تباين حول أولويات خطة البنود الستة بين الأسد وأنان وموسكو تحذر من انتقال العنف إلى دول الجوار
طالب الرئيس السوري بشار الأسد مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية إلى سوريا كوفي انان، أمس، بالحصول على «التزام من الدول التي تمول وتسلح وتؤوي المجموعات الإرهابية بخطته»، معتبرا أن «نجاح خطته يعتمد على وقف الأعمال الإرهابية ومن يدعمها ووقف تهريب السلاح»، بينما رد انان بمطالبة «الرئيس السوري بأن يتحرك الآن»، موضحا انه على الحكومة وجميع القوات الداعمة لها «وقف جميع العمليات العسكرية وإظهار أقصى درجات ضبط النفس»، كما انه طالب المسلحين بأن «يتوقفوا عن أعمال العنف»، محذرا من أن الوضع في سوريا وصل إلى «مفترق طرق».
ودعا وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، في اتصال هاتفي اجراه مع انان في دمشق، إلى «إجراء تحقيق موضوعي محايد وغير منحاز تحت إشراف بعثة الأمم المتحدة في سوريا في جميع ملابسات مأساة مدينة الحولة، محذرا من امتداد الأزمة السورية إلى مناطق أخرى في الشرق الأوسط، بعد أن أثرت في لبنان»، ومن أن «بعض الدول بدأت تستغل الأحداث في بلدة الحولة السورية كذريعة لاتخاذ إجراءات عسكرية في محاولة للضغط على مجلس الأمن».
وفي حين أعلن الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، في مقابلة مع القناة الثانية للتلفزيون الفرنسي، «ان التدخل العسكري ليس مستبعدا شرط ان يتم في اطار احترام القانون الدولي، اي بعد مناقشته في مجلس الامن»، قال المتحدث باسم البيت الابيض جاي كارني إن واشنطن لا تعتقد ان التدخل العسكري في سوريا امر صائب في الوقت الحالي لانه سيؤدي الى مزيد من الفوضى والمذابح، لكنه اضاف إنها لم تستبعد أي خيارات، بما في ذلك العمل العسكري. وكرر دعوة الأسد الى التنحي عن السلطة.
واتخذت الكثير من الدول الغربية من المجزرة التي وقعت في الحولة في حمص ذريعة لشن حملة طرد منسقة للدبلوماسيين السوريين على أراضيها. وطلبت الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وبريطانيا واسبانيا وايطاليا وهولندا وبلغاريا واوستراليا وكندا وسويسرا من السفراء والدبلوماسيين السوريين المغادرة ردا على مقتل أكثر من 100 مدني في بلدة الحولة السورية.
والتقى انان امس في دمشق الأسد ووزير الخارجية وليد المعلم والمستشارة الرئاسية بثينة شعبان، واستقبل في مقر اقامته ممثلين عن عشائر سورية، ووفدا من هيئة التنسيق الوطنية. كما التقى ممثلين عن المنظمات الإنسانية الموجودة في سوريا، وعقد اجتماعا مطولا مع وفد المراقبين الذي يرأسه الجنرال النروجي روبرت مود.
وبحث الأسد مع انان، والوفد المرافق له،»الأوضاع في سوريا منذ بداية تنفيذ خطة انان ذات البنود الستة وحتى تاريخه، وكيفية تذليل العقبات التي ما زالت تواجه تنفيذ هذه الخطة، بالأخص تصاعد الإرهاب الذي تشهده بعض المناطق السورية»، وفقا لما ذكرته وكالة الأنباء السورية (سانا).
وأوضح الأسد أن «المجموعات الإرهابية المسلحة صعدت من أعمالها الإرهابية، في الآونة الأخيرة، بشكل ملحوظ في مختلف المناطق السورية، ومارست أعمال القتل والخطف بحق المواطنين السوريين، بالإضافة إلى عمليات السلب والاعتداء على المنشآت العامة والخاصة، عبر احراقها أو تخريبها».
وشدد الأسد «على ضرورة التزام الدول التي تقوم بتمويل وتسليح وإيواء المجموعات الإرهابية بهذه الخطة، واختبار توفر الإرادة السياسية لدى هذه الدول للمساهمة في وقف الإرهاب». وأكد لانان «أن نجاح خطته يعتمد على وقف الأعمال الإرهابية ومن يدعمها ووقف تهريب السلاح».
وقال انان، في مؤتمر صحافي بعد اجتماعه مع الأسد، «ناشدته اتخاذ خطوات جريئة الآن - ليس غدا، الآن - لخلق قوة دفع لتنفيذ الخطة». وأضاف «اسمحوا لي بأن أؤكد مرة أخرى، يجب أن يتوقف العنف، ويجب أن تنفذ النقاط الست للخطة»، موضحا «أريد من الرئيس أن يتحرك الآن».
ودعا انان، الذي سيزور لبنان والأردن، الحكومة وجميع القوات الداعمة لها «إلى وقف جميع العمليات العسكرية وإظهار أقصى درجات ضبط النفس»، مضيفا إن «على الأطراف الأخرى القيام بدورها».
