زعران برزة يثيرون استياء السكان
كتلة بشرية وعمرانية ضخمة تشكلها مساكن برزة الممتدة من بداية الطريق على يسار مشفى ابن النفيس، وصولاً إلى تصالب الطرق بجوار كلية العلوم الشرطية، مشكلة بحد ذاتها مدينة صغيرة مستقلة فيها الأفران والبقاليات ومحال الاتصالات والخدمات الضرورية المعتادة، ومادام التجمع البشري كبيراً، فمن الطبيعي أن يفرز ذلك احتياجات خدمية إضافية، وليس بالضرورة أن تكون هذه الخدمات عينية على أرض الواقع، بل من الوارد جداً أن تكون معنوية، فهل سمع أحد منكم عن اشتياق البعض للهجة الشامية في دمشق أو اللهجة السورية عموماً في عاصمتها؟
لا يخفى على أحد أن اللاجئين العراقيين قد تجمعوا بأعداد كبيرة في أحياء وبلدات بعينها بعد أن تركت لهم سورية حرية الاختيار، حتى أصبحت المحال تُسمى بأسماء عراقية واللهجة المسموعة في الطريق كذلك عراقية، وهو حق لمن يشتري محلاً أو يتكلم، ولكن ما هو خارج الحق أن يتحول بعض الشباب إلى شلل تبث بلطجيتها على الأهالي والسكان، وتتفرد بركوب الدراجات النارية باهظة الثمن، صارخة الصوت في أنصاف الليالي!
جابر موظف يعمل في القطاع الخاص، ويتطلب عمله الاستيقاظ مبكراً حوالي الساعة الخامسة صباحاً، وحول ما ذكرناه آنفاً يقول: بسبب عملي المبكر أحاول الاستيقاظ باكراً ولكن ذلك بات شبه مستحيل مع الضجة التي تحدثها الدراجات النارية التي تقتنيها شلل الشباب التي تتجمع ابتداءً من الحادية عشرة ليلاً وتمارس هوايتها حتى ساعات الصباح الباكر مع التهليل والصياح والكلام البذيء مع من يحذو حذوهم من شباب المحلّة، ومن لا يصدق القول فبإمكانه أن يزور مساكن برزة بضع مرات متوالية ليلاً حتى ينال نصيبه من هذه الممارسات التي يحاول رجال الأمن والحق يُقال أن يقمعوها، ولكن كثافة عدد هذه الشلل يجعل من الصعب الخلاص منها!
محمود صاحب محل في محلَّة المساكن يقول: بدأنا في السنوات الأخيرة نواجه ممارسات لم تكن موجودة سابقاً ولا تتفق مع عاداتنا وتقاليدنا ولا مع نشأتنا من احترام الجيرة ومساعدة حتى الغريب، ولكن ما نشاهده الآن من إساءات الشباب الذين يتجمعون في الأحياء والشوارع الجانبية يفوق كل الوصف، فقد كنت سابقاً أستمر بالعمل في دكاني حتى ساعة متأخرة من الليل باعتبار بيع المواد الغذائية رائجاً في أي وقت من اليوم ليلاً كان أم نهاراً، ولكن تجمعات الشباب هذه باتت مصدراً للإزعاج وبالأخص مع انتصاف الليل، ورغم تراجع هذه الظاهرة منذ بضعة أشهر (وهو ما لم يذكره جابر في اللقاء السابق أو حتى يتعرض له)، إلا أننا مازلنا نتحاشى العمل حتى ساعة متأخرة تفادياً لكل ما قد يخلق حزازات من أي نوع من هذه الشلل، ما يسبب لنا ضرراً مادياً ومعنوياً في آنٍ معاً، وبالمجمل هي ظاهرة دخيلة لا يمكن أن تستمر، أو لنقل زوبعة في فنجان.
وحتى لا نجانب الحق نذكر أن أياً من المواطنين، سكان محلة مساكن برزة، لم يتذمر أو يشتك من ناحية الخدمات العامة المقدمة لهم، ورغم إصرارنا على اقتناص لمحة ننفذ منها إلى خدمة غائبة، إلا أن الجميع أصروا على توافر الخدمات من هاتف ومياه ونظافة وحاويات قمامة، بل حتى إنارة طرقية، سواء في الشارع الرئيسي للمساكن، أو في الأحياء والأزقة الجانبية، وهو ما يثلج الصدر لجهة أن من يرغب بإتقان عمله ومتابعته فإنما هو قادر على ذلك، في مثال يقدم لبقية الجهات.
مازن خير بك
المصدر: الوطن السورية
إضافة تعليق جديد