حسني مبارك وأزمة الدبلوماسية المصرية: إلى أين؟

24-08-2008

حسني مبارك وأزمة الدبلوماسية المصرية: إلى أين؟

الجمل: أوردت صحيفة أورشليم بوست الإسرائيلية الصادرة اليوم تقريراً يقول بأن الجنرال إيهود باراك وزير الدفاع سيلتقي هذا الأسبوع مع الرئيس المصري حسني مبارك في مدينة الإسكندرية.
* دبلوماسية إيهود باراك: إلى أين؟
ظلت وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني تنفرد بالسيطرة على المجال الدبلوماسي الإسرائيلي الإقليمي والدولي وقد ترتب على ذلك صعود نجمها كمرشحة لمنصب رئيس بالوزراء الإسرائيلي وبالمقابل سعى الجنرال إيهود أولمرت الذي يجد دعم ومساندة المؤسسة العسكرية الإسرائيلية إلى اقتسام النفوذ في الساحة الدبلوماسية مع تسيبي ليفني.
انتهز باراك فرصة الخلافات بين ليفني ومبارك حول أزمة قطاع غزة، وتقدم لملء الفراغ على النحو الذي أتاح له على خلفية علاقاته السابقة مع القاهرة الانفراد بدبلوماسية إدارة ملف أزمة غزة مع المصريين.
تقول التسريبات الإسرائيلية بأن الجنرال باراك يحاول الآن إنجاز صفقة مع القاهرة يتم بموجبها عقد صفقة غير مباشرة مع حماس، يتم بموجبها إطلاق سراح الجندي الأسير جيلعاد شاليت، وتقول التسريبات الإسرائيلية بأن حركة حماس أضافت المزيد من المطالب المتشددة الجديدة وبرغم ذلك تقول المعلومات  بأن الجنرال باراك متفاءل بأن ينجح في إنجاز الصفقة قبل نهاية العام الحالي، وذلك بحسب التأكيدات والتطمينات التي تلقاها من الجانب المصري.
لقاء الجنرال باراك بالرئيس المصري حسني مبارك الذي سيتم في مدينة الإسكندرية سيشارك فيه كل من:
• عمر سليمان وزير المخابرات المصرية.
• محمد طنطاوي وزير الدفاع المصري.
وسيتطرق اللقاء إلى الأجندة الآتية:
• ملف الجندي الإسرائيلي جيلعاد شاليت.
• ملف وقف إطلاق النار الهش مع حركة حماس.
• ملف تهريب الأسلحة إلى قطاع غزة.
وتقول التسريبات الإسرائيلية بأن الحكومة الإسرائيلية قد كونت لجنة ثلاثية للنظر في أمر عملية إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين المحتجزين لديها وتتكون عضوية اللجنة من:
• عامي أبعالون: وزير بلا حقيبة.
• حاييم رامون: نائب ريس الوزراء الإسرائيلي.
• دانييل فريدمان: وزير العدل الإسرائيلي.
وأكدت المصادر الإسرائيلية بأن هذه اللجنة قد أقرت وضع بعض المعايير المخففة لإطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين على النحو الذي يمكن أن يؤدي إلى إنجاح صفقة الجندي الإسرائيلي شاليت مع حماس.
* دبلوماسية حسني مبارك: إلى أين؟
تحاول الحكومة المصرية التغلب على ظاهرة تراجع دور الدبلوماسية المصرية في الشرق الأوسط عن طريق واللجوء إلى القيام بأعمال الوساطة بين الفلسطينيين والإسرائيليين ويشير الأداء السلوكي الدبلوماسي المصري إلى أن حركية السياسة الخارجية المصرية إزاء الصراع العربي – الإسرائيلي لم يعد أمامها سوى التركيز على المسار الفلسطيني لجملة من الأسباب:
