نصر الله يشن هجوماً على حكومة «فيلتمان» اللبنانية
حدد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في كلمة ألقاها أمام أعضاء اللجان المعنية بالتحرك الشعبي، ان الهدف من هذا التحرك هو الوصول الى حكومة وحدة وطنية تضمن اتخاذ القرارات، وإلا فانتخابات نيابية مبكرة. وقال ان وجود المعارضة في حكومة وحدة يمنع الاملاءات الاميركية، ووجود الفريق الحاكم يمنع الاملاءات السورية الايرانية، وهذا الامر يفرض على الحكومة اتخاذ قرارات وطنية صحيحة.
ودعا نصر الله الى الجهوزية الكاملة للنزول الى الشارع من دون ان يحدد موعدا لذلك، مشيرا الى ان القرار سيتخذ بالتشاور والتنسيق مع الحلفاء في المعارضة. وقال ان النزول الى الشارع هو لاسقاط الحكومة الفاقدة للشرعية حكومة السفير الاميركي وليست حكومة الرئيس السنيورة. وأكد ان الحرب الاهلية خط احمر وكذلك ضرب الاستقرار والتصادم والفتنة، وكل ذلك حرام.
ورأى أن فريق السلطة في حالة ضعف ووهن، وهو يتمترس خلف الطائفة السنية، ويطرح خطابا مذهبيا، وتوظف لذلك اقلام وعمائم لمهاجمة طائفة معينة. وفي ما خص المحكمة الدولية جدد الموافقة عليها من حيث المبدأ، وتوجه الى الاكثرية قائلا: شكلوا حكومة وحدة وجربونا بالنسبة للمحكمة الدولية.
استهل نصر الله كلمته المسجلة التي استمرت ساعة ونصف ساعة ونقلتها جميع محطات التلفزة بعد ظهر امس بالقول:
هناك فريقان في البلد هما فريق السلطة وقوى السلطة، وفي الجهة الثانية قوى المعارضة أو تيارات المعارضة أو فريق المعارضة، هذا الاصطفاف الجديد هو اصطفاف سياسي وليس اصطفافاً طائفياً أو مذهبياً. في فريق السلطة يوجد مسلمون ومسيحيون وفي فريق المعارضة يوجد مسلمون ومسيحيون. في فريق السلطة يوجد مسلمون ومسيحيون من كل المذاهب، وفي فريق المعارضة يوجد مسلمون ومسيحيون من كل المذاهب. أنا أشير إلى هذه النقطة لأن هناك محاولات حثيثة جدا لتحويل الاصطفاف السياسي القائم والأزمة السياسية القائمة إلى مواجهة طائفية أو مواجهة مذهبية.
في العنوان الأول نحن نريد حكومة وحدة وطنية يشارك فيها الجميع. هم يرفضون تشكيلة حكومة وحدة وطنية يشارك فيها الجميع، لأنهم يريدون أن يبقوا ممسكين بالسلطة. أنا سأحاول أن أركز بشكل أساسي على الاتهامات العامة التي نكون نحن جزءاً منها قبل الاتهامات الخاصة الموجهة إلينا بشكل مباشر.
الاتهام الاول الموقف من اتفاق الطائف، أن حزب الله أو قوى المعارضة تنفذ انقلاباً على اتفاق الطائف، هذا كلام أولاً ليس له دليل، وثانياً غير صحيح. وثالثاً نحن ننكره، ورابعاً نجدد القول نحن مع اتفاق الطائف وتنفيذ كامل بنوده. أنا أقول لك أنا أريد تنفيذ اتفاق الطائف وأنا أؤيد اتفاق الطائف وأنا أفضل منك.
التهمة الثانية، أن حزب الله، وهذا سخروا له مجموعة من الأقلام التي تكتب بالمصاري، حزب الله يريد اليوم إقامة دولته في لبنان. هذا كلام مضحك وسخيف. أولا، وبنفس الاختصار الذي تحدثنا به، في لبنان لا يستطيع أي حزب أو فئة أو طائفة أو مجموعة مهما بلغت من المكانة أو القوة أو الإمكانات أن تقيم دولتها في لبنان بمنطق الواقع والتركيبة اللبنانية وحقائق التاريخ. ثانياً، نحن لا نريد ذلك. ثالثاً كل سلوكنا السياسي منذ تأسيس حزب الله 1982 إلى اليوم يقول إننا نسير في الاتجاه الآخر، يعني دائماً كان يقال لنا: أنتم منشغلون في المقاومة، تعالوا واهتموا بالمسائل السياسية الداخلية. لماذا تتجنبون الحياة السياسية الداخلية؟ وجودكم في الحياة السياسية الداخلية يعطيها غنى، يعطيها قرارا، ويزيدها تنوعاً. نحن دائما، كنا ندير ظهرنا للحكومة والدولة والحياة السياسية الداخلية وقضيتنا الأساسية منذ عام 1982 كانت المقاومة. متى كان سلوكنا سلوك من يريد أن يقيم دولته في لبنان أو يرفض دولته على لبنان. لا أريد أن أتحدث عن سلوك الآخرين كيف كان في لبنان. من كان لديه كانتونات، وإدارات مدنية والذي لديه حكومات ذاتية، ومن لديه دكاكين وغير ذلك. أبداً، لم يكن سلوكنا هكذا على الإطلاق.
الاتهام الثالث، أن حزب الله، يريد وضع يده على الحكومة، ويسيطر على قرارها، يريد أن يكون له حق الفيتو في الحكومة. هذا كلام أيضاً غير صحيح. منذ العام 1982 لم نكن نفكر أن ندخل إلى الحكومة أصلاً، حتى نفكر في يوم من الأيام أن نسيطر على الحكومة اللبنانية. نعم أول حكومة شاركنا فيها كانت حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، لأنها كانت حكومة انتقالية وفي مرحلة حساسة في البلد، ودخلنا إلى حكومة الرئيس السنيورة لأن البلد دخل في مرحلة مصيرية جديدة لا يمكن أن نقف فيها على الحياد. هناك تحولات كبرى حصلت في لبنان والمنطقة، فرضت علينا وألزمتنا أن ندخل إلى الحكومة. لاحقاً، من خلال تجربتنا داخل هذه الحكومة، عندما دخلنا إليها دخلنا على أساس اتفاق سياسي، ولم نتحدث لا على ثلث مشارك ولا عن ثلث ضامن ولا عن ثلث معطل، كانت هناك عناوين سياسية محددة تم الاتفاق عليها، لكن للأسف الفريق الحاكم الحالي نقض ما اتفق عليه، وهذا الأمر يحصل في الحياة السياسية. ووجدنا أنفسنا عملياً في داخل حكومة لا نستطيع أن نكون فعالين فيها ولا مؤثرين بما يخدم المصلحة الوطنية الكبرى. ونحن خلال وجودنا في هذه الحكومة، وهذا رئيس الحكومة موجود وهو يقول إنه منصف، هم يعرفون أن وجودنا في الحكومة كان بشكل أساسي بطابع سياسي. كل ما طالبنا به أن هناك قوى سياسية أخرى أساسية في البلد نتفق معها على أشياء ونختلف معها على أشياء أخرى، لكن نحن نرى أن وجودها في داخل حكومة وحدة وطنية يشكل ضمانة وطنية. أنا أريد أن أكشف أمامكم أكثر من ذلك: أنا قلت للأخ العزيز الحاج محمد رعد رئيس كتلة الوفاء للمقاومة الذي كان يمثل حزب الله أفضل وأصدق تمثيل في طاولة التشاور وللأخوة معه: إذا قبلوا بالمبدأ، يعني إذا قبل فريق السلطة بمبدأ حكومة الوحدة الوطنية، وأتينا لنركّب حكومة وأصبح هناك مشكلة في العدد قولوا لهم على الطاولة نحن جاهزون أن نسحب وزراء حزب الله من الحكومة لمصلحة مشاركة قوى سياسية أساسية أخرى في البلد، ونحن حاضرون أن نعطي الثقة للحكومة وندعمها ونحن خارجها. من يفكر بهذه العقلية هو لا يبحث لا عن حصة ولا عن منصب ولا عن سلطة ولا عن فيتو. هناك أمور أساسية نحن بحاجة أن نضمنها في لبنان. وجود قوى سياسية أساسية متنوعة في الحكومة يشكل ضمانة وأنا حاضر أن أخرج وليشارك الآخرون مكاني إذا كان هناك ضيق في المكان، وأنا يهمني النتيجة ولا يهمني أن أكون موجوداً كحزب في ما يسمى بحكومة الوحدة الوطنية. إذاً هذا أيضاً اتهام لمجرد الاتهام، ليس له أي أساس من الصحة.
الاتهام الرابع، هو الأسخف مما ورد، أن الهدف من المواجهة السياسية الحالية هو خدمة الملف النووي الإيراني، هذا أسخف اتهام. كأنه إذا تغير رئيس الحكومة يمشي الملف النووي الإيراني! وإذا بقي رئيس الحكومة ذاته يعلق الملف النووي الإيراني! ما هذا الكلام؟! الملف النووي الإيراني تعالجه قوى كبرى في العالم، وفيه تداخلات دولية وإقليمية معقدة جداً. لبنان كله في قلب هذه المعمعة الدولية الكبرى ليس له مكانة، نأتي الآن ونربط التحرك السياسي في لبنان الذي يطالب بحكومة وحدة وطنية أن له علاقة بالملف النووي الإيراني؟
الاتهام الخامس الذي هو سخيف ومضحك، أن التحرك السياسي الحالي في لبنان يستهدف إكمال حلقات الهلال الشيعي!.. هذا الكلام كله سخيف. تصوروا مثلا، نحن نطالب بدخول التيار الوطني الحر إلى الحكومة، ما علاقة هذا المطلب بالهلال الشيعي!؟ كذلك نحن نطالب بدخول اللقاء الوطني اللبناني المتنوع، والذي صدفة لا يوجد فيه أي شيعي، ما هي علاقة ذلك بالهلال الشيعي أيضاً؟! إذا طالبنا أن تدخل الأحزاب الوطنية اللبنانية التي بعضها علماني وبعضها قومي وبعضها شيوعي وبعضها اشتراكي وبعضها يساري وبعضها ناصري وبعضها إسلامي، أن تدخل إلى حكومة وحدة وطنية، ما علاقته بالهلال الشيعي؟! إذا انا أطلب بأن هناك قوى إسلامية سنية وازنة موجودة في الساحة يجب أن تتمثل، وهناك رؤساء حكومات سابقون محترمون ولهم تمثيل كبير في البلد يجب أن يتمثلوا، ما علاقة هذا بالهلال الشيعي. لكن الكلام عن الهلال الشيعي هو كلام مقصود سنعود له بعد قليل.
العنوان الأخير في الاتهامات هو تعطيل المحكمة الدولية. عندما حصلت الحرب وبعد الحرب حصل احتفال الانتصار والجدل السياسي في البلد لم تكن المحكمة الدولية مطروحة أصلاً، كانت الناس تنتظر المسودة والمشاورات القائمة بين الدولة اللبنانية وبين مجلس الأمن الدولي. عندما تحدثنا قبل شهر رمضان في 22 أيلول أن شهر رمضان للتأمل وطالبنا في خطاب 22 أيلول بحكومة وحدة وطنية لم يكن أحد يتحدث عن المحكمة الدولية. وقلنا شهر رمضان فرصة للتأمل، وبعد شهر رمضان دولة الرئيس نبيه بري دعا لطاولة التشاور كمحاولة للم الوضع في البلد. هم استعجلوا مع مجلس الأمن ومع أصدقائهم الدوليين، استعجلوا مسودة المحكمة الدولية وأتوا بها إلى طاولة التشاور حتى يفجروا طاولة التشاور ويهربوا من الاستحقاق المنطقي والطبيعي بعد حرب كالتي حصلت في لبنان. وهو استحقاق تشكيل حكومة وحدة وطنية. الطاولة آتية لتناقش حكومة وحدة وطنية وقانون انتخاب. حتى فريق السلطة عندما أراد أن يضيف شيئاً إلى الجدول لم يطلب إضافة المحكمة الدولية وإنما طلب رئاسة الجمهورية، لأن موضوع المحكمة الدولية انتهى على طاولة الحوار وأخذنا قرارا بالإجماع بالمبدأ، وأن على الحكومة اللبنانية أن تتابع هذا ألأمر مع الجهات الدولية المعنية. الموضوع منته وليس نقطة تحاور أو تشاور ولا نقطة نقاش، هم استعجلوا وأتوا به إلى الطاولة.
ماذا حدث على الطاولة بالضبط؟ هنا يوجد تفصيل يجب أن يعرف الناس به: الذي حصل بدقة هو أن نهار الخميس دخل أحد أقطاب فريق السلطة على دولة الرئيس نبيه بري والأخ أبو حسن رعد وقال لهم يا إخوان أعطونا المحكمة الدولية وخذوا أكثر من الثلث المعطل؟ قيل له في تلك الجلسة وبعدها في الليلة ذاتها: يا أخي إذا كنت تتحدث عن المبدأ، المبدأ نحن أجمعنا عليه في طاولة الحوار. وعندما تأتي المسودة على مجلس الوزراء نحن وزراء أمل وحزب الله يعدون بأنهم سيناقشون هذا الأمر بكل إيجابية وجدية وعلمية وموضوعية وتسهيل، وإذا أنت غير مكتف بهذا الكلام من ممثلي حزب الله نحن حاضرون أن نؤمن لقاء وتسمع هذا الكلام مباشرة من السيد حسن، وهذا ليس له علاقة بالمقايضة. نحن نطالب بحكومة وحدة وطنية لأنه مطلب لبناني محق ومطلب دستوري وسياسي وأخلاقي وديموقراطي، وهذا مخرج لإنقاذ البلد. هذا موضوع آخر، لكن نحن جاهزون للذهاب به إلى الآخر. يوم الجمعة، قالوا إن هناك مسودة ستأتي، على الرغم من أن الكلام السابق كان يتحدث عن أن مسودة المحكمة ستأتي بعد شهر أو شهرين، استعجلوا وجاؤوا بالمسودة. أعطونا المسودة يوم الجمعة، وحتى نترجمها ونعطيها لقانونين ونتناقش نحن وأمل بالحد الأدنى لنعطي رأينا، إذا أردت أن نعطي رأينا بهذه المسودة فكيف تضعها على جدول أعمال مجلس الوزراء يوم الاثنين وتفاجئنا يوم السبت أنك وضعتها على الجدول في جلسة استثنائية يوم الاثنين؟ يعني هذا أنك لا تريد مني أن أناقش بشكل موضوعي وعلمي وأبحث عن ضمانات العدالة في مسودة المحكمة الدولية. أنت تريد أن تجيء بي يوم الاثنين أو يوم الخميس أو الوقت الذي تريد وتقول لي هذه المسودة يا بتوافق عليها يا لا توافق. وإذا ناقشتك أكون عما بعطّل المحكمة الدولية. نحن قبلنا أن نستلم المسودة وأخذناها يوم الجمعة، فأعطونا بضعة أيام؟ هذا الموقف مشابه لما حصل في الاثنين والخميس أيام الاعتكاف.
مع ذلك نحن لم نستقل من الحكومة بسبب هذه الحادثة. الذي حصل بدقة، نحن نتناقش كيف بدنا نكون إيجابيين ومتعاونين في موضوع المحكمة الدولية، وهذا القطب يقول لنا أنا حاضر أن أمشي في حكومة الوحدة الوطنية يوم السبت وطبعاً قبل يوم السبت، كان هناك اتجاه آخر في فريق السلطة. هناك أقطاب في فريق السلطة كان لديهم استعداد أن يقايضوا حكومة الوحدة الوطنية برئاسة الجمهورية، وهناك أقطاب آخرون في فريق السلطة يريدون أن يقايضوا حكومة الوحدة الوطنية بالمحكمة الدولية. لكن الجمعة في الليل، جاءت التعليمة: لا تقايضوهم على شيء، نحن لا نريد أن نقايض. من قال لك اننا نريد أن نقايض؟ من قال إننا
موافقون على أن نقايض حكومة الوحدة الوطنية بانتخابات رئاسية مبكرة؟ هذا لم نقبل به على طاولة الحوار. حكومة الوحدة الوطنية مطلب محق والمحكمة الدولية مطلب مستقل آخر نحن قبلنا به وجاهزون للتعاون. جاءت التعليمة، سأتحدث اليوم على المكشوف لأني أريد أن يعرف اللبنانيون كلهم هذه الوقائع، جاءت التعليمة من السفارة الأميركية في بيروت، هذا ليس افتراءً، ولدينا معلومات ومن أكثر من مصدر. قيل لهم السياسة الأميركية لم تتغير ومهما حصل في الانتخابات لا تصغوا إلى ما يقال عن اتصالات على مستوى المنطقة، نحن معكم ونطلب منكم ألا تتنازلوا على الإطلاق. جاؤوا يوم السبت، وقال أحدهم لقد قرأنا في الصحف عن المقايضة غير الأخلاقية، صحيح، هي غير أخلاقية، لكن لسنا نحن من طرحها، أصحابك هم من تحدثوا بها. وللأسف الشديد الذين طرحوا المقايضة غير الأخلاقية تنكروا لها واستنكروها لاحقاً. هنا، تكتشفون المستوى السياسي الموجود في البلد والذي نتعاطى معه. نحن أمام فريق سياسي في السلطة، يمكن أن تجلس معه عشر ساعات وعشرين ساعة وتشكل طاولة حوار وطاولة تشاور، لكن المشكلة أنك تحاور، بكل صراحة، وتشاور وتناقش وتتفق مع من لا يملك قراره بيده. هذه المعضلة السياسية الجديدة اليوم، والمؤسف أن هذا هو الواقع في ظل دولة السيادة والحرية.
