انتشار عبدة الشيطان في سورية

07-05-2007

انتشار عبدة الشيطان في سورية

في حفلات صاخبة قد يختلط بها كل شيء..

إيقاعات لموسيقا هائجة مع كلمات أحياناً غير مفهومة وصرخات تصل الى حد الهيستيريا وعبارات تدعو للانتحار والموت وأدعيات للشيطان!.. ‏

احتفالات قد تبدأ بتعاطي المخدرات وشرب الخمور يليها رقص هائج.. ‏

ممارسات جنسية شاذة وغير شاذة جماعية وفردية.. ‏

تقديم أضاح كالقطط والكلاب.. في مراحل متقدمة تقدم أضاح بشرية وتشرب دماؤها وللطقوس تراتبية معينة من القداس الأسود وصولاً الى القداس الأحمر حيث تتلى قراءات تحقر الشعائر الدينية والمقدسات «ونتابع مع هذا السرد مع التنبيه أن ماسنورده قد يثير لدى القارئ التقزز والاستهجان» ففي بعض الأحيان تجري ممارسات مقززة مثل الذهاب للمقابر ونبشها والرقص فوق الجثث وقد تشرب دماء حديثة الوفاة منها أو تلطخ بها أجساد الفاعلين لهذه الفظائع والغاية تقسية قلوبهم وتشرب العنف ومعانية العدم والتدريب على القتل بدماء باردة وقد يغالون لدرجة أنهم يشربون ويأكلون بولهم وغائطهم!! 
 إنهم «عبدة الشيطان» إحدى ظواهر القرون الحديثة وبشكل أكثر دقة القرن العشرين وقد أفرزتها المجتمعات الغربية وتحديداً المجتمع الأميركي واتبعت وسائل لترويجها كتعاطي المخدرات وممارسة الجنس بلا رادع والاستماع لموسيقا شديدة الصخب لدرجة يغيب معها العقل لا سيما إذا صوحبت بكلمات تدعو الى الانغماس في الخطيئة.. ‏

في العام 1995، اكتشف مروجون لأشرطة واسطوانات ممغنطة في مطار بيروت الدولي تتضمن موسيقا صاخبة وكلمات شيطانية وسجلت آنذاك /11/ حالة انتحار وتم توقيف /23/ شخصاً من اتباع «عبدة الشيطان». ‏

وفي العام 1997، أحد المصادر الأمنية أشار الى وجود هؤلاء الاتباع في بيروت وشمال لبنان وثبت آنذاك تورط بعض أبناء السياسيين والدبلوماسيين الأجانب. ‏

مصدر آخر أكد على وجود عشرات المقاهي والمنازل والنوادي الليلية الخاصة بهؤلاء «العبدة» في لبنان وألقت الأجهزة الأمنية القبض على عدد منهم وأصدرت مذكرات توقيف بآخرين. ‏

تناولت وسائل الاعلام المصرية منذ سنوات هذه الظاهرة في مصر وأثارت الكثيرمن التساؤلات حول انتشارها بين أبناء الطبقة الغنية وفي أوساط الجامعيين وأرجعها البعض الى حبكة صهيونية عالمية تستهدف المجتمعات كافة من خلال دك ركيزتها الشبابية. ‏

أمانحن سنطرح التساؤلات التالية: ‏

هل هي إحدى تعليقات الحداثة؟ ‏

أم تأتي في سياق الانحرافات الشبابية؟ ‏

أم في إطار المظاهر الفردية المرضية؟ ‏

أم في سياق ظواهر خلل مجتمعي ما؟ ‏

أم كلها مجتمعة؟ ‏

كل من استطلعنا رأيه أكد ان مجتمعنا السوري محصن ونظيف من مثل هذه الفظائع ولو أن لدينا ما يشبه بداية الشرارة ولا تعدو استهواء للفكرة ولكن دون ممارسة أي من الطقوس الحاصلة في دول الغرب ومعابده.. فما هي هذه الشرارة أو بدايتها؟.. ‏

في صيف العام الماضي من شهر حزيران «وحسب أحد المصادر الأمنية» تم توقيف ستة شبان بدواعي ممارسة طقوس غريبة وحملهم لرموز أكثر غرابة، أعمارهم في العشرينيات أكبرهم في الثلاثين، اثنان منهم يعزفان في إحدى الفرق الموسيقية بحمص صودرت منهم اسوارة معصم جلدية عليها جمجمة، خاتم عليه صورة هيكل عظمي، قلادة تمثل شخصاً مصلوباً بالمقلوب ضمن نجمة خماسية وحبات حمراء وبرتقالية من السكاكر لتعطي شكل دماء سائلة من أفواههم في محاولة منهم للتشبه بمصاصي الدماء وحسب أقوالهم بدأت قصتهم قبل عام أو عامين من توقيفهم.. يحبون سماع موسيقا «الميتال» يدعون للاعتقاد بالشيطان ويعني لهم الشر والموت وتدمير الطبيعة والانتحار وعدم الايمان بالله. ‏

