الأسد يطالب إسبانيا باستخدام مصداقيتها في المنطقة
طلب الرئيس بشار الأسد، أمس، من مدريد أن تؤدي دورا في عملية السلام استنادا إلى «مصداقيتها» في المنطقة، وهو ما أبدى رئيس الوزراء الاسباني خوسيه لويس ثاباتيرو رغبته به أيضا، وذلك بعدما اطلق الاسد تحذيرا من أن «ظروف الاستقرار وفرص السلام التي نبحث عنها تبدو حتى هذه اللحظة متراجعة لصالح المزيد من فرص الحرب».
وأشار الأسد، الذي اختتم زيارة إلى مدريد، إلى تقارب المواقف الأوروبية حاليا من ضرورة رفع الحصار عن غزة، مطالبا مدريد بالمساعدة لتحويل الأقوال إلى أفعال، وهو الأمر الذي رد عليه ثاباتيرو إيجابا مطلقا وعدا مباشرا للعمل على رفع الحصار، حيث سيتوجه في هذا السياق وزراء خارجية اسبانيا ميغيل أنخيل موراتينوس وإيطاليا فرانكو فراتيني وفرنسا برنار كوشنير إلى القطاع للتأكد من قيام إسرائيل بالتزاماتها.
واستهل الأسد، المؤتمر الصحافي المشترك مع ثاباتيرو، بمدح سياسة اسبانيا «المبدئية»، مشيرا لموقفها من الحرب على العراق، ومن محاولات عزل سوريا، وخصوصا دور الملك خوان كارلوس وثاباتيرو. وقال إن «اسبانيا صديق، ولكنها في الوقت ذاته كانت المكان الذي انطلقت منه عملية السلام في التسعينيات، ولم يكن دور اسبانيا مجرد مكان للمؤتمر، فنحن ننظر إليها عبر مصداقيتها، وبأن عليها مسؤوليات كبيرة في عملية السلام من نواح سياسية وإنسانية».
وأشار الأسد إلى أن موقع سوريا في قلب الشرق الأوسط من الناحيتين الجغرافية والسياسية يبقيها «على احتكاك مع كل المشاكل الشائكة والمعقدة فيها»، موضحا أن «ظروف الاستقرار وفرص السلام التي نبحث عنها تبدو حتى هذه اللحظة متراجعة لصالح المزيد من فرص الحرب».
وأشار الأسد إلى أن القسم الأكبر من حديثه مع ثاباتيرو ذهب باتجاه «كيف نتحرك في هذه الظروف، وكيفية إطلاق المفاوضات، أو على الأقل تخفيف احتمال الحرب، وهما محوران متوازيان».
وشدد على أنه «لا سلام بالمعنى الحقيقي إن لم يكن شاملا، وحين نتحدث عن السلام على المسار السوري لا بد من الحديث عن السلام على المسار الفلسطيني، وكيف نطلق المفاوضات على هذا المسار في ظل الانقسام الفلسطيني»، مشيرا إلى أن اسبانيا مهتمة بتحقيق المصالحة الفلسطينية كخطوة نحو إعادة إطلاق هذه المفاوضات. واعتبر أن «الحصار اللاإنساني لغزة» عقبة أخرى في وجه تحقيق السلام.
وحول الشراكة السورية الأوروبية، أعلن الأسد أن هذه المسألة تدرس من قبل الجهات المعنية في الحكومة السورية التي ستقوم بدعوة الوفد الأوروبي المفاوض بعد إقرار التحفظات السورية على ورقة الاتفاقية الأخيرة .
وعبر الرئيس السوري عن قلقه من «عدم الاستجابة للاتفاقية التي حققتها البرازيل وتركيا مع إيران (حول تبادل اليورانيوم ) من أجل الذهاب باتجاه الحل، ونعتقد أن هذا الباب لا زال مفتوحا رغم كل المعوقات التي أضيفت بعد رفض الاتفاق».
وعن الدور التركي في عملية السلام وتأثير العلاقة المتوترة بين أنقرة وتل أبيب على هذا الدور، قال الأسد «ننظر إلى العلاقات التركية الإسرائيلية من جانبين. الأول هو الدور التركي في عملية السلام الذي بني على أساس العلاقة بين تركيا وإسرائيل والعلاقة بين تركيا وسوريا، والمطلوب لأي وسيط أن يكون لديه علاقات جيدة مع الطرفين. والجانب الثاني أن سياسات الحكومة الإسرائيلية، ليس فقط الهجوم على قافلة الحرية بل عدم تجاوبها مع المحادثات السورية الإسرائيلية غير المباشرة في تركيا في العام 2008 وشن الحرب على غزة، أثرت كلها على العلاقات بين إسرائيل وتركيا، وبالمحصلة هذه العلاقات لم تعد إلى طبيعتها، وستكون مهمة الدور التركي صعبة لتحقيق هذه المباحثات».
من جهته، قال ثاباتيرو أن حضور الأسد إلى مدريد يعبر عن التفاهم الجيد الذي يجمع سوريا واسبانيا، موضحا أن مدريد ستقوم «بمساع دائمة لرفع الحصار (عن غزة) ليصبح واقعا ملموسا. هذا الالتزام برفع الحصار أو تخفيفه هو التزام أريد أن أقوله أمام الأسد. وفي هذا السياق سوريا تؤدي دورا رئيسيا، ولذا نعطي سوريا هذا الاهتمام البالغ».
وحول الحصار على غزة، قال ثاباتيرو إن «الحكومة الاسبانية والاتحاد الأوروبي طالبا الحكومة الإسرائيلية برفع الحصار لتخفيف حدة الوضع الإنساني، وهي التزمت برفع تدريجي لهذا الحصار».
وأعلن عن زيارة قريبة سيقوم بها وزراء خارجية إيطاليا واسبانيا وفرنسا إلى غزة في تموز الحالي للتحقق من عملية رفع الحصار. وقال «التزامنا ثابت، ونطالب إسرائيل بأن تفي بالتزاماتها، ونريد رؤية وضع مختلف في غزة قريبا».
زياد حيدر
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد