الوهابية السعودية والإسلام الشامي (4) تسليف الجزائر
قال تعالى في كتابه الحكيم: «قالت الأعراب آمنا، قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولمّا يدخل الإيمان في قلوبكم..» إلى آخر الآية التي يبدو وكأنها تتحدث عن أعراب الوهابية قبل اثني عشر قرناً من نشر مذهبهم في الجزيرة العربية.. حيث تأسلم بدو نجد ورسخوا الوهابية بحد السيف وعصا المطوعين وغنائم السعوديين .. إذ لا يمكن للبدوي أن يدين لغير قبيلته وشرائعها ومصالحها، ولا يكاد يحضر الإسلام في حياته إلا في حالات نادرة: عند تسجيل عقود الزواج وطقوس الوفاة والإرث، ولهذا اضطر آل سعود لفرض الصلاة والصيام بالعصا لضمان استمرار العقيدة الوهابية بين بدوانهم. فقد اتجهت طموحات الآباء المؤسسين لمملكة آل سعود، بعد سيطرتهم على نجد والحجاز، نحو الهيمنة على سائر البلدان المجاورة بزعم استعادة الخلافة الإسلامية وإعادة المسلمين إلى الطريق القويم .. ومنذ أيام الملك عبد العزيز كرر السعوديون محاولة تغلغلهم في البلاد الإٍسلامية عبر رجال الدين، يستضيفونهم في مواسم الحج ويجسون نبضهم ويعملون على استمالة المتشددين بينهم. وكان جل اهتمامهم بعلماء الأزهر وجامع الزيتونة لما لهم من تأثير .. وضمن هذا التوجه تمت دعوة الشيخ الأمازيغي عبد الحميد بن باديس خريج جامع الزيتونة وصديقه الشيخ بشير الإبراهيمي عام 1912 إلى مكة، إذ خصص له آل سعود سيارة للتنقل وأداء الفريضة واستضافته في القصر الملكي.. وهكذا أقام في مكة والمدينة زمناً، وتناوب شيوخ آل سعود على لقائه والاحتفاء بعلمه حتى أنه قرر الإقامة هناك وراح يلقي دروساً في جوامع المدينة المنورة، غير أن شيوخ الوهابيين أشاروا عليه بالعودة إلى الجزائر (لأن أهل بلده أولى بعلمه) مع وعد بدعم نشاطه السلفي هناك.. ذلك أن البريطانيين، حلفاء السعوديين، كانوا يعملون على تنغيص حياة الفرنسيين في مستعمراتهم، وبالتالي فإن دعوة ابن باديس السلفية في الديار الجزائرية سوف ترتدي لبوس المقاومة والجهاد ضد المستعمرين الكفار.. وهكذا تماهت المصالح الوهابية - البريطانية في الجزائر، وعاد ابن باديس عام 1913 إلى قسنطينة لتدريس طلاب العلم (طالبان) في جامعها، واختراق المالكية الجزائرية بالسلفية الوهابية، وهو يعتقد أنه يقدم الخير لبلاده. فأصدر جريدة «المنتقد» ثم مجلة «الشهاب» الأسبوعية، وكتب سلسلة مقالات للتعريف بالوهابية والإشادة (بملك العرب) عبد العزيز بن سعود، باعتباره الخليفة المنتظر والمنقذ للأمة الإسلامية، وتوج دعوته السلفية بتأسيس «جمعية علماء المسلمين الجزائريين» بالتعاون مع شريكه الشيخ الإبراهيمي الذي زكاه لرئاستها.. كذلك باضت الوهابية في الديار الجزائرية قبل قرن من الزمان وتمددت بين البسطاء والأميين على حساب المالكية الصوفية إلى أن تحقق استقلال الجزائر عام 1962 حيث بدأ السباق بين اليسار الثوري السوري والوهابية السلفية السعودية على تركة الاستعمار: السوريون ركزوا على التعريب والحداثة في المناهج التعليمية، بينما ضاعف السعوديون جهودهم لنشر السلفية بين الأوساط الشعبية، وراحوا يوفدون (الطالبان) في بعثات إلى الجامعات والمعاهد السعودية ليعودوا كدعاة وهابيين بين أوساط المسلمين الجزائريين.. وقد استمر الحال كذلك حتى عام 1992 حيث نما التيار السلفي في الأرياف وترعرع بين الطبقات الناقمة على فساد رجال الثورة واستبداد العسكر الذين تحالفوا مع الأثرياء والغرباء، كما حصل لقادة ثورة البعث في سوريا، الذين كانت تجمعهم مع قادة ثورة الجزائر علاقات آيديولوجية حميمة، بيما كانت السعودية تغذي نقمة إخونجية الشام وقواعدها السلفية ضدهم ، وهذا سنأتي عليه لاحقاً في الحلقات القادمة..
