سوريا: مهمة أنان تتجدّد اليوم تحت وطأة التفجيرات

19-03-2012

سوريا: مهمة أنان تتجدّد اليوم تحت وطأة التفجيرات

تعرضت دمشق وحلب لسلسلة تفجيرات مروعة استهدفت مقار أمنية وأحياء سكنية خلال اليومين الماضيين، وذلك قبل ساعات من وصول الوفد الدولي إلى العاصمة السورية اليوم، فيما أشار الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي إلى معضلة كبيرة في ملف الأزمة السورية، حيث أن «المعارضة لا ترى حلاً للأزمة إلا بتكرار السيناريو الليبي عبر التدخل العسكري».
وفي حين حذرت أنقرة من أن جميع الخيارات مطروحة على الطاولة بينها العسكري، كررت موسكو دعمها لمهمة موفد الأمم المتحدة والجامعة العربية إلى سوريا كوفي انان، مطالبة الحكومة السورية والمعارضة الاستجابة إلى التوجهات التي تضمنها موقف أنان لتسوية الأزمة السورية.
وقال المتحدث باسم انان، احمد فوزي إن أعضاء البعثة الدولية سيزورون دمشق اليوم «لمناقشة تفاصيل آلية مراقبة ومراحل أخرى عملية لتنفيذ بعض اقتراحاته، على ان يشمل ذلك وقفاً فورياً للعنف والمجازر». وأوضح ان اعضاء البعثة سيغادرون في الوقت ذاته من جنيف ونيويورك الى العاصمة السورية.
وأعلن مصدر دبلوماسي عربي لوكالة «فرانس برس» أول امس «تحرك معدات عسكرية سعودية الى الاردن لتسليح الجيش السوري الحر». وبعد ساعات على هذا الاعلان، نفى وزير الدولة الاردني لشؤون الاعلام والاتصال راكان المجالي «نفياً قاطعاً ان يكون هناك نقل أسلحة او أي توجهات من هذا النوع»، معتبراً ان «هذا الخبر لا أساس له من الصحة». وأوضح انه «لم يجر حديث حول هذا الموضوع لا من قريب ولا من بعيد». 

وأكد كبير مستشاري الرئيس التركي ارشاد هرموزلو ان كل الخيارات مفتوحة للتعامل مع الازمة السورية، بما فيها الخيار العسكري العربي- التركي، مشيراً الى ان مؤتمر «اصدقاء سوريا» الذي سيعقد في اسطنبول مطلع نيسان المقبل سيكون الفرصة الاخيرة للنظام السوري للخروج من المأزق الذي وضع نفسه فيه.
وقال هرموزلو، في تصريح لصحيفة «الراي» الكويتية نشر امس، ان «ما صرّح به رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان أن جميع الخيارات ستكون مطروحة في مؤتمر أصدقاء سوريا الذي سيعقد في اسطنبول ومن بينها فكرة إنشاء منطقة عازلة على الحدود التركية، وكل الخيارات الأخرى سيتم طرحها خلال المؤتمر وهذه الخيارات تأخذ مطالب الشعب السوري. وكما ذكرت جميع البدائل ومن بينها الممرات الآمنة سيتم البحث بها».
وعن حاجة «المنطقة العازلة» الى قرار من مجلس الأمن، قال هرموزلو «هذا صحيح، ومن هنا يمكن فهم ما ذكره رئيس الوزراء حين أشار الى البدائل أو الخيارات الأخرى التي يجب أن تقف على مطالب الشعب السوري. وتركيا تنسق مع الجامعة العربية وتدعم المبادرة العربية وكذلك تتعاون مع كافة الدول الصديقة».

