الحجاب ولزوم مالا يلزم

10-06-2015

الحجاب ولزوم مالا يلزم

الجمل:  قيل لها أدخلي الصرح فلما رأته حسبته لجة وكشفت عن ساقيها ... " النمل 44 " ليس هناك في النص القرآني ( ولا في شروحه )  تأنيب أو إستنكار لفعلة ملكة سبأ هذه المنافية للحشمة و" لقواعد الحجاب “ .
قبل الإسلام كانت قواعد اللباس تفرضها الظروف أكثر من التشريعات والقوانين (حتى بالنسبة لأهل الكتاب ) , فأهل الحضر كانو أكسى لباساً بحكم إرتفاع مستوى معيشتهم لا أكثر , أما أهل البادية فكانو يلبسون ما تيسر وما يكفي للوقاية من أحوال الطقس لا أكثر . وأذكر هنا أنه حتى وقت قريب كانت عشائر كاملة في جنوب السعودية لا تلبس نسائها إلا " وزرة " على الخصر و صدورهن مكشوفة , وقد حاولت دولتهم جاهدة تغيير عاداتهم  باللباس و العيش فبنت لهم بيوتاً ومنحتها لهم بالمجان فرفضوها و أسكنوا بها قطعان ماعزهم . ما أريد قوله هو أن هذه العشائر كانت لاتزال تعيش وتلبس كما عاش ولبس أجدادها اللذين عاصروا الإسلام و ما قبله .
في مكة قبل الإسلام كان من المعتاد أن يطوف الحجاج بالكعبة عرايا . بعد هجرة المسلمين إلى المدينة المنورة حصل أن الرسول كان    " يمر بإمرأة " تجلس على باب بيتها مكشوفة الصدر وكان صدرها ضخماً و الماره ينظرون إليها فساءه ذلك وأمرها أن تغطي صدرها  لم ينهرها ولم يطبق عليها أي حد شرعي ولم يأمرها بالحجاب فقط أمرها بتغطية صدرها ( أي الضرب على جيبها )
 عن محمد بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال : استأذن عمر بن الخطاب على رسول الله (ص) وعنده نسوة من قريش يكلمنه ويستكثرنه عالية أصواتهن فلما استأذن عمر بن الخطاب قمن فبادرن الحجاب فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل عمر ورسول الله (ص) يضحك فقال عمر أضحك الله سنك يا رسول الله فقال النبي (ص) عجبت من هؤلاء اللاتي كن عندي فلما سمعن صوتك ابتدرن الحجاب فقال عمر فأنت أحق أن يهبن يا رسول الله ثم قال عمر يا عدوات أنفسهن أتهبنني ولا تهبن رسول الله (ص) فقلن نعم أنت أفظ وأغلظ من رسول الله (ص) فقال رسول الله (ص) إيها يا ابن الخطاب والذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان سالكاً فجا قط إلا سلك فجا غير فجك . " البخاري 3480 " . واضح من الحديث السابق أن النساء في المدينة لم يكن يتحجبن ولا يخفين أصواتهن حتى أمام الرسول وهو كان يستقبلهن وهن على هذه الحالة و عندما أبتدرن الحجاب كان ذلك خوفاً من أبن الخطاب (ر) لا تطبيقاً لشرع و لا عملاً بسنة حتى أن فعلهن هذا أضحك الرسول (ص) .
حادثة نساء النبي (ص) أثناء خروجهن إلى المناصع معروفة  , و لا بأس من التذكير أن رغم ما حصل في هذه االحادثة فقد كان رد الرسول (ص) ورأيه أن تخرج النساء للمناصع كما اعتدن أن يفعلن ( بناءً على وحي من جبريل (ع) , لم يقيدهن بسنة ولا أمرهن بحجاب . وعلى الأغلب فإن هذه الحادثة هي سبب نزول الآية : يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفوراً رحيماً . ( الأجزاب 59 ) . إذا لم نرد أن نلوي المعاني , فالآية تطلب أن تلبس المرأة ما يبقيها معروفة لا أن تتسربل بالسواد فلا تعود تُميَّز .
خلاف عمر ( ر) مع ابنه عبد الله بن عمر (ر) معروف عندما اشتكت زوجة عبد الله (ر) لعمها أن زوجها يمنعها من الصلاة بالمسجد فغضب عمر (ر) وقال لابنه : كيف تمنعون إماء الله عن مساجد الله . فأصرعبدالله (ر) على منعها . فغضب عمر ( ولعل وصيته بوضع المصحف الأول الذي ورثه عن أبي بكر (ر) لدى حفصة (ر) لا لدى عبدالله (ر) هو تعبير عن استمرار غضبه من أبنه ).                    

في خلافة عمر ( ر) كان يمنع الإماء من وضع غطاء على الرأس أو التحجب وكان يسمح بذلك للحرائر , في تلك الأيام وماقبلها كان من الممكن العثور على نساء منقبات و ربماعلى رجال  منقبين  كما " الطوارق " وهذا أمر لا علاقة له بالشرع بل بحالة الطقس في الصحراء ففي أيام الطقس العاصف كان النقاب أو اللثام لباس صحي لا شرعي .
في العصر الأموي نكاد لانقع على ذكر للحجاب , حتى مجمل لباس المرأة لم يكن يشغل أحداً ( كتشريع ) في ذلك العصر .
في العصر العباسي ونتيجة للزيادة الكبيرة ( نتيجة "للفتوحات" ) في أعداد السبايا والجواري والعبدات , ونتيجة المشاكل التي كثرت للحرائر نتيجة عدم التفريق بينهن وبين الإماء , تم فرض تغطية  الرأس وربما شطرالوجه بالخمار على الحرائر ليتميزن عن الإماء .
 كون الخمار و" التحجب " به وسيلة للتمييز بين الحرائر والإماء جعل النساء أكثر تعلقاً به ( في ذلك الزمن ) فهو أصبح علامة للتأكيد على رفعة الشأن من جهة و أداة حماية اجتماعية ( وإن كانت تمييزية ) من جهة أخرى . إبان العصر الفاطمي ازداد التشدد تجاه النساء وحركتهن ولباسهن ( يُذكر أن احد الخلفاء الفاطميين حرَّم  حتى أن تلبس المرأة خفاً صنعه رجل لئلا يكون هناك أي إحتكاك بين المرأة وبين رجل غريب عنها )!
انقضى عصر الدولة العباسية وحلت مكانها دولة الأتراك العثمانيين , وهم من أجلاف بدو آسيا ما إن تحكموا بوِرثة العباسيين حتى فرضوا فيها أسوأ عاداتهم . حولوا الدين إلى دروشة وتكايا وزوايا , وحاربوا العلم ( على مدى حوالي 300 سنة لم يكن يوجد في سورية تحت سيطرة العثمانيين أي طبيب أو مهندس ) , وفرضوا فهمهم السخيف والمتخلف والظالم للشرع . وكان من أهم ما فرضوه إضطهاد المرأة بكل الأشكال والمجالات فهذه كانت عاداتهم وطريقة حياتهم حيث المرأة ملكية خاصة ولا تزيد عن متاع وأي علاقة أو إتصال علني معها هو عار ( ذهنية الحرَملك ) ..
يحكي " محمد كرد علي " في كتابه خطط الشام أن أحد الولاة العثمانيين على دمشق ( أذكر أنه جمال السفاح ) قد عاد إلى بيته بعد سفر فرابه أمر ما ( شك أن أحداً دخل إلى الحرَملك ) , فأمر بإيقاد نار كبيرة حتى تصبح جمرا ثم أحضر ثلاثين من جواريه وسألهم عما حصل في غيابه  وأثناء " التحقيق " أخد يضع رأس واحدة بعد الأخرى في الجمر ويدوسه بحذائه حتى تموت وهكذا قتل الثلاثين . هذه كانت ذهنيتهم وهكذا فرضوا الحجاب على النساء . وزاد الموضوع سوءاً أن الشكل الذي أختارته النساء للحجاب هو ما شاهدنه على النساء الأوروبيات اللاتي قدمن مع الحملات الصليبية ( لا تستغربوا ولا تنسوا أن حزام العفه أيضاً  هو إختراع أوروبي ) وهكذا وجدت نساء الشام أنفسهن يلبسن ( الملاية ) السوداء التي تغطي كل الجسم بما فيه الوجه والعينين ( الغريب أن بعض الصور القديمة تظهر نسوة بالملاية التي تصل لتحت الركبة بقليل وتُظهر بطة الرجل والقدم وهذا  منافي " للشرع " ) .                                                

