04-04-2006
نص من (البدوي الأحمر) آخر ما كتب الماغوط
التصفية
قضى لينين بمشيئة الله وإرادته بمغص عادي
وكلارك غيبل من ترويض جواد في فيلم سوء الطالع
وعلي خان وجيمس دين ونبيه أبو الحسن ومحمد دلول بحوادث
سيارات عادية في أميركا وفرنسا والعراق لبنان
ولورنس العرب بحادث غرق في النيل
وسعيد تقي الدين بحادث مماثل في الأرجنتين
وسنية صالح من شوارد عادية في الدم والعائلة
وسعد الله ونوس من ورم بسيط في الحبال الصوتية
ومصطفى أرناؤوط من تشوه عادي في ذراعه
وعبد القادر أرناؤوط من التأتأة
وشباب بعمر الورود يلقون بأنفسهم فجأة أمام أية عجلات عابرة
أو في خضم بحر هائج
وكتاب وشعراء ورسامون وأطباء وعلماء وضباط ومطربون ومهندسون ماتوا.. من طنين في الأذن أو التهاب مفاصل أو رمد عابر أو فشل كلوي أو رياضي
وأنا .. تعرضت وعايشت وعاصرت
ما لا يحصى من الكوارث والحرائق والصواعق
وضربات الشمس والكسوف والخسوف
والتبدلات القطبية والمدارية
والإشعاعات الذرية
والهزات الأرضية في تركيا والجزائر وإيران واليابان
ومثلها أكثر وأخطر من الثورات والانقلابات والانفجارات والحوادث
والدوريات الثابتة والراجلة والمؤللة
والتصفيات العرقية والجسدية والقتل على الهوية
ودهم منازل ونزول ملاجئ
وعزل مناطق وإغلاق شوارع وتعتيم نوافذ
ومع تجوال ومرور
ولم أتوقف أمام إشارة ولم أستجب لنداء ولم أتفاد حجراً أو رصاصة ..
ونجوت!!
ورغم التحذيرات المحلية والعالمية من أخطار التلوث على الإنسان والحيوان وكيفية التعامل معها
لم أنظف حذاءً بمناسبة
ولم أعقم بصلة أو فجلة
ولم أغسل يدي لا قبل الطعام ولا بعده
وشربت أردأ أنواع المشروبات الروحية والزمنية والكيميائية وأكثرها إيلاماً وفوراناً
شربت حتى سوائل الجلي
وفي ظروف اقتصادية معينة دخنت حتى قشور الذرة وزبل الحيوانات.
ومات ثلاثة من أطبائي وهم يتنفسون الصعداء يأساً مني ومن علاجي
ولم يبق فيَّ ما هو سليم أو معافى سوى
فتحة الفم للتدخين والتذمر وابتلاع الدموع
وأنا أتساءل منذ سنوات:
لِمَ يبقيني الله حتى الآن،
وماذا يهيئ لي بعد ذلك،
أو إلام يهيؤني؟
إضافة تعليق جديد