المواقع العسكرية الأمريكية حول العالم ـ ببلوغرافيا ـ
القواعد والتواجد العسكري الامريكي في آسيا
اليابان: بذلت الولايات المتحدة الأمريكية أقصى الجهود، محاولة تحقيق الموقع المسيطر في العالم، لتجديد العسكرتاريا اليابانية وضمها إلى الآلة العسكرية السياسية واستخدام الجزر اليابانية كرأس جسر للعدوان الامبريالي على الشرق الاقصى.
واحتفظ البنتاغون طبقاً لاتفاق "التعاون المتبادل وضمان الامن" بين أمريكا واليابان في عام 1960 بحقه في استخدام القواعد العسكرية والمستودعات التي بنيت على أراضي اليابان في فترة الاحتلال كما توجد هناك قوات مسلحة.
إن الجزر اليابانية "مملوءة بالقواعد العسكرية الضخمة وبالمنشآت الأمريكية التي جاوز عددها الـ 125 قاعدة".
تتمتع هذه القواعد بحق الحصانة أي أنها عملياً محتلة فعلياً من قبل القوات الأمريكية المسلحة والتي بلغ تعدادها في اليابان في عام 1985 45.8 ألف إنسان.
وأعلنت حكومة اليابان أن المبادئ الثلاثة "الرافضة للسلاح النووي" (لا تملك، لا تنتج ولا تستورد السلاح النووي) التي أعلن عنها البرلمان الياباني في تشرين الثاني 1971 تلا زالت تراعى.
والواقع الفعلي أوضح تصريح مساعد الرئيس الامريكي للامن القومي ماكفارلين الذي القاه في مقابلة له في شباط عام 1985 للشركة التلفزيونية اليابانية إن ـ إتش ـ كي: "ستبقى واشنطن متمسكة بالسياسة التي رفضت بمقتضاها ابلاغ حلفائها فيما إذا كان يوجد سلاح نووي على ظهر السفن الأمريكية الداخلية في موانئهم أم لا".
فتحت الحكومة اليابانية منفذاً لهذا السلاح إلى أراضي البلاد. ففي القواعد الأمريكية يوكوساكا، ساسيبو، كادينا، فوتيما وإيفاكوني بنيت مستودعات لتخزين السلاح النووي.
والقاعدة البحرية الكبرى في يوكوسوكا ـ هي الميناء الوحيد خارج حدود الولايات المتحدة الأمريكية المخصص للتمركز الدائم لحاملات الطائرات التي تحمل أسلحة نووية على متنها.
ويدخل إلى هذا المرفأ أيضاً الغواصات الذرية الأمريكية. وتتوضع هنا أيضاً مستودعات الذخائر الضخمة وخزانات الوقود.
وتتمتع محطة الاتصالات مع الغواصات الذرية التي تقوم بالحراسة في البحر المفتوح التي تم إنشاؤها في القاعدة بأهمية خاصة بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية.
ويجري على القاعدة بالاضافة إلى هذه المنشآت بناء مركز قيادة الاسطول السابع الامريكي تحت الارض.
تعتبر القواعد العسكرية في كادين ويوكوت مراكز هامة لقيادة القوات الاستراتيجية الأمريكية.
فمنذ عام 1985 باشر البنتاغون بنشر 50 طائرة أمريكية قاذفة ـ مقاتلة من طراز ف ـ 16 على القاعدة الجوية في ميسافا (جيزرة هونسيو).
هذه الطائرات قادرة على توجيه قنابلها النووية إلى الاهداف لمسافة تزيد على 1000 كم أما أثناء تزويدها بالصواريخ المجنحة يزداد مدى فاعليتها.
وقد اعتبرت قاعدتا ميسافا وساسيبو في وثيقة البنتاغون "تعليمات في مجال الدفاع للاعوام 1984 ـ 1988" بمثابة مراكز محتملة لنشر الصواريخ الأمريكية المجنحة ذات التمركز الارضي.
ومن أجل هذا الهدف اختار الامريكيون شبه جزيرتين أخريين ـ سيريتيكو إلى الشرق من جيزرة هوكايدو وأوها إلى الشمال من جزيرة هونسيو.
تتكون القوات المسلحة الأمريكية في اليابان من وحدات وأركان القوات الجوية، القوات البحرية والقوات البرية التي تخضع لقيادة القوات المسلحة الأمريكية في منطقة المحيط الهادي.
وتملك القوات الجوية الأمريكية 5 أسراب من الطائرات المقاتلة من ملاك الفرقة الجوية الداخلة في الجيش الجوي الخامس التابع للولايات المتحدة وطائرات سلاح الطيران الاحتياط (طائرات التزويد بالوقود التكتيكية والنقل) وطائرات ـ التجسس ووحدات وكتائب للخدمة، الامداد والاتصالات.
تستخدم هذه القوات بشكل كلي أو جزئي 10 قواعد ومطارات. وينتمي إلى القواعد الجوية الاساسية التي تستخدمها القوات الجوية الأمريكية قاعدة ميسافا، يوكوتا، تاتيكافا، ايتادزوكي، ايفاكوني، أتسوهي وتيتوس.
كما يتمركز القسم الاكبر من سفن الاسطول السابع البحري الامريكي على جزر اليابان.
ومن أجل تمركز السفن تستخدم القواعد البحرية الامامية في يوكوسوكا وساسيبو، ميناء ونقطة التمركز وايت ـ بيتش، ميناء وقاعدة كوري ومرفأي يوكوهاما وناها (جزيرة أوكيناوا).
ويرابط طيران المشاة البحرية ووحدات الطيران البحري في القواعد الجوية في آتسوهي، ايواكوني، فتويتما.
تقيم القوات البرية الأمريكية بصورة أساسية في منطقة طوكيو وكانجافا. بلغ العدد الاجمالي للقوات البرية 3 آلاف إنسان (أركان القوات البرية في دزاما).
يوجد لدى لاقوات المسلحة الأمريكية في اليابان مستودعات كبيرة للاسلحة ومعدات قتالية وذخائر في (ساغاميهارا، توكورودزافا، إيكاغو، دزوسي، دزاما) ومنشآت للاتصالات في (واكناي، كيتا، تيتوس، فوناباسي، كاسيما، اودا، ساكاتا، هاكانا وغيرها).
وتقع أركان القوات المسلحة الأمريكية في اليابان في منطقة القاعدة الجوية يوكوتا (قرب طوكيو).
تستخدم الولايات المتحدة الأمريكية جزيرة أوكنياوا كخط أمامي للتمركز الدائم للمشاة البحرية الأمريكية (الفرقة الثالثة وطيران المشاة البحرية).
تتوضع هنا أكبر القواعد العسكرية الأمريكية ـ القاعدة الجوية في كادينا المجهزة لنشر وتأمين تحليقات الطائرات الاستراتيجية الأمريكية القاذفة للقنابل (مهيأة أيضاً لتأمين هبوط السفن الفضائية الأمريكية ذات الاستخدام المتعددة "شاتل") وقاعدة الطيران التابعة للسلاح البحري الامريكي في ماها وقاعدة طيران المشاة البحرية في فوتيما.
يوجد في جزيرة أوكيناوا في الشرق الاقصى أكبر مستودعات للاسلحة، المعدات القتالية والذخائر.
تعتبر جزيرة أوكيناوا، في حقيقة الامر، أكبر نقطة استناد لوحدات التدخل أو العدوان الأمريكية المؤلفة من قوات الانتشار السريع التي يمكن أن تنقل من هنا إلى المناطق الأخرى في آسيا لتحقيق التدخل المسلح للولايات المتحدة الأمريكية.
وبسبب الموافقة الصامتة للسلطات اليابانية يستخدم البنتاغون بفعالية المنشآت العسكرية في اليابان لاغراض تجسسية ضد الاتحاد السوفييتي.
تتركز مراكز الاستماع الأمريكية في جزيرة هوكايدو وفي كاميسيا (ليس بعيداً عن يوكوهاما) وفي كامب ـ فوتينوبي (في ضواحي طوكيو) وفي ميسافا (جزيرة هونسيو).
بعض هذه المراكز يستقبل إشارات المحطات الرادارية من المنشآت السوفييتية الارضية والطائرات، والبعض الآخر يقوم باستقبال التبادل اللاسلكي بين المنشآت العسكرية السوفييتية.
وفقد في القاعدة الجوية ميسافا يعمل آلاف العسكريين الامريكيين لصيانة المركز الاليكتروني للالتقاط اللاسلكي. ولا شك أن دوائر واسعة في الرأي العام الياباني تدرك مدى خطر تنفيض خطط البنتاغون لتحويل أراضي اليابان إلى رأس جسر عسكري أمريكي بالنسبة للسلام وأمن بلدها وللشعوب الآسيوية الأخرى ولذلك تعالت الاصوات اليابانية بحزم واصرار ضد الائتلاف العسكري المتطور باستمرار: واشنطن ـ طوكيو.
كوريا الجنوبية: بعد اعتبار كوريا كرأس جسر مناسب للمغامرات العدوانية أنشأت الولايات المتحدة الأمريكية خلافاً لاتفاقيات ما بعد الحرب على أراضي كوريا 40 قاعدة بحرية، جوية ومنشأة عسكرية بما في ذلك في سيؤول، بوسان، أوسانا، كونسان، تيهو، كفانجو.
بلغ العدد الاجمالي للفيلق العسكري الامريكي هنا في عام 1985 40.8 ألف عسكري وضابط.
إن الجيش الامريكي في كوريا الجنوبية مجهز بأحدث الاسلحة بما في ذلك النووية. جاء في رسالة المراقب الدائم لجمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية في هيئة الامم المتحدة باسم رئيس مجلس الامن المرسلة في أيلول عام 1984 أن الولايات المتحدة الأمريكية تملك في جنوب شبه الجزيرة الكورية أكثر من ألف وحدة من السلاح النووي وتحفظ باستمرار الغواصات الذرية في المياه الكورية وحاملات الطائرات النووية وتخطط لنشر السلاح النتروني.
يوجد هنا حوالي 110 طائرات حربية وأكثر من 10 قواعد لا طلاق الصواريخ النووية "أونيست جون" و90 مدفع لاطلاق القنابل الذرية.
وطبقاً لانباء الصحافة الأمريكية فإن ادارة ريغان عازمة على نشر الصواريخ النووية المتوسطة المدى ـ الصواريخ المجنحة ذات التمركز الارضي البعيدة المدى والصواريخ البالستية "بيرشينغ ـ 2" في جنوب شبه الجزيرة الكورية.
إن إعادة تزويد الترسانات النووية بالسلاح البربري الجديد ونشر الطائرات الأمريكية القاذفة المقاتلة من طراز ف ـ 16 التي تحمل السلاح النووي لا يمكن أن تقوم إلاّ كاستعداد مباشر لاشعال الصدام المسلح باستخدام السلاح النووي في هذه المنطقة من العالم أ. أ. غروميكو في المؤتمر الصحفي الذي عقد في موسكو في 2/4/1983: "كوريا الجنوبية ـ قاعدة ضخمة، وبشكل أدق مجموعة قواعد للسلاح النووي".
أصبح هذا البلد بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية منطقة للتخويف والاعمال التخريبية ضد البلدان الاشتراكية. وقد كانت عملية ادارة الاستخبارات المركزية التي تم التخطيط لها باتقان والتي تنحصر في الدخول الاستفزازي للطائرة الكورية الجنوبية إلى المجال الجوي السوفييتي مثالاً حياً لتلك الاعمال التخريبية.
كما تستخدم قواعد الولايات المتحدة الأمريكية في كوريا الجنوبية من قبل واشنطن وسيؤول باستمرار للمناورات التي تحمل طبيعة الاستفزازات العسكرية العلنية ضد جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية.
أما مناورات "تيم سبيريت ـ 84" التي أُجريت في شباط 1984 بمشاركة حوالي 200 ألف عسكري أمريكي وكوري جنوبي، قوات سلاح الطيران الضخمة والاسطول البحري فقد اشتملت على إكمال العلميات الهجومية الواسعة وإنزال قوات الانزال على شبه الجزيرة الكورية.
وأثناء المناورات استكمل أيضاً الاعداد لـ "توجيه ضربة نووية وقائية" إلى جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية.
وفي الحقيقة أعادت المناورات إلى الذاكرة البروفة الواسعة النطاق للحرب العدوانية النووية في الشرق الاقصى.
الفيليبين: تملك أمريكا هنا 16 قاعدة عسكرية ومنشأة بما في ذلك قاعدتين ـ ذات توظيف استراتيجي: قاعدة سوبيك ـ بي البحرية وقاعدة كلارك ـ فيلد الجوية على الساحل الغربي لجزيرة لوسون.
هاتان القاعدتان ـ أكبر المنشآت العسكرية الأمريكية خارج حدود الولايات المتحدة الأمريكية اللتان أستأجرت أراضيها الولايات المتحدة وفق سلسلة من الاتفاقات غير المتكافئة التي فرضت على الفيليبين في عام 1946 ـ 1947.
وتشغل هاتان القاعدتان 82.3 ألف هكتار من الاراضي الفيليبينية. ويوجد في هاتين القاعدتين 15.3 ألف عسكري أمريكي (إحصائيات عام 1985).
وتعتبر هاتان القاعدتان عنصرين هامين في نظام المنشآت العسكرية الأمريكية في منطقة المحيط الهادي الذي يشمل اليابان وكوريا الجنوبية ويمتد على طول الساحل الشملاي ـ الشرقي لاستراليا وينتشر بعيداً إلى الغرب في المحيط الهندي والخليج الفارسي.
وبالاضافة إلى السلاح النووي المنشور على سفن الاسطول السابع الامريكي التي ترابط في قاعدة سوبيك ـ بي يوجد على الاراضي الفيليبينية أيضاً مستودعات خاصة للسلاح النووي؛ كما توجد أيضاً مستودعات للسلاح الكيميائي الامريكي وللصنوف الأخرى من الاسلحة.
سوبيك ـ بي ـ إحدى القواعد البحرية الاساسية المعقدة التابعة للتشكيلات الفعالة للقوات البحرية الأمريكية (يخدم هذه القاعدة أكثر من 7.5 آلاف عسكري).
وتستخدم هذه القاعدة كمركز لتأمين وصيانة سفن الاسطول السابع الامريكي التي تعمل باستمرار في مناطق المحيطين الهادي والهندي والخليج الفارسي. وتستخدم القاعدة أيضاً لتأمين طائرات الانقضاض المستقرة على حاملات الطائرات.
كلارك ـ فيلد ـ أكبر قاعدة جوية أمريكية في المحيط الهادي. يوجد هنا أركان الجيش الجوي الثالث عشر التابع للقوات الجوية الأمريكية التي توحد قوات الطيران التكتيكي الموزعة في هذا الاقليم وكذلك التي تؤمن نقل وأعمال الطيران الامريكي في الجزء الغربي من المحيط الهادي وفي المحيط الهندي.
يوجد في جزر الفيليبين أيضاً منشآت للتجسس والعمليات التخريبية لمصالح المخابرات الأمريكية المختلفة.
وتعمل هنا أجهزة ارسال ضخمة للمحطة اللاسلكية التخريبية "صوت أمريكا" التي تبث الدعاية المعادية ضد البلدان الاشتراكية والنامية. وطبقاً لمعطيات الصحافة الفيليبينية يوجد هنا المقر العام الاقليمي لادارة الاستخبارات المركزية الذي ينسق ادارة التجسس باستخدام الطائرات، الاقمار الصناعية والسفن الحربية.
وقد حولت وكالة الاستخبارات المركزية القاعدة في كلارك فيلد إلى إحدى مراكزها الرئيسية لتجهيز العناصر الخاصة للتخريب والعمليات التخريبية.
وفي هذه القاعدة، خاصة، في عام 1954 تم إعداد المتمردين الذين وقفوا ضد رئيس اندونيسيا سوكارنا. إن "الاختصاصيين الامريكيين لم يقتصر عملهم على تدريب جنود التشكيلات المناوئة للسلطة فحسب، بل وقاموا بالمشاركة في قصف الحاميات بالقنابل.
وتمت هنا عملية اعداد المرتزقين من أجل الافعال التخريبية والارهابية من بين الاندونيسيين، الفيليبيين، الصينيين، الامريكيين.
فأثناء التدخل الامريكي في الهند الصينية في عام 1964 ـ 1973 استخدمت وكالة الاستخبارات المركزية القواعد الموجودة في الفيليبين كمراكز شحن وأماكن تدريب لتجهيز عملائها ورميهم فيما بعد في بلدان الهند الصينية.
في 1/6/1983 أُجريت المفاوضات الأمريكية ـ الفيليبينية لاعادة النظر في الاتفاقيات حول القواعد العسكرية الأمريكية، التي لم تحدث بنتيجتها أية تغيرات جذرية تذكر في نظام القواعد.
فقط قامت واشنطن برفع ما يسمى بالطرد التعويضي من 500 مليون إلى 900 مليون دولار، أي مبلغ الاستئجار الذي تدفعه الولايات المتحدة الأمريكية ـ الفيليبين على شكل مساعدات، وبصورة رئيسة، عسكرية.
وقد أصبحت أو تحولت القواعد الأمريكية ـ في جزر الفيليبين ـ تماماً كما في أي بلد آخر ـ إلى مصدر للعيوب الاجتماعية التي نسفت العرى الاخلاقية للمجتمع الفيليبيني.
وعلى سبيل المثال، فقد ارتفع معدل نسبة الاجرام في عام 1982، طبقاً لاقوال الصحافة المحلية، في بلدة ألون غابو الواقعة بالقرب من القاعدة في سوبيك ـ بي إلى 16.5%.
وسكان هذه البلدة الذين يزيدون على الـ 4 آلاف نسمة لم يكونوا يعرفون المخدرات من قبل أصبحوا مدمنين على تعاطي المخدرات.
كما أصبحت أماكن اللهو التي ظهرت على جزر الفيليبين بالنسبة للجنود الامريكيين والمصطافين مهمة جداً.
أخذت الاوساط الديمقراطية في الفيليبين تطالب بشدة وحزم بإزالة القواعد الأمريكية في البلاد ـ مراكز دعم السياسة العدوانية الأمريكية في اقاليم المحيط الهادي والشرق الاقصى.
جزيرة ديغو ـ غارسيا : هي نقطة الاستناد الرئيسية للتواجد الامريكي العسكري في حوض المحيط الهندي.
في اواسط الستينات باشرت إنكلترا وأمريكا بتنفيذ برنامج إنشاء القواعد العسكرية المشتركة على جزر المحيط الهندي.
وعندما خططت انكلترا في عام 1965 للاستيعاب العسكري لجزيرة ديغو ـ غارسيا والجزر الأخرى المتوضعة بالقرب منها أعلنت نيتها لفصل أرخبيل تشاغوس القليل السكان والذي يعتبر جزءاً من المستعمرة البريطانية مافريكي وتحويله إلى مستعمرة باسم الاراضي البريطانية في المحيط الهندي وبالتالي سلخته عن ما فريكي التي أصبحت مستقلة في عام 1968.
وقع تنفيذ هذه الخطة في تعارض شديد مع قرار هيئة الامم المتحدة القاضية بالغاء الاستعمار. فقرار الجمعية العمومية لهيئة الامم المتحدة المتخذ في 14/12/1960 (رقم 1514) حظر اللجوء إلى تقسيم المستعمرات إلى أجزاء؛ والتعدي على الوحدة الاقليمية للبلدان التي لم تحصل على الاستقلال.
وفي القرار الآخر المتخذ في 4/1/1966 تم لفت الانتباه لاى أن "أي خطوة تصدر على الدولة الحاكمة هادفة إلى فصل أية جزيرة عن أراضي ما فريكي بهدف إنشاء قواعد عسكرية عليها ستعتبر خرقاً للقرار رقم 1514".
وتضمن القرار أيضاً نداء إلى انكلترا يقضي بـ" عدم القيام بأي من الافعال التي يمكن أن تشتت أو تقسم أراضي ما فريكي ويمكن أن تحطم وحدتها الاقليمية".
وفي تشرين الثاني عام 1965 قامت انكلترا وأمريكا وحكام ما فريكي المزيفين، خلافاً لارادة السكان المحليين ودون الاكتراث بقرارات هيئة الامم المتحدة، باجراء المفاوضات حول تنفيذ القواعد العسكرية على جزيرة ديغو ـ غارسيا.
وأعلن ممثلو البنتاغون في كانون الأول 1970 أن ذلك سيكون "منشأة بسيطة للاتصالات" ، هدفها ازالة الخلل من نظام الاتصالات الأمريكية الدولي ومساعدة السفن والطائرات الأمريكية والانكليزية في المحيط الهندي لتأمين الاتصالات الجيدة".
بدأت أعمال البناء العسكرية على الجزيرة في آذار عام 1970.
وأثناء ذلك تم طرد سكان أرخبيل تشاغوس من بيوتهم وترحيلهم بالقوة (أكثر من ألف إنسان) إلى جزيرة ما فريكي. تم تمويل عملية "الترحيل" سراً من الصندوق السري للبنتاغون (دفعت أمريكا إلى بريطانيا 14 مليون دولار) لقاء ذلك.
وفي اكتوبر 1972 عقدت الولايات المتحدة الأمريكية وانكلترا المعاهدة الثانية للبناء العسكري على جزيرة ديغو ـ غارسيا.
ثم تلتها الاتفاقية الثالثة (شباط 1976) التي سمحت بالتوسيع الكبير للمنشآت العسكرية على الجزيرة.
والتزمت أمريكا طبقاً لهذه الاتفاقية بدفع جميع النفقات المتعلقة بإنشاء قاعدة عسكرية على جزيرة ديغو غارسيا.
بلغت المخصصات الاولى التي اقرها الكونغرس الامريكي في عام 1970 للبناء العسكري على الجزيرة 4.5 مليون دولار.
إن الاعمال العسكرية التي أُنجزت على جزيرة ديغو غارسيا حتى بداية عام 1977 كلفت الولايات المتحدة الأمريكية 175 مليون دولار. في عام 1977 خصص لبناء المنشآت العسكرية في هذه القاعدة 154 مليون دولار.
وفي عام 1981 تم تخصيص حوالي 132 مليون دولار لتطوير القاعدة في جزيرة ديغو غارسيا وفي عام 1982 ـ 240.5 مليون دولار.
وقد خطط البنتاغون لصرف 1 مليار دولار لتنفيذ برنامج الاستيعاب العسكري للجزيرة كاملاً. والولايات المتحدة لا تبخل بالاموال عندما يجري الحديث حول الضمان العسكري لسياستها الخارجية واشنطن أعارت جزيرة ديغو ـ غارسيا أهمية كبيرة جداً.
فبفضل موقعها الجغرافي تبدو وكأنها "تشرف على المحيط الهندي كله: تستطيع سفن الولايات المتحدة الأمريكية الوصول إلى أي بلد ساحلي خلال يومين أو ثلاثة.
تحولت الجزيرة من "منشأة عسكرية متواضعة أو بسيطة" إلى قاعدة أمريكية ضخمة متعددة الاهداف.
تقوم هذه القاعدة بخدمة القوات البحرية الأمريكية في المحيط الهندي وتعتبر نقطة استناد للقوات الأمريكية الاستراتيجية وتقوم بالتأمين الخلفي لقوات الانتشار السريع وتؤدي دور أكبر مركز للاتصالات والاستطلاع في النصف الجنوبي من الكرة الارضية.
والقاعدة العسكرية الأمريكية في جزيرة ديغو ـ غارسيا هي خطر على جميع دول آسيا المستقلة.
تحولت جزيرة ديغو ـ غارسيا إلى ترسانة نووية أمريكية في المحيط الهندي.
وتحفظ في المستودعات المجهزة خصيصاً الاسلحة النووية المختلفة الاشكال بما في ذلك اسلحة للغواصات الذرية والطائرات الاستراتيجية الأمريكية القاذفة للقنابل.
يدخل في خطط البنتاغون، وفقاً لاخبار الصحافة الأمريكية الكثيرة، نشر السلاح النيتروني والكيميائي والصواريخ المجنحة على الجزيرة.
وطبقاً لتصريح وزير خارجية موريكيا أ.ك. هاين (أكتوبر 1984) فإن ت حويل جزيرة ديغو ـ غارسيا إلى "قاعدة امريكية صاروخية "سيتم في عام 1989.
أنشئ على الجزيرة 45 منشأة عسكرية ذات توظيف متنوع. بني هناك مطار مجهز لاستقبال واستخدام جميع أنواع الطائرات الأمريكية باشتمال طائرات النقل الجبارة س ـ 5 أ وس ـ 141 وطائرات التزويد بالوقود ك س ـ 135 والطائرات الاستراتيجية القاذفة للقنابل ف ـ 52.
ترابط على الجزيرة باستمرار أسراب طائرات الحراسة المضادة للزوارق د ـ 3 "أوريون". وأنشئت أيضاً منشآت خاصة للمرافئ. إن المراسي والاتساع البحري للخلجان تسمح باستقبال 12 سفينة ضخمة تابعة للقوات البحرية الأمريكية في وقت واحد، باشتمال حاملات الطائرات، الطرادات الغواصات الذرية الحاملة للصواريخ.
تبنى ورشات تصليح وأحواض سفن تمكن عملياً من القيام بأي نوع من الصيانة للسفن العسكرية دون الحاجة إلى إخراج هذه السفن من منطقة الحراسة في المحيط الهندي.
تتمتع جزيرة ديغو ـ غارسيا بسعة كافية لحفظ 320 ألف برميل من وقود الطيران و380 ألف برميل من محروقات السفن تكفي لتأمين عمليات التشكيل الجوي لمدة ثلاثين يوماً في المحيط الهندي.
وفي الجزيرة ترابط أيضاً القاعدة العائمة "ديسكي" الخاصة بالامداد المادي ـ التكنيكي للمدمرات والسفينة ذات التوظيف الخاص "سبيير" لتأمين عمليات الغواصات الذرية في المحيط الهندي.
وتجمعت هنا سفن النقل أو الشحن التي تحمل على متنها الدبابات، المصفحات، الذخائر، التجهيزات الكافية لتزويد فرقة عسكرية من المشاة البحرية تعدادها 12 ألف إنسان. إن هذه السفن، كما كتبت مجلة "التايم" الأمريكية تعتبر قاعدة إمداد متحركة لتلك الحالة عندما يصدر الرئيس أمراً بالنقل السريع لأية وحدة من وحدات قوات الانتشار السريع إلى هذه المنطقة.
أما محطة الاتصالات الموجودة على الجزيرة فقد أدخلت إلى النظام الملاحي الامريكي الشامل "أوميغا" المخصصة لتوجيه الغواصات الذرية. بل تعداد القوات الأمريكية على جزيرة ديغو ـ غارسيا في عام 1985 1.25 ألف إنسان.
حاولت الدعاية الأمريكية الاقلال من الاهمية العسكرية ـ الاستراتيجية للقاعدة الموجودة على جزيرة ديغو ـ غارسيا معتبرة إياها منشأة دعم خلفية لتأمين الاتصالات.
وفي الحقيقة فإنها أي الاتصالات تشكل قلب نظام التمركز الامريكي الامامي في حوض المحيط الهندي وترتبط بصورة وثيقة بشبكة القواعد العسكرية الأمريكية ونقاط الاستناد في منطقة البحر الابيض المتوسط والمحيط الهادي.
وقد انطلقت الاساطيل الأمريكية مراراً من جزيرة ديغو ـ غارسيا إلى سواحل بلدان آسيا الجنوبية بقصد دعم الباكستان في فترة الصدامات الهندية ـ الباكستانية.
واستخدمت هذه القادة أيضاً أثناء تنفيذ عمليات الانزال الأمريكية ضد إيران في نيسان عام 1980.
إن نشر الاسلحة ذات الابادة الشاملة في مركز المحيط الهندي أثار قلقاً عميقاً عند بلدان حوض المحيط الهندي النامية.
كما استنكرت رئيسة وزراء الهند السابقة أ. غاندي والعديد من الشخصيات الحكومية المنتمية إلى هذا الاقليم بحزم الخطة العسكرية لادارة الولايات المتحدة الأمريكية.
وقد أشارت السيدة أنديرا غاندي قبل موتها التراجيدي بعدة أيام في المقابلة التي أجرتها معها الصحيفة المكسيكية "ناسيونال" في أكتوبر 1984: "إن القاعدة الأمريكية الموجودة على جزيرة ديغو ـ غارسيا تمثل خطراً على كل بلدان هذه المنطقة.
وقفت الهند ضد القواعد النووية في كل مكان، لكن الشئ الذي لا يغتفر خاصة في هذه الحالة هو أن القاعدة قد أنشئت في المنقطة التي لم يكن فيها سابقاً مثل هذا الخطر".
طالبت بلدان المنطقة بنشاط بإزالة القاعدة العسكرية الأمريكية عن جزيرة ديغو ـ غارسيا وعودة أرخبيل تشاغوس لصاحبه الشرعي ـ دولة موريكا. ففي دورات الجمعية العمومية لهيئة الامم المتحدة طرحت دول عدم الانحياز كثيراً مسألة شرعية استبداد وظلم المستعمرين تجاه موريكا وسلخ أرخبيل تشاغوس عنها.
انعكس هذا الموقف السوفييتي، خاصة، في البيان المشترك للاتحاد السوفييتي والهند في 10/12/1980.
لكن امريكا وانكلترا أظهرت الاستخفاف الكامل بصوت الرأي العام العالمي وبنداءات هيئة الامم المتحدة وبمطالب سكان الجزيرة الاصليين.
إن الولايات المتحدة تفعل كل ما هو ممكن لتحصن بشكل أقوى مخفرها العسكري الامامي في المحيط الهندي وترفض البحث في مسألة قاعدة ديغو ـ غارسيا والبحث عموماً في قضية إلغاء عسكرة المحيط الهندي وتحويله إلى منطقة سلام.
إسرائيل: تعتبر إسرائيل الشريك الرئيسي للولايات المتحدة الأمريكية في الشرق الاوسط وفي كل جنوب ـ غربي آسيا.
وعقدت بين أمريكا واسرائيل مجموعة كبيرة من المعاهدات العسكرية بما في ذلك معاهدة حول "التعاون الاستراتيجي".
وواشنطن ليست مضطرة لوضع قواتها فوق الاراضي الإسرائيلية لأن الطغمة العسكرية الإسرائيلية تؤدي وظائف الجندرمة في العالم العربي ممارسة بصورة مستمرة التوسع العسكري في المنطقة.
وقد حولت القيادة الصهيونية لاسرائيل بمساعدة أمريكا البلد فعلياً إلى قبضة عسكرية لتوجيه الضربات لاى بلدان الشرق الاوسط والخليج الفارسي.
وفي عام 1979 وبمقتضى "المذكرة الأمريكية ـ الإسرائيلية حول التفاهم المتبادل" اتفق الطرفان على التخزين المسبق للاسلحة الأمريكية الثقيلة المخصصة لقوات الانتشار السريع الأمريكية في اراضي إسرائيل.
أعطت إسرائيل الحق لامريكا باستخدام قواعدها الجوية والبحرية وللسفن العسكرية الأمريكية ـ إمكانية الدخول إلى الموانئ الإسرائيلية.
وبفضل التخزين المسبق للمعدات الحربية على أراضي إسرائيل وكذلك بفضل إمكانية استخدام قواعدها اختصرت أمريكا فترات نقل قواتها للمشاركة في العمليات العسكرية المحتملة في الشرقين الاوسط والادنى من 17 ـ 20 يوم إلى 2 ـ 3 أيام.
وطبقاً لاخبار الصحافة الاجنبية تم في المفاوضات الأمريكية ـ الإسرائيلية تناول مسألة نشر السلاح الامريكي النيتروني والصواريخ النووية المتوسطة المدى على الاراضي الإسرائيلية .
عدا عن ذلك فقد تم بمشاركة الولايات المتحدة الأمريكية المالية والتكنيكية لفعالة بناء قاعدتين جويتين ضخمتين اسرائيليتين في صحراء النقب.
وفي تشرين الثاني عام 1981 جرت مراسم الافتتاح الرسمي لاحدى هاتين القاعدتين. نوى البنتاغون استخدامهما للمؤازرة القتالية وللتأمين الخلفي لقوات الانتشار السريع.
البحرين: تعتبر جزر البحرين مركز دعم هام للتواجد العسكري الامريكي في المحيط الهندي. ومنذ نهاية الحرب العالمية الثانية وحتى عام 1971 استفادت أمريكا وانكلترا من المنشآت العسكرية الموجودة هناك (بقيت البحرين تحت حماية إنكلترا حتى عام 1971).
إلاّ أن انكلترا كانت مجبرة على إجلاء قواتها عن أكثر المناطق الواقعة إلى "الشرق من السويس" ومنح الاستقلال للبحرين. وهكذا أصبح البنتاغون وحده هو الذي يتصرف بالقواعد البريطانية السابقة.
إن حق الولايات المتحدة الأمريكية في استخدام المنشآت العسكرية في البحرين لاحتياجات القوات المسلحة الأمريكية تعزز بصورة قانونية في المعاهدات الأمريكية البحرانية المعقودة في 23/12/1971.
وفي عام 1973 وفي أثناء حدوث الصدام العربي ـ الإسرائيلي المسلح لعبت القواعد الموجودة في البحرين دورها في تقديم الدعم العسكري الامريكي لاسرائيل.
وقد انعكس ذلك على سمعة البحرين في العالم العربي ولذلك قررت الدوائر ال حاكمة لهذا البلد تغيير نظام استخدام الولايات المتحدة للمنشآت العسكرية المحلية.
ووفقاً للمعاهدة الجديدة المعقودة في 28/6/1977 احتفظت أمريكا عملياً بجميع القواعد العسكرية والمنشآت باختلاف واحد فقط، وهو أن أمريكا الآن تستخدم هذه القواعد على أساس الاستئجار بمبلغ 2 مليون دولار تدفعها أمريكا لحكومة البحرين سنوياً.
تتصرف الولايات المتحدة الأمريكية بجميع المنشآت الضرورية والاماكن اللازمة لتمركز السفن العسكرية في ميناء المنامة، بعض المطارات العسكرية؛ محطات لاسلكية؛ مراكز اتصالات؛ مراكز للاستطلاع الراداري وجمع المعلومات من الاقمار الصناعية، التي تقوم بمراقبة حوض المحيط الهندي وعدد كبير من المستودعات الخاصة للذخائر.
وتعتبر البحرين مكان التمركز لما يسمى بالتشكيل الشرقي أوسطي الفعال للقوات البحرية الأمريكية المؤلف من 5 سفن عسكرية. يوجد على جزر البحرين ملاك من العسكريين الامريكيين المخصصين لخدمة السفن والطائرات الأمريكية.
عمان: تحولت هذه الدولة في السنوات الأخيرة إلى رأس جسر هام للولايات المتحدة الأمريكية في حوض المحيط الهندي.
وكتبت المجلة الأمريكية "تايم" بصراحة حول الاهمية الاستراتيجية للقواعد العمانية: "إن بطارية واحدة من الوسائط المدفعية أو الصاروخية على الجانب العماني لمضيق (هرمز) كافية لأن تشرف بشكل كامل على عملية نقل النفط عبره".
وبناء على الاتفاقية الأمريكية ـ العمانية المعقودة في 4/6/1980 فقد قدمت لامريكا القواعد الجوية والبحرية الموجودة في السيب، تامرايد، الحسب، مصير وتم وضع محطة لسفن القوات البحرية الأمريكية في ميناء مسقط، مطرا ورايسوت.
حصلت أمريكا وفقاً لشروط الاتفاقية على إمكانية إرسال ملاك العسكريين إلى عمان للقيام بأعمال توسيع وتجديد المنشآت العسكرية.
يوجد في عمان أكثر من 500 مستشار وخبير عسكري أمريكي بالوسائط الرادارية، الاتصالات والاستطلاع الاليكتروني وبالقواعد الصاروخية وبالاعمال الهندسية الانشائية العسكرية.
تعهدت واشنطن بتقديم المساعدة العسكرية للسلطنة، تلك المساعدة التي شكلت في عام 1981 50.8 مليون دولار.
وفي عام 1981 بدأت أنواع الاسلحة المختلفة، أسلحة المشاة ووسائط الدفاع الجوي والرادارات تدخل إلى عمان من الولايات المتحدة الأمريكية.
وهكذا بدأ البناء العسكري الواسع في عمان بمساعدة الولايات المتحدة.
كما تحولت جزيرة مصير الواقعة على بعد 500 ميل بحري من الخليج الفارسي بسرعة كبيرة إلى أكبر قاعدة بحرية وجوية أمريكية في المحيط الهندي.
ويستخدم المطار الموجود على الجزيرة لتمركز طائرات الاستطلاع التي تنفذ تحليقاتها في الخليج الفارسي والمحيط الهندي.
وتستكمل هنا اعادة بناء المنشآت المرفئية والمطارات التي تصلح لاستقبال وخدمة الطائرات العسكرية الأمريكية والسفن من كل الانواع.
أنفقت أمريكا على البناء العسكري على جزيرة مصر فقط 280 مليون دولار.
كتبت مجلة "ميديل إيست انترناشيونال" مشيرة إلى الاهمية الكبيرة للقاعدة العمانية على جزيرة مصير بالنسبة للبنتاغون، إن هذه الجزيرة يمكن أن تصبح حلقة هامة في سلسلة قواعد أمريكا وحلفائها التي تشمل جزيرة ديغو ـ غارسيا، البربير، النقب، أكروتيري وكذلك القواعد في تركيا".
وقد خصص الكونغرس الامريكي للبناء العسكري في عمان في عام 1981 ـ 82.5 مليون دولار وفي عام 1982 ـ 78.48 مليون دولار.
وأنفقت أمريكا على تجديد القواعد في عمان 625 مليون دولار. وستصل الكلفة الاجمالية للمشاريع العسكرية في عمان في السنوات العشر القادمة إلى 1.5 مليار دولار.
وتم في البلاد إنشاء العديد من المشاريع ذات الخدمة الخلفية لقوات الانتشار السريع الأمريكية.
إن واشنطن تتخذ باستمرار خططاً لاحداث المراكز القيادية الامامية الفعالية لقوات الانتشار السريع على أراضي عمان.
واستخدمت أمريكا أراضي عمان لممارسة الافعال الارهابية التي قام بها البنتاغون في نيسان عام 1980 ضد إيران بحجة الافراج عن الدبلوماسيين الامريكيين.
وهبطت ست طائرات من طراز س ـ 130 تحمل على متنها 90 جندي انزال في الطريق إلى إيران للتزود بالوقود من جزيرة مصير.
وتضم المجموعة الفعالة التابعة للقوات البحرية الأمريكية والتي تتواجد باستمرار عند شواطئ عمان مدمرة وأربع سفن حربية.
المملكة العربية السعودية: عقدت الولايات المتحدة مع السعودية في عام 1965 اتفاقية تقضي ببناء "منشآت عسكرية محددة" على أراضيها ومن ثم عقدت في عام 1974 معاهدة تكنيكية أكثر تفصيلاً لبناء قاعدتين بحريتين في السعودية ـ الاولى بالقرب من منشآت جدة المرفئية في البحر الاحمر والثانية ـ في جبيل في الخليج الفارسي.
وقد صيغت اتفاقية تقديم المساعدة لتصميم هذه القواعد وكذلك أركان القوات البحرية العسكرية في الرياض بواسطة المعاهدة التي تمت على مستوى الادارات العسكرية لكلا البلدين في إطار برنامج المساعدة الامريكي لتطوير البنية العسكرية التحتية للمملكة العربية السعودية.
وطالما أن الولايات المتحدة الأمريكية لم تحصل على موافقة النظام الحاكم في السعودية على التواجد العسكري الامريكي في هذا البلد بصيغته العلنية بدأت واشنطن تبحث عن الطرق غير المباشرة.
تركز العمل على احاطة البلد بشبكة من القواعد العسكرية "الاحتياطية" والمنشآت.
وهكذا تبنى الآن مجموعة من منشآت النظام الاقليمي للدفاع المضاد للصواريخ الذي سيشمل بالاضافة إلى السعودية، قطر، البحرين، الامارات العربية المتحدة، الكويت وعمان.
أحدث مركز لقيادة العمليات القتالية في منطقة الخليج الفارسي المجهز بأعقد التقنية الاليكترونية ـ الاركان القائمة لقوات الانتشار السريع الأمريكية.
وتخزن أمريكا في القواعد السعودية احتياطات المعدات العسكرية، الوقود والتموين. تنوي أمريكا إنشاء نظام "حديث جداً" للقيادة والتسديد والاتصال الذي سيربط الطائرات المقاتلة ف ـ 16 والطائرات ذات نظام الكشف الراداري المبكر (أواكس)، والصواريخ السمتية والمحطات الرادارية وكذلك الاسلحة المماثلة والتكنيك الموجود في دول هذه المنطقة الأخرى الموالية لامريكا التي سلمتها الولايات المتحدة الأمريكية إلى المملكة العربية السعودية.
ومن المفترض أن يتم وصل هذا النظام عبر أقمار المواصلات الأمريكية مع القواعد الأمريكية في المحيط الهندي وبصورة مباشرة مع البنتاغون.
وبمساعدة الولايات تجري أعمال كبيرة لا عادة تجهيز القواعد العسكرية في يانبو على ساحل البحر الاحمر وفي ظهران على ساحل الخليج الفارسي.
إن حجم البناء بهدف توسيع القاعدة في ظهران والمستودعات الضخمة التي أُنشئت فيها من أجل الوقود والذخائر تفوق كثيراً الاحتياجات الدفاعية للمملكة العربية السعودية وتشير إلى أن صاحب هذه القاعدة سيكون شخصاً آخر ـ الطغمة العسكرية الأمريكية.
وبهدف توطيد تواجدها العسكري في السعودية تستخدم أمريكا التوريدات الكبيرة من الاسلحة الأمريكية إلى هذا البلد.
وتذرعاً بتفاقم التوتر الذي سببه النزاع الايراني ـ العراقي في المنطقة في النصف الثاني للثمانينات حصل البنتاغون من الرياض على السماح بنقل عدة طائرات نظام أواكس إلى هذا البلد بالاضافة إلى محطات رادارية أرضية ووسائط اتصالات.
وتحاول القيادة العسكرية الأمريكية إقناع السعودية بالسماح لامريكا بنشر القوات الأمريكية المسلحة على أراضيها ولو لفترة قصيرة.
وطالما أن ذلك لم يتحقق، يرى البنتاغون أن عملية بيع طائرات الاواكس وإعطاء معدات عسكرية أخرى للسعودية ستبقي الاشراف على استثمار وتصليح أنظمة الاسلحة الحديثة جداً في أيدي الولايات المتحدة الأمريكية كما ستقوم بانتاج احتياطات الاسلحة والتجهيزات العسكرية التي يمكن لامريكا أن تستخدمها في حال حدوث حالات "طارئة" على أراضي السعودية.
وهذا، وفقاً لتأكيدات المسؤولين الامريكيين، كان سيتيح للولايات المتحدة رفض استخدام هذه الاسلحة والاجهزة من قبل السعودية بخلاف ارادة واشنطن.
ومن أجل صيانة المعدات العسكرية المعقدة التي تملكها السعودية والتي لا يمكن لها أن تستوعبها بدون امتلاك المجموعة العلمية التكنيكية الضرورية يوجد في هذا البلد أكثر من 100 مستشار عسكري أمريكي وخبير وحوالي 600 ممثل للطاقم العسكري الذي يشرف على صيانة الطائرات الاربع نظام أواكس.
وسيرتفع عدد الخبراء الامريكيين العسكريين أكثر مع توريد الطائرات المقاتلة الـ 62 من طراز ف ـ 15 التي طلبتها السعودية من الولايات المتحدة الأمريكية.
وهكذا يضاعف البنتاغون باستمرار عدد الخبراء العسكريين والمستشارين في السعودية آخذاً بالاعتبار المقاييس الكبيرة للبناء العسكري وللتوريدات الأمريكية.
ويبد وكأن التواجد الامريكي العسكري في هذا البلد يتم لـ "ضمان أمن السعودية".
لكن الطائرات ذات نظام الكشف الراداري المبكر الموجود في حالة حراسة دائمة في سماء السعودية وتوجيه طائرات الاواكس التي يقودها طيارون أمريكيون ومحطات الدفاع الارضية المضادة للصواريخ المتوضعة على أراضي السعودية والتي تشرف عليها خبراء أمريكيون "لم تكشف" غارة الطائرات الإسرائيلية على المفاعل الذري العراقي، علماً أنها انتهكت المجال الجوي السعودي.
وقد أعلن ممثل البنتاغون ب. ويلس في تشرين الثاني 1981 في المؤتمر الصحفي المنتظم في وزارة الدفاع الأمريكية أن الولايات المتحدة تخطط لانشاء "نظام دفاع متكامل" للشرق الاوسط خلال السنوات الـ 5 ـ 10 القادمة الذي يقضي، على سبيل المثال بوجود هذا العنصر كالتخزين المسبق للاحتياطات الكبيرة من الاسلحة الأمريكية على أراضي السعودية والدول المجاورة لها.
الباكستان: تولي الولايات المتحدة الأمريكية أهمية استراتيجية كبيرة للباكستان. وحسب تأكيد المجلة الأمريكية "نيويورك"، أصبح الباكستان "بعد فقدان إيران وقيام الثورة في افغانستان هاماً للولايات المتحدة من أجل الدفاع عن الخطوط النفطية الهامة الواصلة إلى الخليج الفارسي والخارجة منه".
وطبقاً لحسابات البنتاغون فان الباكستان كان يمكن أن يصلح كمركز شحن لنقل قوات الانتشار السريع إلى منطقة الخليج الفارسي من جزيرة ديغو ـ غارسيا.
ويرى البنتاغون أنه من الممكن في المستقبل بناء قاعدة بحرية في ميناء غوادار، الواقع على ملتقى الخليج العماني والبحر العربي ويرى أيضاً إمكانية الاستفادة من المنشآت العسكرية الموجودة في ميناء كراتشي.
ومنذ تشرين الأول 1981 جددت السفن العسكرية الأمريكية دخولها المنتظم إلى الموانئ الباكستانية وتسعى أمريكا للوصول إلى قواعد القوات الجوية في كراتشي والى القواعد الموجودة في المناطق الساحلية لمقاطعة بيلوجيستان الباكستانية.
وفي بيشوار، سارغوده، كراتشي وغوادار نشرت الولايات المتحدة الأمريكية قواعد الاستطلاع الاليكتروني (في ايار عام 1960 ومن القاعدة الجوية الباكستانية الموجودة في بيشوار قامت طائرة التجسس الأمريكية و ـ 2 بالتجسس على أراضي الاتحاد السوفييتي).
وترسم الخطط لاستخدام الجيش الباكستاني لشن العمليات الحربية في الخليج الفارسي "بناء على وثيقة التوكيل الأمريكية".
وفي السنوات الأخيرة حصلت الباكستان على دور خاص كرأس جسر امبريالي رئيسي لشن حرب سرية ضد أفغانستان.
لقد نشرت في الصحف الهندية في حزيران 1982 أخبار لم تدحضها لا واشنطن الرسمية ولا اسلام آباد حول توقيع وثيقة سرية تخول أمريكا استخدام القواعد الباكستانية البحرية والجوية تماماً كاستخدامها للمنشآت المدنية.
وتم التأكيد في الوثيقة على ضرورة دراسة إمكانيات بناء منشآت جديدة على أراضي الباكستان بمساعدة الولايات المتحدة الأمريكية، التي يمكن أن تحتاج إليها القوات الأمريكية المسلحة في ح ال حدوث عمليات قتالية في جنوب وغرب ـ شرقي آسيا.
وضع الجانبان خطة لبحث مسألة تكديس المعدات العسكرية والذخائر من أجل قوات الانتشار السريع وتوصلا أيضاً إلى اتفاق لاجراء المشاورات في حال حدوث عمليات حربية مشتركة.
وبسبب تحول الباكستان إلى نقطة استناد هامة للسياسة الأمريكية في حوض المحيط الهندي بدأت ادارة ريغان بتقديم الدعم المالي والعسكري الكبير لحليفها.
وتعهدت الولايات المتحدة الأمريكية بتقديم مساعدة عسكرية واقتصادية بقيمة 3.2 مليار دولار بدءاً من عام 1982 وحتى عام 1987.
عدا عن ذلك فقد أعطيت للباكستان أيضاً إمكانية شراء اسلحة من الولايات المتحدة بمبلغ 1.1 مليار دولار.
تحاول واشنطن عملياً أن تتعامى عن أن الباكستان يمكن أن تقف على طريق انتاج سلاح نووي خاص بها . لكن مثل هذا الخطر موجود.
سيريلانكا: لقد تطلع البنتاغون بقوة في السنوات الأخيرة إلى الحصول على قواعد عسكرية على أراضي هذا البلد.
إن موافقة سيريلانكا على دخول سفن القوات البحرية الأمريكية إلى موانئها "من أجل استراتيجية الطاقم" تمهد السبيل لتأييد التواجد العسكري الامريكي الفعال في حوض المحيط الهندي وتتناقض مع اقتراح حكومة هذا البلد المعروف بصورة واسعة لتحويل المحيط الهندي إلى منطقة سلام.
بنغلاديش: في كانون الثاني 1981 ظهرت في صحافة عدد من البلدان الآسيوية الجنوبية أنباء حول أن حكومة بنغلاديش أجرت جزيرتين في الخليج البنغالي لفترة 100 سنة ـ جزيرة القديس مارتين وجزيرة مانبورا لاستخدامهما لاغراض عسكرية.
لم يصدر أي دحض لهذه الاخبار من جانب حكومتي أمريكا وبنغلاديش ودوائرها العسكرية.
تايلاند: بذل البنتاغون جهوداً كبيرة للعودة إلى القواعد الجوية في أوتابا وساتاهيب التي استخدمها أثناء الحرب في فيتنام (التي تركها الامريكيون عام 1976).
وكانت الموانئ التايلاندية مفتوحة لاستقبال السفن الأمريكية العسكرية كما استخدمت بفعالية من قبل أمريكا لنقل قواتها البحرية من المحيط الهادي إلى الهندي.
ومنذ عام 1977 تقوم طائرات النقل العسكرية الأمريكية بتنفيذ مهماتها في بانكوك. حصلت الولايات المتحدة الأمريكية على حق استخدام القاعدة الجوية تاكلي لتزويد الطائرات التي تنفذ الحراسة الحربية في منطقة جنوب ـ شرقي آسيا والتي تقوم بجولات جوية من القواعد العسكرية الموجودة على جزر الفيليبين في قاعدة ديغو ـ غارسيا بالوقود.
يوجد في تايلاند المستشارون العسكريون الامريكيون والخبراء التكنيكيون الذين يخدمون منشآت الاستطلاع الاليكتروني اللاسلكي وخاصة في راماسون.
أعطت الحكومة التايلاندية في عام 1977 موافقتها على بناء قاعدة بحرية في بانغرنغ بمساعدة الولايات المتحدة على ساحل المحيط الهندي كمركز استراحة للقوات البحرية الأمريكية التي تعبر من المحيط الهادي إلى الهندي.
أبدت أمريكا اهتمامها بعسكرة تايلاندة وربط هذا البلد بالآلة العسكرية الأمريكية. وبواسطة تأمين 85% من توريدات الاسلحة إلى بانكوك حصلت أمريكا على ذراع متين للتأثير على سياسة هذا البلد.
كانت قيمة المبلغ الاجمالي للاعانات الأمريكية للاستعدادات العسكرية لمدينة بانكوك لعام 1985 197.3 مليون دولار.
سنغافورة: تتمتع سفن القوات البحرية الأمريكية بحق الدخول إلى ميناء سنغافورة. أما الطائرات الأمريكية ذات الدفاع المضاد للزوارق والتي تنفذ طلعات استكشافية فوق المحيط الهندي فتتمركز في المطار السنغافوري العسكري تينغا.
التواجد العسكري الامريكي في أفريقيا
كينيا: لقد استطاعت واشنطن عن طريق وعودها بالمساعدة الاقتصادية والعسكرية السخية جر الحكومة الكينية إلى توقيع الاتفاقية الخاصة في 26/6/1980 والتي تزايد بموجبها دخول القوات الأمريكية المسلحة إلى المنشآت العسكرية في كينيا.
وتمكنت القوات البحرية الأمريكية من استخدام أكبر ميناء في أفريقيا الجنوبية مومباس، بينما استخدمت القوات الجوية الأمريكية ـ قاعدة ناينوك الجوية بالقرب من العاصمة الكينية نيروبي.
وتزايد أيضاً عدد أفراد وبعثة الارتباط "العسكرية والخبراء العسكريين الامريكيين في هذا البلد.
وبعد توقيع الاتفاقية باشرت أمريكا بسرعة بـ "الاستيلاء" على رؤوس الجسور هذه.
وبدأت الاعمال لتعميق منطقة ميناء مومباس كي تتمكن حاملات الطائرات وسفن القوات البحرية الأمريكية الأخرى الضخمة من استخدامه.
قدرت قيمة هذه الاعمال بـ 48 مليون دولار. ومن المتوقع انفاق 2.4 مليون دولار أخرى لاعادة بناء المطار الموجود بالقرب من هذه القاعدة ـ ولتشييد مستودعات للذخائر والمعدات اللازمة لقوات الانتشار السريع.
وفي عام 1981 قدمت واشنطن إلى كينيا على شكل تعويض وضمن خطة "المساعدة" الغذائية والاقتصادية 55.28 مليون دولار وقدمت لها 25.2 مليون دولار أخرى ضمن إطار برنامج بيع الاسلحة للدول الاجنبية.
ارتفعت هذه المساعدة في عام 1982 إلى 58.1 مليون دولار والى 51 مليون دولار.
الصومال: لقد خصص مكاناً خاصاً في سياسة واشنطن القاعدية للصومال. فالموقع الجغرافي لمنطقة القرن الافريقي يحدد الاهمية الاستراتيجية للقواعد العسكرية على أراضي الصومال.
وبواسطة هذه القواعد تتحقق إمكانية وضع مضيق باب المندب تحت التصويت. إن واشنطن تعتبر القرن الافريقي جزءاً هاماً من ساحل المحيط الهندي الذي يمكن استخدامه كرأس جسر لممارسة سياسة التوسع الاستعماري الجديد في أفريقيا الجنوبية وفي جنوب شبه الجزيرة العربية بالدرجة الاولى ضد أثيوبيا وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية.
في عام 1980 فرضت الولايات المتحدة الأمريكية على الصومال المعاهدة التي اشترطت إعطاء القوات المسلحة الأمريكية حق استخدام الميناء الصومالي في البربير والميناء والمطار في مقديشو وبعض المنشآت الأخرى للقيام بالاستطلاع وتوزيع الذخائر وكذلك للضمان المادي ـ التكنيكي للعمليات الجوية والبحرية الأمريكية المحتملة في مناطق خليج عدن والبحر الاحمر.
رابط هنا 300 خبير عسكري أمريكي والذين سيضاعف عددهم أكثر من ثلاث مرات إذا كانت ستتحقق الخطة البنتاغونية لاحداث أركان اقليمية في هذا البلد لقوات الانتشار السريع الأمريكية.
خصصت الولايات المتحدة للبناء العسكري في الصومال في العالم المالي 1982 24 مليون دولار.
إن الاتفاقية مع الصومال أتاحت لواشنطن إمكانية استخدام الاراضي الصومالية لتأمين السياسة العسكرية في حوض المحيط الهندي.
وقد حصل نظام س. باري بشخصية الولايات المتحدة الأمريكية على صفة النصير الامبريالي في موضوع تحقيق الخطة القومية لتأسيس "دولة الصومال الكبرى" عن طريق الاستيلاء على أراضي الدول المجاورة.
وفي عام 1981 قدمت أمريكا للصومال مساعدة اقتصادية وغذائية بقيمة 55.28 مليون دولار ومساعدة عسكرية على شكل توريدات للاسلحة بقيمة 44.104 مليون دولار.
السودان: سعى رئيس السودان السابق جعفر نميري لتدعيم نظامه بالحراب الاجنبية إلى أقصى درجة. ولهذه الغاية استدعى الولايات المتحدة الأمريكية مراراً للمشاركة في البناء العسكري للسودان وعرض على الامريكيين استخدام منشآت البلاد العسكرية.
وقد بدأت حكومة السودان المسقطة، حسب أنباء الصحافة الاجنبية، استعدادها لتقديم ثلاث قواعد عسكرية سودانية على الاقل للولايات المتحدة: قاعدة في سواكين على البحر الاحمر، وفي الفاشر على الحدود السودانية ـ الليبية وفي دنقول إلى الشمال من الخرطوم. وفي عام 1985 أعلنت حكومة السودان الجديدة على نيتها لممارسة السياسة المحبة للسلام في المضمار الدولي وتسوية العلاقات مع البلدان المجاورة.
جمهورية مصر العربية: تلعب القواعد الموجودة على أراضي مصر دوراً هاماً في عملية تحقيق أهداف واشنطن الاستراتيجية لتوسيع النشاط العسكري في الشرق الاوسط وفي حوض المحيط الهندي.
وعلى لارغم من أنه لا وجود لاتفاقية شكلية بين أمريكا ومصر حول استخدام القواعد على أراضي البلاد فإن القوات الأمريكية المسلحة تتمتع عملياً منذ زمن توقيع اتفاق كامب ـ ديفيد بحق الدخول الواسع إلى منشآت مصر العسكرية.
إن الولايات المتحدة الأمريكية تستخدم بنشاط قاعدة القاهرة الغربية (كايير ـ وست) التي تجاور مطار العاصمة بصورة مباشرة. تصلح هذه القاعدة كمركز للشحن أثناء نقل البضائع العسكرية من أمريكا إلى إسرائيل والى بلدان هذه المنطقة الأخرى.
وقد استخدمت الولايات المتحدة الأمريكية قاعدة كينا الجوية (50 كم جنوب القاهرة) أثناء العمل العدواني الفاشل ضد إيران في نيسان 1980 (طارت من هذه القاعدة الطائرات العسكرية التي هبطت مؤخراً على الاراضي الايرانية).
وترابط هنا، بدءاً من عام 1980، طائرات الاستطلاع الأمريكية نظام أواكس التي تقوم بعمليات الحراسة في منطقتي الشرق الاوسط والخليج الفارسي.
أما قاعدة رأس نباس الموجودة على ساحل البحر الاحمر إلى الجنوب من مصر فتتمتع بأهمية خاصة بالنسبة لامريكا.
يشترط البنتاغون تحديث واعادة بناء القاعدة آخذاً بالحسبان أنها يمكن أن تخدم كل أنواع الطائرات العسكرية الأمريكية، باشتمال الطائرات القاذفة الاستراتيجية ب ـ 52 والاواكس وكذلك استقبال 16 ألف عسكري من قوات الانتشار السريع في حال الضرورة.
وتبلغ كلفة جميع المنشآت العسكرية التي بنوي البنتاغون بناءها في هذه القاعدة ـ 2.6 مليار دولار.
وهذه القاعدة هي أثمن مشاريع البنتاغون في الخارج.
في عام 1979 فرضت أمريكا بالاشتراك مع إسرائيل على مصر خطة تحويل شبه جزيرة سيناء إلى رأس جسر للقوات المسلحة الأمريكية في الشرق الاوسط.
لقد نظم التواجد العسكري الامريكي على الاراضي المصرية تحت ستار ما يسمى بـ "القوات المسلحة المتعددة الجنسيات للمحافظة على السلام في سيناء".
جاء في "البيان الامريكي الإسرائيلي حول التفاهم المتبادل" الذي تم توقيعه في آذار 1979، مع عقد "الاتفاق المصري ـ الإسرائيلي حول السلام" أن الولايات المتحدة مستعدة لضمان الالتزام بالاتفاق بواسطة إجراء كـ "توسيع التواجد الامريكي العسكري في هذا الاقليم".
وقد اشترط وقتئذ أن القوات المتعددة الجنسيات ستنتشر بعد الانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية من شبه جزيرة سيناء على طول حدود إسرائيل ومصر.
إن وحدات فرقة الانزال الجوي الأمريكية الـ 82 التي تدخل في ملاك قوات الانتشار السريع هي التي شكلت هيكل القوات المتعددة الجنسيات.
توزعت هذه الوحدات في القواعد العسكرية الإسرائيلية السابقة إيتام، ايتيسون، شرم الشيخ.
وقد وضعت جزيرتا طيران وسنافير الواقعتان عند المدخل إلى الخليج أقابس في البحر الاحمر تحت رقابة القوات المتعددة الجنسيات (تعود هاتان الجزيرتان للسعودية التي أجرتهما إلى مصر منذ زمن بعيد ولكن أثناء الحرب العربية ـ الإسرائيلية تم الاستيلاء عليهما من قبل إسرائيل بالاضافة إلى شبه جزيرة سيناء).
وعلى جميع هذه القواعد بما في ذلك جزيرتي طيران وسنافير طورت أمريكا البناء العسكري الكبير.
وقدم الفيلق الهندسي الامريكي عقداً بقيمة 32 مليون دولار لبناء معسكرين قاعديين.
أما بناء المنشآت الضرورية الأخرى للقوات المتعددة الجنسيات فتقدر قيمتها بملغ يتراوح بين 50 و100 مليون دولار تدفع أمريكا 60% منه أما النفقات الباقية فتتقاسمها إسرائيل ومصر بالتساوي.
لقد استدعي التواجد العسكري الامريكي رسمياً تحت ستار "القوات المتعددة الجنسيات" للقيام بالرقابة على الالتزام بـ "الاتفاق السلمي" بين مصر واسرائيل، وفي الحقيقة فإن مهمته الرئيسية هي ـ تمهيد السبل للتوسع العسكري لامريكا واسرائيل في كل منطقة جنوب ـ غربي آسيا.
وانعكس المعنى الحقيقي لايجاد القوات المتعددة الجنسيات في بيان تاس الصادر في 27/4/1982 الذي جاء فيه: "لقد ظفرت مصر إلى جانب سيناء بالقوات الأمريكية من فيلق الجندرمة ذات الانتشار السريع".
وهذا يعني، إذا نظرنا في حقيقة الاشياء، أن الاحتلال الإسرائيلي لسيناء استبدل بالاحتلال الامريكي وأن الولايات المتحدة الأمريكية حصلت على رأس جسر للتدخل المباشر في شؤون دول الشرق الاوسط والمناطق المتاخمة".
وينوي البنتاغون انشاء مركز للمشاة البحرية على أراضي مصر لاجراء التجارب البيولوجية لاغراض عسكرية. خصصت الولايات المتحدة لبناء هذا "الممر" في عام 1980 612 ألف دولار.
بلغت قيمة المساعدة الاقتصادية والغذائية الأمريكية إلى مصر في عام 1981 1.116 مليار دولار بينما بلغت المساعدة المقدمة على شكل توريدات أسلحة ـ 550.842 مليون دولار؛ وفي العالم المالي 1984 تلقت مصر من أمريكا مساعدة عسكرية بقيمة 1.4 مليار دولار.
وفي عام 1985 المالي قدمت أمريكا إلى مصر 975 مليون دولار على شكل مساعدة اقتصادية وحوالي 1.8 مليار دولار على شكل مساعدة عسكرية.
مراكش: توصلت الولايات المتحدة الأمريكية إلى موافقة مراكش على استخدام القوات المسلحة الأمريكية لعدد من قواعد ومنشآت هذا البلد العسكرية.
فالمعاهدة الموقعة مع مراكش في أيار عام 1982 سمحت لامريكا نقل قوات الانتشار السريع عبر هذا البلد والقيام بتزويد الطائرات الأمريكية بالوقود واستخدام القواعد والمنشآت المحلية لاجراء التدريبات والمناورات.
وتملك الولايات المتحدة الأمريكية، حسب أقوال الصحافة الغربية، نقطة اتصال للقوات البحرية في سيدي ـ يحيا (80 كم إلى الشمال الشرقي من مدينة الرباط) لخدمة الصواريخ المضادة للسفن في منطقة الاطلسي والبحر الابيض المتوسط.
والى جانب ذلك فإن الامريكيين يملكون مراكز تدريب عسكرية في قينيطرا وبوكاديلي. وأعلنت حكومة مراكش رسمياً أن القواعد الثلاثة المذكورة تعتبر قواعد "تدريب" للقوات المراكشية المسلحة.
ليبريا: توصلت الولايات المتحدة الأمريكية منذ الحرب العالمية الثانية إلى الحصول على حق استخدام ميناء منروفيا لاهداف عسكرية. وفي عام 1950 بنت أمريكا هنا ميناءً جديداً. وللقوات الجوية الأمريكية أيضاً الحق باستخدام المطار الموجود في روبرت فيلد عند الضرورة.
جمهورية إفريقيا الجنوبية: إن الولايات المتحدة الأمريكية تولي القواعد العسكرية في جمهورية إفريقيا أهمية كبيرة من وجهة نظر تأمين دعم العمليات البحرية في المحيطين الهندي والاطلسي، والنظام العنصري في جمهورية جنوب إفريقيا يعتبر مخفراً أمامياً للامبريالية في جنوب إفريقيا ورأس جسر للعدوان ضد الدول الافريقية المجاورة، فهو يعتبر حليفاً نشيطاً لواشنطن في الصراع مع حركة التحرر الوطني للشعوب الافريقية.
تتمتع أمريكا بحق الدخول إلى موانئ جمهورية جنوب إفريقيا. وتساهم الشركات الأمريكية الاوروبية الغربية في تمويل بناء عدد من المنشآت العسكرية في جمهورية جنوب إفريقيا، وخاصة القاعدة البحرية "ريتشارد ـ بي".
ويجري تحديث وتطوير القواعد العسكرية هناك في سايمون ستون ودوربان مع الاخذ بعين الاعتبار احتياجات القوات الأمريكية المسلحة. وبنيت في منطقة كيبتاون محطة مراقبة للسفن المارة حول الطرف الجنوبي للقارة الافريقية ومدرسة لبحاري الغواصات وأحواض سفن، أما ميناء يولفيش ـ بي (ناميبيا) فمحتل من قبل جمهورية إفريقيا الجنوبية ومحول إلى قاعدة عسكرية جنوب إفريقية هامة.
كما يحصل البنتاغون على معلومات تفصيلية تتعلق بمنطقتي المحيط الهندي والاطلسي، تلك المعلومات التي تأتي من المركز الافريقي الجنوبي للاستطلاع اللاسلكي في سيلفر سماين قرب سايمون ستاون.
وتخطط جمهورية افريقيا الجنوبية لتحويل جزيرة سكاراموش إلى رأس جسر للعدوان ضد بلدان جنوب افريقيا التقدمية وضد الجزء الجنوبي ـ الغربي من المحيط الهندي.
جزر سيشيل: حاولت القوى الامبريالية الأمريكية مراراً معتمدة على المرتزقة الذين قاموا بأعمالهم من أراضي افريقيا الجنوبية والذين حصلوا هناك على الاعداد اللازم لاسقاط الحكومة الشرعية للدولة ذات السيادة ـ جمهورية جزر سيشيل ـ من أجل تحويل أراضيها إلى مراكز استناد لها في حوض المحيط الهندي.
وأثناء ذلك اعارت واشنطن اهتماماً خاصاً للجزر: ديروس، فاركوار، ألدابر. واستطاعت الولايات المتحدة الأمريكية أن تثبت أقدامها على أكبر جزيرة بين جزر سيشيل ـ جزيرة ماي.
وعلى أساس اتفاقية الاستئجار الأمريكية ـ السيشيلية المعقودة لفترة 10 سنوات تعمل على جزيرة ماي محطة التجسس الأمريكية المخصصة لمراقبة أقمار الاتصالات الفضائية.
وتؤدي هذه المحطة في نفس الوقت وظيفة الحلقة الواصلة بين القواعد الأمريكية في المحيط الهندي وفي الاقاليم الأخرى.
بلغت قيمة استئجار المنشآت العسكرية الأمريكية الموجودة على جزيرة ماي ـ 1 مليون دولار سنوياً.
جزر القمر: لقد تم وضع الخطط لانشاء قاعدة عسكرية امريكية ضخمة على جزيرة مورون التي تدخل في مجموعة جزر القمر. ورسم البنتاغون خطة لبناء منشآت خاصة بالموانئ عليها، قادرة على استقبال وخدمة جميع أنواع السفن الأمريكية الحربية وكذلك لبناء مستودعات للمعدات العسكرية، الاسلحة، الذخائر، الوقود، ومخازن للسلاح النووي.
وتصبح قاعدة مورون إذا اقتضى الامر تنفيذ خطط البنتاغون مخفراً أمامياً رئيسياً للقوات المسلحة الأمريكية في المحيط الهندي.
تواجد أمريكا العسكري وقواعدها في أمريكا اللاتينية وكندا
بنما: لقد سلمت بنما جزءاً من أراضيها ـ منطقة القناة البنمية ـ طبقاً لاتفاق 1903 إلى الولايات المتحدة الأمريكية لفترة غير محدودة.
وتنازلت بنما بمقتضى هذا الاتفاق الجائر للولايات المتحدة عن جزء من أراضيها لبناء قناة بين المحيطين، تلك القناة التي افتتحت رسمياً في 12/6/1920.
في عام 1939 فرضت أمريكا على بنما الاتفاقية التي حصلت بموجبها على الحق بالاحتلال العسكري للبلد كلها "الحالات الطارئة".
فأثناء الحرب العالمية الثانية نشرت أمريكا قواعدها العسكرية على أراضي بنما. وفي عام 1947 وتحت ضغط الجماهير الشعبية كانت الحكومة البنمية مجبرة للمطالبة بإزالة هذه القواعد العسكرية. في آب عام 1970 أزيلت هذه القواعد باستثناء تلك القواعد التي انتشرت في منطقة القناة.
قاد الشعب البنمي لسنوات طويلة نضالاً مريراً من أجل استعادة منطقة القناة. كما أن قيام القوات الأمريكية المسلحة بإطلاق النار على المظاهرات السلمية على حدود منطقة القناة في كانون الثاني عام 1964 والاستياء الشعبي العام الذي أثارته القوات بذلك أجبر الولايات المتحدة الأمريكية على الموافقة على المفاوضات مع حكومة بنما حول اعادة النظر في وضع منطقة القناة.
وبعد 13 عاماً من المفاوضات المتقطعة باستمرار وقعت أمريكا وبنما في 7/9/1977 اتفاقين حول قناة بنما واللذين ألغيا اتفاق 1903.
وقد اشترك هذا الاتفاق، المنظم لعملية الاستثمار والدفاع عن القناة حتى 31/12/1999 الانتقال التدريجي للحقوق (بدءاً من 1/10/1979) في ادارة القناة لصالح بنما حتى 1/1/2000 أما الاتفاق الثاني ـ حول محايدة واستثمار القناة ـ فقد ضمن الحياد الدائم للقناة مع تعديلين اثنين:
آ ـ بعد عام 2000 تحتفظ أمريكا بحقها في العمليات العسكرية بهدف "ضمان محايدة القناة" إذا وقعت أمام خطر:
ب ـ أسبقية مرور السفن العسكرية الأمريكية قبل سفن البلدان الأخرى في حال حدوث وضع طارئ.
تمت المصادقة على الاتفاقين المذكورين في عام 1978 وأصبحا نافذي المفعول في 1/10/1979.
وفي ذلك اليوم ارتفع على جبل أنكون المطل علي منطقة قناة بنما العلم الحكومي البنمي احتفالاً ببداية التحرر من التبعية الأمريكية.
وفي أكتوبر عام 1984 ارتفع علم بنما فوق القاعدة الأمريكية العسكرية السابقة فورت غوليك.
وفي نفس الوقت أخذت قوات الدفاع الوطني عن بنما تراقب أرض المدرسة "أميريكاس" حيث يهئ خبراء البنتاغون السفاحين المختصين بشعوب أمريكا اللاتينية.
وأثناء الاحتفال برفع العلم الحكومي أعلن الرئيس السابق للاراضي البنمية خ. اليويك أن النضال لاستعادة الارض البنمية ذات السيادة الوطنية سيستمر حتى الانسحاب الكامل للقوات الأمريكية.
في بداية عام 1984 انتشرت في منطقة القناة 6 قواعد عسكرية أمريكية: الاولى ـ للقوات البرية المسلحة، 3 ـ للقوات البحرية واثنتان للقوات الجوية.
ففي قاعدة ألبروك ـ فيلد تتمركز قيادة القوات الجوية الكاريبية التابعة الولايات المتحدة ومدرسة القوات الجوية التي يتم اعداد خبراء بلدان أمريكا اللاتينية العسكريين فيها. وفي قاعدة فورت ـ كليتون استقر المقر العام للادارات الجيوديسية الأمريكية، التي تهتم بوضع الخرائط واستكشاف المناطق المناسبة لبناء القواعد.
بلغ تعداد القوات الأمريكية المرابطة على أراضي بنما في عام 1985 9.35 ألف إنسان.
وفي قاعدة غوارد ـ فيلد الشاملة ترابط الطائرات الأمريكية التي تقوم بطلعات تجسسية وقتالية فوق أراضي السلفادور ونيكاراغوا. توجد في هذه القاعدة أيضاً المدرسة العسكرية لاعداد عناصر التأديب من البلدان الأمريكية الوسطى والكاريبية.
بورتو ـ ريكو: احتلت الولايات المتحدة الأمريكية وسيطرت بصورة غير شرعية على جزيرة بورتو ـ ريكو بنتيجة الحرب الاسبانية ـ الأمريكية عام 1898.
حولت الولايات المتحدة الأمريكية هذه الاراضي المستعمرة فعلياً إلى رأس جسر عسكري استراتيجي في أمريكا الوسطى والذي يلعب دوراً هاماً في تنفيذ سياسة الارهاب الدولي تجاه الدول المحررة.
يوجد على أراضي بورتو ـ ريكو أكثر من 20 منشأة عسكرية أمريكية ضخمة بما في ذلك 13 قاعدة للقوات الجوية، البحرية والبرية الأمريكية ومستودعات للذخائر النووية ومطارات للطيران الاستراتيجي.
أكبر القواعد في بورتو ـ ريكو قاعدة رامي الجوية في أغواديليو والقاعدة البحرية على جزيرة فوليس، تلك القاعدة التي تم طرد جميع سكانها. وتستخدم بورتو ـ ريكو كقاعدة متوسطة لنقل السلاح النووي الامريكي. عدا عن ذلك توجد على هذه الجزر مراكز للاتصالات العسكرية وللاستطلاع.
كما يواصل البنتاغون تحديث القواعد العسكرية على أرضي بورتو ـ ريكو. وطبقاً للمعطيات الرسمية، فقد أبلغت وكالة برينس لاتين أن الادارة العسكرية الأمريكية خصصت لهذه الاهداف في عام 1984 49 مليون دولار.
ولا بد من تزويد القاعدة البحرية الأمريكية "روزفلت ـ رودس"، خاصة، بأحدث التجهيزات.
غوانتنامو: حصلت الولايات المتحدة الأمريكية، بناء على الاتفاق الجائر الذي فرض على كوبا في عام 1903، على الحق في "السيطرة الكاملة والاشراف على غوانتنامو (الواقعة إلى الجنوب الشرقي من جزيرة كوبا) لغرض غير محدود".
غوانتنامو ـ هي إحدى أكبر القواعد العسكرية الأمريكية في نصف الكرة الارضية الغربي، تشغل مساحة قدرها 116.5 كم2 من الاراضي الكوبية القديمة.
يوجد هناك مركز تدريب للمشاة البحرية ومستودعات الوقود، الذخائر، خزانات أرضية للمحروقات، ومطارات لطائرات القوات الجوية والقوات البحرية الأمريكية.
ويوجد على القاعدة أيضاً 2.3 ألفان وثلاثمائة عسكري أمريكي. عدا عن ذلك يصل إلى غوانتنامو بصورة دورية من 3 ـ 5 آلاف بحار من وحدات سفن القوات البحرية الأمريكية المرابطة هنا.
إن قاعدة غوانتنامو ـ مصدر للخطر العسكري المباشر على كوبا. وقد أُعيرت هذه القاعدة في خطط أمريكا العدوانية ليس دور رأس الجسر الذي تشن منه الاعمال التخريبية العدوانية ضد الشعب الكوبي فقط.
إنها أيضاً نقطة استناد للامبريالية الأمريكية ضد حركة التحرر الوطني في بلدان الحوض الكاريبي الأخرى وفي أمريكا الوسطى.
الهندوراس: لقد اعتمدت ادارة ريغان أثناء تنفيذها لسياسة الارهاب الدولي في أمريكا الوسطى، على الانظمة الظالمة التي ينتمي إلى عدادها حكومة الهندوراس. وتعتبر واشنطن هذا البلد رأس جسر استراتيجي أساسي للقوات المسلحة الأمريكية في المنطقة.
وبعد أن أخذ البنتاغون بعين الاعتبار الموقع الجغرافي المناسب للهندوراس المتاخمة لدولة نيكاراغوا والسلفادور أعطاها دور المخفر الامامي في أمريكا الوسطى واهتم بالمحافظة على تواجده العسكري هنا.
وطبقاً لبرنامج عسكرة اللد الذي يجري تنفيذه بمساعدة الولايات المتحدة العسكرية فقد اشترط تحديث القواعد العسكرية وبناء قواعد جديدة على أراضيها.
وهذه القواعد العسكرية التي يستخدمها الطيران والقوات البرية الأمريكية موجودة في سان لورينسو، ماك ـ ديل، أهواكات، كوكوياهو، لا سيبا وأماستران، بورتوريكو، سان ـ بيدرو سول، بالميرولا، سولولتيك، بورتو ـ ليمبيرا.
أما محطات التنصت الاليكتروني الامريكي الضخمة فتعمل في سيرا ـ لا ـ مول وعلى جزيرة التيجر.
ومن المتوقع اعادة بناء قاعدة عسكرية في بورتو ـ كاستيليا، حيث قام المدربون الامريكيون والخبراء باعداد جنود النظام السلفادوري واعداد الثورة من نيكاراغوا الذين حاولت واشنطن بواسطتهم خنق الثورة في نيكاراغوا.
غرينادا: بعد أن قامت واشنطن في نهاية عام 1983 بالعدوان الوقح والسافر على هذه الدولة الجزائرية أخذت تعجل في عسكرته وتحويله إلى مخفر عسكري أمريكي في الحوض الكاريبي.
وبواسطة الضغط على النظام المزيف توصلت أمريكا إلى "استئجار" المطار الغرينادي في بونيت ـ سيلانز لمدة 99 عاماً لاغراض عدوانية في هذه المنطقة ولتهديد الدول المستقلة.
إن واشنطن، حسب تصريح الاميرال الامريكي و. ماكدونالد الذي قاد الغارة القرصنية الأمريكية إلى غرينادا عازمة على إنشاء قاعدتها العسكرية على الجزيرة نظراً لـ "موقعها الاستراتيجي المثالي" الذي يمكن واشنطن من السيطرة على الطرق البحرية من المحيط الاطلسي إلى الحوض الكاريبي والى الخليج المكسيكي.
تشيلي: سمح الديكتاتور التشيلي بينوشيت لامريكا ببناء قاعدة جوية وبحرية على جزيرة باسخي في الجزء الجنوبي من المحيط الهادي. وستصبح هذه الجزيرة، حسب خطط واشنطن، إحدى الحلقات في سلسلة القواعد العسكرية الأمريكية التي تدخل فيها القواعد الموجودة على جزيرة ديغو ـ غارسيا والقواعد الانكليزية في جزر الفولكلاند.
تملك هذه القواعد نظام موحد للاتصالات والمراقبة الرادارية لمناطق واسعة من الاطلسي الجنوبي والمحيط الهادي.
كندا: حصلت أمريكا بمقتضى المعاهدة بينها وبين كندا حول الدفاع الجوي المشترك عن القارة الأمريكية الشمالية على السماح بإنشاء 6 قواعد عسكرية أمريكية على أراضي كندا، تلك القواعد التي ترابط فيها وحدات المستودعات وخدمة السلاح النووي (نورت ـ بي، لازماكازا، باغتوفيل، تشاتيم، كوموكو، والدور).
يوجد على جزيرة نيوفاوندليند 3 قواعد جوية كبيرة مستأجرة من قبل أمريكا لمدة 50 سنة: هارمون فيلد، ماك ـ إيندور وأرجينتيا ويمكن أن تعتبر الأخيرة قاعدة بحرية أيضاً.
وفي لابرادور تملك أمريكا بالاشتراك مع كندا قاعدة جوية في غوس ـ بي. وتستخدم مقاطعة ألبيرت الكندية بشكل مكثف من قبل البنتاغون بصفة ميدان تجارب للصواريخ والمعدات العسكرية الأخرى.
وتم هنا اختيار المواصفات القتالية لطائرات الطيران البحري "هاريير"، وجربت الطائرة المقاتلة "هورنيت" وتم تجهيز الصواريخ الأمريكية المجنحة لتنفيذ التجارب الدورية.
ففي أكتوبر عام 1983 تم التوصل إلى اتفاقية بين أمريكا وكندا حول نشر الرؤوس النووية المدمرة على أراضي كندا. ويخزن السلاح النووي باشراف الولايات المتحدة الأمريكية.
جزر برمودا: يستخدم البنتاغون هذه الجزر بفعالية لاغراضه العدوانية حيث استأجر لمنشآته العسكرية 10% من أراضي الجزر ويملك هنا أيضاً حامية عسكرية عدد أفرادها 1500 إنسان. فالقواعد الأمريكية البحرية الاربع التي تعتبر ملك انكلترا تتمتع بأهمية كبيرة بالنسبة لعمليات تأمين القوات البحرية الأمريكية في هذه المنطقة.
كما تستخدم القاعدتان البحرية والج وية كيندلي وكينغس ـ بونيت لتنظيم دوريات الحراسة المضادة للزوارق ولخدمة تحليقات الطائرات الحربية ذات العمليات البعيدة فوق المحيط الاطلسي وللقيام بالترصد وفقاً للبرنامج الفضائي NASA. وفي عام 1983 استخدمت أمريكا منطقة جزر برمودا لتجري بصواريخ الـ "بيرشينغ ـ 2" قبل نشرها في أوروبا الغربية.
جزر الباهاما: لقد تم، طبقاً للمعاهدة الانكليزية ـ الأمريكية الموقعة عام 1963، بناء مركز لتجريب السلاح المضاد للزوارق على هذه الجزر. ساهمت الولايات المتحدة الأمريكية في تمويل البناء وأمنت الحماية للمنشآت الساحلية والبحرية على حد سواء.
المنشآت العسكرية الاساسية هي: مركز تجريب الاسلحة الذي استخدمت أمريكا وانكلترا لتطوير الصواريخ الموجهة؛ مركز تجريب السلاح المضاد للزوارق، محطة للترصد تعمل وفقاً للبرنامج الفضائي NASA (ناساً).
وتم توقيع المعاهدة الأخيرة بين امريكا، انكلترا وجزر الباهاما القاضية باستخدام القواعد العسكرية الأمريكية الموجودة هنا في عام 1984.
القواعد الأمريكية في أستراليا، نيوزيلندة وأوقيانيا
أنشأت الولايات المتحدة الأمريكية في استراليا مجمع قاعدي ضخم يضم أكثر من 40 قاعدة عسكرية أمريكية ومنشأة. وأغلب هذه القواعد يتمتع بأهمية استراتيجية.
تقسم القواعد العسكرية الأمريكية في استراليا إلى ثلاثة فئات. تضم الفئة الاولى المنشآت العسكرية التابعة لوكالة الامن القومي الامريكي التي تهتم بجمع وتحليل المعلومات الواردة من مناطق المحيط الهادي والهندي ومن جزيرة ديغو ـ غارسيا.
أما الفئة الثانية من القواعد فينتمي إليها منشآت وكالة الاستخبارات المركزية المؤازرة. حيث تقوم دائرة التجسس الأمريكية، معتمدة على التمركز في هذه القواعد بتطوير أراضي الدول الأخرى ، منشآتها العسكرية، توزيع القوات والمعدات العسكرية وتحصل على معلومات حول نشاطات المفوضيات والاستماع إلى قنوات الاتصالات وغير ذلك.
وعن طريق هذه المنشآت يجري تبادل المعلومات مع وكالة الاستخبارات المركزية التي تعمل في المنطقة كلها. والفئة الثالثة من القواعد تهتم بخدمة منشآت خطوط المواصلات والملاحة وغيرها، التي تؤمن تنفيذ العمليات العسكرية الأمريكية.
وتم من القوا عد الاسترالية، خاصة، شن الغارات الجوية الأمريكية على بلدان الهند الصينية في عام 1964 ـ 1973 وزرع الالغام في خليج هايغون في عام 1972.
وعندما نشبت الحرب العربية ـ الإسرائيلية عام 1973 وضعت ثلاثة قواعد أمريكية على الاقل في استراليا في حالة الجاهزية القتالية الكاملة دون إعلام حكومة استراليا بذلك.
كانت الولايات المتحدة الأمريكية عازمة على استخدام القواعد الجوية لحلفائها في نصف الكرة الارضية الجنوبي وخاصة في القارة الاسترالية لاطلاق الصواريخ المضادة للاقمار الصناعية من طائرات ف ـ 15 س. وقد أصبح ذلك معروفاً من وثيقة لجنة مجلس ممثلي الكونغرس الأمريكية لشؤون القوات المسلحة.
ومن المتوقع كما صرح ممثل البنتاغون في اجتماع هذه اللجنة نشر الطائرات الأمريكية من طراز ف ـ 15 س المزودة بصواريخ آسات (ASAT) المضادة للاقمار الصناعية في استراليا.
أهم القواعد الأمريكية في أستراليا:
ـ قاعدة الاتصالات اللاسلكية للقوات البحرية الأمريكية نورت ـ ويست كيب التي دخلت في حيز العمل عام 1967.
وتوجد هنا أكبر وأضخم محطة للترددات المنخفضة من بين المحطات الثلاثة المخصصة للاتصالات وادارة القيادة البحرية الأمريكية مع الغواصات الذرية الأمريكية التي تقوم بعمليات حربية في المحيط الهندي وفي الجزء الغربي للمحيط الهادي.
ولهذه القاعدة اتصالات مع القواعد الأمريكية في جزر أواهو، هواما، الفيليبين، ديغو ـ غارسيا.
وبعد اعادة تجهيز القاعدة الأمريكية نورت ـ ويست كيب أصبحت هي الجزء الاساسي في النظام لتأمين تحليقات الاقمار الصناعية العسكرية الأمريكية،
ـ المركز العسكري للاستطلاع الاليكتروني الفائي ناين غيبي ـ أحد أهم المنشآت الاستراتيجية الأمريكية على أراضي استراليا.
يعتبر هذا المركز الذي بني عام 1969 جزءاً أساسياً في النظام الاستراتيجي للدفاع المضاد للصواريخ الأمريكية وفي الاستكشاف الفضائي الامريكي.
يدخل في مهامه الحصول على المعلومات وتحليلها من الاقمار الصناعية الاستطلاعية الأمريكية وإعطائها فيما بعد إلى نقاط القيادة الامريكية، بما في ذلك معلومات الاقمار الصناعية التي تقوم بمراقبة القواعد الصاروخية الموجودة على أراضي الاتحاد السوفييتي. ويستخدم هذا المركز لصالح القوات النووية الاستراتيجية الأمريكية.
يوجد في هذا المركز خبراء عسكريون أمريكيون وأكبر ملاك لموظفي وكالة الاستخبارات المركزية خارج حدود الولايات المتحدة.
ـ مركز للاتصالات الفضائية في نورنهاري الذي دخل في حيز العمل في عام 1970 ـ هو المحطة الارضية الأمريكية الرئيسة للاتصالات الفضائية في النصف الجنوبي للكرة الارضية.
يدخل في وظائف المركز الاساسية نقل المعلومات المتعلقة باطلاق الصواريخ البالستية العابرة للقارات ومعلومات استطلاعية أخرى من الاقمار الصناعية الاستطلاعية الأمريكية إلى مركز الاستقبال في أمريكا إلى جانب ذلك، حصلت أمريكا على موافقة السلطات الاسترالية لانشاء نقطة مراقبة مضادة للزوارق على جزيرة رجد يستفو. وتم تكييف جزر جوز الهند أيضاً لاحتياجات القوات المسلحة الأمريكية.
تتمتع القوات البحرية الأمريكية باشتمال حاملات الطائرات والغواصات الذرية بحق الدخول السهل إلى الموانئ الاسترالية. كما تتمتع القواعد الاسترالية ـ الأمريكية المشتركة في كوكبيرن ساوند وفي فريمانيكي على الساحل الغربي لاستراليا بأهمية كبيرة بالنسبة لضمان الخطط الاستراتيجية الأمريكية في المحيط الهندي.
وفي عهد ادارة ريغان تم السير خطوة أخرى على طريق تطوير البناء القاعدي الامريكي على أراضي استراليا. في 11/3/1981 وقعت بين أمريكا واستراليا اتفاقية تسمح للطائرات الاستراتيجية الأمريكية القاذفة من طراز ف ـ 52 بالهبوط في القاعدة الجوية الاسترالية في داروين (شمال استراليا) أثناء تنفيذها للتحليقات فوق المحيط الهندي.
حصلت أمريكا على الموافقة الدائمة للاحتفاظ بحوالي 100 ألف إنسان هنا. وسيتم في هذه القاعدة نشر 3 طائرات قاذفة للقنابل من طراز ف ـ 52 و 6 طائرا مزودة من طراز ك س ـ 135.
ولا تستثنى، حسب هذه الاتفاقية، إمكانية استخدام هذه القاعدة بشكل واسع أثناء "الحالات المتأزمة" في المنطقة.
أما ما يتعلق بالرقابة على عمليات الطغمة العسكرية الجوية من القواعد الاسترالية والتحقق من وجود السلاح النووي على متن السفن العسكرية والطائرات الأمريكية المرابطة هنا، فإن الحكومة الاسترالية تعتمد كلياً على بلاغات واشنطن المختارة.
وسمحت السلطات الاسترالية لطائرات الطيران الاستراتيجي الامريكي بالتحليق في الفضاء الجوي لبلادها وبالضبط فوق الجزء الشمالي ـ الغربي منها.
إن التواجد العسكري الامريكي في استراليا تجاوز كثيراً المغامرة لجر البلد إلى صدام عسكري.
جزيرة هوام: لقد تم تحويل هذا الجزء الذي سلخته أمريكا عن اسبانيا في عام 1898 والذي يعتبر أمريكياً إلى مخفر استراتيجي أمريكي رئيسي في المحيط الهادي.
يرابط في هذه الجزيرة حاملات الصواريخ الذرية والطائرات الاستراتيجية القاذفة للقنابل من طراز ف ـ 52 محملة بسلاح نووي.
يدخل في عداد المنشآت العسكرية الاساسية المبنية على الجزيرة قواعد القوات البحرية في خليج آبرا وقاعدة لطيران القوات البحرية في آغان وقاعدة للقوات الجوية الأمريكية في أندرسون.
فأثناء العدوان الامريكي على الهند الصينية من قاعدة أندرسون قامت الطائرات الأمريكية القاذفة للقنابل بالقصف البربري المنتظم لمدن وقرى فيتنام، لاوس وكمبوديا. كما يعتبر رأس الجسر العسكري الامريكي في هوام ـ تهديداً دائماً لمناطق واسعة من المحيط الهادي ولحركة التحرر الوطني في آسيا.
قواعد الولايات المتحدة الأمريكية في ميكرونيسيا:
وضع مجلس الامن التابع لهيئة الامم المتحدة جزر ميكرونيسيا منذ عام 1947 تحت الوصاية المؤقتة للولايات المتحدة بهدف ضمان تطورها الاجتماعي والاقتصادي والثقافي واعدادها للحياة المستقلة.
لكن الوصاية الأمريكية تحولت بالنسبة لسكان ميكرونيسيا إلى استعباد علني. أشار أ.أ. غروميكو في معرض سير المفاوضات السوفييتية ـ الاندونيسية في 2/4/1982 إلى أن "الولايات المتحدة الأمريكية تقوم وبوقاحة بالضم الفعلي لجزر ميركونيسيا، ساعية إلى فصل المنطقة الواقعة تحت وصاية هيئة الامم المتحدة وتحويلها إلى رأس جسر استراتيجي عسكري جديد".
وقد شيدت أمريكا هنا، آخذة بعين الاعتبار الموقع الاستراتيجي الملائم لجزر ميكرونيسيا، العديد من المنشآت العسكرية: قواعد بحرية وجوية، محطات تجسس، مستودعات للذخائر بما في ذلك النووية.
لقد أستأجرت أمريكا في أكتوبر عام 1984، حسب تصريح قائد القوات المسلحة الأمريكية في منطقة المحيطين الهادي والهندي الاميرال و. كروي، جزءاً من أراضي جزر تينيان وسايبان التي تنتمي إلى الجزر المارينانية الشمالية لبناء المنشآت العسكرية.
وأشار الاميرال أن جزيرة تينيان ستستخدم على الارجح كقاعدة تدريب للمشاة البحرية وللقوات البرية وكملحق للمنشآت البحرية الموجودة على جزيرة هوام. وبعبارة أخرى فإن هذه القاعدة ستأخذ مكانها في البنية العسكرية الاساسية للبنتاغون لضمان الخطط الاستراتيجية الأمريكية على الملتقى بين المحيطين الهادي والهندي.
استخدم البنتاغون جزر ميكرونيسيا مراراً في الافعال العدوانية الأمريكية. ففي آب 1945 انطلقت الطائرات الأمريكية ف ـ 29 من هنا من أجل القصف الذري للمدينتين اليابانيتين هيروشيما وناغازاكي.
نيوزيلندة: يملك البنتاغون على أراضي نيوزيلندة قاعدة ضخمة للاستطلاع الاليكتروني.
وكما ابلغ العالم النيوزيلندي و. يليكس توجد هذه القاعدة في منقطة تانفي مون. بيتس شمال فيلينفتوف وهي مربوطة بنظام موحد للتجسس الاليكتروني مع تلك القواعد المتواجدة في استراليا وجزر الفيليبين وفي جزيرة هوام.
وفي آب 1984 وقفت حكومة نيوزيلندة العمالية في بيان خاص ضد دخول السفن المحملة بالسلاح النووي وبالاجهزة النووية القوية على المتن.
أشار رئيس الوزراء د. لونجي موضحاً قراره أن "السفن العسكرية الأمريكية المحملة بالسلاح النووي حولت نيوزيلندة إلى نيشان في حال حدوث صدام مسلح". وبسبب ذلك فقد تم التأكيد على رغبة الحكومة النيوزيلندية في جعل الجزء الجنوبي من المحيط الهادي "منقطة خلاية من السلاح النووي".
لاقى هذا التوجه موافقة النيوزيلنديين الذين وافق 76% منهم على حظر دخول السفن الأمريكية ـ حاملات "الموت النووي" إلى مياه البلاد الاقليمية، كما أشارت نتائج الاستجواب الوطني العام للرأي الاجتماعي الذي أجري في عام 1984.
وقد أعرب حوالي 70% من المستجوبين عن تأييدهم لافكار إنشاء منطقة لا نووية في الجزء الجنوبي من المحيط الهادي.
في شباط 1985 وافقت مجموعة برلمانية من حزب البلد العمالي على موقف د. لونجي. وقد لاقى اتجاه حكومة نيوزيلندة التأييد من الدول الأخرى في منطقة المحيط الهادي الآسيوية.
4
سياسة الامبريالية الأمريكية العدوانية ـ الارهاب الدولي في الممارسة
في نهاية السبعينات وبداية الثمانينات وقفت قوى الامبريالية العدوانية والرجعية بقيادة الامبريالية الأمريكية، مدعية السيادة العالمية، على طريق العسكرة البشع وسباق التسلح الجامح وضغط التوتر والتدخل في شؤون الدول ذات السيادة.
إن الامبريالية هي التي أبدعت القرصنة في الشرق الاوسط ونظمت التدخلات المسلحة في شؤون نيكاراغوا والسلفادور وكل أشكال المقاطعة ضد كوبا وقامت بالاعتداء على غرينادا وساهمت في الحرب السرية ضد أفغانستان وحاكت شبكة المؤامرات في أفريقيا حيث قامت بالعدوان المكشوف ضد موزامبيق وأنغولا.
وقد أصبحت الاقاليم الواسعة وفي كل انحاء العالم تقريباً مضماراً لسياسة التوسع الامبريالية. وقع ظل سياسة الامبرياليين على العديد من مناطق الكرة الارضية.
وأصبحت الدول المحافظة على الاتجاه ذات النزعة الاشتراكية والتي لا ترغب في الخضوع لسياسة تحكم الاحتكارات الاجنبية هدفاً للعداء الخاص من جانب الدوائر العسكرية الأمريكية، وتحولت قوى الامبريالية الأمريكية الرجعية التي تمارس سياسة الارهاب الدولي على الساحة الدولية إلى مصدر رئيسي للخطر والاستفزازات والتهويل.
في بداية الثمانينات أضيفت مخزية إلى تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية. وهذا لا يعني أبداً أن تاريخ الامبريالية الأمريكية كان موسوماً قبل ذلك ببعض الفضائل.
فقد كتب بدماء الشعوب التي تعرضت للاعتداءات القرصنية وللتدخلات المسلحة التي أصبحت هدفاً للاعمال التخريبية والتخويف من جانب الولايات المتحدة الأمريكية. نفذت الولايات المتحدة الأمريكية في القرن الماضي حوالي 120 حرب وحملات استعمارية وحملات تأديبية قبل أن يبدأ عصر الامبريالية تحت قصف مدافع الحرب الاسبانية الأمريكية.
وتم تنفيذ ما لا يقل عن 50 عمل عدواني عسكري، اعتداءات مسلحة على الشعوب الأخرى وأعمال قرصنية سافرة لحساب الامبريالية الأمريكية في الفترة ما بين بداية هذا القرن والحرب العالمية لاثانية.
أما الشواخص الاساسية لسياسة الامبريالية الأمريكية في فترة ما بعد الحرب فكانت هي استخدام السلاح النووي ضد اليابان والاعتداء على كوريا في عهد الرئيس هـ. ترومان والتدخل المسلح في غواتيمالا وفي لبنان في عهد الرئيس د. إيزنهاور والاعتداء على كوبا في عهد الرئيس ج. كينيدي والحرب ضد شعوب الهند الصينية في عهد الرئيس ل. جونسون وريتشارد نيكسون وتنظيم التمرد الفاشيستي العسكري في تشيلي في عهد الرئيس ر. نيكسون وبداية الحرب السرية ضد أفغانستان في عهد الرئيس ج. كارتر. وهناك العديد من بلدان العالم التي تحمل الندبات من القرصنة المسلحة للقلعة الرئيسية للعالم الرأسمالي.
وحاول معهد بروكينغيس الامريكي في واشنطن حيث تمت دراسة "استخدام القوات المسلحة الأمريكية كأداة للسياسة الخارجية في عام 1946 ـ 1975" في فترة ما بعد الحرب خلق صورة عامة لسياسة التدخل الامريكي.
نتائج الدراسة كانت مؤثرة للغاية. وخلال الثلاثين عاماً الماضية استخدمت أمريكا قواتها المسلحة لاغراض سياسية شهرياً تقريباً أي في 215 حالة. طرحت مسألة استخدام السلاح النووي 33 مرة في جدول العمليات في واشنطن بما في ذلك توجيه التهديد المباشر إلى الاتحاد السوفييتي 4 مرات.
ومنذ عام 1975 حتى عام 1983 لجأت أمريكا أيضاً في 44 حالة أخرى إلى الافعال العدوانية والاستعراضات العسكرية لـ "تدعيم" سياستها الخارجية.
لقد مات في الحروب الاقليمية أو الصدامات التي أثارها الامبرياليون بعد الحرب العالمية الثانية، حسب بعض الاحصائيات، 20 ـ 22 مليون إنسان. وكما أشارت مجلة "يو. س. نيوز آند ويرلد ريبورت" فإن القوات الأمريكية، الطائرات والسفن تدخلت منذ كانون الأول 1945 وحتى شباط 1972، باستثناء الاعوام الثلاثة: 1955، 1956، 1959 في كل زاوية من العالم تقريباً ـ في أوروبا، أفريقيا، في الشرق الاوسط، في آسيا وأمريكا اللاتينية".
وقد استخدمت واشنطن في 80% من مجموع الحالات اسطولها البحري.
واستخدم الطيران العسكري في 50% من لاحالات تقريباً، القوات الارضية البرية شاركت في 20% من مجموع الحالات.
وفي كل حالة من أصل حالتين لاستخدام التشكيلات الجوية لاغراض سياسية رافقتها وحدات المشاة البحرية. كما كان الاسطول العسكري والمشاة البحرية هما الطاقم الامثل للقوات والوسائط للضغط السياسي على الدول والشعوب لدى الولايات المتحدة الأمريكية، وبكلمات أخرى، على طريقة "دبلوماسية السفن الحربية الصغيرة".
إن الاحصاء الحسابي لبعض ممارسات سياسة التدخل الأمريكية، لا يقدم صورة وافقة عن القرصنة الدولية الامبريالية الأمريكية، لكنه يظهر بوضوح أن سياسة التدخل ـ هي إحدى وسائل النضال الامريكي بعد الحرب من أجل سيادتها على المستوى الدولي (انظر الجدول على الصفحة).
وتمارس الامبريالية الأمريكية بوقاحة متناهية سياسة الارهاب الدموي المكشوف في العلاقات الدولية حيث رفعته إلى مرتبة السياسة الحكومية.
المعلومات الاجمالية حول استخدام القوات المسلحة الأمريكية لاغراض سياسية في عام 1946 ـ 1975.
حجم القوات
المنطقة الاقصى المرتفع المتوسط المخفض الادنى الاجمالي
عدد الحوادث
نصف الكرة الارضية الغربي 2 2 6 18 32 60
أوروبا 5 3 12 19 4 43
الشرق الاوسط 4 4 7 7 16 38
أفريقيا (الصحراء الجنوبية) 0 0 0 6 7 13
آسيا الجنوبية 0 0 0 0 0 0
جنوب شرقي آسيا 0 6 17 8 10 41
آسيا الشرقية 4 3 4 6 3 20
فترة الترتيب الزمني
1946 ـ 1956 7 2 16 20 11 56
1957 ـ 1965 6 10 24 31 41 112
1966 ـ 1975 2 6 6 13 20 47
المجموع 15 18 46 64 72 215
ومع ذلك فقد أعلن أن المناطق الواسعة من الكرة الارضية والبعيدة آلاف الكيلومترات عن الولايات المتحدة الأمريكية ـ "مناطق المصالح الحيوية".
أشار أ.أ. غروميكو في اجتماعه مع الناخبين في 19/2/1980 إلى أن: "سياسة أمريكا تنبه إلى أنها لا تميز جيداً أحياناً هناك بين ما لهم وما لغيرهم. ومن الخطير أن يتحول ذلك إلى عادة مألوفة…. فهي تتحدث عن المصادر النفطية العربية وكأنها مصادر أمريكية".
فإذا كانت حكومة الولايات المتحدة الأمريكية قد أخفت بصورة مخزية القرصنة والتهويل والارهاب تجاه الدول الأخرى بكل أشكال التصريحات الموارية فإنها، في الوقت الحاضر أصبحت أعمالاً موجهة ضد دول كثيرة بصورة منظمة وبمساعدة النظام الذي وضعته.
أعلنت ادارة ريغان علانية، باستهتار كامل، أن هدفها هو اسقاط الحكومات غير المرغوب فيها.
كما تعتبر تصريحات الشخصيات الأمريكية القيادية حول أن هذا التوجه أو ذاك لتلك الحكومة ورغبتها في ممارسة تلك السياسة التي اختارها الشعب ذاته وليس واشنطن غير مقبول بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية قمة الاستهتار واللاأخلاقية.
لقد فضلت أمريكا في السابق التشجيع السريع والدعم للانظمة الديكتاتورية المقيتة التي ارتكبت أبشع الجرائم ضد شعوبها.
أما في أيامنا الحالية فتقوم أمريكا بتدليلها وجرها لتنفيذ "العمليات" الدموية ضد البلدان والشعوب الأخرى التي تمارس سياسة وطنية مستقلة.
تعتبر سياسة الارهاب الدولي خرقاً وقحاً لمبادئ القانون الدولي المتخذة بالاجماع وللمبادئ الاساسية لميثاق هيئة الامم المتحدة.
وهذا ـ نداء موجه للمجتمع الدولي كله، مخالفة صارخة وجرائم ضد الشعوب وخرق فظّ للالتزامات الدولية التي تستنكر أعمال العدوان والتدخل المسلح في شؤون الدول الأخرى.
ولتنفيذ سياسة الارهاب الدولي على نطاق واسع استدعيت جميع دوائر الولايات المتحدة الأمريكية السياسية الخارجية والعسكرية والاستطلاعية والدعائية.
تطلب ذلك من الادارة الأمريكية الحالية قاعدة مادية ضخمة للعسكرة، العدوان والتدخل.
لقد أُعطي مكان خاص لتطوير القوات المسلحة الأمريكية في البرامج الكبيرة الخاصة بالعسكرة والعدوان. وهذا يعتبر قاعدة لسياسة التدخل ولسياسة الارهاب الحكومية.
أما القبضة الرئيسية المنفذة لهذه السياسة ـ فهي قوات الانتشار السريع المدربة تدريباً قاسياً، المشاة البحرية، "القبعات الخضر"، الوحدات التخريبية المختارة القادرة على تنفيذ التدخل السريع في أي منطقة من العالم.
هذا الفيلق البوليسي المميز وعصا رجل البوليس الخاصة مدعوان لتأمين تدخل الولايات المتحدة الفظ في شؤون الدول المستقلة. تولي ادارة ريغان اهتماماً بالغاً باداة العدوان هذه مزودة إياها بأحدث الاسلحة والمعدات الحربية.
وفي السنوات الأخيرة تنشطت دوائر الولايات المتحدة الأمريكية المختلفة التي تشكل ما يسمى بالمجموعة الاستخبارية. وتم بالدرجة الاولى تنشيط إحدى أدوات الارهاب الدولي الرئيسية ـ وكالة الاستخبارات المركزية.
وطبقاً لاقوال الصحافة المحلية الأمريكية "نيويورك تايمز ماجازين" فإن وكالة CIA تعيش ازدهاراً حقيقياً.
ارتفعت مخصصات تمويل نشاطات "فرسان المعطف والخنجر" مع حساب التضخم النقدي إلى 1/4 الربع. وجدد مجلس المستشارين للاستطلاع بمعرفة الرئيس، ذلك المجلس الذي ينسق على أعلى مستوى للسلطة جميع أشكال الاعمال التخريبية للادارات الأمريكية الخاصة.
وبموجب الامر التنفيذي الصادر في 4/12/1981 رفع ريغان جميع القيود عن نشاطات الـ CIA التي تم وضعها في السبعينات بعد انكشاف الفضائح المخزية.
وفي عام 1982 اتخذت ادارة ريغان قانوناً جديداً ـ حول جعل أعمال دوائر المخابرات الأمريكية سرية.
وهناك 10 سنوات سجن وغرامة تصل حتى 50 ألف دولار تهدد الآن كل من يبوح بأسماء الاشخاص المتعاملين مع وكالة الاستخبارات الأمريكية، "حتى ولو جاءت المعلومات حول ذلك من مصادر رسمية".
أعطى ريغان الحرية الكاملة لممارسة كل أنواع العمليات القذرة في الخارج.
واستناداً إلى الجهاز العسكري الجبار ـ أحدث الاسلحة، جيش مدرب جيداً، قوات تدخل خاصة وقوات تخريبية ـ كشفت الولايات المتحدة عن أعمال العدوان والتعسف تجاه الدول المستقلة، محولة الارهاب إلى جزء لا يتجزأ من سياستها الخارجية.
لقد مات على أيدي القتلة المأجوري التابعين لوكالة الاستخبارات المركزية عدد لا بأس به من قادة النضال التحرري للشعوب.
كان من بينهم رئيس مجلس وزراء جمهورية الكونغو (زائير) باتريس لومامبا (1961) ورئيس جبهة تحرير موزامبيق إي. موندلان (1969) والثوري الكوبي تشي غيفارا (1967) والسكرتير العام للحزب الافريقي لاستقلال غينيا وجزر الرأس الاخضر أميلكار كابرال (1973) ورئيس تشيلي سلفادور أليندي (1973) والرئيس الأول لجمهورية بنغلاديش الشعبية م. رحمان (1975) والوزير السابق في حكومة س. أليندي أورلاندو ليتيلر (تشيلي 1976)، و72 ممثل للحزب الجمهوري الإسلامي الحاكم بما في ذلك رئيسه آية الله محمد بيخشتي (إيران 1981).
هؤلاء كانوا فقط القادة، ولكن كم هو عدد الذين قتلوا من أنصارهم وقادة آخرون غير معروفين في العالم!
أما التسلط الحقيقي لسياسة الارهاب الحكومية الأمريكية فقد انتشر في أمريكا الوسطى. مارست واشنطن هنا كل أشكال العنف وكل أنواع الجرائم بهدف وضع المنطقة كلها تحت السيطرة الأمريكية وقتل أي رغبة عند شعوبها في الحرية والاستقلال وتدخل الانظمة الرجعية في أحلاف خاصة للولايات المتحدة الأمريكية.
يزداد على أراضي هذه المنطقة التواجد العسكري الامريكي وتبنى فيها مهابط مطارات وقواعد ـ قواعد لتنفيذ الغارات العدوانية ضد الدول المستقلة.
ويجري في معاهد خاصة على الاراضي الأمريكية وتحت قيادة المدربين الامريكيين "تدليل" عصابات التأديب الارهابية التي تترك خلفها آثاراً دموية في أي بلد من بلدان هذا الاقليم الذي أرسلتها إليه وكالة الاستخبارات المركزية.
أصبح الهدف الرئيسي لهذه السياسة القرصنية في أمريكا الوسطى هو نيكاراغوا التي تعرضت بصورة مستمرة للتخويف والتهديد والتدخل العسكري.
لكن المثال الحي والواضح للقرصنة الحقيقية في العلاقات بشكل مخالف للقوانين وللاخلاق هو العدوان الامريكي المشين على غرينادا ـ الدولة الجزائرية الصغيرة الخالية من السلاح.
ولم يخطط للغارة على غرينادا كعملية إرهاب عادية. فقد أعطيت لهذه العلمية أهمية خاصة ـ أثبتت واشنطن لكل العالم أن الامبريالية الأمريكية مستعدة للقيام بأي عمل خسيس وجريمة للوصول إلى أهدافها الاستعمارية إرضاءً لغطرستها العدوانية.