وحسب حكايتهم فالقاسم المشترك بينهم كان أحدهم «م ص» فهو إما استدل عليهم من خلال طريقة اللباس واشارات معينة أو تعرف اليهم عبر آخرين ثم أخذوا يتبادلون السيديات التي تتضمن أفلاماً وأغاني وموسيقا «البلاك ميتال» ويقيمون الحفلات ويثملون ويتبادلون الأفكار والشذوذ أيضاً؟!.. ‏

وقد ذكروا أيضاً عن بعض الأشخاص في دمشق ممن ينحون باتجاه هذه البدعة الغريبة ابن عم أحدهم وآخرين.. ‏

ويقال بأن في بعض شوارع دمشق كالحمراء والصالحية والشعلان وفي بعض النوادي ومحلات الديسكوتيك وأماكن اللهو يشاهد الكثير من الشبان الغريبين في أزيائهم السوداء وفي قصات شعورهم وقلائدهم وطبعاً لا أحد منا سيفرض أن صاحب كل تعليقة غريبة هو من اتباع أفكار شريرة أو مرفوضة، فللشباب هواهم في لفت الأنظار وغرابة الشكل وتميزه هي أقصر الطرق وأسهلها. ‏

أحد الأشخاص تقرب لمجموعة هؤلاء الشبان في حمص بدافع الفضول فوجدهم يسمعون موسيقا خاصة صاخبة ويرتدون أزياء جلدية سوداء يحبون الحلي الفضية من خواتم وقلائد عليها أشكال لجماجم ووجوه مرعبة يرسلون شعورهم طويلة أو يقصونها بطريقة لافتة يتفقون فيما بينهم على إشارة معينة ترمز لقرون الشيطان آراؤهم متطرفة حول مكمن الحقيقة في الشر والقوة ودليلهم ان العالم تحكمه دول معدودة بمنطق العنف والحروب. ‏

شاب آخر في بداية عشرينياته تعرف الى هذه المجموعة من خلال صديقه في العمل وحضر معهم حفلتين أو ثلاث وكل ما كانوا يفعلونه الرقص وشرب الكحول وسماع موسيقا الميتال وحضور أفلام الرعب ولم يعجب بهذه الأجواء فانسل عائداً الى حياته الاعتيادية. ‏

وثالث في العشرينيات من عمره يعزف في إحدى الفرق الموسيقية الغربية بحمص وليس من صلة بينه وبين الحادثة لكنه من مستمعي «الهارد روك» منذ كان في سن العاشرة ورغم تعلمه لها وعزفه اياها منذ سنوات إلا أنه تحول عنها الى سماع موسيقا عالمية أكثر رقياً وهدوءاً. ‏

وكعازف شاب يجد أن تأثير «الروك آند رول» على الشبان وقتي مثل فرط حركة واهتزاز جسدي وفورة في الدماء لكنه شبه متيقن من تظاهرهم أو ادعائهم لهذه التأثيرات بهدف جذب الأنظار مثلما يفعلون عندما يرتدون الأزياء الغريبة وينساقون وراء صرعات أخرى فهم لا يعرفون هذه الموسيقا ولا يتذوقونها والأمر نفسه ينطبق على الفرق الموسيقية القليلة التي تعزفها ويعمل عازفوها على تقليد الفرق العالمية الغربية. ‏

حسب نقيب الفنانين بحمص الموسيقي أمين رومية والمدرس في كلية التربية الموسيقية السيد رامي درويش. ‏

لقد انفجرت ثورة الروك آندرول في خمسينيات القرن الماضي كرد فعل الشباب على ما يعرف بالقيم الثابتة للمجتمع الأميركي وربما كرد فعل لمن خاب أمله من نتائج الحرب العالمية الثانية ومن هاجس الحرب الباردة. ‏

وأتت هذه الموسيقا لتثير العاطفة وتحرك الجسد وتحمس لها الشباب بشكل جنوني ووجد المستثمرون الفرصة السانحة لتشجيع انتشارها بأشكال جديدة ولو على حساب القيم والأخلاق السائدة وارتبطت بأسماء مغنين كبار كالملك ألفيس بريسلي واعتمدت الآلات النحاسية والكهربائية لا سيما الغيتار الكهربائي وآلات الدرامس وفي سياق انتشارها واستغلالها لتمرير أفكار شريرة تطورت الى الهارد روك و تفرعاته مثل بلاك ميتال وهافي ميتال ويتابع السيدان رومية ودرويش بأنه تلا ذلك ادخال ما يسمى «الرسائل الخفية» في صناعة الاسطوانات فعند سماع احداها بشكل معكوس يفهم منها رسائل شيطانية تدعو للانتحار والانحراف الجنسي والعنف والثورة على النظام السائد. ‏

وتأتي الخطورة ليس فقط من الكلمات التي تقال مبعثرة وتكرس في اللاوعي معاني شريرة بل أيضاً من الضجيج الذي يثير الغرائز الجنسية ويتسبب بتوتر عصبي حاد وبتغييب للوعي وإذا ما استعملت مكبرات للصوت وآلات كالطبلة والأبواق وامتزجت مع صرخات حادة فإن الحضور سيغرق في محيط غاضب مهتاج، وربما ذلك دفع بإحدى المدن الماليزية الى حظر سماع موسيقا بلاك ميتال وهافي ميتال والهارد روك التي تتسم بالصخب الشديد وتتضمن كلمات كفر وحث على العنف. ‏

