نيويورك: الدول الغربية تناقش إمكانية سلخ جزء من سوريا بذريعة «المنطقـة العازلـة»
لا قرار بالتصعيد العسكري ضد سوريا. أفق التدخل يدور حول طرح «المنطقة العازلة» بحجة حماية اللاجئين، لكن المعادلة الميدانية معقدة، والخطوة المقبلة تنتظر القرار الأميركي برفع مستوى التدخل. هي تلك الفحوى الفعلية لشبه اجتماع وزراء خارجية مجلس الامن الدولي الذي غاب عنه التمثيل الأميركي والروسي منذراً بخروج توجهات القوتين العظميين عن إطار المنظمة الدولية، وما سبقه من تصريحات خلال المؤتمر الصحافي لوزيري خارجيتي فرنسا لوران فابيوس، وبريطانيا ويليام هيغ.
أما الواقع الميداني في سوريا، فكان أمس، أكثر اشتعالا بكثير من أجواء نيويورك، مع توجه واضح لمسلحي المعارضة نحو مهاجمة المطارات العسكرية في ظل العجز عن إسقاط الطائرات جواً، واحتدام دوامة العنف داخل العاصمة دمشق وفي محيطها.
وعقد مجلس الأمن الدولي، مساء أمس، جلسة لمناقشة الأوضاع الإنسانية في سوريا بدعوة من فرنسا. وفي كلمته خلال الجلسة، جدد وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس دعم بلاده قيام «حكومة انتقالية واسعة تشكل مكونات الشعب السوري». وقال إن «الانقسام في مجلس الأمن حول سوريا يجب ألا يحول دون تقديم المساعدات الإنسانية». كما أشار إلى أن «تداعيات الأزمة السورية تهدد أمن المنطقة والعالم»، مؤكداً في الوقت ذاته انه «يجب التواصل مع محكمة الجنايات الدولية بشأن الجرائم التي ترتكبها القوات النظامية السورية».
من جهتها، أعربت المندوبة الأميركية سوزان رايس عن قلق بلادها من انتقال ازمة سوريا الى الدول المجاورة وخاصة لبنان، مشيرة الى ان الحكومة وقوات الأمن في لبنان تسعيان الى منع اعمال العنف وامتدداها.
في المقابل، دعا مندوب روسيا فيتالي تشوركين الدول التي فرضت عقوبات احادية على سوريا الى رفعها فورا، مؤكدا انها تضر بالشعب السوري. وأضاف ان «الوضع الانساني يتأثر نتيجة القيود المفروضة على سوريا ونحن نعارض هذه الممارسات وهي لا علاقة لها بالجهود التي تساعد على حل الازمة انما تعقد الاوضاع وهذا الامر توصلت اليه لجنة دولية مستقلة للتحقيق بهذا الامر».
أما وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو فأعرب عن خيبة أمله في معالجة مجلس الأمن الدولي الأزمة السورية، منتقداً غياب التمثيل الوزاري لبعض الدول الأعضاء عن الجلسة. ولفت إلى انخفاض سقف التوقعات من الجلسة في ظل غياب موقف موحد إزاء الوضع الإنساني في سوريا.
من جهته، اكد وزير الشؤون الاجتماعيّة اللبناني وائل ابو فاعور ان الحكومة اللبنانية ملتزمة بإيواء وحماية وإغاثة النازحين السوريين أياً كانت انتماءاتهم السياسيّة، مطالبا مجلس الأمن بـ«مساعدة لبنان لإغاثة عشرات آلاف اللاجئين السوريين الذين استقبلهم».
واستغربت الأمم المتحدة على لسان نائب الأمين العام الاقتراحات حول إقامة مناطق عازلة، حيث أشار إلى أن «مثل هذه المقترحات تثير تساؤلات جدية»، في حين جدد وزير الخارجية الفرنسي دعوته لتأليف حكومة انتقالية في سوريا.
وكان وزير الخارجية البريطانية ويليام هيغ قال خلال مؤتمر صحافي مشترك مع فابيوس في نيويورك، «إننا لا نضع أي احتمال جانبا، ولدينا خطط جاهزة لعدد كبير من السيناريوهات». وأضاف «علينا أيضا أن نكون واضحين في التأكيد أن أي أمر شبيه بالمنطقة العازلة سيتطلب تدخلا عسكريا، وهذا بالتأكيد أمر تجب دراسته بحذر».
واوضح هيغ ان ثلاثة ملايين جنيه استرليني (4,75 ملايين يورو) ستضاف الى 27,5 مليونا سبق ان رصدتها لندن، كمساعدات للمعارضة السورية. بدوره، اعلن فابيوس ان «خمسة ملايين يورو» (6,2 ملايين دولار) ستضاف الى عشرين مليون يورو كانت لحظتها فرنسا.
واوضح فابيوس ان هذه المساهمة الفرنسية الجديدة ستقدم «الى المناطق المحررة (في سوريا) كأولوية»، اي المناطق التي باتت تسيطر عليها المعارضة المسلحة. وفي ما يتعلق بالمساعدة البريطانية فسيتم استخدام مليوني جنيه داخل سوريا بينما يخصص الباقي للاجئين في الدول المجاورة وخصوصا الاردن.
وامل الوزيران في ان يعقد اجتماع سريعا للنظر في تمويل وكالات الامم المتحدة الناشطة في سوريا والتي تتلقى فقط تمويلا يغطي نصف حاجاتها، داعيين الى مساهمات اضافية في هذا السياق. وقال هيغ ان فرنسا وبريطانيا «تدعوان الى مساهمة ملحة وسخية في الجهد الانساني للامم المتحدة». وحث كل من هيغ وفابيوس أعضاء الحكومة والجيش السوريين على الانشقاق.
وبعد المؤتمر الصحافي لفابيوس وهيغ، عقد الاجتماع الوزاري الذي دعت إليه فرنسا، بمشاركة تركية، لبنانية، عراقية، وأردنية. كما شارك المبعوث المشترك إلى سوريا الأخضر الابراهيمي في الاجتماع، من دون أن يطلع المجتمعين على أي من جهوده. واستمع المشاركون أيضا إلى نائب الأمين العام للامم المتحدة يان الياسون، والمفوض الأعلى لشؤون اللاجئين في المنظمة الدولية انتونيو غوتيريس. وتركّز الاجتماع على «الجانب الإنساني» من الأزمة السورية، حيث تم التباحث في قضية اللاجئين، ومناقشة إمكانيات إقامة منطقة عازلة.
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد