صناعة المعنى في عالم يتلاشى
مستوى نبالتك يحدده قوة موقفك ضد الظلم، ومستوى ندالتك بقدر ماتكون محايدا أو مرتكبا له فوق هذه الكرة التي نعيش على ترابها وندفن فيه، وكما تقول الملكة فيروز في مسرحية بترا بأنها ستذهب إلى آخر العالم إذا سمعت أن هناك ظلم واقع على أحد، لأن كل فعل سلبي أو إيجابي في مكان ما من العالم سوف تصل ارتداداته إليك، وهي مسألة وقت قبل أن تلطمك كف القدر أو تعانقك، بحسب وحدة الوجود ونظرية "أثر الفراشة". فلا تشح بوجهك عما يجري في أي مكان بالعالم فأنت جزء منه وحياتك مرهونة بحركته.. يقول شاعر عربي مجهول: إذا كنت من تراب، فكلها بلادي، وكل العالمين أقاربي..
قد نختلف مع الجماعات الأصولية آيديولوجياً ولكن فتح باب المراجعات لحظة الإلتحام مع العدو يجعلك في خانته ومساعدا له حتى ولو كان المقاوم خاسرا لأن الخسارة ستكون أكبر من دون مقاومة، إنها قوانين الحرب والسلام التي تجعل من الخاسر هتلر دون أن تقول أن الرابح لو لم يكن أكثر من هتلر لما انتصر في الحرب، وهذا مافعلته أمريكا باليابان وماتفعله عصابة تل أبيب بشعبنا، فالمنتصر أيضا نازي يبني نصره على جثث جنوده وأعدائه معا.. فالحرب استثمار ومن لايشارك فيها كبطل أو عميل لن يحصل على حصة، وبعض قادة العرب يقبضون ثمن العمالة بالـتأكيد .
لانستطيع أن نرجّم بالغيب ونقول سيحصل كذا وكذا، كما يفعل محللونا على الشاشات، غير أننا نعلم أن العقل الأصولي أسطوري، وكذا هم الأصوليون اليهود الذين يحتلون البلاد بخرافات كتابهم؛ وهذي الحكايات السلفية هي المكون لعقل (المنتنّ) التي ورثها عن والده الأصولي. ولأن الأسطورة توصي بأن يُضرب التنين ضربة واحدة لا تثنية لها، فإنه قد يضرب إيران ضربة واحدة لايكون بعدها رد، وعندها ستخضع لهم المنطقة كليا وتمتد شركاتهم ووكلاؤهم من النيل إلى الفرات.. وسواء كرهنا إيران أم أحببناها فهي بمفاعلها النووي وحلمها الفارسي تعرقل تمدد الحلم التوراتي، وبعدها سنكون الهدف التالي للمنتن، فهذا الضرب للمدنيين في فلسطين ولبنان واليمن وسورية لاعلاقة له بالأعمال العسكرية وإنما ينتمي إلى الأساطير التوراتية التي تقول لهم بأن الرب سيجعلنا عبيدا لهم.. فاستعدوا لعودة الماضي وحروبه الدينية والمذهبية وكأن العالم بات يمشي نحو الخلف لا الأمام !؟
إنها "هرمجدون" حيث يدفع الصهاينة حكومات العالم، من أمريكا إلى روسيا، خلف الثور المنتن رغم كراهيتهم له، فهو يسرع الأمور نحو نهاياتها، وستدفع أوروبا الثمن أيضا بعدما غدت قارة منفعلة لا فاعلة، بينما تجلس الصين مراقبة لنهائي الدوري العالمي كي تستثمر الوضع مثل تاجر محترف، ففي الحرب لايوجد أخيار حيث الجميع يقوم بالقتل، غير أن ما تفعله المقاومات العربية الإسلامية إنما هو عمل بطولي يؤخر النهاية المرعبة لهذا العالم المتفرج مثل جمهور كرة قدم مغفل !!
أنتم على أبواب النهايات فاجعلوا للخاتمة معنى يليق بكم ..
نبيل صالح
إضافة تعليق جديد