وقال العربي، في مقابلة مع صحيفة «الاهرام» المصرية نشرت أول امس، إن «المعضلة تكمن في أن الحكومة (السورية) أبدت استعدادها للمشاركة في حوار مع المعارضة في دمشق وليس خارجها، بينما تبدي المعارضة رغبتها التفاوض مع الحكومة بهدف البحث فقط في انتقال السلطة، وهو ما ينبئ عن مسافة واسعة بين الطرفين التي شهدت في الآونة الأخيرة المزيد من الاتساع».
وأضاف «اللافت أن لدى المعارضة قناعة بأنه لن يكون بمقدور الجامعة العربية ان تفعل شيئاً ضد النظام، وأن الحل لن يتحقق إلا من خلال تكرار النموذج الليبي، وأن أي محاولات لإقناع النظام بإجراء إصلاحات والدخول في دائرة الحلول السياسية والسلمية لن يكون لها جدوى. أي ان المعارضة بوضوح لا ترى بديلاً للتدخل العسكري. ومن جهتنا أبلغناهم ان الجامعة العربية لا تمتلك القدرة على فرض حل عسكري، فهي ليس لديها جيوش أو سلاح طيران، فضلا عن ذلك فإن ميثاق الجامعة العربية يحرم على الجامعة العربية التوجه نحو الخيار العسكري».
وشدد العربي، الذي توجه الى بروكسل ومنها الى جنيف للقاء أنان، على وجود «مسارين للتعامل مع الأزمة السورية في الوقت الراهن ينبغي السير فيهما بأسرع ما يمكن، أولهما المسار السياسي الذي بدأ أنان المضي فيه، والثاني مسار انساني من خلال الإسراع بتقديم المساعدات للشعب السوري».
وعما إذا كان أنان طرح على الأسد خيار التخلي عن السلطة كمدخل للحل السياسي للأزمة، قال العربي إنه «وفقاً لمعلوماتي فإن هذا الأمر لم يطرحه انان خلال زيارته الأخيرة لدمشق التي التقى فيها الرئيس بشار الأسد مرتين على مدى يومين». وأشار الى ان «الأمم المتحدة منوط بها اصدار القرارات الملزمة من خلال مجلس الامن، بينما الجامعة العربية لا تملك هذه الميزة ، كما انها (الأمم المتحدة) الوحيدة القادرة على إرسال القوات العسكرية لتطبيق قراراتها إذا تفاقمت الأوضاع». وأشار الى ان الجامعة العربية والامم المتحدة لا تمتلكان صلاحيات الاعتراف بـ«المجلس الوطني السوري» المعارض. 

وحث وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف السلطات السورية والمعارضة على دعم جهود انان لإحلال السلام «من دون تأخير».
وقال لافروف، في مقابلة مع التلفزيون الروسي بثت أول أمس، ان موسكو لا توافق على كثير من القرارات التي اتخذتها حكومة الأسد خلال إراقة الدماء المستمرة في سوريا منذ أكثر من عام. وأضاف «الموقف ليس بسيطاً، وليس لأننا نؤيد الأسد لكن لأنه لن يكون هناك نزع سلاح من جانب واحد والجميع يفهمون هذا. وبالتالي فإننا نقترح ان يركز الجميع على الجلوس الى طاولة المفاوضات».
وقال لافروف «أكرر نحن لا ندعم الحكومة السورية. نحن ندعم الحاجة لبدء عملية سياسية. ولعمل ذلك من الضروري أولا وقف إطلاق النار. الجانب الروسي سيبذل كل ما يمكن بذله من أجل ذلك بغض النظر عن القرارات التي تتخذها الحكومة السورية. والتي بالمناسبة لا نوافق على كثير منها».
وقال لافروف «نعتقد أن القيادة السورية يتوجب عليها وبسرعة دعم طرق معالجة الأزمة التي أقترحها أنان، وننتظر الشيء نفسه من المعارضة السياسية والمسلحة في سوريا، حيث أنه لا يمكن إطلاق عملية المصالحة ومن ثم الشروع في حوار وطني شامل إلا بعد موافقة طرفي النزاع بصورة مبدئية على قبول ما يقترحه انان».
وأشار لافروف إلى أن «الأولوية، في نظر موسكو، لوقف إطلاق النار في سوريا»، داعياً إلى «وضع آلية مراقبة خاصة بذلك من خلال بعثة أنان، ما سيسهل جهود الصليب الأحمر الدولي في سوريا». وأشار الى انه «يتوقع وصول وفد للمعارضة السورية إلى موسكو قريباً».
وأشار لافروف الى ان «مهمة انان لا تتمثل في إجبار الأسد على التنحي»، موضحاً ان «هذا هو قراءة غير دقيقة للمهام التي أوكلت اليه». وأشار الى انه «التقى انان في القاهرة فور تعيينه مبعوثاً خاصاً للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية الى سوريا، كما اجرى الطرفان مناقشات بعد عودة انان من دمشق». وأضاف إن «انان اطلع القيادة السورية على مقترحاته، ويمكنني أن أؤكد ان تلك المقترحات لا تنص على تنحي الرئيس الأسد. أعتقد ان على السوريين إقرار مصير بلادهم بأنفسهم، أما روسيا فستؤيد أية اتفاقية سيتم التوصل اليها في اطار حوار سياسي شامل بين الحكومة وجميع أطياف المعارضة».
وحذر لافروف من أن «اتخاذ قرارات غير متوازنة بشأن سوريا قد يسفر عن عواقب وخيمة»، موضحاً ان «سوريا دولة متعددة الطوائف، واذا تم الإخلال بهذا العامل لدولة ذات تركيبة داخلية معقدة، فقد يسفر ذلك عن عواقب وخيمة». وقال «أصبح واضحاً ان بنيان (الدولة السورية) الحالي لم يكن ناجحاً، وللأسف يمكن في هذه المرحلة بالذات اندلاع الازمة المتنامية داخل العالم الاسلامي بين السنة والشيعة، وفي حال انهيار البنيان الحالي فقد يؤدي ذلك الى تغيير الوضع ليس حول سوريا فحسب بل وحول العراق حيث لا يزال السنة يشعرون بأنهم مضطهدون».
ونقلت صحيفة «الوطن» السعودية عن نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف قوله إن «المسؤولين الروس الذين زاروا دمشق مؤخراً حصلوا على وعود من الأسد بالدخول في مفاوضات مع المعارضة والمجموعات المسلحة المنضوية تحت لواء الجيش الحر»، مشيراً إلى «أن بلاده مهتمة ببدء الحوار بين السوريين وهذا العنصر كان الدافع الحقيقي وراء زيارة لافروف ورئيس هيئة الاستخبارات الخارجية الروسية ميخائيل فرادكوف إلى دمشق في شباط الماضي».
وأكد بوغدانوف أن «الأسد وعد روسيا بتكليف نائبه فاروق الشرع للذهاب فوراً إلى موسكو من دون شروط مسبقة لمحاورة جميع أطراف المعارضة الداخلية والخارجية المسلحة وغيرها». وقال «ليبدأ الحوار المباشر أو غير المباشر، بوساطة روسية، أو وساطة مشتركة عربية روسية أميركية أوروبية، لا توجد لدينا مشاكل في التعامل مع التفاصيل، لكن المهم أن تكون هناك اتصالات بأكثر جدية ممكنة».
وفي جنيف، أعلنت اللجنة الدولية للصليب الاحمر ان رئيسها جاكوب كلينبرغر سيزور موسكو اليوم. وأضاف كلينبرغر، في بيان، ان «وقفاً لإطلاق النار من ساعتين يومياً على الاقل اساسي للسماح بإجلاء الجرحى»، مطالباً بـ«التزام واضح من جانب كل الاطراف المعنية» بهدف «وضع حد للمعارك» والتمكن من «مساعدة الذين هم بحاجة ماسة للمساعدة».
وفي جدة، أعلن مساعد الامين العام لمنظمة المؤتمر الاسلامي للشؤون الانسانية عطاء المنان بخيت ان بعثة تقييم المساعدات الانسانية في سوريا التي شكلتها المنظمة والامم المتحدة موجودة في سوريا منذ الجمعة الماضي.
ووصف مستشار قائد الثورة الإسلامية للشؤون الدولية علي اكبر ولايتي، امس، الجهود التي يقوم بها كوفي انان للتوسط في حل الازمة السورية بأنها «غير مخلصة».

ولم يكد السوريون يستفيقون من هول التفجيرين الانتحاريين في دمشق أول أمس، واستهدفا مقرين أمنيين، ما أدى إلى مقتل 27 شخصاً وإصابة 140، حتى تعرضت حلب لتفجير، أمس، استهدف منطقة سكنية، وأدى إلى مقتل وإصابة 32 شخصا. وقالت قناة «الإخبارية» السورية إن قوات الأمن تلقت بلاغاً بشأن السيارة في حلب وأجلت السكان من المنطقة عند انفجارها. وذكرت أن السيارة كانت تحمل 200 كيلوغرام من المتفجرات. وفجر مسلحون جسراً في درعا. وذكرت وكالة (سانا) ان «مجموعة إرهابية مسلحة اطلقت النار على الأهالي في قرية حسيبة قرب القصير بريف حمص». وأضافت «قتل 13 من أهالي القرية بينهم نساء وأطفال».

المصدر: السفير+ وكالات

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...