وناشد الحكومة والشركاء الأقوياء في هذا الصراع ان «يتحلوا بالجرأة من اجل الشعب السوري». وأكد ضرورة وقف العنف «من اجل سوريا»، مشددا على «وضع حد لهذا العنف والبدء في إعادة الأمل في التحول السياسي نحو مستقبل ديموقراطي، يكون فيه لجميع المكونات دور».
وقال انان، الذي التقى السفير الإيراني في دمشق محمد رضا شيباني، «توقف كلا الجانبين (عن إطلاق النار) في 12 نيسان، ويمكن أن يتم ذلك مرة أخرى. ما هو مطلوب الإرادة والعزيمة والحرص على الشعب السوري»، مضيفا «أناشد أيضا المعارضة المسلحة وقف أعمال العنف». وطلب من «جميع الدول ذات النفوذ إقناع الحكومة وجميع الأطراف بضرورة وقف العنف بجميع أشكاله، بما في ذلك انتهاكات حقوق الإنسان المستمرة».
واعلن انان انه أشار الى الأسد «ان الخطة المكونة من ست نقاط لم يتم تطبيقها كما يجب»، لافتا إلى «اننا على مفترق طرق». واوضح ان الشعب السوري «لا يريد ان يتسم المستقبل بسفك الدماء والانقسام»، مشيرا الى استمرار «عمليات القتل والانتهاكات الى اليوم». وحث الاسد على «احترام حرية الاحتجاج السلمي، وضمان أن يسمح للناس بالتعبير عن آرائهم من دون خوف» داعيا إياه إلى «ممارسة سلطته وإطلاق سراح المعتقلين».
والتقى انان في دمشق وفدا ضم ثمانية شيوخ يمثلون عشائر سورية في محافظات عدة من البلاد. وقال جوهر الحلو، شيخ عشيرة عدوان من محافظة الحسكة، «نريد أن نوصل إلى مبعوث الأمم المتحدة أن يعمل على أن تلتزم المعارضة ببنود خطته، وأن توقف أعمالها الإرهابية ضد المدنيين وقوات الجيش العربي السوري». وأضاف «إذا كان انان لن يستطيع بموجب خطته أن يوقف الأعمال الإرهابية التي يقوم بها المسلحون، والحكومة السورية تعامل تلك المجموعات بصبر، فنحن كشيوخ عشائر، قادرون على إيقاف تلك المجموعات، لأن من يُقتل بنيرانهم هم أبناؤنا».
من جهته، قال المسؤول في هيئة التنسيق الوطنية المعارضة حسن عبد العظيم، ان «انان أخبرهم أنه طالب السلطات السورية باتخاذ مبادرات جريئة لوقف العنف وسحب الآليات الثقيلة وإطلاق سراح المعتقلين». ونقل عن انان قوله ان «الأمور بلغت حدا لا يطاق، ما يهدد المبادرة بالفشل».
وقال عبد العظيم ان انان طلب مجددا «أفكارا تفيد جهود المبعوثين، وقلنا إن آمالنا معلقة على جهودهم باعتبارها فرصة أخيرة، وتحظى بتوافق دولي، ونابعة من الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية».
وقال وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف، في موسكو، «من المهم النظر إلى الوضع في سوريا، بما أن الأحداث هناك أثرت على لبنان، وقد تؤثر بشكل سلبي على أجزاء أخرى في المنطقة، بالإضافة إلى الأضرار الفادحة التي تلحقها بسوريا».
وأعلن لافروف أن «بعض الدول بدأت تستغل الأحداث في بلدة الحولة كذريعة لاتخاذ إجراءات عسكرية في محاولة للضغط على مجلس الأمن». وقال إن «الحديث يدور في الواقع عن إحباط خطة أنان. يبدو أنها تمثل عقبة بالنسبة لهم لأنها ترمي إلى خلق الظروف المناسبة لإجراء إصلاحات وإطلاق حوار بين جميع السوريين، وليس تغيير النظام». واعتبر أن «المجلس الوطني السوري يحرّض على حرب أهلية في سوريا من خلال دعوته إلى مواصلة النضال حتى التحرير».
وأعلنت وزارة الخارجية الروسية، في بيان، بعد اتصال هاتفي بين لافروف وانان، ان موسكو طالبت الامم المتحدة باجراء تحقيق «موضوعي ومحايد» بشأن المجزرة.
وقال لافروف لانان ان «مجزرة الحولة تثبت ان على كل الاطراف في سوريا وقف العنف فورا تفاديا لوقوع مثل هذه المآسي مستقبلا». وأشار إلى أن «مهمة تحقيق خطة انان السلمية تصبح أكثر إلحاحا في الظرف الحالي»، مشددا على «وجوب تكثيف العمل مع الأطراف السورية بما فيها المعارضة من أجل تنفيذ الخطة».
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد