وصول حزب العدالة التركي إلى كرسي الرئاسة يهدد مصالح واشنطن
الجمل: برغم محاولات الإدارة الأمريكية غير المواتية، فقد نجح عبد الله غول المرشح الرئاسي لحزب العدالة والتمنية في الحصول على الأغلبية في جولة الانتخاب البرلماني الثانية لاختيار رئيس الجمهورية، وحالياً تبقى أمام عبد الله غول الفوز في الجولة الثالثة، وفقط بنسبة 50%+1 وهي نسبة يملكها الحزب، وبعدها يصبح رئيساً للجمهورية التركية بدلاً عن الرئيس الحالي نجدت سيزار، الذي انتهت فترة ولايته.
• المخاوف الأمريكية:
حالياً أدرك الأمريكيون والإسرائيليون تماماً بأن عبد الله غول سوف يصبح رئيساً للجمهورية التركية، إلا إذا حدثت معجزة أو حدث غير متوقع.. وقد بدأت مخاوف الأمريكيين أكثر وضوحاً من خلال تصريحات روس ويلسون السفير الأمريكي في أنقرا، (نشرها موقع السفارة الأمريكية الالكتروني) والتي قال فيها بأنه يتوقع من أنقرا أن تأخذ في الحسبان اهتمامات الولايات المتحدة الأمريكية، قبل القيام بتنفيذ بنود الاتفاقيات التركية- الإيرانية الأخيرة المتعلقة بالنفط والغاز ومحطات توليد الكهرباء وذلك لأن تنفيذ هذه الاتفاقيات سوف يؤدي:
- أولاً: إلى تراجع وانتكاسة جهود أمريكا الهادفة إلى تمديد أنابيب نقل نفط وغاز منطقة بحر قزوين عبر الأراضي التركية.
- ثانيا: ان عملية شراء الدول الأوروبية وأمريكا للنفط والغاز القادم عبر الأراضي التركية سوف تتعرقل، بسبب التعاون التركي- الإيراني وعلى وجه الخصوص في حالة تشديد العقوبات الدولية ضد إيران.
وتقول المعلومات بأن الحكومة التركية تواجه حالياً ضغوطاً أمريكيا متزايدة من أجل عدم التعامل في مجالي النفط والغاز لا مع إيران، ولا مع روسيا، وذلك بحيث تقصر تركيا نفسها حصراً على التعامل مع:
- تدفقات النفط القادمة من شمال العراق.
- تدفقات النفط والغاز القادمة من أذربيجان.
أصرت السلطات التركية على موقفها، متذرعة بحق تركيا في تنويع مصادر الحصول على إمدادات النفط والغاز، وتقول المعلومات بأن أنقرا قد قامت بتوقيع مذكرة تفاهم مع طهران، نصت على تمديد خطوط أنابيب النفط والغاز الإيراني وتمديد صادراتها عبر الأراضي التركية، وبالمقابل تعهدت تركيا ببناء محطة توليد كهربائي تعمل بالغاز الطبيعي، ولاحقاً بعد ذلك، تعهدت انقرا باستثمار 3،5 مليار دولار في حقول الغاز الطبيعي الموجودة في بعض المناطق الإيرانية، وأضاف الأتراك بأن الاستثمارات التركية في مجال الغاز الطبيعي الإيراني سوف تمتد لتشمل حقول مخزونات الغاز الطبيعي الإيراني القريبة من الشواطئ الإيرانية المطلة على الخليج العربي.
• حزب العدالة والتنمية واستخدام (الأسلحة السياسية الذكية):
نشر معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، تحليلاً قارن بين أسلوب تحركات حزب العدالة والتنمية بأسلوب عمل الأسلحة الذكية، وقال بأن حزب العدالة والتنمية يتبنى استراتيجية ناعمة من أجل تخليص تركيا من روابطها مع إسرائيل وأمريكا والغرب، وتحويلها تدريجياً من دولة علمانية إلى دولة إسلامية.. ويشير تحليل معهد واشنطن محذراً من الخطر الجديد الذي يتمثل في ظاهرة وجود حزب إسلامي يعلن قادته وزعماءه بأنهم سوف يحافظون ويدافعون عن العلمانية. ودعا التحليل البلدان الأوروبية وأمريكا إلى عدم تصديق أطروحات حزب العدالة والتنمية وزعماءه عبد الله غول ورجب طيب أردوغان.
• الوضع السياسي التركي القادم.. حرب الاستنزاف بين الإسلاميين والعلمانيين:
يقول المحلل التركي غاريث جينكيز في التحليل الذي نشره موقع أوراسيا ديلي بأن صعود عبد الله غول، واكتمال سيطرة حزب العدالة والتنمية الإسلامي، مثلث السلطة التركية المتمثل في البرلمان التركي (السلطة التشريعية)، ومجلس الوزراء التركي (السلطة التنفيذية)، ورئاسة الجمهورية التي تمثل القوة السيادية التركية، فإن الفترة التي تعقب ذلك سوف تشهد المزيد من المواجهات والحرب الباردة بين أركان هذا المثلث من جهة، والمحكمة العليا والمؤسسة العسكرية من الجهة الأخرى. وسوف يكون هدف حزب العدالة والتنمية القادم هو تعديل الدستور على النحو الذي يؤكد على ضرورة انتخاب رئيس الجمهورية عن طريق الاقتراع الشعبي المباشر، وهو أمر سوف يترتب عليه أنه من الصعب على أي مرشح غير إسلامي الفوز بمنصب الرئاسة.
كذلك، ولما كان من صلاحيات رئيس الجمهورية التركي الدستورية، تعيين قائد الجيش التركي، وتعيين قضاة المحكمة العليا، فإن انقضاض حزب العدالة والتنمية على هاتين المؤسستين سوف يكون بمثابة السهل الممتنع، وذلك لأنه من الصعب إقصاء الأطراف العلمانية التي تسيطر على قيادة الجيش والمحكمة العليا دون مبررات وعلى الأغلب أن يقوم حزب العدالة والتنمية باستخدام الأسلوب الناعم الذكي في القضاء على هذين المعقلين بحيث يتسنى له الانفراد بعملية صنع واتخاذ القرار الذي يراه، وتنفيذه بمأمن عن اعتراضات المحكمة العليا الدستورية، والخوف من انقلابات المؤسسة العسكرية التركية.
يرى بعض الخبراء بأن إصرار حكومة حزب العدالة والتنمية على ضرورة اقتحام شمال العراق، وضرورة التعاون مع إيران، هو أمر قصدت به حكومة حزب العدالة والتنمية توجيه رسالة واضحة إلى الإدارة الأمريكية، مفادها أن تركيا سوف تمضي قدماً في توجهاتها الرامية إلى الاندماج ضمن بيئتها الشرق أوسطية، وتخفيف روابطها مع إسرائيل، وأيضاً بأن تركيا لها دور يتوجب أن تقوم به في استقرار العراق، مهما كان الثمن، وذلك لأن تقسيم العراق، أو تعزيز قدرات حكومة كردستان الإقليمية، هي أمور تشكل تهديداً خطيراً للأمن التركي، بشكل لا يمكن لأنقرا السكوت عليه أو غض الطرف عنه.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد