرائيل وتحاول إسرائيل القيام بعملية إعادة تأهيلهم وتزويدهم بالأموال وإعادة تصديرهم إلى كردستان بما يتيح إجلاءهم من إسرائيل على غرار يهود الفلاش الأثيوبيين الذين تم إعادة تصديرهم خارج إسرائيل. وأيضاً بما يتيح لإسرائيل بناء لوبي إسرائيلي قوي في منطقة كردستان تعتمد عليه كذراع ووسيلة ناجعة في إدارة الحركات الكردية وتصعيد الصراع الكردي – العربي والكردي – التركي، أما بالنسبة لوسط وجنوب العراق فتحاول إسرائيل إرسال المزيد من اليهود الشرقيين وبالذات ذوي الأصول العراقية والإيرانيين (غير الكردية) إلى العراق وعلى الأغلب أن يتم ذلك عن طريق الاستثمارات والشركات الغربية مما يؤدي إلى تمتع هؤلاء اليهود أو بالأحرى اللوبي الإسرائيلي القادم في العراق بالقوة المالية والاقتصادية.
قيام إسرائيل بعملية "إعادة تصدير" اليهود إلى بلدان العالم هي عملية يجب عدم الاستهانة بها، وذلك لأن الإسرائيليين استطاعوا أن يكتسبوا خبرة كبيرة في كيفية القيام بإحضار العناصر اليهودية من كافة أنحاء العالم إلى إسرائيل وإعادة تأهيلهم مادياً ومعنوياً ومن ثم إعادة تصديرهم إلى البلدان الأخرى بما يؤدي إلى إعادة دمجهم إما في بلدانهم السابقة أو في البلدان الجديدة، وفتح السبيل أمامهم للانخراط في أجهزة ومنظمات اللوبي الإسرائيلي ومن الأمثلة البارزة على خبرة إسرائيل في هذا المجال عملية إرسال اليهود الروس وغيرهم مرة أخرى إلى جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابقة، وتزويدهم بالأموال على النحو الذي جعلهم يسيطرون على الشركات وقطاع الأعمال (وقد استطاع اليهودي الروسي خودوركوفيسكي السيطرة على شركة يوكوس النفطية الروسية التي يبلغ رأسمالها أكثر من 6 مليار دولار) وعندما ينخرط هؤلاء اليهود المعاد تهجيرهم –بعد أن أصبحوا إسرائيليين- في الأعمال التجارية يجدون المساندة والدعم من الشركات والمؤسسات الاقتصادية اليهودية العالمية التي تقدم لهم كل التسهيلات وفي معظم الأحيان تمنحهم "الوكالات الحصرية" والامتيازات الأخرى.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد