هل يؤذن بتحطيم أوثان السلف الصالح اقتداء برسول المسلمين (1)

05-03-2014

هل يؤذن بتحطيم أوثان السلف الصالح اقتداء برسول المسلمين (1)

الجمل- بشار بشير: مشكلتنا الصغرى موجودة في أخطاء رجال العصور الإسلامية الأولى، وأقول الصغرى لأنه من الممكن تجاوز هذه الأخطاء أوعلى الأقل تفهمها، فمن أخطأ في ذلك الزمن لا يمكن لومه الآن لأنه أياً كان ومهما كان مستواه فهو ابن بيئته وتابع لظروف زمانه ومحدود بمعارف وعلوم عصره.
مشكلتنا الكبرى هي مع من يصر على عدم تجاوز الأخطاء الماضية بل يريد البناء عليها ويريد تثبيتها ويمنحها القدسية ويمنع مراجعتها، مشكلتنا الكبرى مع المقتنعين بثبات الأرض وثبات الزمن وثبات المجتمعات وثبات الأفكار وحتى ثبات الأخطاء.
ما سأورده (وقد سبقني إليه كثيرون) ليس رأيا أوتحليلا بل هوسرد لبعض التاريخ لعله يزيح عن العقول أقفالها، فإطلاق العقل لم يعد حاجة علمية أوفكرية أوحتى فقهية بل أصبح حاجة إجتماعية حياتية مصيرية في ضوء ما رأيناه (في منطقتنا هذه الأيام) من نتائج تغييب العقل والحجر عليه وإستلابه.
ولِما للإسلام ونصوصه وتفاسيرها من تداخل مع حياتنا بكل تفاصيليها لذا فإن إعادة دراسة هذه النصوص في ضوء علومنا ومعارفنا الحالية هوضرورة، وتقاعسنا عن هذا العمل هو إساءة للإسلام ولحياتنا ومعيشتنا  أصبح من الواجب معالجتها عملاً بقول االقرآن الكريم في الآية التي تكررت مرتين بنفس اللفظ تماماً في سورة البقرة وأظن أن هذا لزيادة التأكيد على معناها:  (تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسئلون عما كانويعملون 134 - 141) فالآية (وتكرارها التوكيدي) تخاطب أمة مؤمنة تريدها أن يكون لها عملها الخاص لا أن تتكئ على عمل أمة أخرى رغم أنها مؤمنة أيضاً، وهما ليستا الآيتين الوحيدتين فأكثر القرآن ينفي منح عقل أي أمة إجازة وتجيير تفكيرها لصالح أمة أخرى سبقتها أوستلحقها، تزيد عنها إيماناً أوتنقص.
إضافة لإحترامنا للدين فإن إحترامنا للعقل يحتم علينا أيضاً أن نعيد النظر بكثير مما بين أيدينا وذلك على مستويين:
1- على مستوى النصوص بأن لا نحملها أكثر مما تحتمل فقد درجنا على البحث عن أجوبة لكل الأسئلة وعن براهين لكل العلوم في نصوصنا التاريخية، فلوينا معانيها وشطحنا في تفسيرنا لها لكي نبرهن أنها تختص وتهيمن على كل العلوم ما عرفنا منها مثل الفلك والجيولوجيا والطب والفيزياء والجفرافيا والإقتصاد.. الخ وما سنعرف. ولابد من ملاحظة هنا وهي أننا لم نستطع رغم وجود أصول كل العلوم في نصوصنا (حسب ما ندّعي) أن نكون مبدعين في أي منها وأكتفينا بأن نترك غيرنا يبدع ويكتشف ثم نأتي نحن لنقول: لكننا السابقون فما وصلتم له مذكور عندنا منذ ألف سنة.
2- على مستوى السَند فقد آن لنا أن نقدم الإحترام التاريخي اللازم للشخصيات التي تستحق هذا الإحترام دون أن نتجاوز ذلك لمنح هذه الشخصيات صفات تقترب من الألوهية تجعل أقوالها وأعمالها عصية على المراجعة من جهة ومهيمنة على حياتنا رغم بعد الزمن وتغير الظروف من جهة أخرى.
وهنا سأضع بين أيديكم بعض النصوص والمسائل التي أعتبرها أمثلة على ما أقوله وسأكتفي بأقل التعليق عليها (وهي أصلاً لا تحتاج للكثير منه) تاركاً الحكم للقارئ وللعقل الذي حاول ويحاول الكثيرون من أعدائه ومن المستفيدين من تغييبه، الحجر عليه ومنعه من العمل بل وتكفير كل من يستخدمه بدعوى أن السلف الصالح قد استكمل البحث في كل شئ ولا داعي للمزيد ولا للمراجعة.
في تفسير أبن كثير تفسير سورة الرعد: قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا هشام بن عبيد الله الرازي، عن محمد بن مسلم قال: بلغنا أن البرق مَلَك له أربعة وجوه: وجه إنسان، ووجه ثور، ووجه نسر، ووجه أسد، فإذا مَصَعَ بذنبه فذاك البرق.
وقال موسى بن عبيدة عن سعد بن إبراهيم قال: يبعث الله الغيث، فلا أحسن منه مضحكاً، ولا آنس منه منطقاً  فضحكه البرق، ومنطقه الرعد.
وفي الجامع لأحكام القرآن للقرطبي أن للغمام مَلَك موكل به يسوقه بمخرق في يده فإذا ضربه بالمخرق سمعنا صوت الرعد وإذا برز المخرق من بين الغمام رآه الناس سنا البرق.
هؤلاء الرجال وغيرهم كثيرين هم مؤمنين مخلصين بذلوا جهدهم وقدموا أفضل ما عندهم ومنتهى ما وصلت له علوم عصرهم، وهم يجب أن يشكروا ويقدروا على ما فعلوا دون أن يمنعنا هذا من أن نجتهد كما اجتهدوا ونفكر أحسن مما فكروا.
بعض النصوص الأخرى لا أعرف ماهومسوغ ذكرها والإحتفاظ بها على مدى مئات السنين، ومثال عليها هذا:
في صحيح البخاري، كتاب الجهاد، صفحة 1027، حديث رقم 2636: حدثنا عبد الله بن يوسف، عن مالك عن إسحق بن عبد الله بن أبي طلحة, عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه سمعه يقول: كان رسول الله (ص) يدخل على أم حَرام بنت مِلحان فتطعمه، وكانت أم حرام تحت عبادة بن الصامت، فدخل عليها رسول الله (ص) فأطعمته وجعلت تُفلّي رأسه، فنام رسول الله (ص) ثم أستيقظ وهويضحك... إلى آخر الحديث. وفي تفسره في هامش الصفحة يقول: (تحت عبادة) زوجته. (تفلي رأسه) تفتش عن القمل فيه وتلقيه منه. وكانت أم حرام رضي الله عنها محرماً منه (صلعم)، فقد قيل إن أختها أم سليم كانت أخت أمه من الرضاعة، وقيل غير ذلك، وعلى كل فقد كان ذلك قبل أن يفرض الحجاب، وهي خالة خادمة أنس رضي الله عنه وكانت العادة تقتضي المخالطة بين المخدوم وأهل الخدم.
وأتسأل ما الحكمة من ذكر أن رأس الرسول (ص) كان يحتاج لتفلية من القمل، وكيف أن ذكر هذا لم يُحرج الكاتب بينما أحرجه جداً جلوس الرسول (ص) مع أم حرام فاحتار كيف يمكنه أن يجد تخريجة شرعية لهذه الجلسة. والأهم من هذا وذاك ما يتبادر لذهني دائماً وهو أيها أهم، هذه الروايات والحوادث أم خطب الرسول (ص) مثلاً، وكيف اهتم كثيرون أشد الإهتمام بإيصال روايات تفلية رأس الرسول أوخروجه إلى المناصع أوهل جلس مشبكاً يديه أم واضعهما فوق بعضهما، دون أن يهتموا بإيصال نصوص خطبه التي ألقاها وهوعلى المنبر. عشر سنين قضاها الرسول (ص) في المدينة  يخطب في الناس كل يوم جمعة أي مر عليه 520 يوم جمعة أي 520 خطبة وإذا فرضنا أنه لم يخطب كل يوم جمعة وخفضنا الرقم إلى النصف لبقي لدينا 260 خطبة، اين نصوصهم وايٌ أهم أن يصلنا بدقة واحد من أحاديث الأحاد أم خطبة ألقاها الرسول(ص) من على المنبر للمسلمين أجمعين بما تحمله من توجيهات وأحكام ومواعظ. لماذا لم يصلنا إلا شذرات من بعض خطبه لا يتعدى عددها أصابع اليدين ؟
يتبع..

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...