جمهورية الأطفال الفاضلة

18-07-2010

جمهورية الأطفال الفاضلة

مثل دمعة تهطل من عين الله كذلك هو الإنسان.. ومازال البشر يهطلون من سماء الربّ ليرووا الحياة, فتأخذ النطفة خاصية الهواء الذي تمرّ عبره والتراب الذي تتفاعل معه, وتسافر الدمعة – النطفة عبر مسالك عديدة فتلج نسغ نبتةٍ أو عروق بشرٍ أو حيوان, وعبر كل هذه الرحلات تتشكل بذرة الذاكرة قبلما تخرج من فرج الحياة المؤنث، ليتعهدها ذئاب الأسرة والطائفة والعشيرة ورجال الدين والمدرسون والإذاعة والتلفزيون والإنترنيت والحزبيون، فيبرمجونها لتغدو كآلة من المخالب والقواطع والأنياب, ويطلقونها نحو غابة الحياة المفخخة بالذواكر المتفجرة.. وبعد أربعة عقود تجف دمعة الرب في قلب الإنسان ولا يبقى منه غير الشيطان.. "كل إنسان فوق الأربعين وغد ": كذلك كنت أقول قبل أن أبلغ الأربعين.. والآن وأنا في الخمسين رفعت سن السفالة إلى الستين, وعندما أبلغ الستين سوف أرفع الأوغاد إلى سن السبعين.. والحقيقة فإن مجرد قبول الفرد الإندغام والتماهي مع قوانين جماعته وأنيابها يجعل منه وغداً وينهي مشروع الإله في داخله, ولهذا دعوت منذ عقدين من السنين إلى استعادة الإنسان لألوهته عبر الحفاظ على طفولته, لكي يوازن بين الإله والشيطان بداخله كما في كل آيةٍ قرآنية تبدأ بالموازنة بين "أعوذ" و "بسم" حيث نقطة الباء هي دمعة الرب وسرها المخفي تحت عين الشمس..

الحكمة مما تقدم: ألتقي برئيس حكومة أو وزير أو مستشار أو مدير مثلما ألتقي زعيم حزب أو عضواً في حزب معارض, فلا أصنفه تبعاً للدائرة التي يقف فيها, وإنما أرصد أولاً بقايا الطفل فيه, فإذا لم أجد شيئاً, أنفض يدي منه وأعرّي الوحش فيه, فينصدم أولاً قبل أن يهاجمني, ثم, عندما تنبذه أو تستغني عنه دائرته, يتذكرني في مراجعاته لنفسه بعد طول ملله, ولهذا أحظى اليوم بكثير من الأصدقاء الذين كانوا أعداء, وينقلب العديد من الأصدقاء إلى صف الأعداء, لذلك لم أكن يوماً جاداً في عداوتي لشخص بعينه, وإنما كنت أكره السيء فيه, فأنتقدهم حتى أرى الشيء الجيد فيهم, حيث الوطن المشتهى هو مجموع الأشياء الجيدة عند مواطنيه, وسوريا هي مجموع مواطنيها وليس جبالها وأنهارها وبواديها.. فهل وصلت الفكرة؟

 

هامش: قال الإمام عليّ: أحبب صديقك هوناً لعله يكون عدوك يوماًما 
                              وأكره عدوك هوناً لعله يكون صديقك يوماًما

                                                                      نبيل صالح
 

التعليقات

رائع يانبيل

كل على حدى اجتثت منه طفولته ياسيدي هونا أو قسرا, ولو أن هناك في بلادنا محاكم دولية انسانية تدافع عن حقوق الطفولة وبراءتها لوجدت أغلب المعنين بها ابتداء من (الأسرة ,المدرسة ,المجتمع , المنظمات الشعبية , وانتهاء بالحكومات )قد حكم عليهم بالإعدام ... كيف سننشىء جيلا متوازنا نفسيا وجسديا ونحن مشوهون من الداخل .. لقد تفضلت وتكلمت عمن يتعهد الطفولة في مهدها وقبل أن ترى وتتعرف الحياة ..هل سيستطيع السارق أن يهدي الأمانة وهل يستطيع الكاذب أن يعلم الصدق ؟؟ماتعريف الطفولة عندما يتعهدها المنافق والمرائي والمتعصب والموالي والمعارض والأحمق والجاهل ...؟؟ هي قتل لكل عناوين الجمال ومفردات النقاء ...الرب سبحانه في عرشه قد قرف منا ..لست أعمم لكننا أعداء لأنفسنا قبل الآخرين وعندماافتقدناالصدق والحرية وانسانيتنا فعلا غدونا وحوش ... أستاذي برأيي الشخصي الدنيا مازالت بخير طالما فيها أمثالك من يصوب الخطأ ويحدد بقلمه الوجع. نشد على يدك وندعو لك أن تبقى منارة عز وكرامة ومنبرا للحق والصدق

الأستاذ النبيل: لسان حال مقالكم الهادىء(هذه المرة وعلى غير العادة)، هو لسان حال الشاعر: لاتعذليه لافإن العذل يؤلمه قد قلت حقاً،ولكن ليس يسمعه وأنا أضيف و-ليس من باب التشاؤم_ ولم ولن يسمعه، وبربك هل نستفد من المسؤول التائب بعد أن يُطرد من منصبه،،،،لاأظن؟؟؟؟؟؟؟؟

حرف الباء دمعة الرب وسرها المخفي وأول الحر............ياريت تكمل لي

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...