***
فمنذ أواسط السبعينات برز العمل الإسلامي الحركي المنظم في الأوساط الجامعية الجزائرية، بعد منعه من المشاركة في الحياة السياسية العامة من قبل الوطنيين الذين رفضوا السماح بنشاط جمعية العلماء، وقاموا بحل جمعية القيم التي حاولت وراثتها. وكان مالك بن نبي أول المساهمين بما سمي الصحوة الإسلامية الجامعية بمحاضراته وندواته في أوساط النخبة الجامعية، وقد هيأت جهوده المناخ الثقافي المناسب لظهور التيار الحضاري الذي أطلق فيما بعد على نفسه اسم البناء الحضاري وسماه بعضهم تيار الجزأرة.
وفي الفترة نفسها أيضا ظهر التيار الإخواني بجناحيه العالمي والإقليمي، بتدخل من الإخوان المسلمين في الكويت وفي سوريا، وتورط الإخوان بدافع عوامل الحزبية العمياء في صراع مع تيار مالك بن نبي، وحدثت صدامات في الأحياء الجامعية في السبعينات والثمانينات كان الهدف منها إقصاء التيار المالكي من مواقع العمل المسجدي ليحل محله التيار الإخواني الإقليمي ، مما أدى ببعض الفعاليات الإسلامية التي كانت تختط الإتجاه الحيادي إلى الضغط على الجماعات الحركية الثلاث البناء الحضاري ، والإخوان الإقليميون، والإخوان العالميون للتوحد ضمن صيغة واحدة برعاية الشيخ أحمد سحنون والتي انتهت إلى درب مسدود.
***
ففي الوقت الذي كانت قيادات الثورة الوطنية تتصارع فيما بينها على النفوذ والأعمال، كانت التيارات الإسلامية تنمو تحت السطح بين الناقمين الذين يشكلون قوة مخيفة تحتاج إلى تمويل وقيادة توجهها، وقد وفرت لها السلفية السعودية التنظيم والتمويل والتسليح عبر قادة أثبتوا براعتهم في الاستقطاب، وقد برز من بينهم عباسي مدني، وعلي بلحاج، ومحفوظ نحناح، وقد كان بلحاج الأكثر صدقاً مع نفسه وقاعدته الجماهيرية من الآخرين.. فعباسي مدني رئيس الجبهة الإسلامية كان شيخاً أكاديمياً خريج بريطانيا، تربى في ظل والد كان إماماً لأحد مساجد سيدي عقبة، ومنذ البداية كان مشروعه سياسياً فدعا لإقامة دولة دينية منذ عام 1986، وفي عام 1988 أسس الجبهة الإسلامية بدعم وتمويل وهابي سعودي، وكانت زياراته منتظمة للسعودية، أما الشيخ محفوظ نحناح فقد نشأ في ظل أسرة محافظة ودرس في الأزهر وكان معجباً بأستاذه حسن البنا وقد بدأ نشاطه الدعوي منذ عام 1962 بمساجد بليدة والعاصمة فأسس مع الشيخ محمد بوسليماني جماعة الإخوان المسلمين بالجزائر، وحاول تدبير انقلاب ضد الرئيس هواري بومدين قبل أن يسجنه، وقد حافظ على رضى ودعم السعوديين له بعد الشرخ الذي حصل بينهم وبين قادة جبهة الإنقاذ فيما بعد ... أما الشيخ علي بلحاج نائب عباسي مدني في جبهة الإنقاذ فقد نشأ يتيما وكان تحصيله العلمي متدنياً ولكن ذكاءه الفطري وقدرته على مخاطبة الجماهير حققا له حضوراً متميزاً.. فقبل أحداث 1988 كانت الحركة السلفية قد عرفت طريقها إلى الجزائر عبر شخصيات كثيرة تعلموا في السعودية وتأثروا بشيوخها الوهابيين، غير أن الشخصية الأبرز كانت "علي بن حاج" الذي تبنى أطروحات السلفية اللامذهبية التي ورثت الحركة الوهابية، واتخذ من مسجد السنة في باب الواد بالعاصمة المنبر المناسب لنشر أفكاره السلفية في أوساط الشباب المتدين من ذوي الثقافة المحدودة.
لم يكن هناك ما يجمع بين طموحات زعماء الجبهة الإسلامية سوى علاقتهم بالأم الوهابية في السعودية التي أرادت تعويض فشلها في سورية بعد قمع تمرد الإخونجيين فيهابداية الثمانينات، فصرفت جهودها نحو إسلافيي الجزائر، وتغلغلت بين مجموعات جبهة الإنقاذ الجزائري ووجهتهم للدخول ضمن لعبة الديمقراطية والانتخابات الجزائرية بعد انتكاستها السورية .. وكانت السلطة الوطنية مطمئنة إلى قوتها، فاسترخت ثم فوجئت، كما فوجئت السلطات السورية اليوم، بحجم التنظيمات الإسلامية في الشارع الخلفي.. فبعد 126 سنة من الاحتلال الفرنسي للجزائر، وسياسة الفرنسة ومن ثم سياسة الجزأرة على يد قادة الثورة، بات الجزائريون متعطشون لما يربطهم بجذورهم الإسلامية، فجاءت وصفة الوهابية في الوقت المناسب حيث ساهم السعوديون بدعم الإسلاميين في انتخابات عام 1992، التي رفضت السلطات نتائجها لتدخل الجزائر في نفق حرب أهلية عقداً من الزمان أُنهكت السلطات والجيش الجزائري خلالها إلى أن غدت حكومة الثورة وبترولها ناضجة للجلوس في حضن من يستطيع إنقاذها من شرور إرهابيي جبهة الإنقاذ...
***
في مطلع شهر رمضان المبارك اعام 1995 وبعد ساعة من الإفطار وحتى مطلع الفجر، قام الإرهابيون السلفيون بذبح 412 جزائرياً في قرى منطقة جيزان غرب الجزائر، وتحدث الناجون عن عمليات تمثيل بجثث الضحايا هي الأبشع من نوعها منذ اندلاع موجة العنف بالجزائر التي أعقبت انتخابات عام 1992 حيث حصلت إبادة كاملة في أربع قرى وتم تقطيع أوصال الضحايا بالفؤوس والسيوف.. وقد يتساءل القارئ الحمصي اليوم ممن يتعرض أهله للأمر نفسه على يد كتائب "القعقاع" و" خالد بن الوليد" : ما هو سر التقطيع والتشويه ، والجواب يكمن في ثقافة الوهابيين من أن (روح الكافر) لا تموت بالرصاص ولا بد من تقطيع جسده بالبلطات والسواطير كي لا تتمكن الروح من العودة إليه..
وإذا أردنا فهم سلوك الوهابية السلفية هذا علينا أن نعود إلى تاريخهم القديم ـ الجديد، حيث يورد مؤرخهم عثمان بن بشر النجدي في كتابه (عنوان المجد في تاريخ نجد) عن حرب كربلاء عام 1801: «أخذنا كربلاء وذبحنا أهلها وأخذنا أهلها فالحمد لله رب العالمين، ولا نعتذر عن ذلك ونقول.. وللكافرين أمثالها» ويضيف النجدي واصفاً الغزو: «… فلما استووا على ركائبهم (أي الجند الوهابي) وساروا ثوروا بنادقهم دفعة واحدة، فأظلمت السماء وأرجفت الأرض، وثار عج الدخان في الجو ، وأسقط كثير من الحوامل في الإحساء، ثم نزل سعود في الرقيقة … فأقام في ذلك المنزل يقتل من أراد قتله، ويجلي من أراد جلاءه، ويحبس من أراد حبسه، ويأخذ من الأموال، ويهدم من المحال، ويبني ثغوراً، ويهدم دوراً، وضرب عليهم ألوفاً من الدراهم وقبضها منهم..» ثم يقول عن القتل، وذلك بعد الاستسلام: «فهذا مقتول في البلد، وهذا يخرجونه إلى الخيام ويضرب عنقه عند خيمة سعود، حتى أفناهم إلا قليلاً.. »
في كتابه الهام "تحليل ظاهرة العنف " يقول عبد الرحمن موساوي : بعد سنة 1995 تصاعدت وتيرة العنف بالجزائر وأصبح المدنيون من كل الفئات عرضة لعمليات الجماعة الإسلامية المسلحة (GIA). وبقدر ما طال أمد العنف بقدر ما اتسع ليشمل المقاتلين وغير المقاتلين من المدنيين الأبرياء. وبالموازاة مع ذلك طور المتحاربون إستراتيجيتهم وتفننوا في ابتداع أساليب البطش والتنكيل.
بالنسبة للجماعات الإسلامية فإن "الجهاد" الذي أعلنوه ضد الحكم يهدف إلى خلخلة هذا الحكم وإضعافه بكل الوسائل الممكنة، دون أي اعتبار للمرجعية الأخلاقية طالما أن كل الوسائل تبرر الغاية التي هي استبدال النظام السياسي وإقامة الخلافة الإسلامية. وإذا كان ميزان القوى من الناحية العسكرية الصرفة هو لصالح النظام فإن الجماعات الإسلامية ستحاول تعويض هذا العجز باللجوء إلى أساليب قتالية ليس الغرض منها هو هزم العدو عسكريا ولكن إرهابه وعزله داخليا وخارجيا عبر عمليات مذهلة تضعف معنوياته ومعنويات مسانديه. ذلك أن الهدف الأول للعنف، يقول موساوي، ليس تدمير الخصم ماديا ولكن تحطيمه نفسيا (ص27).
من هذا المنطلق ركزت الجماعات المسلحة على خطف واغتصاب النساء لأنه يمس العِرض ويؤدي إلى إذلال نفسي لا ينجبر، لكن الوسائل المعتمدة لإرهاب السكان متنوعة، منها أدوات القتل (السلاح الأبيض، الفأس، المنشار...) وكيفية التقتيل (الذبح، بقر البطن، تقطيع الأعضاء، فصل الرأس عن الجسد..). واعتمادا على المقولة العربية "الحرب خدعة" لجأ المسلحون إلى إقامة الحواجز الأمنية المزيفة على الطرقات، أو حشو جثة الضحية بالمتفجرات قبل أن تصل إليه قوات الأمن. لقد أصبحت طريقة القتل بوحشيتها وبشاعتها سلاحا موجها ليس إلى قوة الخصم العسكرية ولكن إلى نفسية مقاتليه ونفسية المواطنين بصفة عامة.
