ماذا تنتظر ولادة الحكومة اللبنانية؟
هل أثمرت الاتصالات السياسية المفتوحة، في الساعات الثماني والأربعين الماضية، اتفاقا شبه نهائي بين السرايا الكبيرة والرابية حول الحقائب الحكومية، وأصبح الجميع، بالتالي، في انتظار »لمسات أخيرة«، لبنانية وربما قطرية، قبل الاعلان عن ولادة الحكومة الأولى للعهد الجديد في الساعات الثماني والأربعين المقبلة، أم أن الأمور لم تكتمل رسميا بعد ولا بد من لقاء حاسم بين رئيس الحكومة المكلف فؤاد السنيورة ورئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون لانجاز التوافق؟
إذا صحت معلومات آخر الليل، فان الاتصالات الأخيرة بين السرايا والرابية، وتحديدا بين مسؤول الاتصالات السياسية في »التيار الحر« المهندس جبران باسيل ومستشار رئيس الحكومة الدكتور محمد شطح، أفضت الى شبه توافق على سلة حقائب ترتكز بشكل اساسي الى الاقتراح الذي قدمه »حزب الله« بلسان النائب حسن فضل الله، قبل أحد عشر يوما، وتضمن نيابة رئاسة الحكومة ووزارات الاتصالات والشؤون الاجتماعية والطاقة (بدل الاقتصاد) والزراعة (بدل الصناعة)...
وقالت مصادر سياسية واسعة الاطلاع انه اذا أعلنت الحكومة في الساعات الثماني والأربعين المقبلة، فان البيان الوزاري سينجز خلال أقل من ٢٤ ساعة، واذا أكملت الأمور في المسار نفسه، سيكون يوم الثلاثاء أو الأربعاء، موعد مثول الحكومة أمام الهيئة العامة للمجلس النيابي، لتنال الثقة قبل نهاية الأسبوع المقبل.
ويعني ذلك أنه سيكون بمقدور رئيس الجمهورية ميشال سليمان التوجه الى العاصمة الفرنسية في الحادي عشر أو الثاني عشر من الجاري (الجمعة أو السبت) بعد أن تكون الحكومة قد نالت الثقة.
وفي هذا السياق، قال مصدر دبلوماسي فرنسي رفيع المستوى، في قصر الإليزيه، أن العاصمة الفرنسية »تأمل بتشكيل الحكومة الجديدة قبل الثالث عشر من تموز موعد انعقاد المؤتمر التأسيسي للاتحاد المتوسطي، وربط المصدر بين حضور الرئيس السوري بشار الأسد وبين تشكيل الحكومة اللبنانية المنتظرة، قبل هذا الموعد، »وذلك كعنصر مشجع لتصليب عملية التقارب الفرنسية السورية وتعزيز الانفتاح السياسي بين البلدين«.
وقال المصدر الفرنسي إننا »لم نتوقف عن توجيه رسائل مكثفة، من أجل تسهيل تشكيل الحكومة اللبنانية، وإزالة العقبات القائمة، أمام الرئيس المكلف فؤاد السنيورة«.
وقالت مصادر دبلوماسية عربية في العاصمة الفرنسية ان اتصالات جرت بين باريس ودمشق وكذلك بين الرئيس الأسد ونظيره اللبناني ميشال سليمان، تعهد خلالها الجانب السوري بأن يسعى لدى حلفائه في لبنان من أجل تقديم تنازلات لمصلحة تسريع تأليف الحكومة.
وقالت المصادر ان دمشق ابلغت الفرنسيين ان العماد ميشال عون »يمثل حالة خاصة قائمة بذاتها وهذا الرجل لديه مطالبه وقد أثبتت التجربة أن ما من قوة في العالم قادرة على التأثير في قراره أو اقناعه بالتراجع عن مطالبه«.
وقالت مصادر أن موفدا قطريا هو الشيخ جبر بن يوسف، أجرى في الساعات الأخيرة جولة اتصالات واسعة شملت في جزء منها العماد ميشال عون، وطرحت في الوقت نفسه، فكرة زيارة عاجلة لرئيس الوزراء القطري وزير الخارجية الشيخ حمد بن جاسم، لكن تقرر تأجيل اللجوء الى هذا الخيار الا في حال وصول الأمور الى حائط مسدود.
كما علم أن موفدين من السفارة الأميركية زاروا أكثر من جهة في الموالاة، بالاضافة الى قيادات مسيحية معارضة ونقلوا اليها موقفا أميركيا يحث على تسهيل ولادة الحكومة.
ولعب رئيس الجمهورية دورا أساسيا في تقديم الاقتراحات، حيث ظلّ على تواصل مباشر مع رئيس الحكومة المكلف ومع النائب سعد الحريري مباشرة أو عبر النائب السابق غطاس خوري الذي زار القصر الجمهوري عصر أمس، فيما كان الحريري قد أبلغ سليمان أنه مرتبط بموعد خارجي ولذلك قرر السفر ليلا الى روما في زيارة لم يكن قد أعلن عنها سابقا.
أما الرئيس نبيه بري، فقد كان يتابع الاتصالات على مدار الساعة من خلال معاونه النائب علي حسن خليل، الذي أبلغ اليه في ساعة متأخرة من ليل أمس أجواء ايجابية، علما أن خليل ظل على تواصل دائم أيضا مع النائب الحريري والسرايا الكبيرة.
ومن المتوقع أن يعود بري الى بيروت في الساعات المقبلة، علما أنه كان قد رفض أي محاولة للضغط عليه في موضوع الدعوة الى جلسة عامة للبت بالتقسيمات الانتخابية وهو أبلغ كل من راجعوه قبل سفره أنه سيدعو للجلسة فور الاعلان عن ولادة الحكومة.
أما »حزب الله« فقد رفض أيضا القيام بأية محاولة للضغط على العماد عون، وهو أبقى نفسه على مسافة من الاتصالات التي كان يتابعها المعاون السياسي للأمين العام للحزب الحاج حسين الخليل، الذي أكد أن الحزب لا مطالب لديه في موضوع الحقائب وهو حريص على نقل البلد الى مرحلة سياسية جديدة.
كما لعب رئيس »تيار المردة« الوزير الأسبق سليمان فرنجية، ومعه المحامي يوسف فنيانوس، دورا بارزا بتذليل العقبات وتقديم الاقتراحات، خاصة بين الرابية وبعبدا.
وقد رست آخر الصيغ على سلة للعماد عون تضمنت نيابة رئاسة الحكومة ووزارات الاتصالات والشؤون الاجتماعية والطاقة والزراعة، فيما أعطيت ضمانات حول بعض الحقائب الخدماتية الأساسية.
وحسب أخر الصيغ المتداولة للحكومة الجديدة، فانها ستكون كالآتي:
سنة: فؤاد السنيورة رئيسا للحكومة ووزيرا للمالية، بهية الحريري (التربية)، محمد الصفدي (الأشغال العامة)، تمام سلام (وزير دولة)، سمير الجسر (العدل) ووزير سادس من بيروت وينتمي الى »المستقبل«.
شيعة: فوزي صلوخ (الخارجية)، محمد جواد خليفة (الصحة)، طلال الساحلي (الصناعة)، حسين الحاج حسن (شباب ورياضة)، محمد فنيش (العمل)، بالاضافة الى وزير شيعي سادس من »تيار المستقبل« (الأرجحية لغازي يوسف، على أن يتولى منصب وزير دولة للشؤون المالية).
موارنة: وزير يختاره رئيس الجمهورية للداخلية (تردد اسم ميشال ثابت)، جبران باسيل (الطاقة)، نبيل نقولا (الشؤون الاجتماعية)، أدي أبي اللمع (وزير دولة ـ »القوات«)، غطاس خوري ( »المستقبل«)، بالاضافة الى وزير ماروني ينتمي الى الكتائب ويتولى السياحة (تردد أن الأرجحية بعد انسحاب أمين الجميل اما لابراهيم نجار أو سليم الصايغ).
أرثوذكس: عصام ابو جمرة (نائب رئيس الحكومة)، الياس المر (وزير الدفاع)، طارق متري (الثقافة)، عماد واكيم (من »القوات« وتسند اليه حقيبة خدماتية).
دروز: غازي العريضي (الاعلام)، وائل ابو فاعور وطلال أرسلان (وزير دولة).
كاثوليك: نعمة طعمة (المهجرين)، ايلي سكاف (الزراعة)، بالاضافة الى وزير دولة يسميه رئيس الجمهورية.
أرمن: آلان طابوريان (الاتصالات ـ الطاشناق) بالاضافة الى وزير ينتمي الى »المستقبل«، حيث تردد أن حظوظ جان أوغاسبيان تراجعت في الأيام الأخيرة.
ومن المقرر أن تنعكس أجواء التأليف في الخطاب الذي سيلقيه العماد عون بعد ظهر اليوم في أوتيل »رويال« ضبيه، أمام أكثر من مائتي شخصية سياسية مسيحية منضوية في »اللقاء الوطني المسيحي«.
أجواء العاصمة الفرنسية: الحكومة قريبة الى ذلك، لخص مراسل »السفير« في العاصمة الفرنسية محمد بلوط، اجواء قصر الإليزيه، عشية القمة المتوسطية واستقبال عدد من قادة المنطقة وبينهم الرؤساء بشار الأسد وميشال سليمان وحسني مبارك في التقرير الأتي:
قال مصدر دبلوماسي فرنسي رفيع المستوى، في قصر الإليزيه، إن العاصمة الفرنسية »تأمل بتشكيل الحكومة الجديدة قبل الثالث عشر من تموز موعد انعقاد المؤتمر التأسيسي للاتحاد المتوسطي، وربط المصدر بين حضور الرئيس الأسد وبين تشكيل الحكومة اللبنانية المنتظرة، قبل هذا الموعد، »وذلك كعنصر مشجع لتصليب عملية التقارب الفرنسية السورية وتعزيز الانفتاح السياسي بين البلدين«.
وقال المصدر »كنا سندعو الأسد، إلى الاتحاد من أجل المتوسط حتى دون المساهمة السورية في انتخاب الرئيس ميشال سليمان، لأن الجغرافيا، التي لا يمكن تجاوزها تضع سوريا في قلب المتوسط كما أن الرئيس نيكولا ساركوزي يبدأ علاقات مع دمشق من نقطة الصفر، ولم يرث أوزار ولا خلافات سلفه جاك شيراك مع دمشق، مما يسهل عملية التطبيع السياسي ويحررها من أثقال الماضي. علما أنه من دون سوريا ما كان لسليمان أن ينتخب رئيسا، ولا أن يتاح لاتفاق الدوحة أن يخرج إلى حيز الوجود«.
وقال المصدر الفرنسي »إننا لا نعتقد أن لسوريا دورا مباشرا في ما يحدث في لبنان، لكن لسوريا أصدقاء في ربوعه«. وعزز من التفاؤل السائد في باريس، برسوخ الانفراجات الإقليمية، التي ستصيب لبنان، بالانقشاع الذي يشهد اتساعا متزايدا، مستشهدا باتفاق تبادل الأسرى بين حزب الله وإسرائيل، واستمرار المفاوضات السورية الإسرائيلية غير المباشرة، وصمود الهدنة بين حماس وإسرائيل، »والانفراج الرئاسي ثم الحكومي القريب في لبنان«.
وقال المصدر الفرنسي إن مائدة غداء، في الإليزيه ستضم اليوم كلود غيان، وجان دافيد ليفيت، إلى وزير الخارجية السورية وليد المعلم، ونظيره الفرنسي برنار كوشنير، ستبحث في زيارة الأسد »وتسهيل تشكيل الحكومة اللبنانية وسبل استكمال بنود اتفاق الدوحة وتحصينه سياسيا«، مستبعدا أي لقاء بين المعلم وساركوزي خلال وجود الوزير السوري في الإليزيه.
وتحدث المصدر الفرنسي، عن مزارع شبعا مستبعدا، حدوث أي اختراق دبلوماسي بشأنها، مؤكدا عدم وجود اتفاق إسرائيلي، سوري، أممي على الاقتراح بوضعها في عهدة الأمم المتحدة وقال، »إن هذا الملف لا يشكل أولوية، وهو ليس على الطاولة، ولا يجب المبالغة بشأن أهميته، ولا يشكل حله مفتاح السلام، ولا يمكنه أن يحقق الاختراق الهائل المنتظر، وإذا شاء اللبنانيون والسوريون حلا، فليس عليهم سوى إيداع الأمم المتحدة، خريطة تضع شبعا في الأراضي اللبنانية«.
واستبعد المصدر الفرنسي احتمال أي صفقة مع سوريا على المحكمة الدولية، وهي ليست موضع مساومة مع أحد«.
وحسب المصدر الفرنسي، فإن ساركوزي سيستقبل ميشال سليمان في الإليزيه، بعد ظهر الثاني عشر من تموز لمتابعة الحوار الذي بدأه معه في بعبدا، يليه لقاء ثنائي مع الأسد ثم مبارك.
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد