الإعلام الأمريكي يعيد إنتاج الذرائع التي تمهد لإشعال الحرب في المنطقة
الجمل: خلال يومي انعقاد مؤتمر شرم الشيخ، الذي هدف لبحث موضوع أمن واستقرار العراق، والتعرض لمشاكل منطقة الشرق الأوسط الأخرى، بدأت تتجذر في الصحف الأمريكية، ومراكز الدراسات الاستراتيجية، مرة أخرى، محاولات إعادة إنتاج الذرائع التي تمهد لإشعال فتيل الحرب في هذا الصيف، بمنطقة الشرق الأوسط.
تعتمد محاولة إنتاج الذرائع على الربط بين أمن إسرائيل والوقائع الآتية:
- انخفضت شعبية أولمرت بعد ظهور نتائج وتوصيات تقرير لجنة فينوغراد، في الشارع الإسرائيلي، وتزايد انخفاضها بشكل ملحوظ أيضاً داخل حزب كاديما، الأمر الذي يفسح المجال أمام تيار الليكود الديني بقيادة بنيامين نتنياهو العودة للحكم.
- الإدارة الأمريكية الحالية تريد حرباً موسعة في منطقة الشرق الأوسط، باعتبار أن تلك الحرب تمثل المخرج الوحيد لأزمة الجمهوريين الذين مازالوا يستميتون في الدفاع عن بقائهم وسيطرتهم على الإدارة الأمريكية.
محاولات إعادة إنتاج الذرائع، وردت في صحف: نيويورك تايمز، لوس أنجلوس تايمز، نيوريبابليك، واشنطن تايمز، واشنطن بوست، معهد المسعى الأمريكي، معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى.
النقاط الأساسية التي ركزت عليها الذرائع المتداولة حالياً في الدوائر الأمريكية تتمثل في الآتي:
• فشل تنفيذ القرارات الدولية: لقد لجأت إسرائيل إلى العمل العسكري في نهاية تموز الماضي بسبب عجز الأمم المتحدة والمجتمع الدولي عن القيام بأي شيء إزاء تنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي 1559 لعام 2004م، والقرار 1680 لعام 2006م، والتي نصت بوضوح على ضرورة نزع سلاح وتسريح حزب الله اللبناني. ومن ثم، فقد لجأت إسرائيل للدفاع عن نفسها بعد أن قام حزب الله بعبور حدودها وقتل ثلاثة واختطاف اثنين من جنودها، واللذان مازال حزب الله يضعهما رهن الاعتقال حتى الآن.
كذلك أدت حرب الصيف إلى إصدار مجلس الأمن الدولي للقرار 1701 عام 2006م، والذي ترتب عليه نشر آلاف الجنود الدوليين في جنوب لبنان، وبرغم ذلك فإنه لم يتم نزع سلاح وتسريح حزب الله، وماتزال القوات الدولية والحكومة اللبنانية غير قادرتين على تنفيذ ذلك. إضافة إلى أن القرار الدولي 1701 يعتبر قراراً ناقصاً، ولم يقم مجلس الأمن بإصدار قرار دولي ينص على انتشار القوات الدولية على طول الحدود السورية- اللبنانية، خاصة أن حزب الله استغل نواقص القرار 1701 واستطاع أن يخفي صواريخ 220ملم السورية الصنع في المناطق التي لا تقع ضمن منطقة اختصاص ولاية القوات الدولية، وحالياً يستطيع حزب الله تهديد شمال إسرائيل بكل سهولة بإطلاق الصواريخ من المنطقة التي لا تقع تحت صلاحية ونطاق اختصاص القوات الدولية، وهذا الأمر يشكل ثغرة ثابتة في القرار الدولي 1701، وذلك لأنه لم يعط القوات الدولية صلاحية وسلطة التفتيش والبحث عن الأسلحة في كافة المناطق اللبنانية، وبالتالي فإن إسرائيل ماتزال تتعرض للتهديد من الجانب اللبناني، وذلك بسبب عدم تنفيذ القرارات الدولية، وعدم جدية مجلس الأمن والمجتمع الدولي في فرض المزيد من القرارات الجادة التي تحقق الأمن لإسرائيل من خطر التهديدات وتعيد إليها جنودها المخطوفين.
• مثلث تحالف سوريا- حزب الله- إيران: إن سوريا تعمل بتحالف وثيق مع حزب الله اللبناني وحركة أمل الشيعية، وذلك من أجل إسقاط الحكومة اللبنانية الحالية، وعرقلة تنفيذ القرارات الدولية، على النحو الذي يضر بمصالح إسرائيل، ومن جهة أخرى تستخدم إيران حزب الله من أجل تهديد إسرائيل وذلك بهدف ردع الولايات المتحدة والمجتمع الدولي عن القيام بالإجراءات الحازمة لوقف البرنامج النووي الإيراني، وتقوم سوريا بدور الحليف المساند الرابط بين حزب الله وإيران، وبالتالي فإن عدم قيام المجتمع الدولي بدور حازم وفاعل في تفكيك هذا المثلث سوف يدفع إسرائيل في نهاية الأمر إلى اتخاذ ما تراه ضرورياً لتحقيق أمنها وسلامتها.
• (الإرهاب الفلسطيني): تعاني إسرائيل بشكل دائم من خطر (الإرهاب الفلسطيني) الذي تدعمه سوريا وإيران، وبرغم وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل، فقد استطاعت حركة حماس والجهاد الإسلامي، بمساعدة سوريا وإيران، إدخال آلاف الصواريخ إلى الضفة الغربية وقطاع غزة، وتم إطلاق العديد منها ضد الإسرائيليين في الأيام الماضية، وبلغت الجرأة بحركة حماس أن أعلنت مسؤوليتها عن عملية إطلاق هذه الصواريخ.. كذلك، حتى الآن ترفض حركة حماس إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي المحتجز لديها.
• مثلث تحالف سوريا- حزب الله- حماس: ترتبط هذه الأطراف الثلاثة في تحالف تقوم فيه سوريا بدور الراعي لحركتي حماس وحزب الله، وقد ظلت هذه الأطراف الثلاثة تتعاطف مع بعضها، ومن دلائل ذلك قيام حزب الله بمهاجمة إسرائيل واختطاف جنودها مستخدماً نفس أسلوب حركة حماس في اختطاف الجندي الإسرائيلي، وأيضاً بهدف تخفيف الضغط الإسرائيلي الذي كان متصاعداً آنذاك ضد حركة حماس، وتؤكد هذه الوقائع أن ما يقوم به حزب الله وحماس ضد إسرائيل يتم تدبيره وتخطيطه بواسطة سوريا (رأس التحالف)، وتنفيذه بواسطة (أذرع التحالف) الممثلة في حماس وحزب الله. وسوف يستمر هذا التحالف الثلاثي في تهديد أمن إسرائيل طالما أن المجتمع الدولي والبلدان العربية الأخرى تقف عاجزة عن تفكيك هذا التحالف الذي أصبح يهدد كامل منطقة شرق المتوسط.
• تشدد الأطراف العربية: لقد بذلت الإدارة الأمريكية وبلدان الاتحاد الأوروبي، وأيضاً وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني ووزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس جهوداً كبيراً من أجل إقناع الأطراف العربية بإبداء المزيد من المرونة في بنود وشروط مبادرة السلام العربية، وبدلاً من أن تتعاون الأطراف العربية مع جهود السلام الدولية، لجؤوا إلى الإصرار والتشدد على أساس اعتبارات أن المبادرة العربية إما أن يتم قبولها دفعة واحدة أو يتم رفضها بالكامل.. وبالتالي فإن إسرائيل لا يمكن أن تقبل بالكامل بمبادرة لم تشارك في الإعداد لها، خاصة وأن لإسرائيل موقفها ورؤيتها الخاصة بتحقيق الأمن والسلام في منطقة الشرق الأوسط، ومن ثم فإن فشل مبادرة السلام العربية سوف يكون بسبب تشدد الأطراف العربية غير المبرر في التعامل مع إسرائيل.
• التدخل الروسي: أصبحت روسيا تقوم بنفس الدور الذي كان يقوم به الاتحاد السوفييتي في الماضي، فقبل اندلاع حرب 1967م، أبلغت موسكو البلدان العربية معلومات خاطئة تقول بأن إسرائيل تخطط وتستعد لشن حزب ضد البلدان العربية، وبالمقابل قامت البلدان العربية بحشد جيوشها في مواجهة إسرائيل على النحو الذي استفز إسرائيل ودفعها إلى شن الهجوم العسكري دفاعاً عن النفس، والآن برغم تصريحات الحكومة الإسرائيلية بأن إسرائيل لا تنوي شن الحرب ضد سوريا، فقد قامت موسكو بإبلاغ دمشق بأن إسرائيل تستعد لشن الحرب ضد سوريا هذا الصيف، وبالمقابل باشرت سوريا استعداداتها وحشد قواتها، وبالتأكيد سوف يترتب على ذلك أن تلجأ إسرائيل إلى الدفاع عن نفسها ضد هذه الحشود التي باتت تهدد أمنها.
وعموماً، يقول ديفيد ماكوفيسكي، خبير منظمات اللوبي الإسرائيلي لشؤون الشرق الأوسط، بأن على المجتمع الدولي أن يضغط من أجل التنفيذ الكامل للقرارات 1559، 1680، 1701، وأن يصدر على وجه السرعة قرارات جديدة، تنص بوضوح على نشر القوات الدولية على طول الحدود السورية- اللبنانية، ومنح القوات الدولية سلطة وصلاحية التفتيش عن الأسلحة في كافة الأراضي اللبنانية، ونزع سلاح وتسريح حزب الله اللبناني، كذلك لابد من السماح لإسرائيل ببناء الجدار العازل لضمان أمنها وسلامتها. ويقول ديفيد ماكوفيسكي بأن إسرائيل لن تنتظر طويلاً إزاء تباطؤ المجتمع الدولي عن واجباته العاجلة.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد