واشنطن لأنقرة: لا خطط لعملية برية في سوريا وحرب اتهامات روسية ـ تركية وتقدم الجيش والأكراد

17-02-2016

واشنطن لأنقرة: لا خطط لعملية برية في سوريا وحرب اتهامات روسية ـ تركية وتقدم الجيش والأكراد

في الوقت الذي تواصلت فيه حرب التصريحات والاتهامات بين موسكو وأنقرة، خرجت واشنطن عن صمتها بشأن الدعوات التركية والسعودية لشن حرب برية في سوريا، مؤكدة، أمس، عدم وجود خطط للقيام بهذه الخطوة، فيما كانت أنقرة تتنصل من تصريحات صدرت عن كبار المسؤولين فيها بشأن الحرب، وبدّلت لهجتها لتتحدث الآن عن عزمها اتخاذ إجراءات لتفادي خوض حرب في سوريا، مستبعدة ايضاً انخراطها بمثل هذه الحرب بالتعاون فقط مع السعودية وقطر بهذا الامر، بسبب غياب الاجماع في صفوف التحالف الدولي.
وفي الوقت الذي كان فيه المقاتلون الأكراد والجيش السوري يعززون مكاسبهم في ريف حلب، وأصبحوا على تماس مباشر مع تنظيم «داعش»، كشفت موسكو عن طلب «شركاء» من روسيا عدم المساس بممر طوله حوالى 100 كيلومتر على الحدود التركية - السورية، معتبرة أن هذا الطلب يهدف إلى مواصلة تسليح المجموعات الإرهابية، وأن تعهد تركيا بعدم سقوط إعزاز السورية في يد مقاتلين أكراد هدفه مواصلة دعمها لتنظيم «داعش»، الذي أصبح على تماس مباشر مع المقاتلين الأكراد والجيش السوري بعد خسارة المسلحين لعدة قرى قرب تل رفعت.
النقطة المضيئة في الأزمة السورية ظهرت بعد اجتماعين عقدهما المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا مع وزير الخارجية السوري وليد المعلم في دمشق أمس، حيث أعلن مكتب الأمم المتحدة للمساعدات الإنسانية الاتفاق مع الحكومة السورية على دخول مساعدات الأمم المتحدة الإنسانية، إلى سبع مناطق محاصرة هي الفوعة وكفريا في ريف ادلب، ومضايا والزبداني ومعضمية الشام وكفر بطنا في ريف دمشق ودير الزور.
وبعد ساعات من سيطرة المقاتلين الأكراد على تل رفعت، جددت المدفعية التركية اعتداءاتها المستمرة منذ ايام على المدينة، بالإضافة إلى مواقع لـ «وحدات حماية الشعب» الكردية السورية في محيط إعزاز في ريف حلب الشمالي. لكن الأكراد سيطروا على قرية الشيخ عيسى إلى الغرب مباشرة من مارع. وهذه هي آخر منطقة سكنية قبل مساحات من الأراضي يسيطر عليها «داعش» تمتد شرقا من سوريا إلى العراق.
وحقق الجيش السوري تقدماً هو الآخر، حيث سيطر على بلدة احرص ومسقان جنوب شرق تل رفعت، ليصبح على تماس مباشر مع مسلحي «داعش». كما تابع عملياته على محور حريتان ـ عندان ـ بيانون نحو مدينة حلب.
وفي ريف اللاذقية الشمالي، تابعت قوات الجيش السوري والفصائل التي تؤازرها تقدمها نحو كنسبّا، المعقل الأخير للمسلحين في الريف الشمالي وبوابة ريف اللاذقية على ريف إدلب، حيث سيطرت بشكل كامل على سلسلة جبال الروس، كما وسعت سيطرتها على تخوم البلدة الشرقية بعد قلعة شلف ما يمهد الطريق لدخول البلدة الواقعة في أقصى الشمال الشرقي للاذقية. وفي حال سيطر الجيش السوري على كنسبا، يصبح ريف اللاذقية الشمالي خاليا تقريباً من المسلحين، كما تصبح الطريق مفتوحة نحو مدينة جسر الشغور في ريف إدلب.
وحاولت واشنطن فرملة الاندفاعة التركية، حيث أشارت وزارة الخارجية الأميركية إلى انه «ليس لدى الولايات المتحدة أي خطط لتنفيذ عملية برية في سوريا»، موضحة انه «لا يوجد أي ترتيبات عسكرية تركية على علاقة بسوريا». وأعربت عن تفاؤلها «بحضور قوى المعارضة السورية اللقاء المقرر في 25 شباط في جنيف». وأعلنت أن «لجنة العمل لإنهاء الأعمال العدائية في سوريا في طور الإعداد لعقد لقاء مشترك».
وقال الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، في أنقرة، «في الوقت الراهن تجري عملية روسيا الوحشية بجانب النظام السوري في استهداف المدنيين. مثل هذه الهجمات تهدف إلى تشكيل حزام لحزب الاتحاد الديموقراطي الكردي، والجانب البري من الهجوم تقوم به وحدات حماية الشعب الكردية». وأضاف «أود أن أخاطب حلفاءنا الغربيين مرة أخرى: وحدات حماية الشعب الكردية وحزب الاتحاد الديموقراطي هما منظمتان إرهابيتان، ولن يغفر التاريخ لمن ساعدهما على تشكيل هذه البنية».
