شاي سوري
تتلخص سيرة القائد خالد بن الوليد في سيفه، فقد كان أداة للقتل بيد قريش المشركة، ثم احتضنته قريش المسلمة كأداة للقتل أيضاً، ولم يكن له في سيرته شيء آخر خارج سياق سيفه.. فعندما قتل المسلمين الأوائل كان بطلاً في عين قريش اليمنى، وبعد انقلابه إلى الإسلام صار بطلاً في عين قريش اليسرى، وهو ما هو عليه، جندي أسطوري لا يتقن غير القتال، ولا جناح عليه في هذا، غير أن الخلل كان في زاوية الرؤية التي كانت وما زالت قريش تنظر منها، منذ زمن عدنان إلى أيام برهان، حيث رمز النسرالقرشي نفسه ما زال شعاراً يرفعه الأحفاد كما رفعه الأجداد، فنحن أمة العين الواحدة وعدالتنا تحددها مصلحتنا ورأينا وفريقنا وعصبيتنا الخالدة كرسالتنا ونسرنا العربي..
فجدنا يعرب جاء من مدينة "العين الواحدة" التي كان جل سكانها من العوران بسبب أنهم كانوا ينسون ملعقة السكر في الكأس عندما يحتسون الشاي، فيطرف ذيل الملعقة عين الشارب اليسرى أو اليمنى، بحسب اليد التي يمسك بها الكأس، وهكذا نشأ فيها حزبان للشاي: حزب العين اليمنى الذي يرى الحقائق من جهة عينه السليمة فقط، وحزب العين اليسرى الذي لا يرى الحقائق من جهة عينه اليمنى، وفي مواسم الصيد والصراع على الغنائم كانوا يتنافسون لاصطياد غزالة الحقيقة في مراعي العدالة، ولكنهم عندما يسددون كانوا يصيبون بعضهم بينما الغزالة ترعى غير بعيد عنهم، ونسرهم يكتفي بالتهام جيف الأفكار والحقائق التي خلفها صيادوا الأمم الأخرى وراءهم، الأمم التي وهبها الرب عينان للرؤية فاكتشفت بهما طيور الحرية و الديمقراطية الملونة...
وما زال السوريون يستخدمون عقل المحامي الأعور بدلاً من عقل القاضي المبصر، ولهذا ما زالوا بعيدين عن غزالة العدالة السماوية وواحة الديمقراطية اليونانية ونبع المساواة الغربية الذي يتدفق في قلوب المبصرين وما أقلهم بيننا.. قال تعالى: «إن السمع والبصر والفؤاد كلُّ أولئك كان عنه مسؤولا» والقصد الإلهي تحقيق مسؤولية العدالة والمساواة، وهاذي لا تأتي بالتآمر مع الأمريكيين والقطريين والأمريكان والبريطانيين يتبعهم الأتراك والفرنسيين وما تبقى من حثالة المجرمين في هاذا البلد الأمين..
هامش 1: "قتلتني عيناك ورب الكعبة": كذا قال مالك بن نويرة لزوجته أم تميم بنت المنهال بعدما أمر خالد بن الوليد بذبحه وتقطيع أشلائه.. وكان مالك فارساً شجاعاً وشاعراً وسيماً حتى قالت فيه العرب "لا فتى إلا مالك" ولهذا تزوجته أجمل امرأة في العرب بعدما رفضت خالداً.. ولما امتنعت قبيلة مالك من بني يربوع عن دفع الخراج لاحقهم خالد بن الوليد حتى تخوم البادية، ورغم عودتهم إلى طاعة قريش وإقرارهم بالإسلام فإن خالد بن الوليد استمر في ملاحقة مالك، حتى تواجه الجمعان والتقت عينا خالد بعيني زوجة مالك فقال الأخير جملته الشهيرة، وبقية الرواية معروفة وإن اختلف حول تفاصيلها الرواة.. والسؤال الذي ما زال يلاحقني منذ عشرين عاماً هو: من الذي قتل مالك بن نويرة؟ هل هو خالد بن الوليد، أم عينا المرأة الفاتنة، أم أن مالكاً تسبب بقتل نفسه عندما قرر الاستئثار بكل هذا الجمال وحمايته؟ إنه سؤال رمزي يفتح باب التفكير، لأن سوريا هي المرأة الفاتنة التي يتصارع الجميع على امتلاكها ويموتون دونها...
هامش 2 : بعد فتح مكة أرسل النبي (ص) خالد بن الوليد في نحو ثلاثمئة وخمسين رجلاً إلى بني جذيمة يدعوهم إلى الإسلام، ولكن خالد بما عرف عنه من البأس والحماس، قتل منهم عدداً كبيراً، برغم إعلانهم الدخول في الإسلام، ظناً منه أنهم أعلنوا إسلامهم لدرء القتل عن أنفسهم، وقد غضب النبي (ص) لما فعله خالد بن الوليد، وقال: "اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد"، وأرسل علي بن أبي طالب لدفع دية قتلى بني جذيمة.. واليوم يمكننا أن نفهم تسمية " كتيبة خالد بن الوليد " على المجموعة( الإسلافية )التي تفتك بشباب مدينة ابن الوليد وتقطع أوصالهم وتسبي نساءها ..
نبيل صالح
التعليقات
هو و من هو اققرؤ عنه قبل ان تلخصوا سيرته ...
Pagination
إضافة تعليق جديد