يوم السبت، يُقال نحن الأكثرية ونحن معنيون بالقرارات السياسية الكبرى، لا نريد تشكيل حكومة وحدة وطنية فيها ثلث ضامن أو معطل أو مشارك. لذلك، كان خيارنا الطبيعي هو الاستقالة. هذا هو سبب الاستقالة، الموضوع ليس له علاقة بالمحكمة الدولية. لو كان له علاقة بالمحكمة الدولية، أنا أقول لهم من الآن، شكلوا حكومة وحدة وطنية وجربونا، وائتوا بمسودة المحكمة الدولية على حكومة الوحدة الوطنية وجربونا، إذا عطلنا أو عرقلنا افضحونا أمام الناس، ولو فعلنا ذلك فأنتم الأكثرية في مجلس النواب تستطيعون أن تسقطوا هذا الحكومة ساعة تشاؤون.
هذه هي مجموعة الاتهامات التي يتم التركيز عليها بشكل كبير، وهي اتهامات كلها واهية وظالمة وكاذبة وغير صحيحة، لكن ما هو الهدف من هذه الاتهامات، وما هو القاسم المشترك فيها؟ هنا سوف أتحدث قليلاً بشفافية لأننا في مرحلة مصيرية في البلد لا تحتمل المجاملات.
فريق السلطة اليوم، هو في حالة ضعف ووهن، وأنا هنا لا أكابر، وطبعاً هم بصراحة يشعرون بهزيمة نكراء بسبب ما حصل في الحرب الأخيرة التي شنتها إسرائيل على لبنان، والتي كانوا يراهنون من خلالها انها سوف تقضي على المقاومة، وتغير المعادلات بالحد الأدنى الداخلية والمحلية لمصلحتهم فيقومون هم لاحقاً بالانقضاض على بقية قوى المعارضة وإحكام السيطرة على لبنان. هذا المشروع فشل وسقط، وكل الذين تحدثوا بعد انتهاء الحرب عن الهزيمة إنما كانوا يتحدثون عن هزيمتهم هم. الذين تحدثوا عن الكارثة يتحدثون عن الكارثة السياسية التي حلت بهم هم . هم لا يتألمون لا على بيوتنا التي دمرت ولا لنسائنا وأطفالنا التي قتلت وذبحت في لبنان. لأنهم هم كانوا يرفضون وقف إطلاق النار إلا في إطار حل شامل، وهذا موجود في التلفزيونات والإذاعات والصحف. أقطاب فريق السلطة، كانوا يقفون ويقولون: نحن نريد وقف إطلاق نار في إطار حل شامل. يعني أنهم يريدون لبنان والمقاومة تفاوض تحت الضرب والقصف والقتل. نحن لسنا آتين لنتحاسب وإنما نقول عفا الله عما مضى.
لذلك فريق السلطة يرى نفسه في موقع إذا أراد أن يدافع عن نفسه، ليس أمامه سوى خيار وحيد وهو أن يتترس اليوم في لبنان بالطائفة السنية الكريمة. وبعض هؤلاء اعتادوا في حروبهم العسكرية وفي حروبهم السياسية أن يقاتلوا بأبناء الطوائف الأخرى. اليوم الأمل الوحيد، وأنا من خلال هذا الكلام أريد أن أخاطب اللبنانيين، كما أريد أن أخطاب إخواننا وأحباءنا وأعزاءنا أبناء الطائفة السنية. اليوم، قوى السلطة خيارها الأخير وسلاحها الأخير هي أن تتترس وتتمترس وتقاتل بهذه الطائفة. لذلك، كل الخطاب الماشي الآن في البلد، هو خطاب مذهبي وليس خطابا طائفيا. هل هناك أحد يتحدث عن مسلم مسيحي؟ لا. مع العلم أنه في المعارضة يوجد مسيحيون ومسلمون وفي السلطة يوجد مسلمون ومسيحيون! كل الخطاب في البلد يحاولون أخذه في اتجاه شيعي سني، والذي يتحدث فيه ليس من الشيعة ولا من السنة، ولكن يأخذون البلد في هذا الاتجاه. يأتي الخطاب السياسي اليوم، وتوظف له أقلام وعمائم أيضاً تتحدث لغة مذهبية واضحة وصريحة جداً، عندما تهاجم طائفة أخرى؟! هل هذا لمصلحة البلد؟ هذا منطق وطني أو منطق مذهبي؟! عندما يأتون اليوم في الخطاب السياسي ويقولون إن اتفاق الطائف أعطى مكسبا سياسيا مهما للسنة في لبنان، فيصور التحرك السياسي اليوم على ان هدفه الانقلاب على الطائف من أجل نزع المكسب السياسي الذي حصل عليه السنة في لبنان من اتفاق الطائف! هذا كذب. نحن مع اتفاق الطائف، نحن مع الصلاحيات التي أعطاها اتفاق الطائف للحكومة اللبنانية التي يرأسها بحسب العرف الطائفي اللبناني مسلم سني. وإذا اردتم أن نحلف لكم يمينا فنحن جاهزون لذلك. خلصونا من هذا الكذب والافتراء. كل شيء يثير السنّة في لبنان يحدثونهم عنه... اليوم كل قوى المعارضة تصبح شيعية والهدف من التحرك هو ضرب أهل السنّة في لبنان من خلال اتفاق الطائف من خلال إقامة حزب الله لدولته من خلال المحكمة الدولية من خلال الملف النووي الإيراني من خلال كل هذه الأكاذيب التي يحاولون نشرها. هذا غير صحيح على الإطلاق. هذا الجوهر، يعني لماذا هم يسوقون هذه الاتهامات، حتى إن بعض هؤلاء الزعماء السياسيين الذين لا ينتمون إلى الشيعة أو السنة ذهبوا إلى بعض الدول الخليجية العربية وقالوا للملوك والأمراء هناك، عليكم أن تتداركوا ما يحصل في لبنان. ان حزب الله يعمل في لبنان على تحويل السنة إلى شيعة. وطبعاً، لأن الكذّاب عادة لا يكون موفقا في كذبته، قالوا لهم ان الدليل ما يحصل في عكار؟!