في العقدين الأخيرين من القرن التاسع عشر قامت الجمعيات والأندية المختلفة في أوروبا وأمريكا لعبادة الشيطان وأولها كان اسمها «المتشيطنون» /satanists/ وقد أعيد إيحاء ما يماثلها في ستينيات القرن العشرين حيث أسست أول كنيسة للشيطان في العام 1966 وضمت آنذاك حوالي أربعين ألفاً من الاتباع يؤمنون بالسحر ويقيمون القداديس السوداء ويضحون بالحيوانات وعبرت الى الفئات الشابة من خلال إثارة الرغبات وتعاطي المخدرات وعقاقير الهلوسة وممارسة الجنس الفاضح وفي الفترة نفسها أحصيت حوالي /22/ ألف كنيسة للشيطان في الولايات المتحدة ومع تنامي التطورات التقنية أخذت هذه الاعتقادات تروج لنفسها من خلال ألعاب الكمبيوتر وأفلام العنف والرعب والسحر. ‏

وفي العام 1970 تميزت احدى العائلات الأميركية بالرعب حيث مزجت في سلوكها بين المخدرات والجنس والسحر وقتل آنذاك سبعة أشخاص كذبائح. ‏

في كاليفورنيا قتل سبعون شاباً من عمال الكروم بعد انضمامهم لهذه الجماعات وفي سنة 1972 أقدمت بعض النسوة في شيكاغو على ذبح أطفالهن من أجل الشيطان وأحرقن أجسادهم لإخفاء جسم الجريمة. ‏

فضيلة الشيخ عبد السلام محمداه عضو جمعية علماء المسلمين بحمص قال: «بأن الدعوة للانتحار والعدم تأتي في سياق الدعوة لتخريب المجتمع وتهديد أمنه وبتره عن قيمه وأخلاقه وعادة عندما لا تقدر القوى المعادية على بلد ما بالطرق العسكرية تعمد الى أهم مكوناته «شبابه، هويته، قيمه» وتأتي مثل هذه البدع كـ «عبدة الشيطان» في سياق الغزو الفكري و الثقافي لمجتمعاتنا عبر وسائل الاعلام وأفلام العنف والجريمة والمخدرات وحتى عبر الترويج للتنجيم. ‏

وتوجد عوامل أخرى تهيئ للأفكار الغريبة مثل الفقر والجهل والتفكك الأسري إضافة للعامل الفردي كالفراغ. ‏

الأب أسعد يوسف نايف كاهن رعية باب السباع للروم الكاثوليك ومسؤول العلاقات العامة في مطرانية الروم الكاثوليك أكد على بناء علاقة المحبة مع الله وأشار الى أن «عبدة الشيطان» ذات منشأ صهيوني، فالصهيونية لا تبنى إلا على التفريق وتحطيم الهوية الأصيلة للمجتمعات ويتلقى بعض الشباب مثل هذه الدعوات بسهولة كونها تدعي تحرير الطاقات الداخلية لهم وتلجأ للجنس والمخدرات لتمرير أفكارها. ‏

وفعلياً نحن نتعرض لغزو فكري من خلال ما يسوق لنا من سلع وأزياء ومخاطبة الغرائز والترويج لأفكار دخيلة كالديمقراطية التمردية! وبرأيه فقدان التواصل بين حلقات المجتمع «أسرة، حي، مدرسة، جامعة، مرجع ديني» اضافة للتفكك الأسري هي عوامل مهيئة لمثل هذه الأفكار السلبية. ‏

وقد أكد لنا مراراً كل من فضيلة الشيخ والأب المحترم بأن ما لدينا لا يعدو شرارة تكاد ان تبدأ وتتمظهر غالباً في تقليد سطحي وادعاء بالحداثة كحضور الحفلات الصاخبة وسماع الموسيقا الهائجة وارتداء الأزياء الغريبة دون وعي لدلالاتها. ‏

يقال: من يستسلم لمثل هذه الأفكار والبدع سيعش حتماً في عالم وهمي وقد تخلق لديه حالات من الفصام والوساوس والخلل الداخلي.. فما مقولة الطب النفسي في هذا؟ وهل يعود لذات فردية مريضة.. أم لسياق مجتمع يعاني خللاً ما؟ ‏

د. جورج خزعل اختصاصي أمراض نفسية وعقلية واستاذ في كلية الطب النفسي بجامعة البعث قال: «يمكن اعتبار اتباع البدع المماثلة مجموعة من المرضى الذهانيين أو في بداية مرضهم وعندما يبدأ هذا المرض في مرحلة الشباب فإنه يهيئ للدخول في جماعات مماثلة.. ولكن ليس كل من يدخلها مريض ذهاني لكنه بالتأكيد يعاني اضطرابات نفسية ناجمة عن خلل تربوي عائلي اجتماعي كالعائلات غير المستقرة وانفصال الزوجين..

هالة حلو

المصدر: تشرين

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...