ومن ضحايا سياسة الارهاب الدولي أيضاً كان لبنان. فالامبريالية الأمريكية شاركت بفعالية في العدوان على لبنان لأنها لم توقف مساعدتها المباشرة لاسرائيل ولأنها دخلت إلى أراضي لبنان بحماية ما يسمى بـ "القوات المتعددة الجنسيات".
ومع مجئ الدوائر الاكثر عدوانية إلى السلطة في أمريكا تزايد وحسب كل المقاييس (الباراميترات) التدخل الامبريالي في شؤون أفريقيا المستقلة.
قامت دوائر التخريب الأمريكية المختلفة بتنشيط سياسة الارهاب وبالمؤامرات ضد الحكومات غير المرغوب فيها وبدعم الانظمة الرجعية وبالتغلغل العسكري وباشعال الخلافات ما بين القوميات. وعملياً فإن جميع بلدان القارة عانت من سياسة الارهاب الدولي.
أما هدف سياسة الارهاب الدولي الامريكي في آسيا فقد بقي كالسابق ـ افغانستان الديمقراطية حيث وسعت ادارة ريغان خلال فترة وجودها في السلطة حرباً سرية حقيقية.
وكان بمقدور الشعب الافغاني منذ زمن بعيد أن يعيش بسلام وهدوء لولا وجود التدخل المسلح المعادي للثورة في الشؤون الداخلية لهذا البلد من جانب واشنطن.
فمن أجل التغطية الدعائية لسباق التسلح الذي لا سابقة له والذي اشعلته ادارة ريغان ومن أجل النفقات العسكرية القياسية ولسياسة القرصنة المكشوفة في العلاقات الدولية كانت واشنطن بحاجة لنفس القدر من الوسائل القياسية التي لا سابقة لها من النفقات والاستهتار.
فالاستفزاز الحانق حول الصراع "مع الارهاب الدولي" الذي نشر ريغان دعاية له في اليوم الثامن لظهوره في البيت الابيض كان يجب أن يتفق مع هذا الهدف حسب أقوال السكرتير الحكومي السابق أ.هيغ.
وقد عزا هيغ إلى الاتحاد السوفييتي وفقاً لرغبة سيده، التهمة التي لا أساس لها والكذب في "اعداد وتمويل وامداد الارهاب الدولي". لم تنزل القيادة الأمريكية أبداً من قبل إلى مثل أساليب الكذب البدائية والدنيئة هذه ضد الاتحاد السوفييتي، الدول الاشتراكية وضد الشعوب المناضلة من أجل تعزيز استقلالها السياسي والاقتصادي.
وتدوي الآن كلمات في . إ. لينين بحدة وحيوية: "عندما يسقط التأثير الفكري للبروجوازية على العمال ويتقوض ويضعف فإنها ستلجأ دائماً وفي كل مكان إلى الكذب المخيف والنفاق".
واضح تماماً أن ادارة ريغان لم تستطع ايراد ولو حقيقة واحدة لتأكيد ادعاءاتها. وبالتالي فالتهمة لا أساس لها من الصحة. وصرح وزير الخارجية الامريكي السابق نفسه أنه لا وجود لأية براهيم على ذلك.
وبتوجيه من البيت الابيض قدم المنافقون المحترفون من الدوائر الأمريكية المختلفة معلومات حول مشاركة الاتحاد السوفييتي الوهمية في دعم الارهاب الدولي، لكنهم، فعلياً، لم يتمكنوا من تقديم أي دليل.
لقد كلف مدير وكالة الاستخبارات المركزية ثلاث مرات بتقديم تقارير تفصيلية ولكنه فشل في المرات الثلاث أمام الرئيس. لم تكن هناك أية معلومات. كانت هذه الحملة الشرسة جزءاً من الاجزاء المكونة لما تسمى بـ "الحرب الصليبية" ضد الشيوعية التي أعلن عنها الرئيس الامريكي ريغان في البرلمان الانكليزي في صيف عام 1982.
كانت أهداف هذا الاستفزاز الايديولوجي الواسع النطاق واضحة تماماً: المبالغة بالافتراء حول تصدير الارهاب وإخفاء الارهاب الحقيقي الحالي الذي تمارسه الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها ـ الانظمة الدولية الديكتاتورية في إسرائيل، السلفادور، تشيلي وبلدان أخرى، وإلقاء الظل بعمق على السياسة الانسانية السلمية للاتحاد السوفييتي والانتقاص من حركات التحرر الوطني وحكومات الدول التي تنتهج سياسة مستقلة؛ وتشويه مضمون الحركات الشيوعية الدولية التقدمية والمعادية للحرب وبنفس الوقت إفساد المناخ الدولي بواسطة العداوة والبغض بين الشعوب حيث خلقت بالتالي ظروفاً مناسبة لتحقيق البرامج العسكرية وممارسة السياسة العدوانية السياسية الخارجية.
وعندما تنكرت واشنطن بثياب "المناضل ضد الارهاب" نسيت الارهاب الداخلي المسيطر في أمريكا ذاتها بأشكال حقيرة ونسيت ملايين الامريكيين الذين يعيشون في جو الرعب ويتعرضون في كل ساعة وفي كل دقيقة لخطر الاعتداء في الشوارع ولسرقة بيوتهم.
وحتى "الساهرون على الامن" ـ رجال الشرطة الذين اعدموا بالرصاص أو ضربوا حتى الموت في السبعينات بدون محاكمة 6 آلاف من السكان الامريكيين بما فيهم الاطفال والشيوخ، أرهبوا سكان الولايات المتحدة الأمريكية.
وقد مورست خلال العقود الكثيرة في أمريكا سياسة ابادة الناس بالجملة والارهاب تجاه سكان أمريكا الاصليين ـ الهنود، الاسكيمو وغيرهم. بلغ تعداد أفراد هذه القوميات قبل اكتشاف أمريكا أكثر من 12 مليون إنسان، أما في الوقت الحاضر فلا يتجاوز عددهم 1.4 مليون إنسان.
لقد طردوا إلى اراضي خاصة محجوزة وحكم عليهم بالموت. ولا تزال توجد في أمريكا ظاهرة فظيعة ـ هي العبودية.
أقر ذلك رابطة العمال الرسمية التابعة لهيئة الامم المتحدة المختصة بالعبودية في عام 1982 التي أكدت على أساس معطيات وثائقية أن حوالي 200 ألف أمريكي تقريباً فقط في الساحل الشرقي للولايات المتحدة الأمريكية يعملون في ظروف أقرب إلى ظروف العبودية.
إن ادارة الولايات المتحدة الأمريكية ترهب باستمرار سكان البلاد حيث تقوم بالتفتيش والاستماع إلى المحادثات الهاتفية والاعتقالات.
ويوجد تحت تصرف دوائر المخابرات الأمريكية اضبارات شخصية لـ 34 مليون مواطن و78 مليون بطاقة مدموغة ببصمات الاصابع وحوالي 150 ألف عميل وآلاف المخبرين المأجورين بالاضافة إلى أحدث نظام للكومبيوتر المحشو بالمعلومات حول كل ما يجري في بيوت الامريكيين.
وأخيراً فقد أصبح أربعة رؤساء للولايات المتحدة الأمريكية ـ أ. لينكولن، ج. جارفيلد، أو. ماك ـ كينلي، ج. كينيدي ضحايا الاعمال الارهابية في أمريكا. وعندما بدأ الرئيس ريغان بنشر المواعظ حول الصراع مع الارهاب لم يتوقع أنه سرعان ما سيتعرض شخصياً للاعتداء الارهابي في بلاده وكان على وشك أن يصبح ضحية له.
إنهم يتظاهرون بـ "النضال ضد الارهاب" وأن هذا كله مجهول بالنسبة لهم، كما يضخمون الافتراء حول تصدير الارهاب ـ إن بيان وكالة تاس الصادر في 2/2/1981 يتضمن جواباً وافياً لهذا الافتراء: "إن كل التأكيدات حول توريط الاتحاد السوفييتي في الاعمال الارهابية ـ هي خداع دنئ وسئ النية… كان الاتحاد السوفييتي وسيبقى المعارض المبدئي لنظرية وتطبيق الارهاب بما في ذلك في العلاقات الدولية.
إن الارهاب غريب عضوياً على عقيدة السكان السوفييت وعلى سياسة الدولة السوفييتية".
إن أي شكل من أشكال التدخل في شؤون الدول الأخرى وما يسمى بـ "تصدير الثورة غريب كلياً عن الاتحاد السوفييتي. والشعب السوفييتي مقتنع أن المستقبل يكمن خلف الاشتراكية، لكنه يرى أن "تصدير الثورة" مستحيل تماماً.
فالاشتراكية تنمو فقط على أرضية القوانين الموضوعية للتطور الاجتماعي لكل بلد على حدة.
لقد ألح الاتحاد السوفييتي أثناء القضايا المتعلقة بمكافحة الارهاب على اتخاذ أشد الاجراءات لاخماده في الندوات الدولية. وبمبادرة منه تم اتخاذ القرارات ضد هذه الظاهرة الفاسدة في الحياة الدولية.
والمثال على ذلك هو ـ اتخاذ قرار بمبادرة من الاتحاد السوفييتي في الدورة التاسعة والثلاثين للجمعية العمومية لهيئة الامم المتحدة "حول انعدام امكانية قبول سياسة الارهاب الدولي وكل أعمال الدول الموجهة لنسف النظام الاجتماعي ـ السياسي في الدول الأخرى ذات السيادة".
صوت لصالح هذا القرار في 17/12/1984 117 دولة. ولم يصوت أحد ضد القرار، امتنع 30 وفداً عن التصويت (من بين الممتنعين عن التصويت ـ أمريكا وحلفاؤها المقربون في حلف الناتو، إسرائيل وتشيلي).
وقد تم في القرار استنكار سياسة وممارسة الارهاب بحزم في العلاقات ما بين الدول كأسلوب لقيادة الاعمال مع الدول والشعوب الأخرى.
طلبت الجمعية العمومية التابعة لهيئة الامم المتحدة من جميع ال دول عدم تبني أية عمليات تهدف إلى التدخل المسلح والاحتلال والتغيير الجذري أو التقويض للنظام الاجتماعي ـ السياسي للدول واسقاط حكوماتها، وخاصة، عدم شن أية عمليات حربية مهما كان نوع الحجة لهذه العملية ووقف الاعمال الجارية فوراً.
ناشدت الجمعية العمومية لهيئة الامم المتحدة بحزم جميع الدول احترام ومراعاة السيادة والاستقلال السياسي للدول وحق الشعوب في تقرير المصير وفقاً لميثاق الامم المتحدة وكذلك حقها في اختيار نظامها الاجتماعي ـ السياسي وتحقيق التطور السياسي ـ الاقتصادي والاجتماعي والثقافي بحرية وبدون تدخل من الخارج.
لقد كانت إحدى أسس سياسة الحزب الشيوعي السوفييتي الخارجية والدولة السوفييتية وستبقى هي التضامن مع الشعوب التي ألقت عن كاهلها نير التبعية الاستعمارية والتي تسير على طريق التطور المستقل.
وخصوصاً التضامن مع الشعوب التي اضطرت لصد هجمات قوى الامبريالية العدوانية التي خلقت في أكثر من منطقة من العالم بؤراً خطيرة للعنف الدموي والحرائق العسكرية.
الترتيب الزمني لاعمال العدوان الأمريكية الاساسية
التنكيل في اليونان عام 1947 ـ 1949: أصبحت اليونان بعد الحرب العالمية الثانية مضماراً للاصطدام الحاد للقوى الديمقراطية والرجعية. كانت اليونان بالذات هي الميدان التجريبي الأول حيث استخدمت واشنطن في صراعها مع الحركات الديمقراطية مجموعة الاساليب الواسعة للتدخل العسكري المباشر والارهاب.
وبعد أن حلت أمريكا محل انكلترا هنا لمنصب البوليس قامت باستفزاز المذبحة الدموية ضد القوى الديمقراطية التي لم ترغب بالمصالحة مع الاحتلال الاجنبي وترميم النظام الملكي اليميني في البلاد.
ولم يهتم المستشارون الامريكيون العسكريون بتخطيط العمليات التأديبية فقط بل وشاركوا فيها مشاركة مباشرة.
لجأت السلطات اليونانية حسب "نصيحة" واشنطن في بداية عام 1949 إلى اداة الارهاب الجماهيري مثل إنشاء "القرى الاستراتيجية" التي استخدمتها أمريكا ثانية وبفعالية في فترة الحرب مع فيتنام.
وكما اعترف السفير الامريكي السابق في اليونان ماكويغ فإن جميع الاعمال التكنيكية والتأديبية الكبيرة التي قامت بها الرجعية اليونانية والطغمة العسكرية ضد الوطنيين في الفترة ما بين عام 1947 و1949 كانت مصدقة ومهيأة من واشنطن مباشرة.
بلغ العدد الاجمالي لضحايا الحرب الاهلية في اليونان، حسب الاحصائيات الرسمية، حوالي 154 ألف إنسان أي أكبر بـ 3.5 مرة من الخسائر التي لحقت باليونان خلال الحرب العالمية الثانية.
حوالي 40 ألف إنسان أودعوا السجون والمعتقلات و6 آلاف وطني أُعدموا بموجب أحكام محاكم عسكرية.
وأكثر من 60 ألف ديمقراطي ملاحق أُجبروا على مغادرة وطنهم.
أما الضرر المادي الذي أصاب البلد فقد كان ضخماً كثيراً حدث هذا كله بموافقة وبمشاركة مباشرة من الولايات المتحدة الأمريكية التي سعت إلى فرض النظام الرجعي المتطرف على اليونان وتحويلها إلى "قاعدة استناد" أخرى لاستراتيجيتها الشاملة المناوئة للشيوعية.
كانت أعمال أمريكا في اليونان بداية لتحقيق "مبدأ ترومان" القبيح الصيت. وهذه ـ هي إحدى محاولات واشنطن الجادة الاولى لرفع الارهاب إلى مرتبة السياسة الحكومية.
التخويف العسكري في ايطاليا ـ 1948:
في ليل 18/4/1948 اقتربت السفن الحربية التابعة للاسطول السادس الامريكي الفعال والموجودة بصورة دائمة في مياه البحر الابيض المتوسط منذ نهاية الحرب العالمية الثانية من السواحل الايطالية.
ودخلت حاملة الطائرات "ميدوي"، الطرادات "بروفيدينس"، "بورت سموت"، ليتيل ـ روك"، حاملات الالغام الضخمة، سفن الحراسة والسفن المساعدة إلى موانئ نابولي، هينوي، ليفونو، ميسيسني، باليرمو، ترونتو ومدن أخرى أو أصبحت على أبوابها.
نزل إلى الشاطئ وحدات المشاة البحرية، الشرطة العسكرية وتم تفريغ الحاملات المدرعة و"سيارات الجيب" المحملة بالرشاشات ومع انبلاج الفجر نزلت هذه القوات بصورة استعراضية إلى الشوارع والساحات.
ومن حاملات الطائرات والقواعد الساحلية اقلعت عشرات الطائرات الأمريكية التي هدرت فوق روما ومدن ايطاليا الأخرى.
وهكذا ففي ظروف التهويل العسكري الامريكي جرت في ايطاليا الانتخابات البرلمانية الشاملة الاولى بعد تسمية البلد جمهورية.
لعب التخويف العلني المسلح دوره ودعم الرجعية وساعدها للحصول على أكثر الاصوات في الانتخابات.
فحكومة الرجعيين والاكليروسيين الذين جاءوا إلى السلطة بذلوا قصارى جهدهم لمنع البلد من التطور على الطريق الديمقراطي وحولوها إلى شريك حقيقي فتي "للولايات المتحدة الأمريكية".
وكانت ايطاليا متورطة في حلف الناتو العدواني. قدمت ايطاليا أراضيها والموانئ الهامة لديها لقواعد البنتاغون العدوانية وسمحت بالاحتفاظ بالقواعد الاجنبية على أراضيها.
إضافة تعليق جديد