في كل الأحوال، أنا أحببت أن أتحدث بهذه الشفافية لأننا في مرحلة حساسة ولا نستطيع أن نخفي الأمور. هناك محاولة لتقديم الصراع السياسي أو المواجهة السياسية أو الأزمة السياسية القائمة في لبنان وكأنها بين الشيعة والسنّة، وهذا غير صحيح على الإطلاق. وأيضاً من الخطأ تقديم الشيعة كأنهم جميعاً في موقع واحد، أو السنة كأنهم في موقع واحد على المستوى السياسي. هناك قوى سنية وطنية، وهناك قوى سنية إسلامية، هناك شخصيات سنية وطنية، هناك شخصيات سنية إسلامية، شرائح سنية واسعة جداً خيارها ليس خيار فريق 14 شباط ولا فريق السلطة الحالية، وأن كان هؤلاء الآن يتعرضون للتنكيل بسبب خيارهم السياسي. ويمكن أن تصدر شائعة غداً أن فلانا عالم الدين أو القائد السياسي أو رئيس الحكومة السابق يُقال له أنت لم تعد سنياً أنت أصبحت شيعيا نتيجة خيارك السياسي. هذا ظلم كبير. لكن للأسف الشديد، أن من لا يتورع، من لم يتورع في السابق عن ارتكاب الجرائم وارتكاب المجازر وأخذ لبنان إلى الحرب الأهلية لم يكن لديه مشكلة في إثارة نعرات وحساسيات وأكاذيب وأضاليل من هذا النوع. نحن في لبنان، حزب الله خياره خيار وطني سياسي قومي واضح وليس خياراً طائفياً. اليوم نحن في لبنان في صلب المعركة التي يخوضها الشعب الفلسطيني وحركات المقاومة في المنطقة في مواجهة المشروع الأميركي الصهيوني. هذا ليس نقاشا شيعيا سنيا، هذا موضوع وطني قومي إسلامي، موضوع يعني كل عربي وكل لبناني وكل مسلم.
العنوان الثاني، ما هو تشخيصنا للمشكلة الحالية وما هو الهدف الذي نريد أن نصل إليه؟
نحن بكل بساطة نعتقد أن الحكومة الحالية لا يمكن ائتمانها على القرار السياسي الأساسي في لبنان. هذا ليس من باب التخوين، لأن هذه الحكومة مشكلتها الرئيسية أنها تلتزم بقرارات وإملاءات الإدارة الأميركية التي ترسل لنا كوندليسا رايس يوماً، ويوماً آخر ترسل لنا والش وفي أغلب الأحيان تكتفي بالسفير فيلتمان. اليوم لا يوجد في لبنان حكومة وطنية وإن ادعت الوطنية، ولا حكومة سيادة وإن ادعت السيادة، ولا حكومة استقلال وان ادعت الاستقلال. وأنا في وقت ثان أستطيع أن أقدم مجموعة شواهد عن أمور كنا نتناقش فيها ونتفق عليها ثم يخرجون من الاتفاق بدعوة وحجة أن الأميركيين لم يوافقوا.
هذه الحكومة لا تستطيع أن تأتمنها على البلد، على القرار السياسي لا أثناء حرب ولا بعد حرب ولا بإعمار ولا بسياسة اقتصادية. نحن الآن أمام حكومة من هذا النوع، لا نعرف إلى أين تأخذ البلد، تجتمع وتأخذ قرارا سواء كنا موجودين أم لم نكن.
لذلك بكل بساطة اليوم نحن نقول يا إخوان تعالوا لنحل المشكلة في البلد. نعود لنتحدث بهدوء من أول وجديد، لسنا آتين للمحاسبة، نحن لا نريد أن نحاسب، تريدون محاسبتنا تعالوا وحاسبونا، نحن لا نريد أن نحاسب. كل شيء حصل قبل الحرب وبعد الحرب ضعوه جانباً، نتحدث بنفس هادئ وعندما ذهبنا إلى التشاور قلنا الشيء نفسه: أمامنا خياران للخروج من المأزق السياسي الموجود في البلد، تفضلوا إما نؤلف حكومة وحدة وطنية تشارك فيها القوى السياسية الأساسية في البلد مشاركة حقيقية وليست شكلية، هذا خيار لا زال متاحاً، والخيار الثاني انتخابات نيابية مبكرة. ألستم تقولون انكم أكثرية شعبية؟ فلنلجأ للشعب. لا أحد يتكلم عن سلاح، ولا أحد يتحدث عن شغب، ولا أحد يتحدث عن انقلاب، ولا أحد يتحدث بثورة شعبية ولا أحد يتحدث عن تمرد. إما أن نشكل حكومة وحدة وطنية جامعة وإما أن نلجأ إلى الشعب اللبناني في إطار انتخابات نيابية مبكرة لمعالجة الأزمة القائمة.
هدف التحرك السياسي الشعبي هو هدف تحت سقف الدستور والنظام والقانون، وهو هدف متواضع جداً: إما إقامة حكومة وحدة وطنية جدية وإما إجراء انتخابات نيابية مبكرة.
يبقى هناك إشكال وهي تهمة أنا تركتها للآخر لأناقشها في إطار الهدف، وهي أنتم عندما تقولون انكم تريدون حكومة وحدة وطنية ومشاركة جدية، أنتم تريدون إرجاع الوصاية السورية على لبنان. وهذه أكبر تهمة هم يركزون عليها، وزادوا عليها الوصاية الإيرانية، رغم أن الإيرانيين لا يتدخلون ولا يناقشون. هناك محاولة لإدخال الإيرانيين في المعالجات، لكن الإيراني لم يعرض نفسه حتى يعمل وسيطا أو يتدخل في الملف. تتحدثون بالوصاية السورية، نحن نقول: نحن لسنا قوى الوصاية السورية ولا قوى الوصاية الإيرانية. لكن اليوم، أريد أن أتنازل، فلنفترض كما تقول، نحن قوى المعارضة، بعضها بالحد الأدنى، تقولون أنها تريد أن تجلب الإملاءات السورية على الحكومة اللبنانية، ونحن نقول عنكم أنتم تجلبون الإملاءات الأميركية على الحكومة اللبنانية، ولن نقول أكثر من الأميركية. إذا شكلنا حكومة وحدة وطنية، وجودكم في الحكومة سيمنع الإملاء السوري، ووجودنا في الحكومة كقوى معارضة سوف يمنع الإملاء الأميركي، وبالتالي سيفرض على حكومة الوحدة الوطنية أن تأخذ قرارات وطنية صحيحة. وستجدون أننا في المسائل الأساسية التي تخدم المصالح الوطنية لن نختلف. كل ما نبحث عنه هو شراكة وطنية جدية. وأختم في هذا الهدف وأقول، إذا توقف قيام حكومة وحدة وطنية جدية حقيقية، المكان والتركيبة بسبب الوضع الطائفي والمذهبي والعدد ما ساعد، إذا تواجدت القوى السياسية الأساسية في داخل هذه الحكومة بما يضمن مشاركة جدية أنا أقول لكم ليس هناك داع لأن يكون هناك وزراء من حزب الله في هذه الحكومة، ونحن جاهزون أن نعطيها الثقة وندعمها ونساعدها لتنجح.
قوى السلطة حتى الآن ما زالت تمانع، برأيي بعض هذه القوى سوف يبقى يمانع، بعضها لأسباب داخلية. هناك قوى سياسية خصوصاً في الوسط المسيحي لو قدر أن تتشكل حكومة وحدة وطنية وأن يشارك فيها التيار الوطن الحر وقوى مسيحية أخرى سوف ينكشف حجمها الحقيقي وسوف يبدأ التحول من معسكرها إلى المعسكرات الأخرى. لذلك حساباتها الحزبية والفئوية لا تسمح لها بأن تقبل بحكومة وحدة وطنية، على سبيل المثال. وهناك قوى أساسية ملتزمة مع الإدارة الأميركية وهي تعرف أنها في إطار حكومة وحدة وطنية لا تستطيع أن تفي بالتزاماتها مع الإدارة الأميركية، ولذلك هي لا تقبل. هذه هي المعضلة الحقيقية.
العنوان الأخير، التحرك. هم يعتبرون أن هذه النقطة توجعنا. إذا كنتم ستقومون بأي تحرك، أي حركة شعبية في الشارع ستؤدي إلى فتنة مذهبية. أنا أحببت أن أتحدث بهذه الشفافية لأقول: كل اللبنانيين مسلمين ومسيحيين شيعة وسنة ودروزا هم معنيون بأن لا يسمحوا للخلاف السياسي أو الصراع السياسي أن يأخذ البعد المذهبي لأنه في البعد المذهبي يخسر الجميع. نحن في مشكل سياسي فدعونا في مشكل سياسي، مختلفون على عناوين سياسية ليس لها علاقة بالموضوعات المذهبية. دعوا خطابنا سياسياً.
في المقابلة التلفزيونية الأخيرة، أنا قلت انه بعد طاولة التشاور التي كان من المفترض أن تنتهي يوم الاثنين وانتهت يوم السبت، تبدأ ساعة الصفر للتحرك من أجل المطالبة بحكومة وحدة وطنية، وأن هذا مطلب جدي. هناك التباس حصل عند فريق السلطة، هم متصورون أن كل الحركة التي قمنا بها والصوت العالي الذي رفعناه هو فقط مجاملة لأصدقائنا في قوى المعارضة نتيجة وقوفهم معنا في مرحلة الحرب، وإلا فإن هذا الهدف ليس هدفاً جدياً، وإن ما يطرحه حزب الله وحركة أمل هو فقط من قبيل الوفاء الأخلاقي للقوى السياسية المعارضة نتيجة موقفها في الحرب. وهذا كان خطأ في الفهم عند فريق السلطة. صحيح أن هناك موضوعا أخلاقيا، لكن ما فوق هذا الموضوع هو موضوع أخلاقي أكبر يعني لبنان كله والشعب كله وموقع لبنان في المنطقة اسمه: مصير ومستقبل القرار السياسي الكبير في هذا البلد كيف تتم ضمانته. ولذلك نحن طلاب حكومة وحدة وطنية.
البعض كان يتوقع أن خطوة استقالة الوزراء ستأتي لاحقاً بعد الاحتجاجات الشعبية، لكن ما جرى على الطاولة يوم السبت والطريقة التي تعاطوا هم بها في التشاور والخطاب الصريح الذي قالوه لنا، دفعنا بعد نصف ساعة من انتهاء الحوار أو ساعة نتيجة التشاور القائم بين قيادتي أمل وحزب الله إلى اتخاذ موقف موحد وأعلنا استقالة وزرائنا من الحكومة اللبنانية الحالية. كانت هذه الخطوة الأولى، وفي الحقيقة نحن بدأنا قبل الاثنين. نحن قلنا سنبدأ بعد الاثنين، لكن هناك أوقاتاً نحن نفي قبل الموعد أيضاً. ليس هناك شك بأن خطوة الاستقالة كانت خطوة كبيرة جداً على المستوى السياسي وهي أهم وأكبر من عشرات التظاهرات التي يمكن أن تنزل إلى الشارع يومها من حيث نتيجتها السياسية لأن أهم نتيجة سياسية لها بحسب رأي رؤساء الحكومات السابقين الذين هم شخصيات محترمة ورجال دولة ورئيس الجمهورية وخبراء دستوريين ورجال قانون أن هذه الاستقالة الجماعية تسقط الشرعية الدستورية عن الحكومة الحالية. طبعاً، هناك بعض الأساتذة نظروا وتحدثوا أن هذا لا يفقد الحكومة الشرعية الدستورية، لكن طلابهم في الجامعات قالوا لنا ان نفس هذه المسائل قبل سنة أو سنتين سمعناها من هؤلاء الأساتذة وقالوا ان هذه تفقد الشرعية الدستورية للحكومة. اليوم العلم والدستور أصبح خاضعاً للهوى السياسي. حتى وزراء أمل وحزب الله نحن عندما استقلنا لم نقل في بياننا اننا باستقالتنا نفقد الشرعية الدستورية للحكومة، الخبراء هم من قالوا ذلك.