• انهيار مخطط الدور المصري المفترض في لبنان وذلك لأن اتفاق الدوحة وإنجاز انتخاب الرئيس اللبناني وتشكيل الحكومة اللبنانية ضمن فيها حزب الله حق ممارسة الثلث الضامن قد أدت مجتمعة إلى إخراج مصر من لبنان.
• ضعف خيارات السلطة الفلسطينية في مسار المفاوضات مع إسرائيل وهي الخيارات التي كانت تراهن عليها القاهرة وذلك بما أدى إلى دفع الظاهرة باتجاه التخلي عن سياسة محاصرة وعزل حماس والعمل من أجل المزيد من التفاهم والتعاون معها.
شهدت الفترة الماضية انحسار نجم وزير الخارجية المصري أبو الغيط الذي لم يستطيع أن يفلح جيداً في حقول الشرق الأوسط وحالياً أصبح الرئيس المصري حسني مبارك أكثر اقتناعاً بضرورة تسليم ملف السياسة الخارجية المصرية إزاء الصراع العربي – الإسرائيلي إلى وزير المخابرات المصري عمر سليمان الذي ينخرط بالفعل في معالجة تعقيدات هذا الملف بالتعاون مع وزير الدفاع محمد طنطاوي وفي هذا الصدد تجدر الإشارة إلى أن تحالف عمر سليمان – محمد طنطاوي يعكس تحالف المؤسسة المخابراتية المصرية مع المؤسسة العسكرية المصرية وذلك في مواجهة وزير الخارجية ألو الغيط  الذي أصبحت منافذ الدبلوماسية المصرية مغلقة أمامه بسبب أساليبه "غير الدبلوماسية" التي ظل يتعامل بها وعلى وجه الخصوص عندما صرح مهدداً الفلسطينيين بأنه سيكسر رجل كل من يحاول العبور من قطاع غزة إلى مصر.
أزمة الدبلوماسية المصرية الحالية ستكون في مواجهة الأسلوب الجديد الذي أصبح يستخدمه الكونغرس الأمريكي لجهة "ضبط جرعات" المعونات والمساعدات الأمريكية لمصر ومشروطيات عدم تقديم هذه المعونات إلا بعد أن تنجح القاهرة في إنجاز جدول الأعمال المطلوب والمحدد بالشكل المرضي للجانب الإسرائيلي.
* هل تستطيع حماس قلب طاولات مثلث خط القاهرة – تل أبيب – واشنطن:
لم تتخل القاهرة عن خط القاهرة – رام الله إلا بعد أن أدركت الحكومة المصرية بأن السلطة الفلسطينية قد أصبحت مجرد هياكل تسيطر عليها بعض النخب السياسية التقليدية المعزولة، وبأن الرأي العام الفلسطيني وعلى وجه الخصوص في قطاع غزة والضفة الغربية يقف إلى جانب حركة حماس وبقية فصائل المقاومة الفلسطينية الرافضة لتوجهات رام الله.
بكلمات أخرى، برغم أن القاهرة تحاول الظهور بمظهر القوي في التعامل مع حركة حماس وسكان قطاع غزة، فإن الحقائق الجديدة أصبحت تكشف بقدر متزايد بأن مصير حماس والقطاع ليس في يد القاهرة وإنما مصير القاهرة هو الذي أصبح في يد حماس وسكان القطاع لأن تشدد حماس وسكان القطاع إزاء عدم قبول الشروط والعروض الإسرائيلية سيترتب عليه عدم حصول القاهرة على المساعدات الأمريكية التي أصبح الكونغرس يقوم بتقديمها عندما تقبل إسرائيل بما قام به الرئيس المصري من إقناع لحركة حماس.
بكلمات أخرى، لقد أصبحت دبلوماسية إسرائيل إزاء مبارك مثل دبلوماسية إسرائيل إزاء ياسر عرفات بحيث كلما قامت حماس باستهداف إسرائيل كلما قامت إسرائيل بتحميل ياسر عرفات المسؤولية والآن تتحمل مصر مسؤولية ذلك على النحو الذي يدفع واشنطن إلى حرمانها من المساعدات.

 

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...