مجلس الأمن الدولي يستنكر «الهجمات الإرهابية» في دمشق وواشنطن ترى بصمات لـ«القاعدة»
في هجوم هو الاكثر دموية منذ اندلاع الازمة في سوريا قبل 14 شهرا، فجر انتحاريان، بفارق دقيقة واحدة، وفي ذروة خروج السوريين إلى أعمالهم ومدارسهم، سيارتين تحملان طنا من المتفجرات في دمشق، ما أدى إلى مجزرة ذهب ضحيتها 55 من الشهداء، و370 من الجرحى.
ويشبه الهجوم المزدوج الطريقة التي يعتمدها تنظيم القاعدة في العراق، حيث فجر الانتحاري الأول سيارة، وبعد تجمع الناس والقوى الأمنية لتفقد المكان، فجر آخر سيارة تحمل الكمية الأكبر من المتفجرات. وكانت «جبهة النصرة»، وهي مجموعة إسلامية متشددة، أعلنت مسؤوليتها عن تفجيرات انتحارية في سوريا في الشهور الماضية.
وحملت موسكو «بعض الشركاء الأجانب» مسؤولية تصاعد التفجيرات الدموية في سوريا، مؤكدة أنها وبكين لن تغيرا موقفهما من الأزمة.
وحذرت واشنطن من أن «متشددين» يحاولون الاستفادة من «الفوضى». وقال وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا إن الانفجارين في دمشق يحملان بصمات تنظيم القاعدة، ويذكران بتفجيرات «القاعدة» في العراق قبل سنوات، مشيرا إلى أن «عناصر التنظيم بدأت تتخذ من سوريا ملاذا لها مستغلة حالة الفوضى التي تسود البلاد». واستبعد بانيتا ورئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية الجنرال مارتن ديمبسي، عقب لقائهما رئيس أركان الجيش التركي الجنرال نجدت أوزال في واشنطن، «اللجوء إلى الخيار العسكري» في سوريا، واشارا الى أن «مجموعات أصولية، بعضها من العراق، بدأت تظهر على الساحة الميدانية داخل سوريا، وهي ليست مرتبطة بالضرورة بالمعارضة السياسية للنظام السوري».
واعتبر مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية إلى سوريا كوفي انان أن «كل عمل يؤدي إلى تصعيد التوتر ومستوى العنف سيؤدي إلى نتيجة عكسية بالنسبة إلى مصالح جميع الأطراف»، فيما طلب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون من النظام والمعارضة في سوريا «النأي بنفسيهما عن الإرهاب»، مشددا على «ضرورة التعاون الفوري والكامل مع جهود الأمم المتحدة الهادفة إلى إنهاء العنف وتسهيل عملية انتقال سياسي يقودها السوريون بأنفسهم». وقال الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي إن «من يقفون وراء الهجمات يحاولون إفشال مهمة المراقبين الدوليين وجر سوريا نحو الانزلاق إلى المزيد من أعمال العنف والقتل وسفك الدماء».
وقال شهود إن انتحاريا فجر سيارة قرب مركز المخابرات السورية - فرع فلسطين قرب مفرق القزاز في دمشق عند السابعة و56 دقيقة صباحا، وبعد تجمع الناس والقوى الأمنية فجر آخر بفارق دقيقة سيارة أخرى ما أدى إلى مجزرة ذهب ضحيتها 55 قتيلا، وأصيب 372، غالبيتهم من المدنيين. كما انه توجد اشلاء لـ15 جثة.
وأعلنت وزارة الداخلية السورية، في بيان، أنها «ستلاحق هؤلاء المجرمين القتلة ومن يمدهم أو يؤويهم في أوكارهم، ولن تتهاون في ملاحقة فلول الإرهاب واستئصال من يعبثون بأمن المجتمع السوري لينالوا جزاءهم العادل».
وقال رئيس فريق المراقبين الدوليين في سوريا الجنرال روبرت مود، خلال زيارة لموقع التفجيرين، «أدعو الجميع في سوريا وخارجها إلى المساعدة على وقف أعمال العنف هذه». وأضاف «هذا مثال آخر على ما يعانيه الشعب السوري من أعمال العنف. لقد شاهدنا هذه الأعمال في دمشق وفي مدن وقرى أخرى في سوريا».
وبث التلفزيون السوري صورا من موقع الانفجار تظهر الدمار والجثث والأشلاء، ويُسمع فيها أشخاص يقولون «هذه هي الحرية التي يريدونها» في إشارة إلى المعارضين للنظام. وأدت قوة التفجيرين إلى تدمير عشرات السيارات وتهشم واجهات المباني على بعد أكثر من 50 مترا من مكان وقوع الهجوم.
واستنكر مجلس الأمن الدولي بقوة «الهجمات الإرهابية» التي شهدتها دمشق، وحث كل الأطراف على الالتزام بخطة مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية إلى سوريا كوفي انان. وقال مندوب أذربيجان لدى الأمم المتحدة اقشين مهدييف، قارئا من البيان الذي وافق عليه مجلس الامن باجماع أعضائه، «استنكر أعضاء مجلس الأمن بأشد العبارات الهجمات الإرهابية التي وقعت في دمشق في 10 أيار مسببة سقوط العديد من القتلى والجرحى».
وكان مندوب سوريا لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري قرأ خلال جلسة للمجلس، الرسالة التي وجهتها وزارة الخارجية السورية إلى رئيس مجلس الأمن الدولي والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، وأشارت فيها إلى التفجيرين الانتحاريين في دمشق.
وأوضحت الرسالة أن «هذه الجرائم المتصاعدة تؤكد أن سوريا تتعرض لهجمة إرهابية تقودها تنظيمات تتلقى دعما ماليا وتسليحا من جهات أعلنت تأييدها هذه الجرائم الإرهابية والتشجيع على ارتكابها، كما تقف خلف هذه الأعمال الإرهابية أجهزة إعلامية تحريضية معروفة تدعو إلى اقتراف المزيد من هذه الجرائم وتبررها وتقدم لها الدعم الإعلامي».
وأضافت «اتضح أنه مع كل خطوة إصلاحية قامت بها الحكومة، بما في ذلك اعتماد دستور جديد للبلاد جرت بموجبه انتخابات نيابية، فإن أعمال الإرهاب والقتل والتدمير كانت تتصاعد بوتيرة كبيرة، وتأتي هذه الأعمال الإرهابية الأخيرة، وما يواكبها من قتل للمدنيين وتدمير للمؤسسات العامة والخاصة واعتداءات منهجية على قوات حفظ النظام بعد قبول سوريا خطة المبعوث الخاص للأمم المتحدة كوفي انان، والتزامها بتنفيذ ما نصت عليه. ولم تكتف المجموعات الإرهابية المسلحة بانتهاك خطة المبعوث الخاص والتفاهم الأولي الذي تم التوصل إليه بل إنها اعتدت على موكب رئيس بعثة المراقبين ومرافقيه عندما كانوا في طريقهم الى محافظة درعا لتنفيذ مهماتهم. ولم تنكر المجموعات الارهابية ارتكابها هذه الجرائم بل اعلن قادتها على مختلف مستوياتهم وولاءاتهم أنهم سيستمرون بارتكاب اعمالهم الارهابية وعزمهم على متابعة انتهاكهم خطة انان، ويحملون مسؤولية ما يحدث للحكومة السورية بهدف حماية الإرهاب ودعما لتلك المجموعات التي تعمل على إفشال مهمة المبعوث الخاص والاستمرار في سفك دماء السوريين الأبرياء».
وقالت ان «الحكومة السورية تأمل من مجلس الأمن تحمل مسؤولياته في محاربة الإرهاب الذي تتعرض له، والتصدي لتلك الدول التي تشجع وتحرض على الإرهاب، وقد برهنت سفينة لطف الله 2 التي أوقفها الجيش اللبناني على قيام ليبيا وتركيا، بالتعاون مع دول أخرى، بإرسال أسلحة فتاكة إلى المجموعات الإرهابية لممارسة القتل والدمار».
وأضافت «سوريا ستستمر بتقديم كل الدعم لبعثة المراقبين وتمكينها من تحقيق مهمتها بنجاح. وتؤكد الحكومة انها على الرغم من كل هذه الجرائم الإرهابية المدمرة فإنها ستمضي قدما في مكافحة الإرهاب، والدفاع عن شعبها وسيادتها، والحفاظ على الأمن والاستقرار فيها».
المصدر: السفير+ سانا
إضافة تعليق جديد