وبما أن الحرب أصبحت حربا نفسية، فإن الإشاعة والخبر الكاذب أصبحا من الوسائل الموظفة في هذا الصراع. فالشائعة كما يقال هي سلاح في كل حرب. ومنذ منتصف التسعينات من القرن الماضي، مع بلوغ العنف أوجه، أصبحت الشائعات هي الخبز اليومي للجزائريين. في الصباح يتبادل الناس ما سمعوه أو ما شاهدوه بالأمس: طلقات نارية، صفارة سيارة الإسعاف أو الشرطة، أخبار القنوات الأجنبية كالجزيرة أو TF1. وتكثر الشائعات وتتضخم بعيد كل مجزرة يذهب ضحيتها العشرات من المواطنين، فيعم الهلع و يتيقن الناس أن الحركات المسلحة بوسعها أن تضرب في أي مكان وفي أي وقت، دون أن يستطيع النظام فعل شيء. بل إن الشائعات في هذه الحالة قد تنقلب ضد النظام نفسه، فمن يدري؟ قد تكون بعض هذه المجازر من تدبير الدولة نفسها! مهما كان الواقع فإن النتيجة هي انتشار الذعر بين المواطنين والانهيار النفسي، وفقدان الثقة في كل واحد، حتى في الأخ الذي ربما يكون من الأنصار الإسلاميين المتستريـن.. فهل نفهم مايجري في سوريا اليوم على ضوء ما جرى في الجزائر بالأمس ؟!
***
لقد صمتت أمريكا والغرب عن مجازر السلفية في الجزائر، وعن تفظيع الأمن الجزائري، لعلمها أن حرب الاستنزاف سوف تضعف يد الدولة النفطية، وبعدما تضعف يدها ستحتاج لمساعدة الغرب، وعندما توشك أن تُغلب سيسارعون إلى نجدتها عبر وكلائهم الوهابيين في دول الخليج والسعودية مع طلب بسيط وهو إدخال شركاتهم المتعطشة لامتصاص الغاز و النفط الجزائري.. وهكذا دخلت الشركات الأمريكية والفرنسية إلى حقول الجزائر النفطية ونامت السيوف الوهابية زمناً ضمن صفقة قذرة بين جموع الذئاب (الوطنية - السعودية الوهابية ـ الأمريكية) ، ثم كافأت السعودية بعدها أتباعها المطيعين وتخلت عمن لم يخضعوا لإرادتها ( ولم يجنحوا للسلم) ، وبالتالي فقد انقلب زعماء (الإنقاذ) الأكثر شراسة على سلطانها، فهاجمها عباسي مدني وغادر إلى الحضن القطري بعدما حصل هو وأسرته على جنسيتها ، بينما بقي بلحاج في الجزائر على الرغم من إعلان رفضه للهيمنة السعودية ، بل ونشر أعظم رسالة تفند سيرة محمد بن عبد الوهاب وتفضح علاقة الوهابية بآل سعود، لكنه بقي على عقيدته الجهادية التي تسببت بمقتل ابنه مؤخراً وهو يقاتل في صفوف القاعدة ..أما زعيم الإخونجية الشيخ محفوظ نحناح فقد خضع لإملاءات السعودية بالتهدئة فجنح للسلم وحصل عل بركات السلطة الجزائرية وشارك في (حكومة الوحدة الوطنية) بسبع حقائب وزارية وأربعين نائبا في البرلمان، وتابعت جماعته نهج الإخونجيين المراوغ بعد وفاته عام 2004.. وكان الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، نتيجة للصفقة الأمريكية ـ الجزائرية، قد أصدر عفواً شاملاً عن أعضاء الجيش الإسلامي للإنقاذ، وأصدر على إثره أمير الجيش الإسلامي مدني مرزوق قراراً بحله، لتظهر بعدها مشكلة الأمازيغ، إذ قامت المظاهرات الأمازيغية واضطربت البلاد من جديد بشكل يومي منذ نيسان 2001 حتى تشرين أول 2001 لتوافق الحكومة مكرهة على إعطاء اللغة الأمازيغية وضعاً قانونياً والإعتراف بها كلغة وطنية إلى جانب العربية.. وهذا ما سيجري في سورية مع مواطنيها الأكراد لاحقا حسب ما أرى وأتوقع..
