دينيس روس: خطة من أجل التهدئة، الأمل والإصلاح في الشرق الأوسط
الجمل: الخطوط العريضة لحكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية تقدم أملاً ناقصاً وضئيلاً من أجل السلام في الشرق الأوسط، فإسرائيل تبدو في الخطوط العريضة، فقط باعتبارها –مجرد- نعتاً وصفة، وقد تعدلت وتحوّرت كلمات مثل، احتلال، عدوان، ولم تظهر –إسرائيل- مطلقاً كاسم، وفقط ليس أكثر من دول سوف يتم الاعتراف بها. والخطوط العريضة تقترح وتقول بالعودة إلى مرحلة ما قبل أوسلو، عندما كانت الدبلوماسية تقوم على الرفض والإنكار.
وبعد، فقد تغير العالم والشرق الأوسط.. ففي الوقت الذي ترفض فيه إيران، وحزب الله، وحماس، حق إسرائيل في الوجود وتتحدى المقدمة المنطقية الممهدة لأي سلام –حل الدولتان- فإن الجامعة العربية وازنت بإعادة التأكيد على المبادرة السعودية التي تطرق وتقترح روابط دبلوماسية كاملة مع إسرائيل بعد انسحابها من كل الأراضي المحتلة في عام 1967م. وفي هذا الأمر تأكيد بأن العالم العربي مايزال يعتقد في السلام مع إسرائيل.
هل يشكل هذا أساساً لتتبع وتقفّي الهدف السياسي الذي بدأت بترقيته وتطويره وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس؟ إنه يقدم مخرجاً. فالمبادئ والأسس تحتاج إلى المزيد من التثبت والإسناد، والقيام بعملية تتسم بالمصداقية والموثوقية من أجل الإيفاء بذلك. وقد طرحت وعرضت الجامعة السلام للإسرائيليين، ولكن فقط بعن أن تقوم إسرائيل باتخاذ كل الخطوات التي يريدها العرب.. والصراعات والنزاعات نادراً ما يتم حلها عن طريق قيام جانب واحد بكل التنازلات قبل أن يرى ما يحصل عليه بالمقابل.
أجازت الجامعة العربية المبادرة السعودية في عام 2002م، في اليوم الذي أعقب تفجير فندق بارك في إسرائيل، حيث قتل ثلاثين شخصاً فيما كان الأول من ستة انفجارات انتحارية –حدثت- خلال ستة أيام في إسرائيل. وبرغم أن الجامعة قد عرضت لإسرائيل علاقات دبلوماسية كاملة بمجرد انسحابها من كل الأراضي، فإنه لم يقم أي من ممثليها بإدانة التفجيرات. وفي إسرائيل، فاق واقع الكراهية والرفض والموت العرض التجريدي للسلام. واليوم، باستمرار حماس في تقوية الرفض، فإن على العالم العربي أن يوضح بأنه إذا قامت إسرائيل بمقابلة البنود المترتبة عليها (أو بما يقرب من ذلك)، فإنها سوف تحصل على السلام والأمن، حقيقة وليس شعاراً.
بعد ست سنوات، لم تكن فيها عملية سلام، وكان فيها الحوار فقط بالعنف، فإن المفاوضات والخطوات الملموسة يجب أن تملأ الفراغ. وفي هذه النقطة فإن الخطة التي تحدد وتطرح الخطوط النهائية لاتفاق –تكون خطة- غير قابلة التحقيق، فلا أحد يكون مهيئاً أو مستعداً لتتبع وتقفي التسويات والمساومات الضرورية، وهل بإمكان محمود عباس، رئيس السلطة الفلسطينية أن يوافق على قبول حق العودة للاجئين الفلسطينيين إلى دولته وليس إلى إسرائيل؟
وهل يقبل رئيس الوزراء الإسرائيلي، إيهود أولمرت سيادة فلسطينية في المناطق العربية المجاورة لأورشليم الشرقية (القدس الشرقية)؟ لا أحد منهما لديه القوة أو السلطة، ولا –أحد منهما- لديه الميل والرغبة في القيام بذلك.
طالما أن الدول العربية، مستعدة لاتباع وتقفي هذه المساومات، فإنها سوف تقدم لمحمود عباس الغطاء السياسي، ولإيهود أولمرت البرهان والدليل السياسي. ولا يمكن أن يعلن محمود عباس بأنه لا يسلم بحقوق الفلسطينيين وفقط يقوم باتباع قيادة العالم في محاولة حل الصراع. وأولمرت يمكن أن يزعم بأنه طالما أن العالم العربي قد عبر تخوم مرحلة تاريخية، فإن على إسرائيل أن تستجيب وتتجاوب، ولكن الجامعة العربية، قد أقرت وسلمت بوجود إسرائيل، وهو أمر مفيد ولكن من الصعوبة بمكان –أن يشكل- اختراقاً.
ما الذي يتوجب القيام به الآن؟ أولاً، يتوجب على الولايات المتحدة أن تتوسط في إنجاز وقف إطلاق نار مكثف دائم بين السيد –ايهود- اولمرت والسيد –محمود- عباس. وكمقابل لإنهاء الهجمات ضد الإسرائيليين وإيقاف الاقتحامات، والاعتقالات، والاغتيالات المستهدفة وعلى السيد محمود عباس بفعل شيئا وبمساعدة حماس، وعلى حماس أن تنفذ وليس بمجرد المراقبة وتلتزم بوقف اطلاق النار.
ثانياً: الهدف السياسي- الذي تتم مناقشته مع الإسرائيليين والفلسطينيين والقادة العرب يجب أن تتم اتباعه وتقفيه ومن الضروري أن يتم إنشاء وخلق نوع من الأمل والتوضيح بأن وقف إطلاق النار ليس غاية في حد ذاته.
ويجب أن يكون هناك بعداً وجانبا سياسيا بما يخلق على قدم المساواة طريقا ومسارا من أجل الفلسطينيين والإسرائيليين وعلى إسرائيل أن ترى وتنظر في كيفية أن العالم العربي سوف يقوم بتطبيع العلاقات معها بمثل الكيفية التي يرى وينظر بها إلى ما تعنيه الدولة بالنسبة إليهم.
ثالثاً: يجب أن يكون هناك جهدا لدعم أولئك الفلسطينيين المكرسين جهدهم من أجل السلام ففتح يجب أن تعيد خلق نفسها من أجل منافسة حماس والمانحون يجب أن يعملوا مع الإصلاحيين في فتح أو أولئك المستقلين المصممين على بناء المؤسسات التي تتطلبها الدولة وحماس لن تستحق مثل هذه المساعدة طوال ما كانت ترفض الشروط الأساسية لإقامة وصنع السلام فلا وقفا لإطلاق النار أو هدفا سياسيا سوف يستمر ويتواصل بشكل مستديم إذا لم تصبح فتح من الداخل قادرة على التنافس والتنافس الأكثر والأكيد، هو الذي يؤدي إلى جعل حماس تجد نفسها مرغمة على تغيير وتعديل نفسها أو- تواجه- السقوط والانهيار.
وفي الوقت الذي فيه آفاق السلام على المدى القريب ليست عالية فإن هناك فسحة و ومجالا من أجل خطة تؤدي إلى ربط التهدئة القصيرة المدى مع العملية السياسية بين العرب والإسرائيليين والدعم الجدي من أجل الإصلاح في أوساط الفلسطينيين.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
الكاتب: دينيس روس
المصدر: صحيفة الفاينانشيال تايمز
التاريخ: 28 آذار 2007م
إضافة تعليق جديد