وقالت مصادر في مكتب اردوغان إنه أجرى محادثة عبر الهاتف مع الملك السعودي سلمان، وشددا على أنه لا يمكن أن يكون هناك حل للصراع السوري في وجود الرئيس بشار الأسد في السلطة. ودعا الزعيمان إلى وقف الضربات على المدنيين ورفع الحصارات المفروضة، واعتبرا أن الهجمات تزيد الوضع الإنساني سوءا في المنطقة.
وقال رئيس الحكومة أحمد داود اوغلو، في كلمته الأسبوعية أمام نواب «حزب العدالة والتنمية» في أنقرة، «منذ أيلول تقصف هذه الطائرات الهمجية والغاشمة والجبانة سوريا من دون أي تمييز بين المدنيين والأطفال والعسكريين».
ودانت الولايات المتحدة وفرنسا والاتحاد الأوروبي القصف التركي لأكراد سوريا، لكن داود اوغلو أكد أنه سيستمر طالما أن الأمن القومي التركي مهدد. وقال إن «تركيا ستواصل عمليات الرد عندما وحيثما تراه مناسباً لحماية حدودها، لمنع أي مأساة إنسانية جديدة وتدفق اللاجئين ولمنع إضعاف المعارضة، الأمل الوحيد لسوريا»، لكنه شدد على أن تركيا ستواصل اتخاذ إجراءات لتفادي خوض حرب في سوريا.
واستبعد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، في مقابلة مع وكالة «رويترز»، قيام أنقرة والرياض والدوحة بعملية برية في سوريا. وقال «بعض الدول مثلنا والسعودية، وكذلك بعض الدول الأخرى في غرب أوروبا، تقول إن من الضروري شن عملية برية. لكن توقع هذا من السعودية وتركيا وقطر فقط أمر غير صائب وليس واقعيا». وأضاف «إذا جرت مثل هذه العملية فيجب أن تتم بشكل مشترك على غرار الضربات الجوية» للتحالف.
وتابع جاويش أوغلو «لم يجر التحالف نقاشاً جاداً بخصوص هذه العملية البرية. هناك معارضون، وهناك من لا يرغبون في المشاركة، لكنهم عبروا عن رغبة في أن تقوم تركيا أو دولة أخرى بذلك».
واعلن مستشار وزير الدفاع السعودي أحمد عسيري، لوكالة «سبوتنيك»، أن «توقيت بدء العملية العسكرية في سوريا لم يحدد بعد، والخبراء حاليا يدرسون التفاصيل»، لكنه نفى تقارير إعلامية عن تحرك مدرعات سعودية عبر أراضي الأردن نحو الحدود السورية، مؤكدا أن جميع قوات السعودية البرية لا تزال داخل حدود البلاد.
روسيا
 وأعلنت روسيا أن تعهد تركيا بعدم سقوط إعزاز السورية يعود إلى أن البلدة تقع على خط إمداد تستخدمه أنقرة لدعم تنظيم «داعش».
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا «بعض شركائنا ناشدنا حرفيا عدم المساس بممر، هو أقصر قليلاً من مئة كيلومتر على الحدود السورية - التركية حول إعزاز. من الواضح أن هذا يهدف إلى ضمان استمرار وصول إمدادات يومية لتنظيم الدولة الإسلامية وجبهة النصرة، وغيرها من الجماعات الإرهابية، من السلاح والذخيرة والغذاء من تركيا عبر هذه المنطقة، وأيضا السماح لها بأن يكون ممراً للإرهابيين».
ورداً على اتهام داود أوغلو لموسكو باستهداف مستشفى في ريف ادلب، قال المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية الجنرال ايغور كوناشنيكوف، لوكالات الأنباء الروسية خلال زيارة إلى اللاذقية، إنها «حملة إعلامية عدوانية ضد روسيا تشنها وكالات الإعلام الدولية الكبرى»، مشيراً إلى أن أسطول بحر قزوين لا يملك قدرات إطلاق صواريخ باليستية تضرب مستشفى في إدلب.
وأضاف كوناشنيكوف «بين 10 و16 شباط، نفذ الطيران الروسي في سوريا 444 طلعة جوية، وجه خلالها ضربات إلى 1593 هدفاً إرهابياً في محافظات حلب ودير الزور ودرعا وحمص وحماه واللاذقية». وأشار إلى أن الجيش الروسي ساعد القوات السورية على «تحرير أكثر من 800 كيلومتر مربع و73 بلدة منذ مطلع الشهر الحالي».
وأعلن كوناشنيكوف أن «نشاط الإرهابيين ازداد جنوب وشمال سوريا بعد التوصل إلى اتفاق إطاري لوقف إطلاق النار بالبلاد»، مشيراً إلى أن «إرهابيين» في إدلب وحلب يواصلون تلقي أسلحة وتعزيزات من مناطق تركية.

المصدر: السفير+ وكالات

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...