ما هي الخطوط العامة المتوقعة لتقرير لجنة بيكر
الجمل: من المتوقع أن يؤدي تعين غاتز إلى تغيير رئيسي في توجهات السياسة الأمريكية إزاء الشرق الأوسط (على حد تعبير المفكر الكندي ميشيل خوسودوفسكي)، وتؤكد هذه الأطروحة حقيقة أن روبرت غاتز يعمل حالياً ضمن مجموعة دراسة العراق والتي يتوقع أن تحدد المخرج للإدارة الأمريكية من ورطة المعلف العراقي وبقية الملفات الشرق أوسطية الأخرى.
حالياً يقال بأن جيمس بيكر قد لعب دوراً كبيراً في إقناع الإدارة الأمريكية بترشيح روبرت غاتز ليكون وزيراً للدفاع بدلاً عن دونالد رامسفيلد، وبالتالي فهناك توقعات بأن يكون هذا التعيين يهدف لخدمة مصالح شركات تكساس النفطية، والمجمع الصناعي العسكري مما يدرأ عنها الخسائر التي يمكن أن تتعرض لها في حال انسحاب القوات الأمريكية من العراق خاصة وأن هذه الشركات قد تورطت مع البنتاغون والإدارة الأمريكية بالكثير من العقود الضخمة والتي إذا انهارت فسوف تؤدي إلى إحداث الكثير من الأضرار الجسيمة والخسائر الباهظة بهذه الشركات.
الخطوط العامة المتوقعة لاجندة تقرير لجنة بيكر تشير إلى أن التقرير المتوقع، بحسب ما ورد في صحيفة الديلي ستار، سوف يوصي بتقسيم العراق إلى ثلاث مناطق تتمتع بالصلاحيات الفيدرالية والاستقلال الذاتي الكبير وذلك على النحو الذي يقلص دور الحكومة المركزية العراقية بحيث يكون مقتصراً حصراً على العلاقات الخارجية وبعض السيادية الأخرى.. كذلك يتوقع أن لا توصي لجنة بيكر بالوصاية والانتداب الدولي على العراق بل وبدلاً من ذلك من المتوقع أن يطالب التقرير الإدارة الأمريكية بالعمل من أجل إلقاء مسؤولية الأمن وممارسة السلطات على عاتق الكيانات الإقليمية بحيث تكون كل مجموعة مسؤولة عن منطقتها بما يكفي الحكومة المركزية عن القيام بتحمل المسؤولية كذلك سوف يطالب التقرير الحكومة الأمريكية برعاية مؤتمر دستوري بين الأطراف العراقية على النحو الذي يمهد السبيل أمام عملية نشر واقتسام السلطة بين الحكومة العراقية المركزية والكيانات العراقية الإقليمية الثلاثة، كذلك سوف يطالب التقرير الحكومة الأمريكية بعقد مؤتمر دولي حول العراق من أجل الضغط على سوريا وإيران لكي تقوما بدعم المخطط الأمريكي الجديد حول العراق.
يعتقد المحلل السياسي والمفكر ميشيل خوسودوفيسكي بأن الاستراتيجية الأمريكية الجديدة التي سوف تتمخض عن تقرير لجنة بيكر، سوف تؤدي على خلفية خطوط التقسيمات الاثنية والثقافية والطائفية والدينية في منطقة الشرق الأوسط - قياساً على تجربة تقسيم يوغسلافيا- بان لاتكون حصراً ضمن العراق بل سوف تمتد تداعياتها وتأثيراتها على سوريا وإيران وهو ما يريده ويهدف إليه البنتاغون ضمن مشروع (الشرق الأوسط الجديد).
وحالياً هناك خريطة تم إعدادها بواسطة العقيد الأمريكي رالف بيترز بأكاديمية الحرب الوطنية الأمريكية وتم نشرها بصحيفة القوات المسلحة الصادرة في شهر تموز 2006م، هذا وبرغم أن الخريطة لا تعكس عقيدة البنتاغون الرسمية – كما يقال- إلا أن هذه الخريطة يتم استخدامها حالياً في برنامج التدريب الخاص لكلية دفاع الناتو المخصصة لكبار الضباط العسكريين، كذلك تتماثل هذه الخريطة مع الخرائط المستخدمة بواسطة اكاديمية الحرب الوطنية الأمريكية وأيضاً في اقسام التخطيط العسكري التابعة للجيش الأمريكي.
ونلاحظ في هذه الخريطة تكوين دول جديدة (كما في حالة السعودية والعراق، وإضافة أراض لدول موجودة كما في حالة لبنان والأردن واليمن والعراق وإنقاص رقعة أراضي دول موجودة حالياً.
تقول الاراء والتحليلات بأن تعيين روبرت غاتز سوف يؤدي إلى دعم توجهات المحافظين الجدد.. وذلك على خلفية أنه المسؤول عن العمليات والانشطة الاستخبارية التي مهدت لعملية الحرب ضد الإرهاب.
ومن أبرز المؤشرات الدالة على ذلك.
• قيام أجهزة المخابرات والأمن الأمريكية بتنفيذ العمليات السرية من وراء ظهر الكونغرس والقضاء الأمريكي وقد أرسى روبرت غاتز السوابق التي أسست لهذا التوجه، وذلك عن طريق تنفيذه لعملية إيران – كونترا من وراء ظهر الكونغرس، كذلك اشرافه على الكثير من البرامج السرية التي هدفت لتمويل ودعم الجماعات الإسلامية المتطرفة من افغانستان من أبرزها القاعدة خلال الحرب الأفغانية – السوفييتية.
• قيام أجهزة المخابرات والأمن الأمريكية بإعداد قوائم الاغتيالات والتصفيات وتكوين فرق الموت السرية وتنفيذ كل المخططات المتعلقة بذلك بسرية تامة وراء ظهر السلطات الأمريكية وتجدر الإشارة إلى أن غاتز كان مسؤولاً عن هذه العمليات خلال فترة عمله في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية.
• قيام وكالات المخابرات والأمن الأمريكية بتضليل لجان التحقيق واخفاء الوثائق والأدلة عن لجان التحقيق التي يقوم الكونغرس بتشكيلها لمعرفة الحقائق، وقد برع روبرت غاتز في تضليل لجنة تحقيق الكونغرس الخاصة بفضيحة إيران – كونترا غيت.
واستناداً إلى هذه الحقائق فإن المحللين يعتبرون روبرت غاتز المسؤول الأول عن إرساء السوابق التي أصبحت تستخدمها حالياً جماعة المحافظين الجدد مثل التضليل والخداع (أطلق الفيلسوف اليهودي الشهير ليوشتراوس تسمية الكذب النبيل) ويدلل المحللون على ذلك بأن المحافظين الجد قد طبقو منهج غاتز في اظلاق اكذوبة (أسلحة الدمار الشامل العراقية) وغيرها من الذرائع لذلك فإن غاتز بنظر هؤلاء يمثل الأب الروحي الذي أرسى المبادئ العملية والتطبيقية لثقافة مؤامرة المحافظين الجدد.
الجمل: قسم الترجمة والدراسات
إضافة تعليق جديد