في بلدان أخرى ونتيجة لإختلاف مستوى المعيشة وحسب توفر الخامات والأقمشة كانت النساء يضعن " عباءة أو جلباب " تغطيهن من رأسهن حتى أقدامهن ويغلقنها عند الوجه فلا يظهر إلا عينا واحدة ( صور موثقة لنسوة يمنيات ) حتى هذه العباءة كانت أحياناً لا تمتد إلا لبعد الركبة بقليل تاركة بطة الرجل مكشوفة . كل هذا يعني أنه لا إتفاق على شكل اللباس الشرعي ( إن كان هناك لباس شرعي ) في الحقيقة هو لباس يتبع العادات الإجتماعية الذكورية وتم إلصاق الصفة الشرعية به لإجبار النسوة عليه .
لا أريد أن أخوض نقاشا حول آيات الحجاب ( وهي فعلاً غير موجودة ويتم لَيّ معاني وألفاظ بعض الآيات لإستعمالها كبراهين على فرض الحجاب  )  فهذا نقاش مستمر منذ قرون ولم يصل لنتيجة , وأيضاً لم يصل إلى اتفاق حول شكل الحجاب و النقاب حتى وصلنا اليوم إلى ما يغطي كل الجسم بكل أعضائه ويكاد لا يسمح بالرؤية ( ولا ننسى القفازات ) .
القرآن الكريم 604 صفحات مجموع أحكام اللباس فيه صفحة واحدة أي 0,16% . هل تساءل أحد لماذا طغى لباس المرأة وحجابها وأصبح هو الموضوع الأساس في الإسلام والشغل الشاغل للعلماء وللعامة و لماذا تراجعت أمامه الأساسيات والأخلاق وروح الدين .
أنظروا حولكم في أي لحظة لابد ستشاهدون فتاة تلبس بنطالاً ضيقاً (جداً ) أو لباساً " فاضحاً " لكنها تغطي رأسها " بحجاب " , أي أن المطلوب هو حجاب شكلي , أو حجاب بأي شكل , لإظهار سيطرة فكر معين على المجتمع فكلما زادت الرؤوس المغطاة ( المحجبة ) كلما تباهى أصحاب هذا الفكر بعدد أتباعهم .
أول نقاش حول الحجاب جرى بسبب السيدة عائشة أم المؤمنين (ر) وبسبب وضعها الخاص كزوج للنبي (ص) ولم يكن نقاشاً يخص كل النساء المؤمنات ( وهو في الحقيقة كان عن الحجاب كستارة وليس كغطاء رأس ) وبسبب هذا النقاش ذُكر حديث رضاعة الكبير , خَفت النقاش لفترة طويلة ثم عاد ولا زال مستمراً دون حل .
  في الإسلام الكثير الكثير مما يجب نشره وفرضه وتعويد وتذكير المجتمع به قبل الحجاب ... فلنتبع الأولويات :
إن الله لا يغفر أن يُشرك به ويغفر مادون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد افترى إثماً عظيماً . قرآن ..إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق . حديث..والأهم اقرأوا الأيات من 22 حتى 40 من سورة الإسراء .


(ب أ ق)


إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...