اليوم نحن أمام حكومة بحسب الخبراء الدستوريين فاقدة للشرعية وللدستورية، وبالتالي ما يصدر عن هذه الحكومة من قرارات هي غير دستورية، وما ترسله هذه الحكومة من مشاريع قوانين إلى المجلس النيابي هي مشاريع قوانين غير دستورية، وهذا يضع البلد أمام خيار جدي. نحن لا نريد أن يستمر هذا الوضع. إذاً هناك خطوة أنجزت هي الاستقالة. هناك خطوة ثانية الآن هي قائمة وهي الاصطفاف السياسي لقوى المعارضة، حيث بدأت تستنهض صفوفها وتعبّر عن موقفها وهناك فرز سياسي بدا واضحاً في البلد بين سلطة ومعارضة، بين خطاب سلطة وخطاب معارضة. هناك خطوات لاحقة، المعارضة تتشاور في ما بينها، هناك تواصل، قوى المعارضة على اختلاف تشكيلاتها منذ انتهاء طاولة التشاور هي على تواصل دائم ونقاش دائم وتشاور دائم، وأي خطوة لاحقة لها علاقة بالشارع وبالاعتصام أو بالإضراب أو يمكن في يوم من الأيام بالعصيان المدني سوف تتخذ بالتوافق بين قوى المعارضة. لا يستطيع حزب أو تيار أو مجموعة لوحده أن يأخذ قراراً ويتحرك ويقول للآخرين الحقوا بي، هذا خطأ هذا غير صحيح.
لدينا خيار الشارع، بمعنى خيار التظاهر. وفي هذا الموضوع أريد أن أضعكم في مجموعة ملاحظات وضوابط لكم ولكل إخواننا وأخواتنا في حزب الله وكذلك لكل أصدقائنا لأن هذه ضوابط عامة لا خلاف عليها حتى على مستوى قوى المعارضة وكل واحد من موقعه يقولها. بالنسبة إلى موضوع الشارع، يجب أن نكون جميعاً جاهزين للنزول إلى الشارع على المستوى النفسي والمعنوي، عارفين لماذا نريد أن ننزل إلى الشارع، وأن هذه وسيلة من وسائل التحرك المطلوبة ويجب أن نكون مستعدين نفسياً، لأنه يبدو بحسب نقاشنا في ما بيننا كقوى معارضة، يمكن أن لا ندعو إلى التظاهر قبل عدة أيام أو أسبوع، يمكن أن ندعو قبل 24 ساعة أو حتى قبل 12 ساعة أو ست ساعات، ولا نريد أن نجهّز ، يجب أن نكون جاهزين. وبالتالي هذه أول نقطة في ما يعني الجهوزية.
النقطة الثانية، نحن نصر على تعاون أكيد وتنسيق مع كل قوى المعارضة، كل قوى المعارضة، يجب أن نتفق مع بعض وننزل الى الشارع مع بعض. يجب أن يكون هناك معارضة وطنية في الشارع.
تحركنا هو تحرك سلمي حضاري مدني، ونحن عندنا سوابق وهم لديهم سوابق، نحن عندنا سوابق، نحن بكل بساطة نستطيع أن ننظم تظاهرة فيها مليون أو احتفال فيه مليون من دون أي لكشة، من دون أن يحصل أي إشكال بسيط أو صغير وبالتعاون مع قوى سياسية وخضنا أكثر من تجربة من هذا النوع. وهم في بعض الأحيان، خاضوا تجربة جيدة على هذا الصعيد واستطاعوا أن ينظموا تجمعات ضخمة لم تحصل فيها مشاكل، وهذه إيجابية تشكل لكل الشعب اللبناني، لكل فئاته، لكل شرائحه.
نحن نريد أن نؤكد على الطابع السلمي المدني الحضاري لتحركنا. لا نريد شغبا، لا نريد تضاربا، نريد احترام الممتلكات الشخصية والعامة. لا نريد أن نسمح بأي تصادم، حتى مع الشارع الآخر.
على كل حال هم عندما هددونا بالشارع الآخر، دليل ضعف. للأسف الشديد هم كانوا يقولون عن حكومة الرئيس كرامي انها حكومة وصاية وحكومة الأجهزة الأمنية، لكن حكومة الرئيس كرامي سمحت لهم بالتظاهر والتجمع والبقاء كل الليل وكل النهار في الساحات. حكومة الرئيس كرامي لم تطلب لا من الجيش ومن الأجهزة الأمنية أن تطلق النار على المتظاهرين. حكومة الرئيس كرامي التي كان فيها أحزاب لديها شارع كبير لم تنزل أحزاب الشباب حتى يضربوا الشباب الآخرين ولا الصبايا حتى يضربوا الصبايا الآخرين. وحتى عندما نزلنا نحن في 8 آذار لم ننزل في وقت متزامن مع مظاهرة لهم ولا في الساحة التي هم فيها. إذا كانت تلك هي الوصاية والدكتاتورية والأجهزة الأمنية هكذا، وفي المقابل السيادة والحرية والاستقلال هي تهديد بقوى الأمن وبالجيش وبالرصاص وبالشارع الثاني وبالعصي والسكاكين فبئس السيادة ومرحبا ب...
عندما نريد النزول إلى الشارع إن شاء الله يكونون عقلاء ولا ينزلون إلى شارع مقابل في الوجه. وإذا أرادوا أن ينزلوا في شارع آخر فهذا حقهم الطبيعي. لكن حرام أن يضعوا الناس في وجه بعضها، ولا نحن نريد أن نضع الناس في وجه بعضهم. لكن افترضوا وضعونا في وجه بعض، نحن لا نريد مشاكل ولا نريد صراعاً ولا شتائم. إذا شتمونا نقول لهم: الله يسامحكم. هم قتلونا وقلنا لهم الله يسامحكم. هم تواطأوا على قتلتا وقلنا لهم الله يسامحكم. إذا جاء بعض الناس الطيبين من بعض المناطق ومن مدينة بيروت أو من أي محافظة، وتظاهروا في وجه مظاهرتنا فهؤلاء هم شعبنا وأهلنا وأحباؤنا ونتعاطى معهم هكذا.
نحن أمام امتحان كبير، وهناك في لبنان تجربة: هناك أناس قتلوا على الطرقات ورفضوا الانجرار إلى الحرب الأهلية وهناك أناس لم يستطيعوا أن يصبحوا أمراء إلا بالحرب الأهلية. اليوم الشعب اللبناني هو الذي يحسم هذه المواجهة وهو الذي يحسم مصيره. نستطيع أن نذهب إلى العصبيات المذهبية والطائفية والمناطقية ونخرب بلدنا، ونستطيع أن نتعاطى بمسؤولية ونحقق المصلحة الوطنية الكبرى، نحرر بلدنا من هيمنة السفير فيلتمان ومصاصة الدماء كوندليسا رايس وفي الوقت نفسه لا تحصل مشكلة في البلد ونستطيع أن نقوم بهذا الشيء. لو شتمونا لا نريد أن نشتم وإنما نسامح، لو ضربونا لا نريد أن نضرب، وأي إشكال يجب أن نحله بسرعة، هذا طبعاً، يحتاج إلى إيمان كبير وصبر كبير وشجاعة كبيرة. هنا الشجاعة وليست الشجاعة في التورط بالمشاكل. الشجاعة أن أفوّت المشكل على الذين يريدون أن يأخذوا البلد إلى مكان ما.
بالنسبة إلى الجيش والقوى الأمنية يجب أن نتعاطى معهم، فهؤلاء إخواننا وأحباؤنا. من هو الجيش ومن هي قوى الأمن؟ هم أخي وأخوك وعمي وعمك. حكومة الرئيس كرامي رفضت أن تستخدم الجيش وقوى الأمن لقمع المتظاهرين، السياديون الجدد يريدون استخدام الجيش وقوى الأمن لقمع المتظاهرين. لكن أنا أعتقد أن الجيش وقوى الأمن سوف يتصرفون بمسؤولية وطنية.
هنا قصة بين هلالين أريد أن أقولها لكم حتى ننتهي منها. من يوم قصة ثكنة مرجعيون وما بعدها أصبح مثل عادة، وأنا رأيتها في بعض الأماكن وحتى يوم الاحتفال ب22 أيلول، حقيقةً أنا تأذيت. كان هناك شباب من قوى الأمن ينظمون السير والناس، فيقترب منهم بعض الشباب ويقول لهم 2 شاي يا وطن! هذا الموضوع فلننته منه، بالنهاية هؤلاء الشباب، شباب قوى الأمن الموجودون في الشارع ضباطهم وعناصرهم، هم كما قلت إخوتنا وأحباؤنا وأولادنا لا ذنب لهم في ما حصل في مرجعيون. حتى الشباب الذين كانوا في مرجعيون من عناصر الجيش ومن عناصر قوى الأمن هم نفذوا قرارا سياسيا، الذي يتحمل مسؤولية والذي يجب أن تقولوا له 2 شاي هو الذي أخذ القرار السياسي. ليس العسكر ليس أفراد الجيش وأفراد قوى الأمن الداخلي أو الأجهزة الأمنية، هؤلاء لو كان القرار السياسي أن يقاتلوا لقاتلوا كما شباب المقاومة.
ضمن هذه المنهجية بطبيعة الحال، الشعارات تحتاج إلى ضبط. المرحلة لا تحمل أن تفلت الشعارات، أو أن يأتي جمهور معين ليقولوا انه يريد أن يقول الشعارات التي يريدها. نحن في قوى المعارضة سوف نتفق على شعارات موحدة. أنا متأكد أن فريق السلطة سوف يرسل أناساً إلى قلب تظاهراتنا حتى تقول شعارات مذهبية حتى تقول شتائم وتعمل مشاكل وشغباً، هؤلاء مهمتنا نحن أن نضبطهم، وأن ننظم مع بعضنا أي تظاهرة أو تجمع. نحن لا نحتاج لا إلى شغب ولا إلى شتائم ولا خطأ ولا فوضى، لأننا واثقون من شعبنا ومن حضور الناس ومن وعي الناس ومن تحمل الناس المسؤولية. قادرون أن ننزل إلى الشارع، إما ننزل ونطلع وإما نبقى، كلا الخيارين مفتوح.
كل الخيارات مفتوحة، يوم واثنان وثلاثة... أسبوع واثنان وثلاثة وأكثر وأقل لا مشكل، حتى نفرض بوسائلنا السلمية الحضارية الديموقراطية إسقاط الحكومة غير الشرعية وغير الدستورية، حكومة السفير فيلتمان وليست حكومة الرئيس فؤاد السنيورة.
وبالتالي، نحن من خلال هذا الحضور والهدوء والالتزام والانضباط قادرون على تحقيق هدف وطني سياسي كبير جداً. عندنا خطوط حمر واضحة: الحرب الأهلية خط أحمر، ضرب الاستقرار والسلم الأهلي في لبنان خط أحمر، التصادم خط أحمر، الفتنة الداخلية خط أحمر.
نحن قادرون، قوى المعارضة بتنوعها المذهبي والطائفي والسياسي من خلال شعبيتها الكبيرة وجمهورها العريض من خلال قياداتها وإداراتها وانضباطها هي قادرة أن تحقق هذا الهدف. طبعاً، لا نريد أن نتوتر، ويجب أن نعمل بهدوء وبدون انفعال ولا نريد أن يأخذنا أحد إلى مكان لا نريد أن نذهب إليه. وكونوا واثقين رغم أن المسألة هي ليست أصغر من أن تستحق ما سأقوله لكم، لكن سأختم بالقول وأقول لكم: كما كنت أعدكم بالنصر دائماً، أعدكم بالنصر مجدداً إن شاء الله.
إضافة تعليق جديد