وبناء على ماتقدم، توالت العقود التي وقَّعتها شركات النفط الأمريكية مع الحكومة الجزائرية طوال فترة الأزمة، للإفادة من حقول النفط والغاز ( التي كانت مؤممة) المنتشرة بكثرة في الصحراء الجزائرية. مع التنويه أن الجزائر اليوم تأتي في المرتبة الثانية بعد المملكة العربية السعودية في حجم تبادلها التجاري مع الولايات المتحدة الأمريكية؛ حيث بلغت قيمة المبادلات التجارية بين البلدين مستوى استثنائيًا في العام 2000 (حوالي 5.3 بلايين دولار) ومازالت رضاعة الكبير الأمريكية للزميلة الجزائرية مستمرة إلى الآن ، وبناء عليه يمكننا أن نفهم موقف الرفيق الجزائري المنبطح تجاه المسألة السورية اليوم ، فمن احترق بالحليب ينفخ على اللبن ..
***
لقد دفعت الجزائر ثمناً باهظاً للصراع السلفي مع السلطات، وفقدت أكثر من مئة ألف قتيل خلال عقد من الزمان، و انسحبت الجهات التي ورطت السلفيين بالحرب الداخلية، بعدما حصلت على ما أرادت من الجزائر ورأت أنه من الأفضل بقاء سلطات ضعيفة تخشى قيامة السلفيين بدلا من استلام السلفيين أنفسهم للسلطة وعدم ضمان ضبطهم واستثمارهم مستقبلاً، كما حصل بعد تمرد الطالبان في أفغانستان..
فقد اعتقدت الحركة السلفية أنها على وشك استلام السلطة، فأخذها الغرور ولم تعلم أن أصدقاءها قد استثمروها ودفعوها نحو المحرقة.. وعندما انهزمت انكفأت وانقسمت على نفسها، كما حصل للإخوان المسلمين السوريين من قبلهم، دون أن يدركوا معنى الدرس الذي وقع فيه (إخوتهم) من أن وهبنتهم تخدم آل سعود وليس الإسلام الذي شوهوا صورته وجعلوا من معتنقه شخصاً مكروهاً في أنحاء العالم المتحضر. فقد أساءت الوهابية الجزائرية إلى الإسلام الجزائري ورموزه حتى أن رجلاً عالماً كعبد القادر الجزائري لم يوفروا سمعته وحطوا من منزلته وتوسيخ سيرته الجليلة، فقط لأنه من كبار علماء الصوفيه.. والأمر يتكرر اليوم مع علماء الشام الذين يرفضون الوهابية السعودية كالشيخ أحمد حسون والشيخ محمد سعيد رمضان البوطي اللذان فُسِر موقفهما من الأحداث السورية على أنه موالاة للسلطة، بينما هو في حقيقته تلمس لخطورة نوايا الوهابية السعودية تجاه البلاد الشامية ومعرفتهم بتاريخها الإجرامي..
***
الجزائر اليو م على أبواب الإنتخابات التشريعية التي ستجري في العاشر من الشهر الجاري . و التيارات الإسلامىة فى الجزائر تعمل على توحيد صفوفها للدخول بتكتل واحد فى هذه الانتخابات، حيث نجحت ثلاثة أحزاب جزائرية فقط فى تشكيل "التكتل الإسلامى" وهى حركة مجتمع السلم وحركة النهضة وحركة الإصلاح الوطني، فيما لم تستطع باقي الأحزاب تكوين تكتلات مماثلة أو الدخول فى هذا التكتل.. بالمقابل فإن "الجبهة الإسلامية للإنقاذ" بقيادة عباسى مدنى ونائبه على بلحاج ، وبتوجيه السياسة القطرية، المتصارعة على النفوذ مع السعودية، أعلنت رفضها المشاركة فى هذه الانتخابات، ودعت الشعب الجزائرى إلى مقاطعتها، مؤكدة أن المشاركة فى هذه الانتخابات هى بمثابة "تزكية للباطل"، معتبرة ان أن الضمانات التى يدّعى النظام توفيرها هى ضمانات زائفة مخادعة، إذ يبدو أن القطريين وعبر الجبهة يرغبون بتكرار لعبة السعوديين في التسعينات، خصوصا أن رياح الربيع السلفي مواتية لهم هذه الأيام . ولكن، وبما أن التوقعات بفوز الإسلاميين في الإنتخابات بأكثر من 60% فإن الصراع القادم في الجزائر سوف يكون بين التيارات الإسلامية نفسها ،بمعنى أنه سيكون صراعا بين سلفيي قطر وسلفي السعودية وستجري الأمور بحسب الآية الكريمة "إنا سلطنا الشياطين على الكافرين تأزهم أزا " ..
***
ومازال آل سعود يخططون لمد سلطانهم شمالاً عبر نشر الوهابية المغلقة، لتحل محل المذاهب الأربعة التي شكلت قوام طوائف السنة الكلاسيكية عبر تاريخ بلاد الشام الإسلامي العريق في التسامح والتعايش الذي يحافظ على وحدة الأراضي السورية وتماسك شعبها، وإلا لما أقدم شيوخ الشام على الإعلان عن وفاة "منظمة التعاون الإسلامي" التي تهيمن عليها الوهابية السعودية وتدفعها نحو مخططاتها التآمرية على مجتمع السنة قبل الطوائف الأخرى، يشهد على ذلك مئتي عام من العدوان الوهابي على أهل السنة قبل غيرهم من أمم الأرض.. الوهابية التي يدين أتباعها كل من لا يعتقد بمذهبهم، و يحتقرون المرأة باعتبارها عورة كلها، وسفك الدماء حلال عندهم لأتفه الأسباب، كما أن علماء المالكية والشافعية والحنفية ممنوعون من التعبير عن آرائهم ومن إقامة الصلاة أو التدريس في مساجد المملكة السعودية.. فهل هذا يكفي؟ .. يتبع
نبيل صالح
جون برادلي: لقد فشلت الثورة المصرية بالإطاحة بالنظام القديم ونجحت فقط في اقتلاع رأس الدولة ونتج عنه إعادة التحالف بين الحرس القديم الرجعي والإسلاميين في الوقت الذي تزايد فيه تهميش القوى الليبرالية.. وصارت تلك سمة مميزة لكل ثورات الربيع العربي تقريباً، وطفت التوترات الطائفية والخلافات بين طبقات المجتمع المختلفة على السطح.. وقررت أمريكا أن تدعم ثورة مضادة تقودها السعودية ضد الثورة المصرية والعربية بهدف إعادة الحال إلى ما كان عليه.. ففي يوليو 2011 نزل مئات الآلاف من السلفيين إلى ميدان التحرير مطالبين بأن تصبح مصر دولة تطبق الشريعة الإسلامية على الطريقة السعودية ؟!
التعليقات
التخطيط بدو مخ
سؤال
الأخبار ( عكس عكاس )..
الشرعية الوهابية
الاديان والايمــان ....
تساؤل !!
أتساءل أحيان!!ا
القرضاوي مفتي الشيطان امريكا
افضل شيء مواجهة الفكرة للفكرة
أرسل من قبل الوطني للعضم
وين الملايين
بقايا إسلام
المفهوم التاريخي لتسمية العرب وموطنهم
شكر لصاحب الرد
الشيخ الوقور والابن الضال
بخصوص الشيخ والابن الضال
رد
تنتهي حريتك عندما تبدأ حرية
نبيل الصالح ، الشهادة المجروحة .
أنت تكذب يانبيل
ساركوزي
من صديق مندس و لك الاجابة استاذنا
الإسلام الحق -1-
الاسلام
في عيد الشهداء
بان كي مون يقول الوضع في
تعقيبات
غوار سفاحاً
لسا عم اتشبح؟
الهندسة المتقنة
حثالة ورعاع وسَوَقة
ردود للجالسين على العمود
إلى "الرجل" أبو جهل
وحدة أم أتحاد 1
وحدة أم أتحاد2
تحية
" شهوة الملك تستأصل الناس
حديث مع هميلقارت (1)
حديث مع هميلقارت (2)
تفجيرات القزاز
إلى الأنثى
أستاذ نبيل حتى لو كانت رواية
أفكار شتى
شنقا بالرصاص
أمثلة
لاتؤاخذونا على الإطالة
شكرا
ولكن حكومتنا الحكيمة و الشجاعة!!!؟؟؟
على باب الفردوس
سافل
Pagination
إضافة تعليق جديد