نجدت أنزور: الجولان مستقبلنا

11-10-2009

نجدت أنزور: الجولان مستقبلنا

ما الذي يمكن لشخص مثلي أعطى حياته للصورة، أن يقوله عن الجولان ؟ خاصة وأنه من المعروف أن هضبة الجولان بعمر سورية ،  وسورية هي بعمر الإنسان.
الأمر الراسخ في قرارة نفسي هو أن الجولان كان عربياً سورياً منذ قديم الزمان، ففيه قامت دولة العرب الغساسنة ، وعلى أرضه قامت مدينة عربية من أهم مدن العصور الإسلامية المتلاحقة هي مدينة بانياس، التي تشهد على عظمتها آثارها العربية الباقية حتى اليوم.
 وعلى تراب الجولان الطاهر جرت  موقعة اليرموك  الحاسمة التي دارت رحاها عند نهر اليرموك (20 آب - أغسطس 636م.) بين القوات الإسلامية بقيادة خالد بن الوليد وبين القوات البيزنطية ،  والتي الحقت  فيها جيوش الفتح العربي بالبيزنطيين هزيمة شنعاء كان من نتائجها تحرير سورية من البيزنطيين وخروجهم من الشرق العربي برمته.
وبحكم موقعه القريب من فلسطين كان الجولان  هو الجبهة الأهم لمقارعة الكيان المصطنع الذي أقامه  الفرنجة في بيت المقدس. وكان الجولان ممراً وميداناً لكثير من المعارك التي وقعت مع الفرنجة خلال أيام ظهير الدين وعماد الدين ونور الدين،  تلك المعارك التي تتوجت بمعركة حطين الفاصلة (عام 1187) بقيادة السلطان صلاح الدين الأيوبي الذي حرر بيت المقدس  وطرد الفرنجة من الشرق.
وها هو الجولان الآن في سجن الإحتلال، بسبب كيان  مصطنع آخر، نشأ في فلسطين هو الكيان الصهيوني! وكما أنا واثق من زوال حكم الفرنجة من بيت المقدس، فانا على أتم الثقة من أن مصير الفرنجة الجدد سيكون مثل مصير اسلافهم!
ثمة سؤال آخر يبدو لي أكثر إحراجاً من السؤال السابق : ماهو واجبنا نحن الفنانين الذين نعمل في مجال السينما والتلفزيون  تجاه  الجولان ؛ هذه القطعة الغالية من جسد بلدنا الحبيب سورية ؟
قديماً قيل إن  الفن هو تعبير عن الحياة بكل أبعادها. ومنذ أن طرح سؤال: ماهو الفن؟ لأول مرة  لم يتوقف هذا السؤال من إعادة طرح نفسه ؛ الفيلسوف كانط  قال: «الفن متعة لذيذة»  والفيلسوف هيغل قال: «الفن مملكة الرائع» والشاعر  شـيللر  قال «الفن هو مملكة الوهم الجميل» والفيلـسوف  كروتشه قـال : «الفن حدس»  وغيرهم قالوا : «الفن رؤيا»؛ «الفن أسلوب حياة... إلخ.
اما أنا  فلن أنحاز لأي من هذه التعريفات، ولن أحاول التوفيق بينها، كما أنني لن أقدِّم تعريفي الخاص للفنِّ، وذلك لاعتقادي بأن الفنَّ عصيٌّ على التعريف.
فالفن  الحقيقي برأيي يحاول أن يعبر عما لا يمكن للكلمات أن تفصح عنه. ليست مهمة الفنِّ أن يعظ المشاهد، بفيض لاينتهي من الكلام! المهمة الحقيقية للفن   باعتقادي هي أن يوحي بمشاعر وانطباعات وأحاسيس وجماليات، لإشراك المُشاهد بها وتغييره من خلالها.
ليس الجولان مجرد هضبة محتلة من سورية ، بل هو قلب سورية العربي الذي سيعود للجسد الأم عاجلاً ، أماالاحتلال الراهن فلن يعدو كونه طبقة من الغبار ستبددها الريح ويزيلها المطر !
لهذا كله أود أن أقول باسمي شخصياً  وباسم  كل السوريين إن  الجولان ليس جزءاً من ماضينا وحاضرنا فقط، بل هو جزء من مستقبلنا أيضاً.

 

نجدت اسماعيل أنزور

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...