فلا نامت أعين الجبناء
عندما تعيش في مجتمع كل فرد فيه لديه خوفه الذي يمنعه من الانخراط الكامل في الحياة العامة فهذا يعني أن نسيج هذا المجتمع مهترئ وغير قادر على ستر عورتك أو حمايتك من برد الحياة وحرّها.. وبالتالي فإن كل فرد في هذا المجتمع الخائف سوف يضطر إلى مراكمة الكذب لترقيع ثوبه وحماية نفسه ضمن سور من الأكاذيب اليومية التي يتم إنتاجها منذ اليقظة حتى النوم: إذ على الفرد أن يكذب لكي تحتويه الطائفة والعائلة والحزب والحكومة والمعارضة.. يكذب لكي يتلاءم مع قانون السير وقانون العمل والدستور.. يكذب ليحافظ على هيبته داخل أسرته واحترام معارفه وتوقّي زوجته وأعدائه.. ينابيع وجداول تغذي أنهار الكذب المتشعبة في شرايين الوطن.. وأنت مثل سمكة تتدفق مع هذا التيار حيث يأخذك سربك نحو ما لا تريده طيلة العمر، إلى أن يأتيك الصدق فجأة بين يدي عزرائيل وهو يهم بك، فتنظر إليه باستعطاف وينظر إليك ببرود ثم يقول: يا عزيزي لقد انتهت الكذبة.. وأمام نظرة الذعر وعدم الفهم المرتسمة في عينيك يقول لك عزرائيل: أيها البائس، كان عليك أن تحارب من أجل الديمقراطية، فهي الكفيلة بنمو الصدق في مجتمع الخوف.. فتتشجع وتسأله: وهل أنت ديمقراطي؟ فيجيبك مقهقهاً: لا بل أنا جمهوري يستثمر الحزب الديمقراطي تحت غطاء الجبهة الوطنية السماوية.. وبين الشك واليقين تتدحرج روحك بين أرجل المشيعين الذين يحملون جسدك إلى حفرته الأخيرة..
نبيل صالح
التعليقات
حلوة
رائع يا رائع
هذه هي المشكلة بالضبط
توكلنا على الله
تبدأ الكذبة
إضافة تعليق جديد